أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم عرفات - السلام على من اتبع الهدى يا كافر














المزيد.....

السلام على من اتبع الهدى يا كافر


إبراهيم عرفات

الحوار المتمدن-العدد: 2774 - 2009 / 9 / 19 - 09:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السلام على من اتبع الهدى. . .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وأما لغير المسلمين فلا يتم إلقاء هذه التحية بل يقولون "السلام على من اتبع الهدى". تساءلت: لماذا نختص جماعة دون غيرها بالتحيات؟ ولماذا تصير التحية فارقة للتمييز الديني العنصري؟

كثيراً ما سمعنا هذا التعبير "السلام على من اتبع الهدى" وكأنه سيف يشهره البعض في وجوه غير المسلمين من أهل الكتاب من اليهود والنصارى وربما غيرهم. ولكن إذا تأملنا هذا التعبير نجده تعبير جميل يساء فهمه أشد الإساءة، ويحسن بنا لو قرأناه في ضوء علوم اللغة والدين. إننا عندما نقول "السلام" فليس المقصود مجرد تحية عابرة نلقيها اعتباطاً بل السلام في جميع اللغات السامية يشير إلى "السلامة" أي إلى النجاة على وزن "رضاع" و"رضاعة".

حرف الجر "على" (بالعبرانية والأرامية عل ܥܠ) هنا يأتي بمعنى اللام حيث الأصل في اللغات السامية قديماً عند الحديث عن السلام والصلاة والإتيان والقدوم والخروج إلخ هو أن تأتي كلها هذه جميعها مصحوبة بحرف الجر "على" والذي تطور فيما بعد إلى حرف الجر "إلى". "على" هنا بمعنى "اللام" أي لمن اتبع الهدى. يمكن قراءة العبارة كاملة هكذا "السلامة لمن اتبع الهدى". نعم؛ السلامة لمن اتبع الهدى؛ والهدى أمر رباني لا دخل للبشر فيه ولا يجب استحسان المهتدين على الضالين بما أن الأمر يدخل في حميميات العلاقة الربانية التي الفاعل فيها هو الإله لا الإنسان. الله هو الذي يهدي؛ فإن لم يُنعم هو بالهداية على شخص ما فهذا ليس ذنب الشخص بل هو في تكوينه وتركيبه لم يتوافق وأمر "الهداية" هذا. أنا، على سبيل المثال، أؤمن بهذه القدرة الغيبية المسماة تجاوزاً ب "الله" وأعرف أن مناجاتي لهذه القدرة هي أمر لا يفسره عقل بشري بل كل أمور الإيمان والاعتقاد الميتافيزيقية تتجاوز العقل البشري وتعلوه وتعلو به. فإذا لم يقتنع شخص ما بميكانيكيات وآليات هذه القدرة وميل القلب إلى هذا "الله" مهتدياً فإنني لا أستغرب بالمرة لأن الطبيعي هو أن يقبل الناس بما يبصرونه لا بما هو غائب عن أبصارهم. كيف أطالبهم أنا كمؤمن بالاهتداء لما لا يبصرونه ولا يوجد دليل قطعي عليه؟ وكيف أطالبهم بالاهتداء والاهتداء هو عمل رباني تبدأ حركته من فوق من لدن الخالق؟ هل أخص المؤمنين عندئذ بالسلام وأحجبه عن من لا يؤمنون؟ تلك، إذا، قسمة ضيزى!

والتوراة فيها- بحسب القرآن الكريم- هدى وبينات وبالتالي تابع "الهدى" ليس بالضرورة أن يكون مسلم فقط على وجه الحصر أو الاستثناء بل المراد هو كل من يتبع هدى الله أي ما يهديه الله إليه من نورٍ منبثق منه تعالى. هو، إذا، يهتدي بهديٍ من الله، والله هاديه الرئيسي حيث من يهتد الله يهتدي. إذاً ليس المراد الإقصاء وإنما التأكيد على أن السلامة تصاحب من يجعل الله هادياً له ويستضي بنوره تعالى؛ وأما من يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً. تحية "السلام على من يتبع الهدى" هي إقرار إيماني ميتافيزيقي غيبيّ بأن "السلامة" تصحب المؤمنين، من وجهة نظرهم. ليس المراد أساساً هو الإقصاء.

ما أتسائل عنه هو كيف أصبح شيء جميل كـ "السلام" يُستخدم كـ سوط وكرباج في وجه أصحاب العقيدة المختلفة أي في وجه غير المسلمين؟ ألم يكن المقصود هو إلقاء السلام للجميع؟ الم يكن المقصود أن يأتيهم سلامٌ من الله فيطهر هذا السلام نفوسهم من أدران النفس وأسقامها؟ ولماذا يصبح إلقاء السلام فرصة لتعنيف أصحاب العقائد المختلفة في الوقت الذي يؤمن فيه الجميع أن مسائل الاعتقاد جلها تأتي بهداية ربانية؟ الهداية الربانية أمر لا ينال فيه فرد المديح أو الثناء بل هو حركة ربانية في المقام الأول وبالتالي إنه واجب على المخلصين في أديانهم إلقاء السلام على الجميع وطلب الهدى والخير للجميع لا أن يزكوا الخطاب الإقصائي. أقول قولي هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عليكم هنا تعني الجميع دون استئثار عقائدي أو مذهبي أو طائفي أو عرقي بل مادمت إنساناً فأنت أهلاً للسلام والسلام لك بقدر ما هو لأي إنسان آخر؛ لا لشيء إلا بحق الإنسانية التي تطوقنا جميعاً ونحن في سفينة واحدة على هذا الكوكب الأرضي الصغير وفي عدنا التنازلي.



#إبراهيم_عرفات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروح الإسلامية والروح المسيحية
- حرية الفكر في الإسلام
- معضلة الحوار الإسلامي المسيحي


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم عرفات - السلام على من اتبع الهدى يا كافر