أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - لماذا يُفرض الحجاب في الدول الدينية؟















المزيد.....

لماذا يُفرض الحجاب في الدول الدينية؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2768 - 2009 / 9 / 13 - 21:25
المحور: كتابات ساخرة
    


الفكر الديني هش، على العموم، ولا يصمد أمام أي حوار، وهو قائم كلياً على التسليم من غير مناقشة أو تفكير وجدال، وكذلك الأمر بالنسبة لمعظم طقوسه الملحقة التي تنهزم فوراً أمام أية أسئلة وجدل منطقي. والمؤمن عادة، رجل خيالي، وحالم بعوالم زاهية مجردة لا تناقضات فيها، وموجودة في مكان وزمان ما، ولكن من دون توفر أي دليل مادي أو حسي مقنع على ذلك، وكل ما في الأمر أن أحداً ما قد أخبره بوجودها، ويمنـّي نفسه بالانتقال لها، بعد أن يفرغ من واجباته ومهماته الإنسانية العظيمة والنبيلة في هذه الحياة الفانية. والمؤمن عادة لا يفكـّر بل يسلـّم، وحين يفكر لا يعد مؤمناً، بل فيلسوفاً، وقد يذهب بتفكيره بأكثر مما قدر الله له. ومن هنا حرّمت الدول الدينية الفلسفة تحريماً قطعياً، ، من يوم سقراط حتى جمهورية الفيلد مارشال علي عبد اله الصالح ومشيخات الخليج الفارسي، لأنها الفلسفة تحرض الذهن والعقل والتفكير. وقد قال الأوائل، من السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين، من تمنطق فقد تزندق، أي من نحا نحو المنطق فقد كفر، والعياذ بالله. وإلى اليوم، يـُحـّرم تدريس الفلسفة في معظم دول المنظومة البدوية خشية الإصابة بفيروسات التفكير المرعبة والمعدية التي تثير، عادة، الأسئلة المحيرة والمؤرقة، وتؤدي إلى الزندقة، والهرطقة، والإلحاد.

والأنظمة البدوية تكافح الفلسفة، أيضاً، وتمنع خطرها، وتتحالف مع الوعاظ ورجال الدين ضد شعوبها، وتعمل على نشر الفكر الغيبي المرسل، غير العلمي والقائم على التصورات والخيالات والأساطير الموغلة في قـِدمها، وتروج لها يومياً، وتسهل حضورهم أمام الرأي العام المغيـّب، وتدفع لهم البدل النقدي والتعويضات لقاء ترويج الأساطير والخرافات والخزعبلات كما تفعل إمبراطورية الإعلام المعروفة مع المدعو عمرو خالد الذي أصبح واحداً من كبار الأثرياء لقاء تجارته المربحة هذه، وتفرد تلك الأنظمة وسائل إعلامها لجحافل الكهنوت البدوي، الذي يغزوها بسرور وحبور وفرح عز نظيره ويسيطر عليها وترى هذه الوسائل من المحيط إلى الخليج، تهدر بصوت سلفي واحد، وتنضح كلها بنغمة واحدة، تتجسد فيها وحدة العرب الإعلامية كحقيقة واقعة، وكل الحمد والشكر لله، ترد على كل المغرضين والمشككين بوحدة العرب، وبرسالتهم الخالدة. ( تضحكني عبارة القنوات الدينية والدعوية للإشارة إلى نوع من القنوات التلفزيونية، علماً بأن جميع الفضائيات العربية الرسمية، والنايل سات برمته، هي فضائيات دينية من الدرجة والطراز الأول، إذ لا تخلو جميعها من الضخ التعبوي الصحوي اليومي، وعلى مدار الساعة، ويشكل الشيوخ الأفاضل ما نسبته 90% من "نزلاء" تلك التلفزيونات الرسمية الثورية والبدوية، إنها فضائح وطنية وأخلاقية مجلجلة توصم تلك الأنظمة وإعلامها).

وتبقى قضية الحجاب واحدة من أهم القضايا التي تثير الكثير من الجدل الإشكالي حولها، إذ يجزم كثير من مفكري الإسلام المتنورين الكبار، كجمال البنا، وغيره، ( وهو الشقيق الأصغر لحسن البنا مؤسس التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين)، بأن النقاب والحجاب ليسا فرضاً على المرأة، كما لا يوجد نص شرعي واضح يوجبهما، وإنهما من قبيل جملة العادات وأنماط المعيشة والسلوك، التي انتقلت مع الغزو البدوي لدول الجوار، تماماً كحال البكيني، والشورت، أو الجينز اليوم، الذي غزا العالم من عمق الغرب "الوسترن"، الأمريكي حيث نما، وترعرع هناك، وانتقل مع الحضارة الأمريكية، وأنماط معيشتها التي باتت تتغلغل في بيوت شعوب العالم قاطبة، كما في مضارب "أجدع"، وأكبر شيوخ وكهنة الإسلام، يتنعمون بنعيمها، من الهاتف، والموبايل، والفياغرا، والأنسولين و المكيف أي "الكونديشن"، إلى التلفاز ، ومنهم سماحة الداعية الإخواني الكبير الشيخ الجليل القرضاوي، وفضيلة شيخ الأزهر، ومفتي الوهابية الأكبر المغفور له عبد العزيز ابن باز، الذي انتقل إلى رحمته تعالى، وهو لم يزل يدحض نظرية كروية الأرض، ولم تخرج حتى اليوم من تلك الديار الطاهرة، أية فتوى تنقض فتواه التاريخية، أثابه الله، وأسكنه فسيح جنانه.

وبالعودة إلى قضية الحجاب، فلا يفهم لماذا هذا الإصرار على فرضه، وتحديداً، في البيئات الأكثر تزمتاً وتديناً كمصر، والسعودية، وأفغانستان، والسودان، والصومال واليمن حيث يتقاتل الأخوة الأعداء في أطول حروب في التاريخ، على الإطلاق منذ 1400 عام فقط ...إلخ، وطالما أن الإيمان قائم وموجود في نفوس الناس ولا خوف من الفسق والفجور والعياذ بالله. وطالما أن تلك البيئات الدينية تعج بالمؤمنين والمؤمنات ، وعليه لا قيمة ولا لزوم للحجاب، البتة، ولا خوف على المرأة المؤمنة من أخيها المؤمن في العقيدة والإيمان، وطالما أن النظر للمرأة وعورتها، حرام، وأمر غير وارد على الإطلاق في هذه البيئات التي تنضح ورعاً، وعفة، وخوفاً من الله الواحد القهار؟ إذ يلاحظ بأن هناك إصراراً فظيعاً على فرضه في الدول الدينية المغلقة أكثر من غيرها، والمنطق يقتضي، ويفترض عكس ذلك. أي يجب أن يفرض الحجاب على النساء الكافرات السافرات والعياذ بالله، لا على المؤمنات، والخوف من هؤلاء الذين يثرن الرجال، لأن أولئك الفاجرات العاريات سيوقعن الرجل في غوايتهن، ولن يترددن في ممارسة الرذيلة وهن يتبرجن لذلك ويجب تحجيبهن، فورا، أكثر من غيرهن، أما المؤمنة فلن تفعل ذلم لا بحجاب ولا من غير حجاب. وإذا ظهرت المرأة المؤمنة أمام الرجل المؤمن،أيضاً، حتى ولو بشكل غير محتشم، فلا ضير ولا خوف عليها، فجرعة الإيمان الزائدة التي لقمـًه إياها الشيوخ، منذ الصغر في بيوت الله، تمنعه من ذلك، وبناء على ذلك، فلا لزوم للحجاب، والنقاب، وتحديداً في الدول الدينية. والمفروض أنه وبعد قرون من نشوء الدول الدينية أن تكون قد ترسخت قيم ومبادئ وسلوكيات عامة، بدل الحجاب، تكفل عدم الخروج عنها وتمنع الشذوذ والغواية والانحراف، ولكن هذا، بكل أسف، لم يحدث على الإطلاق وما زال هناك خوف على النساء، ليس من الغرباء، بل من أخوة لهم في العقيدة والإيمان..

ولكن الخوف، وكل الخوف عليها، حسب المنطق، إياه، لو ظهرت أمام رجل صليبي، وبوذي، وهندوسي، ويهودي وكافر والعياذ بالله. غير أن ما يحصل في المنظومة البدوية، وتحديداً في دول الخليج الفارسي، أن المرأة المسلمة تظهر أمام الهندي، والبوذي، والهندوسي، والسيخي، والنيبالي والبنغالي ناهيك عن اليهود الذين تعج بهم دول الخليج، ولكنها، وبكل أسف تتحجب، وتتنقب، وتختبئ، وتخاف وتخشى من البدوي العربي المسلم أكثر من أي شخص آخر. هذا واقع ملموس ومعاش ومن هنا تبدو هذه الرغبة العارمة والمحمومة لفرض الحجاب والبرقع وإخفاء المرأة من أعين الرجال في الدول الدينية وهي إشكالية غريبة لا يمكن تفهمها البتة. هل هناك شك، ولا سمح الله، بتعفف وإمساك، وأنفة، وشرف هؤلاء الرجال المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهو الذي اشترى منهم أنفسهم بأن الجنة لهم، فهل يبيعون جنتهم تلك من أجل امرأة ما؟

ومن المفترض أن المؤمن، كما المؤمنة، في الدولة الدينية رجل محصن، ولا ينظر البتة للمرأة والمرأة لا تراودها نفسها في النظر إلى الرجال، ومع ذلك يفرضون عليها الحجاب وهو أمر غير مفهوم، أو مبرر على الإطلاق. وحتى إن رأى المؤمن امرأة عارية، حسب ما هو مفترض، ومأمول منه، فهي لن تثير غريزته ، كلا وحاشى لله، نتيجة لورعه وشدة تقواه وإيمانه، وتفضيله للجنة وملاقاة الحور العين والغلمان المخلدين على جماع ونكاح أي امرأة أخرى مهما بلغ جمالها وفتنتها. ومن المعلوم تماماً، أن الله قد أمر المؤمنين والمؤمنات أن يغضوا من أبصارهم، ولكن، رغم ذلك لا أحد يدري لماذا لا يتم الالتزام بذلك، ولم يتم الاكتفاء بهذا الأمر الإلهي المعظم، وتراهم يحجبون النساء ويخفونهن في الأكفان السوداء والبراقع ووراء النقاب؟

ولماذا لا تأمن المرأة المتدينة خلع حجابها وإظهار فتنتها شعر رأسها في الدول الدينية والمتزمتة والتي من المفترض أن جل سكانها من المؤمنين المتعبدين الزاهدين الناسكين، وتحديداً في المنظومة الفارسية، ولكن، وعلى العكس من ذلك تماماً، فهي ما إن تركب الطائرة، وتتجه صوب الدول الكافرة، واليهودية، الصليبية، كما رأيتها بأم العين، حتى تقوم بخلع نقابها، وارتداء آخر طراز وكأنها عارضة أزياء، ولا تخاف من أن يفترسها أحد في تلك البلاد مثل خوفها من ذلك في ديار العرب والإسلام، وتتبرج أمام الصليبي واليهودي وتحاول أن تخفي فتنتها فقط عن أخيها المسكين في العقيدة والإيمان الذي يعتقد بأنه سينهار أمام غرائزه ولذلك تحجب أمامه؟ لماذا لا يتم اختبار ورع وعفة المؤمنين والمؤمنات، بطريقة أخرى، وعبر الاختلاط المباشر بين الجنسين،، ومعرفة مدى قوة الإيمان، والعقيدة، في نفوس الناس، وقدرة الجميع على ضبط غرائزهن، بدل الحجاب والنقاب؟ هل يمكن التفكير بهذا؟

ويبقى السؤال الأهم لماذا لم يفلح الفكر الديني في تهذيب نفوس الناس، وتمكينهم من السيطرة على غرائزهم، وقهر الغريزة الجنسية لدى الرجال، كما النساء، ولذلك يستمر الخوف من الجنس الذي يقض مضاجع هذه الأمصار منذ الأزل، واللجوء إلى فرض النقاب والحجاب، بصرامة كالأحكام العرفية، والأمر الواجب، وتحديداً في الدول الدينية دون غيرها، وكأحد السبل المتاحة لمنع افتراس النساء، ووطئهن من قبل أخوة لهن في العقيدة والإيمان؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البكيني مقابل الحجاب والأكفان السوداء
- وإذا أنت أكرمت اللئيم تمرّدا
- الحكام أم المحكومون العرب؟
- باب الحارة: الإسلام هو الحل
- ما هي معايير الوطنية؟
- العَربُ وتهديد القيَمِ والحَضارةِ الغربية
- عبد الباسط المقراحي طليقاً
- لماذا العتب على جنبلاط؟
- هل السعودية بحاجة لمهرجان ثقافي؟
- زوال الدولة الوطنية العربية
- المملكة السعودية: اعتقالات بالآلاف من دون محاكمة
- أبناء حكام العرب: شيء يرفع الرأس!!!
- غزة-ستان: بين حصار وحجاب
- خرافة البحبوحات النفطية
- لا لولاية السفيه
- لماذا يطالبون بتحرير فلسطين؟
- سوريا والجيران: أما آن الأوان؟
- ألغت عرسها لأن خطيبها نجم أفلام إباحية
- اغتصاب جماعي ضد نساء دارفور
- الشاي الأبيض للقضاء على البدانة


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - لماذا يُفرض الحجاب في الدول الدينية؟