|
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا-16-
ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2770 - 2009 / 9 / 15 - 01:25
المحور:
الادب والفن
كنا نفر من الأصدقاء جميعنا من سكان حي -الباريو - كان بيننا الملقب ب - مورو - والمسمى -ادريس دلحسن- وآخرون . كنا نقرفص قبالة مكان معروف ب - غرسة الرهبان - سميت كذلك لأنها في زمن الإستعمار الإسباني كانت ديرا للرهبان ومسرحا لطقوسهم الدينية . كانت المناظر الطبيعية خلابة ولم يكن أخطبوط البناء قد عم المكان بعد كما هو الحال عليه في يومنا هذا . كنا نختلي بأنفسنا لنعاقر كؤوس الخمرة بعيدين عن أعين الفضوليين . وقد تأخر بنا الوقت ذاك اليوم إلى غاية المساء . وكانت الخمرة قد فعلت فعلها في رؤوسنا لذا كنت كعادتي أغني وكانت الأغنية للسيدة أم كلثوم - الحب كله - كان ستار من الظلام ينتشر على المكان رويدا رويدا . وبينما أنا أؤدي الأغنية كان قطيع من الماشية يمر بمحاذاتنا وهو خليط من المعز والأغنام والأبقار يحرسها كلاب ثلاث . رفعت عقيرتي بالغناء وأنا أرنو نحو القطيع كأنني أغني له . وفجأة خرج حيوان وانفصل عن القطيع وكان من فصيلة المعز وأخذ طريقه نحو مجلسنا . ظللت كذلك وأنا أراقب الضيف القادم الينا إلى أن وصل ودلف حلقتنا واقترب مني دون غيري . كان الكل مندهشا غير أنني لم أستغرب الحدث فالحيوانات أيضا تعشق الغناء والموسيقى وتفهم ما لا يفهمه البشر وذلك فقط عن طريق الفطرة التي زرعها الخالق في خلقه . تحسست وجه الحيوان وكأنني قمت بتحيته ثم انسحب وقفل راجعا من حيث أتى واندس د اخل القطيع . قلت للأصدقاء بأن هذا الحيوان جاء لتحيتنا لأنه صديق قديم توفي وتقمصت روحه جسد حيوان ولما سمع بصوتي تذكرني فلم يشعر إلا وهو داخل حلقتنا لتقديم التحية . إنفجر الجميع ضحكا. لأن المزحة كانت غير قابلة للتصديق. ثم شرحت لهم نظرية تقمص الأرواح القديمة منذ عهد اليونان . لكن أصدقائي لم يهضموها بل اعتبروها مزحة إضافية . لازلت لحد الآن أتذكر هذا الحدث الذي جعلني دائما أرى الحيوان بنظرتي الخصوصية كوجود قائم بذاته مثلنا ووجوده لا يختلف عن شكل وجودنا . فما يدور برأس وخلد الحيوان لهو أهم وأهم مما يدور في رؤوسنا الفارغة كما يقول الشاعر - إليوت - في قصيدته الرجال الفارغون أو الرجال الجوف . إن القدرة الذهنية للحيوان تفوق قدرتنا نحن البشر . غير أننا بيولوجيا وجسديا نفوقهم ببعض الفوارق مثلا كشكل اليد والرجل والقدرة على الكلام وليس النطق . كما أننا نستطيع أن نقوم ببعض الأنشطة بسهولة بينما الحيوان لا قدرة له على ذلك . لكن تفكيره لا يقل عن تفكيرنا وربما نكتشف يوما قدرته المذهلة في التفكير . وتحضرني واقعة سأختصرها فيما يلي كنت أحج إلى مخبزة صديق لي بالحي الذي أسكنه . لقضاء فترة من الليل هناك مع بعض الأصدقاء نتجادب أطراف الحديث وندخن القنب الهندي . كان داخل المخبزة هر فريد من نوعه يتمتع بعطف العمال والضيوف على حد سواء . وكان سعيدا بإقامته هناك لذا كان يرحب بالضيوف ويقفز إلى أحضانهم متلمسا حنوهم عليه . وذلك ما فعله معي كأحد ضيوف المخبزة . لكنني كنت أخشى القطط منذ صغري ونعومة أظفاري . لذا كلما قفز إلي مسدت ظهره وأنزلته أرضا لكن في المرة الثالثة نهرته وأنزلته بطريقة لم ترقه على ما يبدو . فذهب بعيدا بزاوية تقابلني ثم صار يتفحصني بشكل دقيق أخافني . بدوران الحديث بيننا نسيت الهر وخرج من تفكيري نهائيا . لكنني شعرت بعودته لكن بطريقة مختلفة لم يكن يهتم بي لكنه قرفص أمامي ولم ينظر إلي مما جعلني ذلك أنسى أمره . وبطريقة مفاجئة وفائقة هاجمني هجوما وهميا بخخخخخخخخخخخ. قفزت من مكاني مذعورا بينما الكل إنفجر ضاحكا وتعالت القهقهات د اخل المخبزة بشكل صاخب بينما أنا لم أتمالك نفسي من الدعر والدهشة من مزحة القط الثقيلة . ورغم انقطاعي عن الحضور للمخبزة لمدة طويلة إلا أن الحديث عن هذا الهر يفرض نفسه دائما تلقائيا كلما إلتقيت بالصديق صاحب المخبزة. وقد أخبرني يوما بأن القط توفي . ففاجأني ذلك . وحزنت حزنا عظيما . ومن خلال حكاية الصديق عن الطريقة التي مات بها القط . فهمت بشكل قاطع بأن موت القط كان عملا إنتحاريا بمحض إرادته . لم يكن موتا طبيعيا . وقلت مع نفسي لقد تعب المسكين من الحياة فقرر أن ينام تحت عجلة الشاحنة التي تزود المخبزة بالدقيق وذلك ما لم يفعله قبلا . كما أن احترامي زاد لهذا القط الطبيب . لأنني منذ ذلك الهجوم الوهمي الذي أصابني بالهلع لم أعد أخشى القطط . فقد أصبحت أتعامل معها بشكل طبيعي وبدون خوف . كان هو سبب شفائي وكان طبيبا فرويديا ماهرا .
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا-17-
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا-15-
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا-13-
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا-12-
-
ببوع
-
عشوائية الصدف
-
حرف للجر
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 11 -
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا- 6 -
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا -10-
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا-9-
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 7 -
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 8 -
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 1 -
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 2 -
-
الجزء الثالث من البسيط والهيئة العليا - 3 -
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 4 -
-
الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 5 -
-
دهشة الركوع
-
أنا والرياح
المزيد.....
-
صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا
...
-
-القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب
...
-
ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
-الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ
...
-
عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع
...
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|