محسن صياح غزال
الحوار المتمدن-العدد: 839 - 2004 / 5 / 19 - 04:58
المحور:
الادب والفن
ضيف .. ثقيل !
قرفصت على بعد خطوات تحملق في جهاز التلفون الهامد في ركن " البرّانيه " المعتم , قلقة خائفة ومهمومة , كمن ينتظر وثوب حيوان مفترس .. أو أنفجار , تدمدم , تلطم كفّيها على ركبتيها كمن يتوجس كارثة على وشك الحصول .
قبيل سويعات فقط حصلوا على خط التلفون الجديد ولأول مرة , ظيف غريب , ثقيل يقبع في الركن المعتم القصيّ , شلَّ حركة سكان البيت وعطّل أشغالهم اليومية !
- سأذهب الى السوق .. وأتصل بكم .. للتجربة !
قالها ( م ) وهو يهمُّ بالخروج من الغرفة
- تخلّيني وحدي يمَّه ... منين جبتلي هالطركاعه ؟
قالت أمه ولطمة شديدة على ركبتيها
جلست متسمّرة في مكانها وعيناها لا تفارقان ذلك الشيء الراقد في العتمة والسكون , تنتفض مرعوبة لكل جلبة , صوت أو حركة تأتي من بعيد , مرّت أقل من ساعة وهي على هذه الحال , رنَّ الجرس ... قفزت مذعورة كالملدوغ .. بأتجاه الشارع ! صبحه , ظلمة , كاظميّة , جاراتنا يفترشن تراب الشارع , يفتلن مغازل الصوف بأهتمام وأنسجام شديد , أطفال رثّين ينبشون نفايات وجيف الساقية النتنة .
- يا ناس .. يا عالم .. خايبين تعالولي .. التلفون راح يخلص !!
دلفت الى البيت ثوانٍ ثم عادت الى الشارع , مرعوبة مرتجفة , كمن يطلب النجدة لشخص يحتضر !
- يا ناس ألحكولي مرّوّتكم – في هذه اللحظة توقف رنين الجرس .
- يا يُمَّه .... التلفون خلص ... منين أجتني هالرميّه ؟
بخيبة ويأس ومرارة وقفت شاردة الذهن , القلق والحزن غطى سحنتها , أستدارت ودلفت الى البيت مدمدمة مع حالها تدعوا الله التخلص من هذه المصيبة المركونة في الظلام .
محسن صياح غزال
#محسن_صياح_غزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟