أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - اليوم على الصامت














المزيد.....

اليوم على الصامت


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2767 - 2009 / 9 / 12 - 16:44
المحور: كتابات ساخرة
    


لا أدري لماذا منذ ليلة الأمس نمتُ على فراشي صامتاً وصحوتُ من عليه صامتاً وما زلتُ حتى الآن صامتاً.
الصمتُ أفضل من الكلام , تكلمتُ كثيراً ولم يستجب لي أحد , فلماذا استمرُ بالكلام ما دامت آذان القوم صُمٌ وألسنتهم بُكمٌ وعيونهم عميٌ؟؟؟.


وخرج عليّ القوم وقالوا:احكي معنا عبرنا يا..عبرونا ..شو بعدين معاكوا , كل هذا وأنا ما زلتُ صامتاً حتى النخاع مع أنني ألمحتُ لهم أنهم لا يحسنون الاستماع لثرثرتي .
كان اليوم صامتاً حتى الموبايل كان صامتاً وما زال يرن بصمت , لم أستجب لأي مكالمة ورددتُ على الجميع من خلال مسجات قصيره ولكنها شاعريه ومعبرة عن أجواء الصمت والاكتئاب .

ثم لم أدع هذا اليوم زاوية من زوايا المنزل إلا ونمتُ فيها ولم أنمْ, ولم أدع في منزلي سريراً إلا وعليه تمغّطتْ ولم أتمغّط, ولم أترك شبراً في الشارع المؤدي لمنزلي إلا وعليه وقفت ولم أقف , كل هذا وأنا صامتٌ لا أتكلم , ولم أفعل في هذا اليوم أي شيء , فحين كنتُ أنام كنت أنهضُ ثم أعودُ بسرعة للنوم وبنفس السرعة أعود للنهوض وحين أقفُ كنت أعود ُ للجلوس ثم أعودُ للوقوف , ربما أنني اليوم لست صامتاً ربما أنني قلق ٌ جداً بزيادة ملحوظة .

فتحت أول رواية غرامية جميلة ولم أستطع أن أقرأ بها حرفاً واحداً لأنني بكيتُ مع الشخوص من أول صفحة أو صفحتين كانت دموعي تتكلم ولساني وفمي جافان جداً وكأنني أقف في صحراء مغبرّه, في آخر قصة حب قرأتها كانت المعشوقة عربية لا تفهم ُ معنى الحب وكان العاشق رومنسياً قد تخطى نضجه العاطفي الأسوار الشرقية المُحيطة بذاكرة المعشوقة , إنها شرقية لا تصلح للرومنسية تصلح للمطبخ وللسرير ولصناعة الأطفال ْوفي النهاية صمت العاشق كما صمت كنزار قباني للأبد.

وكذلك كل المجموعات القصصية القصيرة لم أستطع قراءة واحدة منها , الصمت خيّم عليّ وأشرتُ لقومي أن يكلموا الفراشات أو أن يكلموني من وراء حجاب , قالوا: كيف نكلم الحشرات, فأشرتُ إليهم وأنا أفتح يدي مستغرباً ومُستعجباً سوآلهم وأنا أيضاً ألوي بفمي وفاتح يدي مؤكداً لهم استغرابي من سوآلهم , وعدتُ وهززتُ رأسي مرة أخرى مستغرباً من استغرابهم ومستعجباً من استعجابهم.

ثم مددتُ يدي إلى جيبي وأخرجتُ منه قلما سائلاً قلبتُ القلم بين أصابع كفّيّا, ورفعتُ رأسي للسماء متمتماً وصاخباً كل هذا ولم أتكلم مع أحد بكلمة واحدة .

ثم جلستُ في غرفة المكتب ولكنني لم أكتب في غرفة المكتب شيئا فوضعت يديا على الطاولة ورأسي فوقهما ثم أخذتُ غفوة كبيرة وطويلة وتحول المكتب إلى غرفة نوم , ثم صحوت على صوت الأولاد وهم فوق رأسي يلعبون فتحولت غرفة المكتب مرة أخرى إلى غرفة أو صالة ألعاب (جمنايزوم) بعد أن كانت غرفة مكتب أصبحت غرفة نوم ومن ثم أصبحت غرفة ألعاب , ودخل أطفالي خلفي بألعابهم وسياراتهم وطياراتهم فتحولت غرفة المكتب إلى ساحة حرب وأحياناً إلى كراج سيارات كل هذا وأنا صامت ولم يُسجل لي بهذا اليوم أي إعتراض على شيء وصعدت لميس خلف الكرسي الذي أسندُ إليه رأسي ومن ثم ركبت على رقبتي وعلى رأسي ولم أقل لها كلمة واحدة قبلتني قبلتين بل ثلاثة لا بل أربعة لا أذكر بالضبط كانت القبل مثل رشق حبات المطر وبعدد حبات التراب والحصى كل هذا وأنا صامت لم أقل كلمة واحدة , ثم نزلت من على المقعد فنزلت خلفها احتضنتها بين جوانحي خرجتُ بها إلى السوبر ماركت واشتريتُ لها أشياء وأشياء وأشياء دون أن أنطق بكلمة واحدة تعاملت مع البائع بالإشارات وكأنني في نادي الصُمْ والبُكُمْ فهم مني ماذا أريد وفهمت الطفلة والتي تبلغ من العمر ثلاث سنوات ما أقوله لها كل هذا من غير أن أتكلم ولا حتى بكلمة واحدة .

ورجعت لغرفة المكتب وإذا بها قد تحولت مرة رابعة إلى غرفة مطبخ طبعاً كيف ؟ بديش أحكي على شان وجع راسي , بكره بصير نكران وبصير بدي شهود وبصير نقاشات دائماً بخرج فيها غير منتصر ومهزوم , بس...شو بدنا نحكي ونقول الصمت أبلغ من الكلام.

وخرجت خارج الدار ورجعت للمنزل ثم أعدت الكرة مرة أخرى محاولا أن أنام قليلاً نمت هذه المرة لساعة أو لساعتين لا أذكر كان النوم جميلاً ولذيذاً وكان الصمت مثل العسل بل أحلى وأزكى وأطيب من العسل ,والحلم الذي رأيته كان جميلاً كانت المعشوقة على المسنجر وكنتُ أنا على النار أحترق , كانت مشاعري لا تسمح لي بالضحك أو بالبكاء كانت فقط تسمح لي بالصمت , الصمت أفضل من كل شي بمشي, واستيقضتُ من الحلم وما زلت أجلس على النار وما زال المسنجر مفتوحاً , لم يتغير شيء , والصمت جميل , المكان صامت والنوم صامت والسرير الذي نمتُ عليه صامت كان يخلو من صورة الحورية وهي تتقلبُ عليه مثل الفراشة الحائرة أو الناعسة أو الهالكة , الصمت امتلأ في كل الأمكنة والأزمنة , حتى ساعة المُنبه كانت تدقُ بصمت شديد ليس بعده صمت .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اخترنا لكم:قصيدة (الهبر) للشاعر العربي الكبير مصطفى وهبي الت ...
- درس مُهمْ في الفلسفه1
- كل عام وأنت بخير
- مفطر رمضان
- الخوفْ من الموتْ
- أهداف خُطب الجمعه
- غسالتي الأردنيه وغسالة ماما اليابانيه
- ضع دائره حول الإجابه الصحيحه
- ما فيش أحلى من الشرف
- المرأة الصوفية 2
- المرأه المتصوفه1
- ابلادنا حلوه اكثير وبتجنن
- الدين للفقراء
- الدراما العربيه
- الجمال
- الوطنيون الهمج
- التوراه مصريه؟
- اللغه العربيه لغه أثريه
- ضعف القوى الإستهلاكيهْ للعامل العربي
- لُغتنا الجميله


المزيد.....




- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...
- “احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م ...
- فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - اليوم على الصامت