|
خطوات ضرورية لخطاب جميل
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 2758 - 2009 / 9 / 3 - 15:37
المحور:
القضية الفلسطينية
تكررت كلمات أ. إسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة غزة التي تقودها حركة حماس ، وهي كلمات طيبة تدعو إلى الثقة والأمل في أجواء مليئة بالإحباط واليأس مرة بسبب استمرار سياسات الاحتلال والحصار والعدوان ومرة أخرى بسبب استمرارية حالة الانقسام وانعكاساتها المدمرة على وحدة نسيج المجتمع الداخلي وعلى مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية برمتها. ولا يجد المرء ما يختلف به كثيراً عن الخطاب الذي قدمه أ. هينة في لقائه عل مائدة الإفطار مع نخبة من المثقفين والإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني بالعديد من القضايا ،خاصة فيما يتعلق بالأولويات ، فالجميع يشارك الرأي بأن أهم التحديات تتجسد بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة والوطنية ومقاومة الحصار وانجاز عملية إعادة الاعمار وضمان سيادة القانون والأمن بالقطاع ، وكذلك الحذر من التحركات الدولية الرامية إلى فرض سياسة المعازل والكنتونات كبديلاً لأهداف وحقوق شعبنا بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 67 ، خاصة إذا أدركنا ما يحاك من خطوط ومعالم للخطة التي ينوي الرئيس اوباما من تقديمها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يدفع للأمل بل يكرس استمرارية الوضع الراهن ، خاصة بعد إخفاق إدارة اوباما من الضغط على حكومة نيتنياهو تجاه تجميد الاستيطان ، وتسليم الإدارة الأمريكية بالتجميد المؤقت لمدة 9 أشهر بما لا يشمل القدس مقابل التطبيع مع البلدان العربية و الإسلامية . إن خطورة ما يحدث سياسياً إنه يستند إلى مرتكزي الأمن والاقتصاد بالضفة الغربية المراد تطبيق بها الخطة أولاً دون غزة ،والاستمرار في عزل القطاع وتشديد الحصار عليه وإفقاره، وتحويله إلى قضية اغاثية إنسانية وليس إلى قضية سياسية مرتبطة بالحقوق الوطنية . يتضح من معالم الخطة الأمريكية القادمة أو من الخطوط الرئيسية لها ، أنها تريد تكرس " دولة البقايا " القائمة على المعازل والفصل العنصري ،وذلك عبر استكمال بناء الجدار ،وضم الأغوار واستئجاره لفترة زمنية طويلة دائمة التجديد ، وتهويد القدس ، وتعزيز آليات إدارية للتجمعات السكانية على حساب السيادة والموارد والحق في تقرير المصير ، أي في إطار مجلس بلدي موسع لا تمانع إسرائيل أن تسميه دولة ، حيث أن هذا الكيان سيكون اقرب إلى الحكم الذاتي منزوع السلاح وسيسيطر عليه امنياً على المستويين الداخلي والخارجي ، وفي إطار تعزيز الروابط الاقتصادية بما يكرس التبعية للاقتصاد الإسرائيلي ويلحق رأسمال الفلسطيني ويرسخه بوصفه وكيلاً للمنتجات الإسرائيلية ويحول الأسواق بالضفة إلى مستودعات للاستهلاك دون آليات إنتاجية تنموية حقيقية . إن اتضاح طبيعة المخطط الإسرائيلي والذي سيأتي الرئيس اوباما ليقدم خطته بناءً على معطياته وبالاستناد إليه ، يدفعنا إلى الخروج عن دائرة الصراع الداخلي على السلطة التي أثبتت الحياة أنها منزوعة السيادة بما أنها ما زالت تحت الاحتلال ، الأمر الذي يستلزم إعادة صياغة المعادلة عبر إعادة تعريف السلطة بأنها أحد أدوات م.ت.ف والحركة الوطنية بما لا يتجاوز دورها عن تقديم الخدمات والمساهمة في تعزيز مقومات الصمود وبالاستناد إلى التمويل التضامني وليس المشروط سياسياً ، كما يستلزم ذلك تكثيف الجهود من قبل القيادة التي ستقود الحركة الوطنية الفلسطينية أي م. ت . ف ، بعد أن يتم إعادة بنائها وهيكلتها وإدماج القوى غير المشاركة بها وخاصة حركتي حماس والجهاد على أسس ديمقراطية وانتخابية، باتجاه الإجابة على سؤال يتلخص بالآليات الكفيلة التي ستقود إلى إنهاء الاحتلال وضمان حقوق شعبنا . أعتقد أن هذا هو المدخل الأنسب لإدارة الصراع الوطني ، فالهيئة الوطنية القيادية يجب أن تقوم بمراجعة تقييمية لمساري المفاوضات والمقاومة وتقوم بصياغة الرؤية الموحدة أو الفكرة التجميعية على أسس وطنية وديمقراطية بعيدة عن النزاعات الإيديولوجية والتصورات الحزبية الخاصة ،ودون زج المجتمع في تفاصيل وفي اصطفافات فكرية نحن في غنا عنها في مرحلة تتطلب توحيد الجهد وصهر الطاقات من أجل مقاومة الاحتلال ، ولعلنا نتعظ من تجربة الأشهر الماضية ، حيث تركز الإعلام على مسائل حجاب المحاميات وتأنيث المدارس وفرض الجلباب بالوقت الذي يقوم به الاحتلال بالتوغل الدائم واستهداف شعبنا وتعزيز الحصار على القطاع، حيث الجميع يجب أن يتوحد في مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي على برنامج مشترك قائم على رؤية واحدة وإستراتيجية واحدة وتحديد إشكال نضالية قادرة على تحقيق الهدف الوطني . إن الحلقة المركزية التي يمكن الإمساك بها في خطاب أ." أبو العبد " تتجسد بدعوته لحركة فتح بطي صفحة الماضي والبدء بصفحة جديدة ، إن هذه الدعوة الصادقة بحاجة إلى خطوات عملية تساهم في ترطيب الأجواء وتجسير الهوة النفسية بين الطرفين " حماس وفتح " ، فلماذا لا تبادر حركة حماس بدعوة بعض من أعضاء قيادة فتح الجديدة بزيارة غزة وأن تبدأ حواراً جاداً من ارض الوطن ، وبما يساهم إلى جانب الجهد المصيري بتحقيق حالة من الحراك والتقدم . إن هذه الخطوة بحاجة إلى خطوات مشتركة من الطرفين مثل الإفراج عن المعتقلين السياسيين على طريق إنهاء ظاهرة الاعتقال السياسي بصورة كاملة ، والسماح لمراكز حقوق الإنسان بالزيارة والرقابة على مقرات التوقيف والاعتقال بما ينسجم مع الشروط القانونية وإعادة صيانة الحق بالتجمع السلمي وبالنقد والتعبير ، وضبط الخطاب الإعلامي عبر إخراجه من الدائرة التحريضية ، وصيانة حق الجمعيات الأهلية والنقابية بالعمل وممارسة دورها في تقديم الخدمات لأبناء شعبنا .
لقد باتت هذه الخطوات ضرورية من أجل ترجمة شعار " تعالوا نطوي صفحة الماضي " وحتى تساهم تلك الخطوات بالدفع إلى الأمام باتجاه تحقيق مبدأ المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام .
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول وهم البناء قبل إنهاء الاحتلال
-
متى تخرج المنظمة من دائرة الاستخدام
-
ايها الديمقراطيون - ماذا تنتظرون ؟؟
-
بعد المؤتمر السادس لحركة فتح لكي لا يتم استنساخ القديم ؟
-
استخلاصات وعبر من أحداث رفح
-
حول مديح الفياضيزم
-
المجتمع الفلسطيني وفلسفة العمل الأهلي
-
هل حان وقت الايدولوجيا في مجتمعنا ؟
-
الانتخابات الفلسطينية وتحديات الهوية
-
حول شمولية الحوار الوطني
-
جولة سريعة داخل مؤتمر اليسار الفلسطيني
-
شروط اسرائيل التي لا تنتهي
-
من أجل تجاوز مأساوية المشهد الفلسطيني الداخلي
-
إعادة اعمار قطاع غزة من منظور منظمات المجتمع المدني
-
دور المنظمات الأهلية بالحد من ظاهرة العنف ضد النساء
-
تقديراً ووفاءً للمناضلة والمربية الكبيرة
-
العودة للديمقراطية المدخل الأصح لاستنهاض الحالة الوطنية
-
لكي يستثمر التعليم في إطار التنمية الإنسانية الشاملة
-
نحو دور فاعل للمجتمع المدني في مواجهة الانقسام
-
قطاع غزة بين وهم الاعمار وواقع الدمار
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|