|
من أمراض الهزائم ... استقبال المقرحي
احمد آل أبو عيون
الحوار المتمدن-العدد: 2764 - 2009 / 9 / 9 - 19:23
المحور:
كتابات ساخرة
الانتصار والفرح به والنشوة بعد تحقيقه عندما يغمرها ، أي امة من الأمم تراها واضحة على محيا أبناءها، في وجوههم وحركاتهم وسكناتهم ،طبعا فضلا عن رؤسائهم وقادتهم ويكون هدية بدون ثمن ولا مقابل لأنه ثمرة وطن وليس ثمرة حاكم، وحسب أرسطو يجب أن تعطي كل شي للوطن لكي يعطيك كل شئ . وكما للنصر والمنتصر من أخلاق فأن للهزيمة أيضا أخلاق ولكنها على شكل أمراض ، وقد تختلف الأمم من نسبة انتشار هذا المرض فيها عن بعضها البعض، ولكنها طبق الأصل في عالمنا العربي ولا تختلف بين شعوب المنطقة العربية أبدا بدون استثناء، فطعم الهزيمة وفرار الحاكم المستبد إلى حفرته ألذ من انتصار الحرية والانعتاق والانطلاق نحو فضاءات رحبة من المعرفة والتعلم والتواصل مع الأخر . وأنا هنا لا أريد أن أقوم بإحصاء هزائمنا على مدى الخمسين سنة الماضية بل استوقفتني قضية أطلاق سراح المقرحي المتهم بتفجير طائرة الخطوط الجوية الأمريكية والتي جاءت بعد رأفة المحكمة بحالته الصحية ،الأمر الذي تباينت وجهات نظر مختلفة حوله بين مؤيد ومعارض على أطلاق سراحه وهذا التباين يدور بين الولايات المتحدة (من وجه نظر قانونية) وبين أوربا (من وجه نظر إنسانية ). أما في الوطن العربي فقد اجمع العرب على انه نصر وطني وبالذات ليبيا واستقبل المقرحي استقبال الأبطال وهنا طبعا يحشر نفسه نجل ألقذافي لمصادرة هذا النصر أمام الجماهير الليبية ملوحا لهم ومعانقا المقرحي وفي موقفه هذا يشبه بالضبط المثل العراقي القائل ( فالوله بوجه العروس ) (و الفالولة هي مرض جلدي يصيب من يلعب بالضفادع ) . المهم في الأمر هو حساب الربح والخسارة في القضية وكيفية فهم معنى النصر وفهم معنى الهزيمة وفهم آلية تحويل الهزيمة إلى نصر يصل الأمر فيها إلى الرقص والفرح، كيفية فهم دينامكية انتصار الآخرين والاحتفاظ بما حققوه لشعوبهم مع بقائهم مواطنين عاديين وكيفية احترامهم لمواطنيهم وتحقيق أمنهم وسلامتهم والحفاظ على حصانتهم حتى خارج بلادهم ، سواء كانوا مذنبين أم غير مذنبين . في عام 1988 انفجرت طائرة (بان أمريكان) فوق اسكتلندا كانت متجهة من مالطا إلى الولايات المتحدة ، قضى في الحادث على 270 راكب معظمهم من الامريكين و9 أشخاص على الأرض نتيجة تناثر الحطام بانفجار جهاز مسجل على شكل قنبلة داخل حقيبة سمسونايت وضعت في مستودع الحقائب داخل الطابق الأول من الطائرة ، وجهت الأجهزة الأمنية الاتهام إلى المواطن الليبي المقرحي الذي كان يشغل منصب مدير مكتب طيران في مالطا وبعد اعتراف الشهود أصدرت المحكمة الاسكتلندية أحكام بإلقاء القبض ، ماطلت ليبيا لفترة طويلة ابتداء من عام 1992 حتى عام 2000 وقعت خلالها ليبيا تحت الحصار الاقتصادي والسياسي من قبل الولايات المتحدة مما كلف ليبيا خسائر كبيرة بالاقتصاد نتيجة انسحاب عشرات الشركات العاملة ، ثم رضخت ليبيا أخيرا في عام 2000 لتسليم المتهم مع الاعتراف بالجرم وتعويض الضحايا 10ملايين دولار لكل ضحية وتعويض شركة الطيران الأمريكية ،صدرت الإحكام للمتهم بالسجن مدة 27 سنة ، أطلق سراح المتهم أخيرا نتيجة سوء حالته الصحية (السرطان) نقل المقرحي بعد يومين من خروجه إلى المستشفى ونحن بانتظار خبر موته ، بعد اخذ الضحايا ودولهم كامل حقوقهم مع شرط عودة للشركات الأجنبية إلى ليبيا . وهنا أقف واتسائل أين النصر في الموضوع النصر العربي وبالذات الليبي الذي أهان شعبة لمدة عشر سنوات وأكثر وما هي قيمة الربح والنصر لكل هذه التنازلات المذلة .
#احمد_آل_أبو_عيون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا
...
-
الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا
...
-
روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم
...
-
كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا
...
-
مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م
...
-
“نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma
...
-
مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
-
شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا
...
-
منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|