أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جهاد علاونه - في العيد يتعلم الأطفال العرب على الإرهاب















المزيد.....

في العيد يتعلم الأطفال العرب على الإرهاب


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2775 - 2009 / 9 / 20 - 17:36
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


منذ الصباح الباكر بدء إطلاق النار على منزلي من كل الجهات وحاولت الهروب وشعرتُ أنني في مناورة حقيقية وشعرتُ أن الأطفال قادة حرب يحملون الأسلحة , وكادت الدمعة أن تسقط مني على الأرض حين لاحظتهم يتدربون على حمل الأسلحة في عيد الفطر السعيد بدل أن يتدربوا على حمل الكؤوس والشموع والزهور .

وكانت أصواتهم الهجومية تنادي (الله وأكبر لقد قتلته) , وخذها مني يا عدو الله.

وفي هذا العيد اكتشفتُ أن أحبابي يبتعدون عني بابتعاد الزمان والمكان بهم وأنشدتُ قول الشاعر الأردني العربي الكبير مصطفى وهبي التل(عرارْ) :

أهكذا ؟ حتى ولا مرحبا؟

لله أشكو قلبكَ القُلَبا.

ففي العيد الماضي كانوا بعيدين عني جداً وفي هذا العيد ازداد بُعادهم عني , إن الحياة تذهب بأحبابنا بعيداً عنّا بقدر ابتعاد الزمان وتقدمه.

وتقدمُ أناسٌ جددٌ منّا ومنّي أنا بالذات وحاولوا أن يسجلوا صفحة لهم في ذكرياتي وفي سيرتي الذاتية ولكن طبيعة نشأتي لم تقبل في كتاب الذكريات أحداً منهم , إن كتاب سيرتي الذاتية يحلمُ بالعذاب مع النُسخ الأصلية من أحبابه .

وصدقونني أن الذي أثار في القلق في هذا العيد هو ليس خلو جيبتي من (المصاري - الفلوس) وإنما ألعاب الأطفال هي التي أقلقتني على مستقبل أولادي وعلى شكل العلاقة بينهم وبين المجتمع المدني , ومما أثار حفيظتي هو قول أحد الشيوخ لي : (يا رجل إن لُعبة العَروس والعَريس حرام في شرع الله إنها تثير الفتنة الجنسية) .


والشيء الذي زادني فرحة هو زيارة صديق لم تكن متوقعة على الاطلاق وقد أحضر لي فلاشة موموري عليها منوعات غنائية قد اختارها هو على مزاجي أنا وفعلاً كانت منوعاته جميلة امتدت اختياراته لعشر سنوات من 1980- 1989م كانت تلك المنوعات مصريه وخليجية ولبنانية , فرحت فيها ومعها وكنتُ وأنا أستمع للأغنيات أتذكرُ ذكرياتي مع كل أغنية حين كنت ولداً يافعاً أتحركُ وأمشي (مثل القرد) وأبتسمُ مثل الزهور للأيام القادمة والتي يظهر لي أنها لم تبتسم لي أو أنها فعلاً ما ابتسمت لي .

ولاحظتُ أن ألعاب الأطفال إجرامية يجب أن يحاسب على صناعتها أصحاب الشركات , كانت المفرقعات تنتفجر هنا وهناك محدثة جلجلة و (بق بن ) وكانت أصوات طلقات المسدسات والبواريد والكلشن كوفات تعتلي هنا وهناك والأولاد يدخلون منازلنا مدججون بالسلاح فمن ساعة الصباح دخل أبناء الجيران شُقتي الصيفية وفاجأوني حين أشهروا أسلحتهم بوجهي طالبين مني أن أنبطح أرضاً وكدتُ أن أصدق ا، الدُمى التي بين يديهم حقيقية فأخذتُ الأرض وصحتُ بالجميع:(خذوا الأرض جميعكم ..كلكم إنبطحوا أرضاً ) وتذكرتُ قصة صديقي الأديب الأردني المميز الدكتور محمود الديكي وعنوانها (إنبطاح) وخلتُ نفس بطل قصته فأخذتُ الأرض كما أخذها بطل القصة .
وبعد قليل دخل أطفال جدد إشي بعرفه وإشي ما بعرفه بسبب عدم التنظيم الأسري فسألت بنت حلوه جداً وقلت لها

-ولك إنت بنت مين؟

قالت


- هلا يا خالي أنا بنت أختك .


- بنت أختي ؟! متى أمك جابتك ؟ أنا أول مره بشوفك في حارتنا .

وبعد قليل دخل خلفهم أطفال جدد طلبوا مني الإستسلام , فرفعتُ يدي مستسلماً فملأوا الأرض بالقنابل اليدوية وأطلقوا الرصاص عشوائياً وكأنني في (الفلوجة ) أو (غزة) أو جنين , وقلتُ لزوجتي شو هاظا والله إشي بجنن العقل وبصرصع الراس شو هاي دولتنا وحكومتنا ما بتعرفش إنه هذا غلط؟

وصفنتُ بيني وبين نفسي وراقبت سلوك الأطفال وهم يلعبون :تفجيرات وقتل وملاحقات ومداهمات عسكرية وألبسة في العيد عليها أوسمة ضباط حرب الخليج وحرب ال 67وحرب إكتوبر , وبنفس الوقت فتحتُ التلفاز وكان شيخ عظيم يخطب ويقول (أللهم بلغنا رمضان أياماً عديدة وأزمنة مديدة أللهم بلغنا شعبان وشوال ورجب ) فقلت بيني وبين نفسي ليش هاذا الشيخ ما يقول (اللهم بلغ جهاد رسالة من (نانا) أو اللهم بلغنا عيد الحب , ولماذا لا يقول أللهم بلغنا آب وتموز , شو مالهن هذول الأشهر مش حلوات أي وحياة زيد وعبيد وزعيط ومعيط ونطاط الحيط إنهن بجنن , أنا أول مره شاهدت وجه حبيبتي كان في نيسان , وأول مره تلقيت منها رساله كانت في أيار بعد عيد ميلادي الجميل ).
ثم رجعتُ لأراقب سلوك الأطفال :

يبدو أن الذبح والقتل والحرب يستمتع الناس أو الإنسان فيها منذ صغره , لماذا هؤلاء العلماء في اللعب يصنعون للأطفال أدوات لعب كلها تدمير , دبابات وطيارات وأسلحة متعددة وهجومات مباغتة , كلُ تلك الأمور تعمل على تعزيز مفهوم الذبح والقتل وحب الإرهاب , الأطفال الآن يستمتعون بمنظر الصواريخ التي يطلقونها في الشوارع وسمعتُ من طفل يقول :

هذا الحسين 1
وطفل آخر قال :
صاروخي القسام 3
وأطفال أُخرْ يقولون : العابد 1 الحسين 2 العباس 3 ومداه 2000 كيلو جواً.
فقلتُ بيني وبين نفسي :
كيف سنعلم الأطفال على حب السلام وعلى التعايش مع الجمهورية الإسرائيلية المجاورة ومتى ستصبح إسرائيل دولة صديقة وشقيقة مثلها مثل باقي الدول , ومتى سنتعلم أن إقامة العلاقة مع إسرائيل مثلها مثل إقامة العلاقة مع ألمانيا ومع روسيا ومع لندن وأستراليا وأمريكيا .

كان الأطفال عن حسن نية يوجهون صواريخهم إلى (إسرائيل) فتبين لي أن مستعدون عند الكبر لمواجهة إسرائيل عسكرياً وثقافياً دون أن يدخلوا إسرائيل وقبل أن يشاهدوا فيها الحرية وحقوق الإنسان .

ثم يجب علينا أن نشتري للأطفال شجرة عيد ميلاد مثل أعياد النصارى , لماذا نشتري لهم طائرات ميراج وكوبرا وسي ون ثيرتي وكونكورد, لماذا لا نشتري لهم دببه للعب وآلات موسيقية ؟

بعد ذلك قررتُ بيني وبين نفسي أن آخذ جولة سريعة لأراقب أنواع الألعاب في المحلات التجارية , فكانت غالبية الألعاب عبارة عن مسدسات وكلشن كوفات وقنابل وصواريخ) أما الأدوات الموسيقية فكانت موجودة ولكنها لم تكن متوفرة .

فدخلتُ إحدى السوبر ماركات واشتريت لإبنتي برديس لعبة (بيانو) وقيثار واشتريت لعلي أيضاً عود ولعبة أورج , وبالرغم من أنهم أسرفوا عيدياتهم على القنابل إلا أنني حاولتُ بعد نهاية المعركة أن أُعودهم على الموسيقى لعلَّ وعسى أن يؤلفوا لي في المستقبل قطعة موسيقية تدخل العالم كله بدل أن يقوموا بتنفيذ عملية إرهابية على إسرائيل .

لعل وعسى أن يؤلفوا قطعة موسيقية تدخل القلوب والعقول والساحات الخضراء الجميلة .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل عام و(نانا) بخير
- درس في اللغة العربية
- بدله إنكليزيه
- في ناس وفي ناس
- لماذا لم ينزل مع جبريل النحو العربي?
- الاخطاء الإملائيه في الرسايل النبويه
- هل الحب أعمى؟
- قصة حب رومنسيه
- الزواج الأحادي شريعة مدنية
- الفلسفجيه والشعراء
- اليوم على الصامت
- اخترنا لكم:قصيدة (الهبر) للشاعر العربي الكبير مصطفى وهبي الت ...
- درس مُهمْ في الفلسفه1
- كل عام وأنت بخير
- مفطر رمضان
- الخوفْ من الموتْ
- أهداف خُطب الجمعه
- غسالتي الأردنيه وغسالة ماما اليابانيه
- ضع دائره حول الإجابه الصحيحه
- ما فيش أحلى من الشرف


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جهاد علاونه - في العيد يتعلم الأطفال العرب على الإرهاب