أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسين شبّر - أزمة الحوار بين المثقفين















المزيد.....

أزمة الحوار بين المثقفين


حسين شبّر

الحوار المتمدن-العدد: 2769 - 2009 / 9 / 14 - 13:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ثمة أراء متعددة يمكن استحضارها هنا في مسألة الحوار بين المثقفين وهي في أغلبها تتقاطع في الفهم والتصور وتحديد الأطر و النتيجة العامة التي يمكن أن يتم التوافق عليها من باب الوصول الى الهدف المنشود . هناك ما قد ندعوه بأخلاقيات الحوار ، أي أن الحوار بين المتحاورين يجب أن يقوم على تكريس قواعد اخلاقية ترقى الى بعد حضاري بالغ الأهمية .
وبما إن الهدف من الحوار هو التواصل نحو الفهم "، أن يفهم كل طرف الطرف الآخر. فالحوار على هذا ليس هو الجدل الذي يهدف إلى إقناع الخصم أو إفحامه، وليس هو كذلك السجال . الذي لا يؤدي للوصول الى النتيجة المنشودة من الحوار . وليس هو المفاوضة التي هدفها الوصول إلى وفاق. وليس الحوار اوالمباحثة من دون هدف! ولا هو وسيلة للحصول إلى نتيجة مستهدفة مسبقا، ولا هو مجرد أداة للتعبير عن وجهات نظر..... الخ، وإنما الحوار وسيلة للتواصل بين فكرين ، الحوار بهذا المعنى هو تبادل الرأي بين إنسان وآخر، لا يجمعهما إلا كونهما يرميان إلى تحقيق التواصل بينهما على المستوى الفكري وإن تقاطعا برأييهما .
والحوار في اللغة العربية هو مراجعة الكلام. وواضح أننا هنا إزاء دلالة لغوية عامة تشمل جمع أنواع الحديث الذي يدور بين اثنين أو أكثر. أما إذا نحن أردنا التماس مرجعية عربية إسلامية تقربنا من المفهوم المعاصر للحوار فلعل الأقرب إلى الصواب القول إننا نجدها في "علم الكلام" خصوصا قبل أن يصبح جدلا مهمته التحيز لمذهب بعينه والنصرة له، والعمل على التشكيك في مذهب الخصم وإفساد حججه. إننا نعني هنا "المتكلمين الأوائل" الذين ظهروا في العصر الأموي ولم يكونوا يحملون بعد هذا الاسم، من أمثال غيلان الدمشقي وواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وغيرهم، هؤلاء الذين قاموا بمعارضة إيديولوجيا الجبر الأموية وإيديولوجيا التكفير الخارجية، والذين أسسوا لنوع من "الكلام في السياسة" بمفاهيم دينية، سمي فيما بعد بـ علم الكلام"، وسمي المشتغلون به بـ "المتكلمين". لقد كان هؤلاء "المتكلمين" الأوائل يمثلون في عصرهم، الشريحة الأولى لأولئك الذين ينطبق عليها إلى حد كبير مفهوم "المثقفين المتنورين "، في الفكر المعاصر. لقد ناهضوا التأويل الذي يستغل المفاهيم الدينية لأغراض سياسية، وأسسوا لنوع من الفهم العقلاني لقضايا الدين التي ربطوها "بالمصلحة" حتى قالوا إن الله لا يجوز أن يفعل إلا ما هو صالح وأصلح للبشر الخ. وكان منهم من تعرض للتعذيب والقتل في سبيل آرائهم التنويرية، وكان منهم من ثار ورفع السلاح في وجه السلطات الظالمة.
ولنذهب الى ذلك الحوار الذي جرى بين ابن رشد والغزالي لنحاول تقصي المفهوم كما تمت صياغته هنا .
لم يضع فيلسوف قرطبة "قواعد للحوار" بهذا العنوان في أي من مؤلفاته، ولكنه نبه إليها وطبقها في جميع كتبه، خاصة منها كتابه "تهافت التهافت" الذي هو كتاب حواري بامتياز. ففي هذا الكتاب الذي يرد فيه على الغزالي الذي هاجم الفلاسفة في كتابه الشهير "تهافت الفلاسفة"، فكفرهم وبدعهم ، ينبه ابن رشد إلى جملة من القواعد الأخلاقية التي يجب أن يلتزمها المتحاورون حتى يمكن أن يقوم بينهم الحد الأدنى من التواصل والتفاهم. وما أجدر الناس في هذا الزمن الذي يرفعون فيه شعار الحوار، صباح مساء، أن يتقيدوا بها، لأنه بدونها يفقد مفهوم الحوار خصوصيته فيتحول إلى جدل صاخب أو إلى "حوار الصم"، لأنه يفقد ما به يكون الحوار حوارا وهو الرغبة الصادقة في "الفهم والتفاهم".
من قواعد الحوار التي راح يلح عليا ابن رشد ما يلي:
تجنب التشويش على رأي الخصم وضرب آرائه بعضها ببعض! وكان الغزالي قد صرح في كتابه المذكور تهافت الفلاسفة : أنا لا أريد بيان الخطأ والصواب في آراء الفلاسفة و"إنما غرضنا أن نشوش عليهم وقد حصل". وقد وصف ابن رشد معظم الأقاويل التي عاند بها الغزالي الفلاسفة والمعتزلة بكونها عبارة "عن شكوك تعرض عند ضرب أقاويلهم بعضها ببعض، ، وذلك معاندة غير تامة" كما يقول فيلسوف قرطبة، لأن "المعاندة التامة إنما هي التي تقتضي إبطال مذهبهم بحسب الأمر في نفسه لا بحسب قول القائل به"، أي بحسب التزامه بالموضوعية وصرامة الاستدلال، وليس بحسب أقوال صاحب ذلك المذهب. ويضيف ابن رشد قائلا: "لا يليق هذا الغرض التشويش به (بالغزالي) وهي هفوة من هفوات العلماء. فإن العالم بما هو عالم إنما قصده طلب الحق، لا إيقاع الشكوك وتحيير العقول. الاجتهاد في فهم آراء الخصم ضمن مرجعيتها والتزام العدل والنزاهة في الاستشهاد بها، يقول: "فينبغي لمن آثر طلب الحق، إن وجد قولا شنيعا عند خصمه ولم يجد له مقدمات محمودة تزيل عنه تلك الشناعة، أن لا يعتقد أن ذلك القول باطل، بل عليه أن يطلبه من الطريق الذي زعم المدعي له أنه يوقَف منها عليه، ويستعمل في تعلم ذلك من طول الزمان والترتيب ما تقتضيه طبيعة ذلك الأمر المتعلم". وأيضا : فإذا رأى المحاور شناعات في أقاويل خصومه، فـ "من العدل أن يقام بحجتهم في ذلك ويناب عنهم، إذ لهم إذا كان من حقهم أن يحتجوا بها. ومن العدل "لابد أن يسمع الإنسان أقاويل المختلفين في كل شيء يفحص عنه، إن كان يحب أن يكون من أهل الحق". "وأما قول الغزالي إن قصده هاهنا ليس هو معرفة الحق، وإنما قصده إبطال أقاويلهم (الفلاسفة والمعتزلة) وإظهار دعاويهم الباطلة، فقصد لا يليق به، بل بالذين هم في غاية الشر".
الاعتراف بالآخر وعدم التنكر لما يستفيده الإنسان من خصومه. وفي هذا الصدد يشير ابن رشد إلى أن معظم ما استفاد الغزالي من النباهة، وفاق الناس فيما وضع من الكتب إنما استفاده من كتب الفلاسفة ومن تعليمهم". "فلو لم يكن لهم إلا صناعة المنطق –التي يدعو إليها بحرارة- لكان واجبا عليه وعلى جميع من عرف مقدار هذه الصناعة شكرهم عليها". التزام الأمانة العلمية : ومع تكرار التشويش المتعمد من طرف الغزالي لا يملك ابن رشد إلا أن يشك في اتصافه بـالعدالة الشرعية"،وهي ما نسميه اليوم بالأمانة العلمية.
لا نريد في هذه العجالة أن ننتصر لأبن رشد على غرار ما يفعل غيرنا ولكن اسشهادنا هنا أنما جاء في سياق آخر وهو نظرة ابن رشد الى منهجية الحوار بين اصحاب الأراء المخالفة فهل التزم ابن رشد بهذا, بهذه المنهجية في رده على الغزالي ، ان عنوان كتابه تهافت التهافت يشي بأشياء كثيرة ثم طريقته في الرد على مسألة تكفير ابن سينا والفارابي وخاصة في المسائل الثلاث الكبرى التي ناقشها الغزالي انما جاء بطريقة سجالية بحته وهو ما كان يحذر منها فيلسوف قرطبة .
على كل نحن إنما ندعو الى أن تصطخب الأفكار فتتعمق ثم تثور فتنتج من الحقائق ما لم يكن متداولا ولا معروفا أن كان السبيل اليها ولكن مع منهجية التسامح الذي لم تعرفه ثقافتنا العربية القديمة والمعاصرة حتى هذه الحظة التي نعيش .





#حسين_شبّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الانفجار العظيم بين العلم و الدين والفلسفة
- أعذرني أيها السومري سلام طه فأنا لم أفهمك
- اللامرجوع عنه في وعي المثقفين العرب
- وقفة قصيرة مع الحلاج
- إشكالية الأستشراق عند الكاتب تيسير الفارس


المزيد.....




- أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم ...
- الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
- تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
- بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م ...
- موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو ...
- بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا ...
- شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ ...
- بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت ...
- بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسين شبّر - أزمة الحوار بين المثقفين