أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ابراهيم البهرزي - غربان الخراب تحوم ثانية ...قلبي عليك يا بعقوبة الطيبين ...















المزيد.....

غربان الخراب تحوم ثانية ...قلبي عليك يا بعقوبة الطيبين ...


ابراهيم البهرزي

الحوار المتمدن-العدد: 2764 - 2009 / 9 / 9 - 00:37
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


_لبعقوبة الآن ليمونتان
هكذا شاء نهر المدينة
-الشاعر الشهيد خليل المعاضيدي-

وبعقوبة هي مدينة اقرب إلى بستان , وبستان اقرب إلى فردوس ...ربما في سنين الحروب والحصارات والإرهاب الأسود فقدت شيئا من بهائها , إلا أنها كالعنقاء لا تلبث أن تولد بحلة ابهى .....وجمالها المستعاد أبدا مرجعه سماحة وطيبة أهلها الخلاق الناتج من التنوع ألاثني والديني والمذهبي الذي يتمظهر على شكل طقوس محبة وألفة ..أعيادا وكرنفالات من التشارك ألطقوسي الفولكلوري حتى في عزاءاتها!!
في ستينات القرن المنصرم ومنذ أواسطها حيث أدركت وأنا بعد طفلا أرافق أبي في دكان العطارة في شارعها الرئيسي زمنذاك ....شارع المحطة الأسطوري(نسبة لمحطة القطار ذات الطابع المعماري الإنكليزي البهي والتي لا زالت بقاياها مع –سينما ديالى- تشكل أجمل اثرين معماريين في المدينة )....
كانت بعقوبة بالنسبة لصبي –ولا زالت وستبقى – مدينة الأحلام وكان شارع المحطة بمقاهيه ومطاعمه وحانته اليتيمة ومحطته الزاخرة بالبشر جندا وعطارين يأخذهم القطار لبغداد أو غربا لجلولاء ومن ثم الشمال ....

اعتقد أن بعقوبة –توأم كركوك- أعطت وعبر تاريخها مثلا للوحدة الوطنية التي ماخدش قدسيتها حتى مجرد حدث صغير يؤشر على استثارة طائفية ...
واذكر في شارع المحطة كالطيف في ذاكرتي محلات ودكاكين لعرب وأكراد وتركمان ومسيحيين وصابئة مندائيين ...بل وإيرانيين ,وزنجيا لا ادري من أية ملة ..... يصلي من يصلي فيها مسبلا أو كاتفا ويسكر من يسكر فيها في محله أو في كراج للسيارات أو في زاوية بعد أن يشتري المقسوم من محل بائع المشروبات الأنيق دوما (اندراوس حنا زيا ) المرح المفعم بالحياة .. وأحلى ما اذكره عنه هو وقوف سيارة نزل منها مواسقة و معهم المطربة الجميلة أيامها –لميعة توفيق –لشراء المشمش وكيف يمازحها وهو يحيط يديه خلف خصرها مدعيا مساعدتها في انتقاء الثمر الأجود من الطبق ...ونحن الصبية نحدق مبهورين بامراة حقيقية (تطلع )في التلفزيون!!
واذكر مواسم العزاء في عاشوراء منطلقة من محلات السراي والمنجرة وهي تجوب شوارع بعقوبة بصنوجها والسلاسل وأتذكر متعتي وأنا أتابع التشابيه التي كانت تجري في الشارع العام ,فكان طقسا احتفاليا انتظره وينتظره الجميع من كل الملل والاديان التي لم نكن نعرفها حينها –وسمعنا عنها بقرف واسف فيما بعد- حتى نصل حسينية السيد عبد الكريم حيث قدور الهريسة الساخنة مشرعة لكل عابر وعابرة ...
لم يكن طقس عاشوراء يشير لأية إشارة طائفية وذلك ببساطة لان ما من احد يعرف معنى الطائفية ...والدليل أن موكبا ضخما للعزاء بمحامله وصنوجه كان يخرج من دار السيد علو السامرائي واخوته (.السنة ....على بدع هذه الايام !!)..
إضافة إلى أصدقائنا المسيحيين الذين كانوا يتمتعون بحس ثقافي وأدبي كبير ..وللتذكير فان المخرج حكمت لبيب (اواديس )ولد في احد البيوتات في أزقة بعقوبة تلك ....بل واخرج وصور فيلما كاملا في بعقوبة (فيلم قطار الساعة 7 ) قبل أن يهاجر إلى هوليود ويصبح واحدا من العاملين في صناعة السينما فيها ....و كان من أبطال فيلمه ذاك .. الدكتور سعدي يونس ومكي ألبدري وكريم عواد ...وباقي الأبطال جميعهم من أهالي بعقوبة الذين خاضوا التجربة لمرة أولى وأخيرة من خلال هذا الفيلم ....وبضمنهم ...بطلة الفيلم !!.....-لنتذكر إن هذا كان في أوائل الستينات – وقد روى لي أستاذي وصديقي واحد أبطال الفيلم العزيز أبو ميسون (حسين ناصر ) مفارقات جميلة عن مصاعب إنتاج الفيلم ....

وعشنا طوال سنين الحصار صحبة ليل تجمعنا يوميا غرفة في مكتب صغير نأنس إلى خواتيم اليالي ونضحك فيها وكنا نسميها (سفينة نوح ) نسبة لصاحبها الطيب القلب (نوح عبد الكاظم ) وفينا من الكرد والتركمان والمسيحيين والمندائيين والمسلمين طبعا ممن لا يعرف احد للآخر مذهبا ..(أي مذهب؟؟!! أي بطيخ ؟؟!!) اللهم إلا حين تحكم النكتة التي لا تستثني أحدا –من ادم مرورا بعزت الدوري وصولا إلى رب العالمين )....فللنكتة حكمها الذي لا راد له ولا معيب عليه !!

حتى نبز غول الطائفية غريبا بوجوه كالحة من اعاريب القرى البعيدة فعاشت بعقوبة الأنيسة المؤانسة عامين (2006-2007) من الحداد والتهجير والتقتيل , وغدت مدينة أشباح هاجر أو اغتيل أو اعتكف أهلها المسالمون الطيبون الاريحيون ....وتركت نهبا للاعاريب الذين سهل إيواءهم أشباه لهم من الاعاريب الذين استغلوا سنوات الحصار التي أفلست اهل بعقوبة الاصائل من موظفين متقاعدين وأصحاب مصالح وأعمال خنقها الحصار فاضطروا لبيع منازلهم في أجمل واعرق أحياء بعقوبة لمحدثي النعمة من الاعاريب شيوخ الشلب وسماسرة المؤسسة العسكرية والحزبية التي كانت تأخذ(الخاوات )من العسكريين الفقراء ...وبدأت تلك الوجوه الكالحة تتغلغل في المجتمع البعقوبي المتحضر حاملة معها كل قيم الاعاريب من أنانية وأحقاد وترويج للنهب والخديعة والنفاق (ولم يكن احد شبابها المهاجرين فيما بعد ملاما حيث كان ومنذ سبعينات القرن المنصرم حين يرى إعرابيا في سوق بعقوبة (وهو سوق صغير يسمى سوق العرائس ) كان هذا البعقوبي ما أن يرى بعد الظهيرة إعرابيا في السوق حتى يصفعه على( علباه )..وحين يلتفت الإعرابي إليه مذهولا يسأله صاحبنا بغيظ :
-الم تبع سلعتك من الخضار ؟
فيجيب الإعرابي :
بلي..
ثم يعاود سؤاله :
الم تأكل الكباب (بضم الكاف ) من مطعم (غلوبي )؟
فيجيبه :
بلي ..
فيصرخ به :
إذن اركب حمارتك وعد من حيث أتيت ....)
وحين كان البعض من أصدقاءه ممن تأخذه الشفقة عليهم يسأله عن سبب هذا التعامل مع هؤلاء فكان يجيب بكل صراحة :
إن هؤلاء الهمج حين ينضرون إلى نساءنا السافرات يحسبوهن جميعا بنات هوى ويحسبوننا نحن أزواجهن أو إخوانهن مجرد قوادين ....فلا تتركوا لهم فسحة للتجوال في أسواقنا وأزقتنا..
واظنه ما هاجر إلى الغرب إلى الأبد إلا بعد أن رأى أن من صار يتحكم بمقدراته وحريته هم الاعاريب الذين غزوا المدينة تحت راية الحزبية الغاشمة والوظائف الأمنية المستبدة ......وحسنا فعل !! لأنه لو بقي إلى هذا الزمان –زمان هيمنة الاعاريب-لمات قهرا...

لقد نهش –كما سيل الجراد –هؤلاء الاعاريب ذوي الوجوه الكالحة فتنة بعقوبة ولياليها الساحرة لأكثر من عامين حتى صار الواحد منا تمر السنة وأكثر وهو لا يستطيع رؤية صديقه الذي يبعد عنه بضعة كيلومترات (ولقد مر على كاتب هذه السطور عامين ونصف معتكفا حدادا على هجرة وتهجير اغلب أصدقاءه ).....

غير أن بعقوبة مثل الفينيق ..فما أن انحسر غربان الخراب حتى عادت رويدا فرويدا الى سحر لياليها وعاد الصحبة يتوزعون عصبة عصبة على امتداد كورنيش خريسانها ....وعاد لبعقوبة ليمونها العطر ...هكذا شاء نهر المدينة .!!.
وصرنا نتوسل المهاجرين بالعودة ونغريهم بحديث الليالي التي عدنا واعدنا الاضواء اليها ....
ولكن :
الاثنين الماضي تسلل احد غربان البين وقت العشاء إلى مدخل حسينية السيد عبد الكريم ليرتكب الجريمة التي أرادت أن تكلل ليل بعقوبة ثانية في الظلام ...
الألم يعصر ليمونة القلب .....إنهم يريدون إعادة تلك الأيام السود وليالي بعقوبة الشاحبة
إنهم يريدونها فتنة بعدما أبصروا اهل بعقوبة وقد عادوا بسماحتهم والفتهم يعمرون الليالي التي هي علامة بعقوبة الذهبية مذ بني أول حجر فيها
يريدون المستحيل الذي تأنف منه نفوس البعقوبيون :
الفتيل الطائفي!!
فلتكابري على جراحك يا بعقوبة ولا تركعي ثانية للظلام ...إن غربان الخراب تحوم فلا تدعي أيا منها يحط على شجرة من بستانك الكبير ...حدقي جيدا وتربصي بمشعلي الفتن ولا ترحمي أحدا منهم ::::
لأنك إن وقعت ثانية –حاشاك- في محنة تلك السنتين السوداوين ....فربما تفقدي إلى الأبد تاريخك البهي السمح الأريحي....
صبرا وحكمة يا عوائل الشهداء الأبرار.......إن الغربان أسراب غيوم لا تلبث أن تنقسع ..والخلود وحده جدير بسماءك الزرقاء يا حكيمة المدن.... يا أمنا الرؤم...





#ابراهيم_البهرزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاجل ان لا تعض ابهام الندم الازرق....
- وهم الحداثة في الزمان الطائفي....الثقافة العراقية تسقط!!
- تحوم علينا عيون الذئاب ......
- ما الذي يحدث في (الحوار المتمدن )؟.................انطباعات ...
- لعنة الصراحة ... ..اشد من لعنة الصدق - الى احمد عبد الحسين و ...
- عن ردة الدكتور القمني .......وايمان القديسة كاترين
- علمانيون ام ملحدون ام مؤمنون ام لبراليون ام ماركسيون ام فوضو ...
- ايها الملحدون والمؤمنون خذوا حفارات الماضي واحرثوا في مواقع ...
- حق الاجابة على التعليقات ...
- فلنترك اليهود......ونقارن بين البعير .....والفيل والتنين !!
- رسالة الى والي (فرهوداد )
- السيدة الزهراء ...تدعو للدفاع عن (ولدها ) احمدي نجاد !!!!
- (عراق الحرائق ).....هل آن الاوان لتجهيز مؤسسات الدولة بالصند ...
- ديمقراطية الاسلام السياسي.......وعملية صيد الافيال باستخدام ...
- هل وجدت بائع الفرح ...ايها الصديق الغريب؟
- سلامات د.كاظم المقدادي....وسلاما لسبعينك التي تابى الاستراحة ...
- من الذي ينبغي ان يدفع التعويضات ...ياعراقيون ويا كويتيون ؟
- ماهي العلاقة بين موضوع الاستاذ عبد العالي الحراك ....و(الكسك ...
- ديوان الحساب ........................(30)
- ديوان الحساب ............................(29)


المزيد.....




- اليونان تعتقل 13 شخصا بتهمة إشعال حريق غابات
- الحوثيون يعلنون استهداف سفن بميناء حيفا والبحر المتوسط
- مطالب داخلية وخارجية بخطط واضحة لما بعد حرب غزة
- الجيش الروسي يتسلم دفعة جديدة من مدرعات -بي إم بي – 3- المطو ...
- OnePlus تعلن عن هاتف بمواصفات مميزة وسعر منافس
- على رأسهم السنوار.. تقرير عبري يكشف أسماء قادة -حماس- المتوا ...
- طبيب يقترح عن طريقة غير مألوفة لتناول الكيوي!
- عواقب غير متوقعة للدغات البعوض
- أوكرانيا تعرض على إسرائيل المساعدة في -الحرب على المسيرات-
- أحزاب ألمانية: على الأوكرانيين العمل أو العودة من حيث أتوا


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ابراهيم البهرزي - غربان الخراب تحوم ثانية ...قلبي عليك يا بعقوبة الطيبين ...