أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - الطائفية بين رجال الدين ورجال الأمن














المزيد.....

الطائفية بين رجال الدين ورجال الأمن


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2761 - 2009 / 9 / 6 - 16:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


المسألة الطائفية مازالت مشتعلة، وأحسب أن لهيبها لن يهدأ حتى يخرج المجتمع المصري من أزمته الشاملة التي يعاني تحت وطأتها الغالبية العظمى من أبنائه من مسلمين ومسحيين وبهائيين، وبدو ونوبيين، عمال وفلاحين وصغار الموظفين وفقراء المدن، نساء ورجال. لأن التمييز على أساس العرق أو الدين أو الأصل القومي أو الجنس أو اللون يجد تربة خصبة وحاضنة عندما تشتد أزمة المجتمع سياسيا واقتصاديا وأيديولوجيا، وعندما تتخبط الطبقة الحاكمة فلا تجد مخرجا إلا استدعاء هذه الأشباح الخبيثة لتبث الفرقة بين المحكومين والمضطهدين وتبدو السلطة وكأنها حكما مستقلا بين هؤلاء وأولئك، كما تستطيع أن تجذب إليها تأييد هذا الفريق أو ذاك وكأنها حامية له من الآخرين.

هذه اللعبة القديمة مازالت فعالة وناجعة حتى الآن، يتعلمها المستبدون من تاريخ الاضطهاد الطويل، فالأزمة ينبغي أن يكون لها كبش فداء يظهر السلطة وكأنها بريئة منها ويوجه الغضب الشعبي الهائل نحو تلك الأقلية وكأنها المسئولة عن أزمات المجتمع ولم يكن من بينها ضحايا لتلك الأزمات، فينقسم المضطهدون والمستغلون على أنفسهم ويتجه انتقامهم في الاتجاه الخطأ، وقد فعلها هتلر في ألمانيا النازية فكان من نتائجها محرقة اليهود، والأهم بالنسبة للطبقة الحاكمة كان نهاية الثورة واحتفاظها بثرواتها ومكاسبها التي انتزعتها من عرق الفقراء ودمائهم. وكان من نتائجها أيضا أن استطاعت الحركة الصهيونية جذب ملايين المؤيدين من اليهود لصفوفها بعد أن كانت أقلية تافهة بين اليهود تؤمن بها، وهي الحركة التي وضعت نفسها في خدمة الطبقات الحاكمة في أوروبا وفي خدمة الاستعمار العالمي، يحميها وترعى مصالحه الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط على حساب ضحايا آخرين لم يشاركوا في اضطهاد اليهود أو محرقتهم.

هكذا نجد الكنيسة المصرية تجر الأقباط وراءها إلى دعم السلطة وكأن هذه السلطة هي التي تحميهم من فقراء المسلمين، أو الغوغاء حسب وصف النخبة لهم، ناسية في ذلك أو متناسية أن تلك السلطة نفسها هي التي زرعت أو حافظت على بذور الاضطهاد حتى يمكن تأجيج الفتنة في الوقت وبالقدر المناسب. رجال الدين يستفيدون من وراء ذلك أيضا لأنه يعزز تبعية الأقباط لهم والتصاقهم بهم باعتبارهم تجسيد للهوية المهددة فيتمسك المضطهدون بزعامتهم كنوع من المقاومة الرمزية للذوبان أو الانسحاق تحت وطأة الاضطهاد. لم تشهد مصر الحديثة منذ محمد على وحتى قبل عام 1952 قوة ممتازة لرجال الدين وتأثيرا واسع النطاق لهم كما تشهده في عصرنا الحالي سواء في ذلك بالنسبة للدين الإسلامي أو الدين المسيحي.

إن الاضطهاد والتمييز يدفع الأقلية إلى الانغلاق على نفسها والالتصاق برموزها والابتعاد عن المشاركة الفعالة في قضايا المجتمع الواسع لصالح قضايا طائفية لا حل لها في الواقع دون خلاص المجتمع من أزمته الشاملة. لا يعني ذلك طبعا تجاهل قضايا الأقلية المضطهدة أو عدم مواجهة التمييز، وهي قضايا قابلة للحل إذا استطاع المسلمون والمسيحيون أن يناضلوا معا من أجل حل قضاياهم المشتركة ومن أجل تقرير مصيرهم المشترك.

لكن البابا شنودة الثالث، وهو رأس رجال الدين المسيحي في مصر، لا يرى حلا ولا يرى دورا إلا لرجال الأمن في قضايا الاضطهاد والتمييز الديني وقد أشار إلى ذلك في تصريحات عديدة كما أكد البابا على تأييده انتقال السلطة إلى جمال مبارك بعد والده واستمرار الحزب الحاكم في السلطة رغم أن الأزمات الطائفية لم تستعر إلا في ظله!

هناك بالتأكيد مثقفون من الأقباط أكثر وعيا وقدرة على تقييم الأمور وأشد حرصا على حل المشكلة القبطية في إطار التعاون والترابط القائم على أساس المصالح المشتركة بين غالبية المصريين من مسلمين وأقباط مثل النائب جمال أسعد والاستاذ كمال زاخر وقد انتقدا تصريحات البابا وطالبا بضرورة فصل الدين عن السياسة.

المهم في ذلك أن ندرك أن رجال الدين، سواء مسلمون أو مسيحيون، لا يملكون حلا للمشكلة الطائفية وليس في مصلحتهم حل هذه المشكلة، وهم تماما مثل رجال الأمن الذين تتعاظم أهميتهم ويتأكد تميزهم وتزداد مكاسبهم كلما استمر هذا النوع من المخاطر والجرائم في المجتمع لأن هذه المخاطر وتلك الجرائم تعطي السلطة ذريعة جاهزة لفرض الطوارئ وإحكام سيطرتها على المضطهدين وخنق الجميع وتمنح رجال الدين مكانة قوية ووضعا ممتازا يكرس سيطرتها على أرواح وألباب التابعين.





#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا أمان في أرض لم نحررها
- لا نسمع ولا نرى، نضرب ونعذب فقط
- أسئلة الأستاذ أسعد – محاولة للتفكير
- دستور يا دكتور!
- البشر قبل الأرباح
- من أجل العدالة والحرية في إيران
- زيارة أوباما ولي النعم
- عندما ترقص الأفيال
- نكبة 1948 ونكبة أوسلو
- صفقة القمح والجريمة الكاملة
- حكومة رجال الأعمال تكشف أنيابها في زمن الأزمة
- إنها دعوة وأمل أو أمنية
- دفاعا عن -إبداع-
- المشروع والممنوع في دعم المقاومة
- هكذا يفكر دون كيشوت
- الوجه الحقيقي لديمقراطية رأس المال
- سيكولوجية القطيع
- عفة زائفة ودعارة مقدسة
- تحضير أرواح الموتي … هل يصلح ما أفسده الجشع؟
- أمامنا مستقبل لنكسبه


المزيد.....




- العثور على جثث 4 أطفال في الجزائر عليها آثار حروق
- -إعصار القنبلة- يعصف بالساحل الشرقي لأمريكا مع فيضانات ورياح ...
- في خطوة رائدة.. المغرب ينتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في ...
- أذربيجان تتهم الخارجية الأمريكية بالتدخل في شؤونها
- ماكرون يسابق الزمن لتعيين رئيس للوزراء
- نائب روسي ينتقد رفض زيلينسكي وقف إطلاق النار خلال أعياد المي ...
- ماكرون يزور بولندا لبحث الأزمة الأوكرانية مع توسك
- الحكومة الانتقالية في سوريا تعلن استئناف عمل المدارس والجامع ...
- رئيس القيادة المركزية الأمريكية يزور لبنان للتفاوض على تنفيذ ...
- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - الطائفية بين رجال الدين ورجال الأمن