محسن صياح غزال
الحوار المتمدن-العدد: 840 - 2004 / 5 / 21 - 18:01
المحور:
الادب والفن
فطور..... كيمياوي !
زحفت الشمس بأتجاه السرير الخشبي الهرِم , فأنسحب الظلُّ متسلّقاً حائط الغرفة , لسعته الحرارة , قفز من سريره متذمراً , أتجه نحو الحنفية , كفخ وجهه بكفّين من الماء ومسّدَ شعره ببقايا البللِ . دلف الى " البرّانية " فتح الثلاجة
بحث عن شيء فيها دون جدوى , وقف ذاهلاً حائراً , كان واثقاً أنه وضعه في الثلاجة الليلة البارحة !
منذ صِغَرِه كان ( م ) يعتني بأناقته ولياقته وحسن هندامه , وشعره الناعم الفاحم المسدل , بشكل خاص . يقتني دوماً زيت
" كْرَيم " الشعر الثمين الأنكليزي المسمّى : بريلْ كرَيم , بعلبته الزرقاء المدوره , ومن أجل أن يحافظ عليه متماسكاً وحتى لا يسيح فقد تعود ان يضعه في أقصى زاوية في الثلاجه , بعيداً عن أيادي المتطفلين وعيون الفضوليين !
خطى مسرعاً نحو الباحة متوتراً بحثاً عمن يفسر له أختفاء الكرَيم أو يدلّه على مكانه . في الركن المظلل من الدار قبعت أمه وأخوه الأصغر يتناولون الفطور, لاحظ أمه وهي تمسك بعلبة الكرَيم , تغرز سبابتها وتدور بها حول قعر العلبة لتمسح بقايا الزيت الملتصق , تمدُّ لسانها لتمسح سبابتها به ثم ترمي جانباً العلبة فارغة , وعلى الأرض يحتضن الصغير بين ساقيه وبحرص شديد , طبق وعليه نصف رغيف مطليّ بزيت أبيض كالقيّمر !
- شتسوون ... شتاكلون ؟
صرخ بهما بحدّة وعصبية
بدلاً من الخبز والشاي , الفطور اليومي الثابت , أرتأت الأم تغيير هذا الروتين الممل والرتيب , وكانت فرحتها غامرة
بعثورها على علبة " زبد " مستورده جلبها أبنها البارحة . كانت قد لطعت نصف العلبة تماماً ودهنت رغيف صغيرها
بالنصف الآخر . بعد أقل من ساعة , بدأت تتحسس بطنها , تكظم الألم وتتحسس , كثر ترددها ومكوثها طويلاً في المرحاض , مرّت نصف ساعة أخرى وكانت ترقد على سرير المستشفى أنتظاراً لغسيل المعدة .
محسن صياح غزال
#محسن_صياح_غزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟