|
قناديل وهران تضئ دروب عاصمة العرب
رتيبة عجالي
الحوار المتمدن-العدد: 2773 - 2009 / 9 / 18 - 21:38
المحور:
الادب والفن
تغطية رتيبة عجالي عضوة اللجنة الإعلامية لاحتفالية القدس بالجزائر.
يتبارك الناس في بلادنا بعشرية رمضان الأخيرة، ويتذكرون بها خطى العشق الصوفي نحو ترب وثرى وأرواح تهب نسائمها على بلد المليون ونصف المليون شهيد كلما استذكرت الجزائر فلسطينها، شهادة وهوى الى حنين الأرض. "لا تقل لي: "ليتني بائع خبز في الجزائر لأغني مع ثائر" تلك قصيدته الرائعة الموثقة لعناوين الحلم الدرويشي: "عن الامنيات" استهل درويش قصيدته وحنينه الى جرائرنا مبكرا في ديوانه " أوراق الزيتون" الصادر عام 1964. وينتهي بأحلامه في تخوم الأرض الثائرة، جوالا بأمنياته مع إنسانها أينما كدح وعانى وثار. ظل يحلم "يبيع الخبز في الجزائر" كي يغني مع ثائر، وجال حافيا وعلى خصره خنجر عربي "كراع مواش في اليمن"، وذهب الى كوبا الصمود ليكون " عامل مقهى في هافانا" وعاد الى مصرنا " في اسوان حمالا صغيرا"، وينتهي الحلم الدرويشي وصية لنا الليلة: ياصديقي/ لن يصب النيل في الفولغا/ ولا الكونغو، ولا الأردن في نهر الفرات/ كل نهر، وله نبع... ومجرى .. وحياة / ياصديقي... أرضنا ليست بعاقر/ كل ارض ولها ميلادها/ كل فجر وله موعد ثائر/ . تلك هي مواعيد درويش الكبرى في دواوينه " عاشق من فلسطين"و أزهار الدم"و " أغنيات الى الوطن" و"أعراس" و " العصافير تموت في الجليل"... و" مديح الظل العالي"، إضافة الى عشرات الدواوين وكتابات نثرية. حضر درويش مساء وهران المقدسي ليلة الاثنين 14/9/2009، قرأت الرهبة بالنيابة عنه قصيدته بعنوان "عن الشعر" كتبها محمود درويش قبل قرابة 45 سنة: يارفاقي الشعراء نحن في دنيا جديدة مات من مات، فمن يكتب قصيده في زمان الريح والذرة يخلق أنبياء. وأعاد على المسامع قصيدته "لوركا" : هكذا الشاعر، موسيقى، وترتيل صلاه ونسيم، إن همس يأخذ الحسناء في لين إله وله الأقمار عش، إن جلس في أمسية رمضانية رائعة أشعلت شاعرات وشعراء وهران قناديلهم أمام عش الأقمار الدرويشي، واستعادوا صمت ريتا، وأزهار سونا الصفراء" وزنابق بيضاء منسية سحقتها إقدام الهمج الوحشية. طوت وهران عاما على رحيل درويش ولم تسجله يوما في ظلال الوداع . هنا على ركح قاعة محمود درويش بمعهد الموارد البشرية والتنمية بكناستيل بوهران اعلنت وهران ان كرمة درويش عالية وعناقيدها دوالي من ضوء المجرات. كأن التوهج يرسم حضوره الليلة في ظلال القاعة الفسيحة، هنا سمعنا تفاصيل الطرق الشعري على باب الورد واجفان سواد الزنبق وشهقة الكرمة ودالية العنب. ومن هنا مرت عاصفة فتح مجتاحة كل الصواعق، تعد بالعودة حتى من تباشير الرماد الفلسطيني واجنحة العنقاء. هي الذكرى ألاولى لرحيل طال عنا ولم يبتعد في عام القدس عاصمتنا العربية الأبدية. من هناك رحل درويش من دون وداع الى الضفة الأخرى، ملمحا " لغروب الشمس في الأرض الصغيرة" تاركا في وجع الانا و الهوية ضربة قيثار ساطوري: "سجل انا عربي/ ورقم بطاقتي خمسون الف/ واطفالي ثمانية/ وتاسعهم سيأتي بعد صيف فهل تغضب/. ونحن نغضب يادرويش حين تركت اسمك عنوانا على كل قصائدنا ومشيت كعشب الحقول. قرأ الشعراء مواويلهم، وباحوا عن صمت، وحجوا باسراء القصائد الى القدس. " المقهى الادبي" الهيئة الادبية الوهرانية الوحيدة التي لازالت مقاومة متسلحة بأغاني الشعر بوهران، تشد رحالها في كل فرصة نحو باب المغاربة لتشد عضد وجرح ابي الغيث سيدي بومدين وهي مؤاتية بالمواعيد، ومستجيبة للحج في بيوت القدس العتيقة وحاراتها كلما دعا الواجب لشد وقوف زيتونة امام جرافات المحتل الاسرائيلي. اختار " المقهى الادبي" البارحة قاعة محمود درويش ليحضر المقهى الادبي باعضائه وجمهور معتبر من مثقفي وادباء الباهية وهران وبحضور متميز واصرار الاديبة اللامعة المجاهدة الشاعرة عمارية بلال " ام سهام" ومشاركة زميلاتها الشاعرات دواوجي وخديجة سنوسي وعائدة سعدي وغياب ملموس بسبب ظرف عائلي قاهر للشاعرة انصاف عثمان عماري. وكعادته كان المفكر والباحث الكبير محمد بهلول مضيافا باحتضان هذه الاحتفالية المكرسة لذكرى درويش، مساهما بدوره في إضاءة محطات من حياة ودور الشاعر الراحل في الثقافة العربية، فكان معهد الموارد البشرية ومديره وادارته كريم الضيافة، ومعطاء الفكر والريادة في ترجمة درويش الى الفرنسية وتسمية اول قاعة بوهران باسم الراحل محمود درويش يوم اربعينيته. وهران، مثلها مثل الجزائر، بجمهورها ومثقفيها تظل درويشية الهوى، وصوت درويش له صدى طيب نسمعه من خلال صوت الشاعر الفلسطيني خالد صالح الذي أثرى جزءا من المداخلات، وكعادته عرج الى قريحته الشعرية يرسم لنا من ربى فلسطيننا اطياف المجدلية، وقرنفلة الشوك المقدسي، ويتسلل الى حيفا وعكا والجليل يستحلفها تفاصيل الزمن ولحظات العبور وهبات الزيتون والزعتر المقدسي. استحلفت وهران مساءاتها عذبة بالصوت والنبرة والصمت فاجادت القرائح برطانة العربية والفرنسية معا ترجمة الحنين للارض ووشم وجوه الامهات. قالت وهران لدرويش نحن نكشف لك في بُعد المئآقي سكوب الدمع، ونحاذر ان نجهش بالبكاء في غزة ونابلس و ان نحدق بوجهك السرمدي ونحن في طور التيه عن قدسك. لازال يامحمود خبز امك على موائد إفطارنا وقهوة امك سحورا في طعم صيامنا، وانت في فمنا مثل شهد الاماني. نخبرك اننا لا نودع القصائد الليلة في صندوق الذكريات الا وفاء لك وللقدس نخبرها كل لحظة بعروبة قصائدنا والضاد ميسما لها وفيا لدمع الامهات، شامخا كمقابر الشهداء في ربى الاوراس والكرمل حتى تشارك قصائدنا" صغار العصافير... درب الرجوع.. لعش انتظارك"..
#رتيبة_عجالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعب الامير يحتفي بالقدس
-
مبدعوا فلسطين فى محنة الموت قصائد
-
غوانتانامو الشاهد الساكت والمسكوت عنه
-
مرافئ القصيد نحو القدس
-
اذكرو محاسن موتاهم
-
معذبو الأرض في الحالة العراقية
المزيد.....
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|