|
ألم تتأخر الحكومة العراقية في طلب تسليم الارهابيين من دول الجوار
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2761 - 2009 / 9 / 6 - 14:28
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
بعد ان تكلمنا في مقال سابق حول تاخر الحكومة العراقية لعقد محكمة دولية حول الارهاب و من ورائه في العراق ، لنا ان نسال اليوم لماذا كل هذا التاخير ايضا في التركيز و الضغوطات على الدول المجاورة و لحد اليوم نرى انتقائية التعامل معهم ، من اجل تسليم من له اليد في التخريب و الارهاب في العراق ، و بالاخص البعثيين و من يلف حولهم . بعد العدد الهائل من القتلى و الجرحى نتيجة الانفجارات المدوية في الاربعاء الاسود ، و على الرغم من كونها ليست الوحيدة بهذا الحجم و سبقها العديد اكثر خسارة و فضاحة ، الا ان التوقيت كان له الاثر البالغ على اتخاذ المواقف الحاسمة سوى كانت لاجل تصدير المشكلة او ابعاد المسؤولية عن الذات او الهروب من الفشل من الناحية الامنية و تاثيراتها على الاوضاع السياسية العامة ، و بعد الاعلان عن رفع الخرسانات الاسمنتية فاثبت الانفجار فشل القرار و انه اصلا جاء لغرض سياسي و ليس نتيجة تحسن امني ، و للحفاظ على ماء الوجه عند التراجع عن قرار حيوي حساس و الانتخابات على الابواب . المعلوم و العجيب ان توجيه الخطاب لدولة واحدة فقط و كأنها الوحيدة التي تتدخل في الشؤون الداخلية العراقية و تفتي و تقنن ما يجري في العراق و تخرب و ليس هناك رادع امامها ، ام ان الموضوع فيه ما لا يمكن الالتفات اليه ، و الا لماذا عدم توجيه اية تهمة الى الدول الاخرى المشاركة في ماساة العراق و ان كانت بشكل غير مباشر ، و الحقيقة معلومة بان العديد من الدول المجاورة و غيرها تشارك بشكل و اخر في ما آلت اليه الاوضاع . و على غير عادتها ، و لكن لتغيير استراتيجيتها بعد تسلم الديموقراطيين الحكم تحاول امريكا تهدئة الامور لكونها في الطريق لاعادة المياه الى مجاريها فيما بينها و بين الدولة السورية ، و هذا ما يذكرنا الفرق في التعامل بين الجمهوريين و الديموقراطيين مع المنطقة و اهدافهم ، و كانت الحكومة السابقة متربصة لها في حينه، و لم نشاهد اي موقف من الحكومة العراقية ازائها، و التي كانت من الممكن ان تكون لها صداها و تاتي بالنتائج المرجوة، و اليوم نرى العكس ما تصدر من الحكومة العراقية الرشيدة ، و في الوقت التي تحاول الادارة الامريكية تنصيع وجهها في المنطقة بعد التشويه الذي حصل لها من الحروب المتكررة فتاتي الحكومة العراقية و تاخذ هذا الموقف الشديد ، فان لم يكن للاستهلاك الداخلي فبماذا يمكن ان نسميه ، و الغريب في الامر ان الحكومة الامريكية اعتبرت المشكلة داخلية بين العراق و السورية و عليهما ان يحلاها بانفسهما !!و من جانب اخر جائت الجامعة العربية مبكرا على الخط و ليس بعادتها و تدعي انها تحاول تهدئة الامور . اما كلامنا حول موقف الحكومة العراقية الحاسم و طلبها الحدي و الحازم في تسليم الارهابيين الذين تاويهم سورية و الذين يتدربون على اراضيها وبمساعدة مخابراتها كانها الوحيدة، و هي الحاضن الاكبر لهم و هي التي تعمل على ترتيب العلاقات المتعددة الجوانب بين مختلف المجموعات و الهدف الوحيد محاولتها لميل المعادلات السياسية الاقليمية الجامعة في صراعاتها الى جانبها و هذا لا يخص العراق لوحدها و انما السياسة الاقليمية جامعة مع بعضها، و التنسيق المعمول على اراضيها من اجل الحصول على النتائج النهائية و ليس العملية هي الغرض و المقصود فقط ، و ما نشاهده من جمع الاطراف المتناقضة من التكفيريين الى تنظيم القاعدة الانتحاريين هو الوقود المطلوب لاجراء العملية فقط، و معهم البعثيين و من المجموعات الداخلية التي تعمل من اجل حفنة من المال، وهودليل على ان الهدف ليس امريكا و خروجها من العراق فقط . سخرت الجهات المتعددة من الامكانيات و القدرات من توفير الارضية المادية و المعنوية لهذه العمليات الكبرى من الافتاء و الشرعية و الامكانيات اللوجستية الى التعاون مع العنصريين المتضررين من سقوط الدكتاتورية الى المتعصبين و المذهبيين و ما ورائهم من المصالح التي توفرها ظروف المنطقة ،كل ذلك من اجل انجاح هذه العمليات و الوصول الى المبتغاة و تحقيق اهدافها السرية . اذن كل هذه العمليات المستمرة و ما تحدث من جرائها مستمرة منذ سقوط الدكتاتورية ، و لدى الحكومة العراقية المعلومات الكافية و الوافية كما تعلن بعد كل عملية ، و انها تعلم ما تجري على الساحة السورية و دول اخرى و لحد الان لم تعلن عنها ،و ما تُحاك من المؤامرات الاقليمية من الدول العربية و الاجنبية و ما تبثها العنصرية الشوفينية ضد التجربة الجدية في العراق ، و هو لم ينبس ببنت شفة في كثير من الاحيان ، لا بل انه لم يطرح موقفا نظريا او حتى ادانة يشفي الغليل ،و الاكثر استغرابا تاتي هذه المواقف الحالية بعد تحسن العلاقات و الزيارة الناجحة لرئيس الوزراء العراقي الى سورية كما ادعوا، و هذه التطورات المشهودة من تبادل السفراء و مناقشة الامور العالقة ، و بشكل مفاجيء و بعد العمليات الانفجارية للاربعاء الدامي و كانها الحجة و المبرر الذي انتظرتها الحكومة العراقية ، وتعلن عن موقفها القوي الحاسم غير المسبق لاول مرة! و تطلب تسليم الارهابيين و تسحب السفير و تطلب المحكمة الدولية بخطوة واحدة دون تدرج الذي كان الاوفر حظا للنجاح و التي كان من الممكن ان تاتي بالنتائج المرجوة ، و هذه الملابسات جميعا تجعل اي محلل ان يشكك في النوايا المبيتة للحكومة العراقية و الاغراض المتعددة وراء هذه الخطوات و ليس رد فعل للعمليات الارهابية ، و خاصة ، عندما نقرا الظروف و الوقت و ما نحن نتوجه اليه و ما نشاهده من تعدد المواقف من جميع الجهات و التي تضعف الموقف المتوحد للحكومة، تجعلنا ان نعتقد ما وراء الموقف ، و لا نعتقد ان تؤول الى النتائج المامولة . اي طلب انعقاد المحكمة الدولية و معه تسليم المخربين و الارهابين و سحب السفراء ، و ما حدث من قطع العلاقات الدبلوماسية و هي رزمة من المواقف في وقت واحد ، انها ما تفرضها المصالح السياسية الذاتية البحتة و محاولة الاطراف و خاصة السلطة المتنفذة من ابعاد ما يترتب عليها بعد الفشل في الخطة الامنية و ما تؤثر على مكانتها و ثقلها و تُخرج نفسها من المسؤولية لانها بحاجة ماسة اليها لحين اجراء الانتخابات البرلمانية و ما تنوي تحقيقها خلال هذه الفترة القصيرة ، و جميعها امور مكشوفة للجميع .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عصر التمدن لا يقبل المهاترات في الصحافة
-
ألم تتاخر الحكومة العراقية في طلب المحكمة الدولية حول الارها
...
-
نظام السوق الحر غير المقيد ينتج الاحتكار في هذه المنطقة
-
السياسة بين المهنة و الرسالة
-
ما نحتاجه هو التعبير عن الراي و لكن....!!
-
مابين المثقف المحافظ و المعتدل في اقليم كوردستان
-
فلسفة التربية و التعليم بين السياسة و الواقع الشرقي
-
هل تاثرت الثقافة في الشرق الاوسط بالازمة المالية العالمية
-
اليسار الكوردستاني بين الواقع و الضغوطات المختلفة
-
متى يتجه العراق الى العمل الجماهيري و ليس الحزبي القح
-
ما هي المعارضة الحقيقية في الدولة الحديثة
-
الكورد و العملية الديموقراطية
-
الدور المطلوب للاعلام بعد انتخابات اقليم كوردستان
-
من لا يريد السلام في العراق
-
اهم مهام سلطة اقليم كوردستان محاربة الفساد في هذه المرحلة
-
الاعتدال ليس استسلام للامر الواقع
-
لماذا يفضل السياسي السلطة التنفيذية على التشريعية في منطقتنا
-
هل المبالغة في التعددية مفيدة دوما
-
هل تتاثر اخلاقية المجتمع باستقلالية الفرد المادية
-
من اجل انصاف الجميع و منهم الفيليين
المزيد.....
-
ماكرون يقبل استقالة الحكومة الفرنسية ويدعوها لتصريف الأعمال
...
-
ماذا تعني المشاركة في مسابقة للجمال في الصومال؟
-
وزير خارجية جنوب إفريقيا: حل النزاع في أوكرانيا دون مشاركة ر
...
-
بوروشينكو: سلطات كييف لا تتخذ أي إجراءات لاستعادة توليد الطا
...
-
مقتل 3 أطفال سوريين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
-
الخارجية الأمريكية: لا أحد في أوروبا يهدد روسيا
-
روسيا.. ابتكار مصدر بديل للطاقة من القش
-
لماذا أقر جيش إسرائيل بالنقص بدباباته؟
-
رصد انفجارات للصواريخ الإسرائيلية الاعتراضية في أجواء الحدود
...
-
مصر.. إغلاق ضريح مسجد الحسين.. والأوقاف تنفي ارتباطه بذكرى ع
...
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|