فرات إسبر
الحوار المتمدن-العدد: 843 - 2004 / 5 / 24 - 04:09
المحور:
الادب والفن
إلهي
عندما أخلع ثيابي
وحذائي
وأتمدد في الصندوق الخشبي المستطيل
ويحملني أقاربي
أو أصدقائي
أو الغرباء
أو لا أحد
إلى أين ستأخذني ؟
إلهي
وأنا محمولة على الأكتاف
وارتدي ثوبي الأبيض الفضفاض
أكون قد ارتفعت قليلا عن الأرض
الأرض التي لم تعطنِ مكانا ..
إلهي
أحببت كثيرا الناس
كنت أشفق على المتسولين
كانوا يملكون أكثر مني
دموعي تسقط على المقعدين
الغرباء
أسرى الحروب
المشوهين
المعذبين
ولكن…
إلى أين ستأخذني ؟
عن هذه الأرض..
التي تحمل على ظهرها الجحيم
إلهي
أحببت كثيراً الأغنياء
المترفين
أصحاب الأملاك
المتخمين
العاطلين عن العمل، من كثرة الأموال
إلهي إلى أين ستأخذني ؟
إن الجنة على الأرض
إلهي
وأنا محمولة في الصندوق
إلى حفرة أعمق
وبعد أن أوضع بها،
بالحجارة والتراب ، سأختفي
هناك عتمة شديدة
لن أرى شيئاً
لم أحضر معي مرآةً لأرى وجهي
ولا مشطاً لأسرح شعري
هل سأرى الملائكة هنا ؟
إلهي ..
أنني أحب الذين خلقتهم على الأرض
إلهي
وأنا في الحفرة ، والتراب يغطيّني
اشعر بالعطش
بالبرد
بالغربة
لا كتب
لا دفاتر
لا أصدقاء
تركتهم على الأرض
يسكرون
...ويمرحون
وأنا عطشى
إلهي ألا يوجد نبع ماء ؟؟
إلهي أنا واثقة
بأنني لن أعود
قد يأتي أحدهم ويقول :
هذا قبر أمي
أو هذا قبر جارتي
أو هذه.. غريبة
قد يضعون فوقي صليباً
أو شاهدة
لا فرق إلهي
ألم تقل أنتم متساوون
ولكن لماذا فرقتنا على الأرض ؟
إلهي …
نحن هنا ..
شاهدة من رخام
أو صليباً
أو باقة ورد ذابلة
أولا ا سم
لا عنوان
لا شئ..
إلهي
اعلم أننا الآن متساوون
في الصمت ..
لا أستطيع أن أتحدث مع جيراني
ولا أن اشرب القهوة
ولن يسمعوا قصائدي
لان الحفرة عميقة
عميقة..
إلهي
أعلم ذات يوم سيزول كل شئ
الشاهدة
الصليب
باقة الورد
ستذبل
الذي لا اسم له..
ستأتي الجرافات لتأخذ كل شئ!!
سيفتحون طريقاً جديد اً
أو معملاّ
أو مدرسةً
أو معتقلاّ
أو مصانع للتسلح
قد يأتي الزلزال
ويأخذ كل شئ إلى الأسفل
إلى الأسفل..
قد يفيض البحر
يبتلع اليابسة
هل سينجو هذا العالم ؟
إلهي …..
إلهي ..
إلى أين ستأخذني ؟؟
#فرات_إسبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟