|
اقرأ بإسم الانترنيت الذي سلى ليطغى...
جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 2757 - 2009 / 9 / 2 - 11:18
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
نقل الاخبار والمعلومات لعب و لا يزال يلعب دور كبير في حياة الانسان فظهر الخط تقريبا قبل 5 آلاف سنة لتلبية حاجة الانسان الى ارسال و استلام المعلومات بصورة اسرع و افضل من الصور و الهيروغليفات والبكتوغرامات والايديوغرافات التي سبقت الخط و في الحقيقة ليست الحروف الابجدية الا صور او بكتوغرامات مبسطة الى درجة لا نرى شكل الصور فيها ما عدا في بعض الحروف مثل السين التي كان صورة الاسنان و الكااف صورة الكف و العين صورة العين اضافة الى بعض الحروف الاخرىولكن بازدياد و تعقيد و تغيير ظروف معيشة الانسان تغيرت حياته جذريا نتجت عن ذلك ظهور حاجات اخرى الى السطح . و الكتابة لها ايضا مساؤها لان الانسان بطبيعته و بحواسه الخمس نظري و سمعي و لمسي وشمي وذوقي و كلما استطاع اشراك اكثرمن حاسة واحدة في خبراته كلما تمكن ان ينقل كمية اكبرمن المعلومات بشكل اسرع و يستمتع بها اكثر و يدخلها الى ذاكرته الطويلة الامد . لا احد يستطيع ان ينكراان الصور و الافلام تنقل معلومات حية بدقة و بسرعة اكبر من اي وصف كتابي آخراضافة الى زيادة درجة الاستمتاع فالقواميس العصرية يجب ان تكون متنوعة : بصرية و سمعية اضافة الى النص المكتوب . الكتابة تحتاج الى ورق وحبر لايمكن نقلها و حفظها و استعمالها في اكثر من مكان واحد وطريقة استنساخها صعبة نوعما و غال نسبيا . و لكن الانسان قضى سنوات عديدة في القراءة و الكتابة خاصة بعد ظهور الطابعة (جوتنبيرغ 1398 – 1468) التي ادت بدورها الى تاسيس مؤسسات التعليم من المدارس و الجامعات .هذا و رغم ان الانسان العربي اهتم بالقرآءة و اللغة بعد ظهور الاسلام ونظرا للحاجة الى فهم القرآن ظهرت اقدم القواميس في تأريخ البشر مثل كتاب العين للفراهيدي(718 – 791) ولكن لا تزال نسبة الكتب والمجلات العلمية المترجمة اقل بكثير من التي تصدر في الدول الاوربية رغم توفر الاموال اللازمة لهذا الغرض. ان انشغال العرب بالحروب و الدين اضافة الى الكبت الجنسي بسبب التقاليد و العادات و الدين و هدر الطاقة النسائية وعدم توفر الفرصة اللازمة لها للاشتراك بصورة فعالة في حقول العلم - كل هذه العوامل - ادت الى حجز العرب للمقاعد الخلفية في قطار التطور.
الانسان كان دائما في علاقة ازدواجية مع القراءة و الكتابة فكثير من الناس لا تتذوق القراءة و تكره الكتابة و تفضل التلفزيون و التلفون و الصور على الكلمة المكتوبة لانها بطيئة و مملة و متعبة ما عدا ارسال اخبار سريعة على الهاتف النقال وانظمة توتر و كما نرى ايضا في انتشار مواقع فيس بوك وتطبيقات المسنجير من ياهو و سكايب اومواقع الفيديو مثل يوتيوب الخ ...اما قراءة النصوص الرقمية على الانترنيت فانها متعبة اكثر من النصوص المكتوبة على الورق لا تعطي فكرة عامة و شاملة رغم ان النصوص الرقمية يمكن خزنها و ارسالها و استنساخها بسهولة و بدون تكاليف مالية .و لكن كل شئ لا يمكن الحصول عليه الا مقابل مال صعب الانتشار و هذا ما يبين شعبية اوبن سورس اي توفر نصوص و برامج و فيديو وموسيقى في متناول الجميع دون مقابل.اما الصور و الخرائط و الانواع الاخرى من التخطيطات و الرسوم و الاشكال البيانية فهي تسهل و تريح العين و تزودنا بعرض عام او شامل لتصلنا المعلومات بسرعة فائقة لان العين في طبيعتها اكثر دكتاتورية و طغيان من الحواس الاخرى تجعل اكثر قراراتنا اليومية تتخذ من قبل العين - لاحظ كيف استطاع التلفزيون ان يهيمن على حياتنا اليومية.
و السؤال هو: لماذا نقرأ؟ الجواب: نقرأ اما للحصول على المعلومات وا لاخبار او للاستمتاع ولكن اسباب و وسائل الحصول على المعلومات و الاستمتاع تغييرت الان بشكل لا مثيل له بقدوم الانترنيت و دمج النص و الصورة و الفيديو والصوت اضافة الى توفرها في كل مكان و زمان. بدأ الان عصر مجتمع 24/7 لا فرق بين الليل و النهار وبين يوم الجمعة او الاحد او الاثنين و رغم ان الكتاب لا يزال يتمتع بسمعته الا ان النصوص المكتوبة على الورق تصبح قديمة لتصل الى سن الشيخوخة في عصر السرعة بسرعة. وبناء على ذلك نستطيع ان نقول : اولا القراءة بطيئة مفيدة لبعض الاغراض التعليمية التي تحتاج الى نوع من التركيز ولكنها عند الصغار مملة. و اذا كانت النصوص طويلة فتبقى القراءة على الورق افضل لان العين تتعب بسهولة على الاجهزة الالكترونية و ان الصور و الاصوات الكثيرة رغم قيمة التسلية فيا الا انها تلهي و تصرف الانتباه و تشوش العقل.
ثانيا القراءة ليست فعالة لبعض الاغراض لا سيما اذا كان النص لا يحتوي على صورة او صوت.
ثالثا في عصر السرعة لا يتوفر للطالبات و الطلاب الوقت الكافي ولا الامكانيات الكافية للحصول على الكتب و المنشورات المطبوعة على الورق من جميع انحاء العالم و هذا هو السبب الذي دفع جامعات العالم المتطور و المكتبات و دور النشر جعل نصوصها المرئية و المقروءة متوفرة على الانترنيت و الاجهزة الالكترونية و الاقراص المدمجة للإستفادة و الاستمتاع بها الى اقصى درجة ممكنة اضافة الى ان الكتب التقليدية الجامعية ضخمة و ثقيلة غير صالحة للنقل لا يمكن تجديدها و تعديلها و تحريرها بسهو لة.
رابعا القراءة و الكتابة هي مهارات ثانوية ثقافية يتعلمها الطفل في المدرسة تأتي بعد المهارات الاولية الطبيعية التي تأتي من المحيط الطبيعي كالصوت و الصورة اي التكلم والاصغاء و مراقبة لغة الاشارات البدنية. القراءة هي عادة شارع باتجاه واحد يؤدي الى الملل بسرعة.
خامسا لم تتمكن كثيرمن العقول النيرة من الكتابة و القراءة لان الكاتب الذي يرغب في نشر كتاب على الورق عادة تحت رحمة دور النشر و اهدافهم للحصول على اكبر قدرممكن من الربح ولكن في عصر الانترنيت يصبح القارئ كاتب و الكاتب قارئ بكل حرية بعد الخلاص من قيود و احتكارات دور النشر و الكتب و الجرائد.
سادسا في عصر الانترنيت و المدونات و المنتديات و اليوتيوب و الفضائيات و الموبايل تحررت الصحافة و الكتب و السينما و التلفزيون و الراديو من القيود و الامتيازات السابقة ليفسح المجال للجميع ايصال اصواتهم او الوصول الى الشهرة
سابعا سيطرة اللغة الانجليزية كلغة العلم و الثقافة و الادب و الفن والتكنولجيا تجعل اللغة العربية من بين اللغات الاخرى قاصرة لا تستطيع تزويد القارئ بالمفردات العلمية اللازمة بالرغم من و جود مجامع ا للغة العربية الا اذا قامت بصياغ عبارات جديدة لهذه المفاهيم العلمية الجديدة و توحيدها لكيلا تقوم جهات مختلفة باحداث مختلف التعابير لنفس المفهوم او الفكرة دون تنسيق مركزي.
لعصر السرعة ايضا مساوئ كثيرة لاننا في عجلة مستمرة لا يتوفرلدينا الوقت الكافي للقراءة الهادئة لنستوعب ما قراناه . الانسان العصري ينشغل بهموم العمل والعائلة و يتعرض الى هجمات شرسة من جميع الجهات و وسائل الترفية التي لا تعد و لا تحصى تجعله يخشى باستمرار ان يفوته شئ فهو لا يستطيع ان يركز على شئ واحد في وقت واحد . جميع هذه العوامل كفيلة بتغيير القراءة بايجابياتها و سلبياتها و بفضل التكنولجيا العصرية يصبح الانسان قادراعلى ايجاد طرق جديدة للقراءة والمشاركة في المناقشات مع الاخرين اينما كانوا لتسقط الحدود الجغرافية و الثقافية و اللغوية و اخيرا اود ان اقول انه لا اتوقع ان يأتينا زمن اللا قراءة في المسقبل القريب و لكن القراءة كما تعودنا عليها ستتغييربالتاكيد . كل شئ معرض للتغيير لان التغيير صفة من صفات الحياة و ليس هناك سبات الا في الموت.
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا القصة القصيرة ؟
-
قسيمة اشتراك مسلم
-
شر النمو لاقتصادي
-
من هو عراقي ؟
-
عبيد الوقت و القنابل الزمنية
-
متى نتعلم قواعد المفاوضات؟
-
ابو فلان ...
-
اللغة ديموقراطية ...اولا و اخيرا - الحلقة الاولى -
-
اين هو ثلج لبنان و لبنها ؟
-
حياة الرجل الشرقي في الميزان
-
الشرطي اهم من الجندي
-
اعترافات مذنب
-
الكلب الذي ينبح كثيرا لا يؤذي
-
ما معنى – قرآن - ؟
-
حياة الرجل الشرقي اصعب من حياة المرأة الشرقية
-
سلبيات و ايجابيات عقلية – انشاءالله –
-
ما هي هوية العراق؟
-
احيانا اميل الى الدكتاتورية
-
الاسلام في كل صوب و حدب
-
ازدواجية المد و الجزر في القرآن
المزيد.....
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
-
شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه
...
-
الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع
...
-
حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق
...
-
بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا
...
-
وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل
...
-
الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا
...
-
وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني
...
-
تأثير الشخير على سلوك المراهقين
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|