أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالخالق حسين - مؤتمر باريس للتضامن مع -المقاومة- العراقية















المزيد.....

مؤتمر باريس للتضامن مع -المقاومة- العراقية


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 839 - 2004 / 5 / 19 - 04:54
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تقول الأنباء: "شارك حوالي 300 شخص خلال نهاية الاسبوع في باريس في «مؤتمر دولي للتضامن مع الشعب العراقي» لكنه انتهى بدعوة من عشرات الشخصيات التقدمية والشيوعية لدعم المقاومة العراقية «بشكل ملموس». وجاء في النص «آن الاوان لابداء التضامن مع المقاومة العراقية بشكل ملموس والتي تواجه في ظروف بالغة الصعوبة الامبريالية في المقام الأول. هذه المقاومة الوطنية والمتعددة مؤلفة من عقائد ومعتقدات مختلفة «و» هدفها الوحيد طرد المحتلين من وطنهم»(الشرق الأوسط، 17/5/2004).

يبدو أننا نعيش في عصر السوريالية والغرائبية واختلاط القيم والمعايير، نشاهد فيه ما يجري من أمور غريبة عصية على الفهم. تعقد مؤتمرات ولقاءات من قبل قوى تدعي أنها تقدمية وشيوعية وتصدر بيانات فاقت في غرابتها الخيال وما يجري على مسرح اللامعقول تناصر القوى الظلامية الغارقة في السلفية والرجعية ومعاداة الحضارة. وفي هذه الحالة يحار العقل في تفسير ما يشهده وما يقرأه وما يجري في مدينة وصفت يوماً بأنها عروس العواصم ومركز فلاسفة النهضة والتنوير، ومنها اندلعت الثورة الفرنسية التي كان شعارها الحرية والمساواة والإخاء، وقامت فيها أول كومونة لمحاربة الظلم والفقر. اليوم تقوم الحكومة الفرنسية بقيادة الرئيس جاك شيراك ووزير خارجيته الشاعر دوفيليان، وقواها السياسية والثقافية بحملة مستميتة وعلى جميع الجبهات، ظاهرها نصرة الشعب العراقي وباطنها إعادة حكم البعث الفاشي الصدامي، لمواصلة اضطهاد الشعب وتوسيع المقابر الجماعية في العراق. فأية كارثة تعيشها الإنسانية في ظل اختلاط المعايير وتزييف الوعي وتردي الإخلاق وموت الضمير؟

نعم، تعقد قوى متعددة الاتجاهات، يمينية ويسارية، ومنها شيوعية واشتراكية، مؤتمراً تحت شعار «التضامن مع الشعب العراقي» فيتصور المرء لأول وهلة أن هذه القوى التقدمية لا شك وأنها اجتمعت لنصرة الشعب العراقي وهو يواجه أبشع هجمة عرفها التاريخ من قبل أسوأ القوى الإرهابية ظلامية والغارقة في دياجير التخلف والهمجية وعلى رأسها منظمة (القاعدة) بقيادة بن لادن والزرقاوي وأيمن الظواهري وفلول البعث المقبور وجيش المهدي وغيره. هذا الشعب الذي يواجه يومياً القتل المجاني المنظم والدمار الشامل لمؤسساته الاقتصادية على أيدي تحالف غير مقدس يضم في صفوفه مجموعات تسيرها الغرائز الهمجية البدائية، تمجد الموت، تسعى لقيام نظام حكم سلفي متخلف على غرار حكم الطالبان في أفغانستان، ومن ألد أعداء الإنسانية، من أجل حرمان شعبنا العيش بسلام والتخلص من عهود التخلف البعثي ومنعه من الدخول في عالم الحداثة وقيام نظام ديمقراطي يعامل كل مكوناته بالتساوي.

مؤتمر يحضره تقدميون وشيوعيون، لا يخجلون من الإعلان صراحة تضامنهم مع ما يسمى زوراً ب"المقاومة". أية مقاومة هذه التي تفجر في البصرة أربعة سيارات مفخخة دفعة واحدة في وقت الزحام لتقتل بشكل عشوائي سبعين مدنياً بينهم 23 طفلاً بعمر الورود وهم في طريقهم إلى المدارس وجرح 200 آخرين؟ أية مقاومة هذه التي تقتل المئات من الفقراء العراقيين وهم يؤدون شعائرهم الدينية في كربلاء والكاظمية؟ أية مقاومة هذه التي تقتل الشهيد آية الله محمد باقر الحكيم، رمز الاعتدال، واستشهاد مائتين آخرين من المصلين بعد أدائهم فريضة صلاة الجمعة في صحن الإمام علي (ع) في النجف الأشرف؟ أية مقاومة هذه التي تقوم بتفجير مقر الأمم المتحدة والصليب الأحمر ومنظمات إنسانية دولية أخرى في بغداد جاءت خصيصاً لمساعدة الشعب العراقي، وقتل وجرح العشرات منهم مما اضطروا إلى مغادرة العراق؟ أية مقاومة هذه التي تقوم بتفجير أنابيب المياه وتلقي السم في خزانات مياه الشرب؟
الكل يعلم أن الشعب العراقي يعيش الآن وبسبب سياسات النظام المقبور، في قاع الفقر. فأية مقاومة هذه التي تقوم بنسف أنابيب النفط ومحطات وشبكات الإتصالات الكهربائية والهاتف وحرق المكتبات وتدمير الركائز الاقتصادية والبنى التحتية من جسور وطرق ومعامل ومنشآت أخرى؟ أية مقاومة هذه التي تقوم في الفلوجة بقتل أربعة حراس أمريكان والتمثيل بجثثهم وتعليقها بالجسر بمنتهى الوحشية والسادية؟ أية مقاومة هذه التي تقوم بقتل العلماء والأطباء وغيرهم من أصحاب الكفاءات؟ كذلك هناك حملة تقوم بها "المقاومة" بخطف أصحاب الكفاءات وتهديدهم بالقتل إن لم يغادروا العراق؟ الغرض من ذلك أيها السادة هو إفراغ العراق من أصحاب الكفاءات وترك الشعب بدونهم ليواجه مصيره على أيدي المنظمات الإرهابية، لأن أشد ما تخافه هذه المنظمات هو العلم والثقافة والحضارة والديمقراطية.
أية مقاومة هذه التي يقودها مهووس مثل أبو مصعب الزرقاوي وهو يجز رأس إنسان بريء أمام الكاميرا بدم بارد، لا يعرف عنه أي شيء سوى كونه مواطن أمريكي أو إيطالي؟ أية مقاومة هذه التي تقوم بحملة اختطاف العشرات من أناس قدموا للمساهمة في إعادة اعمار العراق مما أجبر الآخرين على المغادرة؟

ليتصور المؤتمرون الشيوعيون و"التقدميون" جداً، ماذا سيحصل لو انسحبت قوات التحالف من العراق الآن؟ نعم، الهدف الأساسي من هذه "المقاومة" تدمير شعبنا ومنع إعمار العراق وبالتالي تحويله إلى ساحة تصول وتجول فيها المنظمات الإرهابية كما يشاءون وبدعم ومباركة من إيران وسوريا وفرنسا والفضائيات العربية والقوى اليسارية واليمينية، العربية والغربية، لا لشيء إلا لأنهم يكرهون أمريكا ويريدون من شعبنا أن يدفع الثمن لتحقيق أهدافهم الإجرامية.

لا غرابة أن تقوم المنظمات العربية وجماهيرها بمعاداة شعبنا كرهاً لأمريكا، لأنها شعوب بلا وعي، تسير ضد مصالحها نحو الهاوية وهي نائمة، تعمل ذلك بسبب سياسة التجهيل والتضليل المبرمج التي اتبعتها حكوماتها ووسائل إعلامها، وقد أدمنت هذه الشعوب على ثقافة الموت وتحقير الحياة وتمجيد السلف ومعاداة الحداثة والحضارة والديمقراطية وحقوق الإنسان، غارقة في ظلام الجهل حيث نسبة الأمية فيها حوالي 60 بالمائة. ولكن كيف نفسر تفشي ظاهرة دعم الإرهاب بين الأحزاب اليسارية والانتلجنسيا الغربية المفترض بها أن تقف إلى جانب الشعوب المضطهدة وتعمل على نشر الحداثة والديمقراطية، لا مؤازرة الفاشية البعثية والإرهاب الإسلامي. لو عرف السبب بطل العجب، كما يقول المثل. إن سبب دعم هذه القوى اليسارية الغربية لما يسمى بالمقاومة العراقية، هو التعصب الآيديولوجي الأعمى الذي حجب عنهم رؤية الحقيقة، حقدهم على أمريكا إلى حد الوقوف مع المنظمات الإرهابية حيث تريد أن يذهب شعبنا ضحية مقابل هذا الحقد الدفين واتخاذ العراق ساحة لهم للثأر من أمريكا.
يبدو أن هؤلاء لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم، فقد أعماهم تعصبهم ولا يدركون ما سيصيب العالم من كوارث فيما لو انسحبت قوات التحالف من العراق اليوم وكما يريد فرسان مؤتمر باريس التقدميين. فما قيمة الثقافة إن لم تكن مرتبطة بضمير حي ووعي متقد وحكمة بالغة لما فيه خير البشرية وحل المعضلات والعمل على خلق حياة أفضل للإنسان؟ إنهم يطالبون بسحب القوات الأجنبية من العراق حالاً!! ألا يدرك هؤلاء ما سيحل بالعراق والعالم فيما لو تحقق لهم هذا الهدف؟
لا شك مطلقاً أن العراق سيتحول إلى أسوأ من أفغانستان أيام طالبان وحتى أسوأ من الصومال. سيتحول العراق إلى (سوق حرة) ودويلات للمنظمات الإرهابية تتصارع فيما بينها، وسيذهب الشعب العراقي ضحية حروب الميليشيات الإرهابية الإسلامية، الوهابية والشيعية، إضافة إلى إنه سيصبح ساحة لتصدير الإرهاب إلى العالم وبالأخص إلى الدول الغربية "الكافرة" وسيحرق الأخضر بسعر اليابس. وعندها سوف لا ينفع الندم.
ولكن يجب أن يعرف هؤلاء التقدميون جداً، أنهم من متحجرات الحرب الباردة ويسبحون ضد حركة التاريخ التي ستسحقهم بعجلاته بلا رحمة. فمفاهيم الحرب الباردة التي يجترونها والوصفات التي أدمنوا عليها قد بطل مفعولها وصارت في كتب التراث. أما التاريخ فسيواصل مسيرته التقدمية الحقيقية ويجب أن يعرفوا جيداً أن (مشروع الشرق الأوسط الكبير) لإخراج شعوب المنطقة من ظلمات الجهل إلى النور وتحقيق الديمقراطية والتنمية البشرية وخلاص العالم من شرور التخلف والإرهاب، هو خطة استراتيجية غير قابلة للمساومة ولا رجعة عنها، لأنها جزء أساسي من العولمة التي هي حتمية تاريخية وأي انسحاب من العراق يعني فشل هذا المشروع وتحويل العالم إلى غابة تحكمها الوحوش البشرية من أمثال بن لادن والملا عمر والزرقاوي ومقتدى الصدر ومن لف لفهم من منظمات مافيا المخدرات وعندها ستكون نهاية للحضارة. وليس هناك أي إنسان عاقل في موقع المسؤولية في الدول الغربية يسمح بحدوث ذلك.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا لتدمير سجن -أبو غريب-!!
- حبل الكذب قصير
- سجن -أبو غريب- فضيحة عربية أكثر منها أمريكية
- الإبراهيمي على خطى ساطع الحصري
- الساكت عن الحق شيطان أخرس
- اقتراح حول العلم الجديد
- حول إعادة البعثيين السابقين إلى وظائفهم
- لمواجهة الإرهاب.. الأمن أولاً والديمقراطية ثانياً
- أسباب نشوء الحركات الإسلامية المتطرفة
- هل مقتدى الصدر مخيَّر أم مسيَّر؟
- فدائيو مقتدى- صدام، يفرضون الإضرابات بالقوة
- بعد عام على سقوط الفاشية..التداعيات وأسبابها!!
- شكراً مقتدى!... على نفسها جنت براقش
- البرابرة
- الانفجار السكاني من أهم المعوقات للتنمية
- تعقيب على توصيات مؤتمر أربيل رفض (اجتثاث البعث) وصفة لإفشال ...
- ماذا يعني عندما يكون الإسلام المصدر الرئيسي للتشريع؟
- مجموعة مقالات
- مجموعة مقالات
- مراجعة بعد عام على حرب تحرير العراق


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالخالق حسين - مؤتمر باريس للتضامن مع -المقاومة- العراقية