أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آري كاکه يي - لهيب حلبجة فی صقيع سيبريا















المزيد.....

لهيب حلبجة فی صقيع سيبريا


آري كاکه يي

الحوار المتمدن-العدد: 2756 - 2009 / 9 / 1 - 18:35
المحور: الادب والفن
    



بين صخور جبل سورين ذلک الکهل الکردستانی الشامخ کنا جمع
من عشاق الحرية نتخذ منازلا متحرکة کانت بمثابة دور للسکن
تارة ومتاريس دفاع تارة اخرى ، هناک کنا نتحدی الطبيعة حينما
تفتح نوافذ أعاصيرها والسماء حينما تکسو الارض ثلوجا نتلحف
بها و نفترشها فصلا کاملا لنکشف عند الربيع بأننا کنا علی ظهر
حية فی سباتها الشتوی ٠ مجموعة من المفارقات العجيبة التی
جعلت من حياتنا مشهدا من مشاهد دراماتيکية مغامراتية دائمة ٠
فی أفق النظر وأنت علی قمة سورين تلوح أمامک مدينة فی غاية
الجمال ، عروسة فی کامل زّيها يوم الزفاف فی جحر حبيبها
شنروی ٠ فی کل ليلة کانت العيون الساهرة ترعی لألأة مصابيح
البيوت المتلاصقة فی أحيائها المتراصفة فکان الخيال يداعب تلک
المصابيح قنديلا قنديلا وکل سراج يحکی قصة عشق حقيقية وما
أن ينطفئ سراجا کنت تتيه فی دوامة الشک المنصهر فی أتون
اليقين بأن يوميات عشق ما قد ذابت فی خلوة الأندماج ٠
١٩٨٨ لم تعد أنوار حلبجة تتلألأ ، أوراق العشق ذبلت ، -٣ - فی ١٦
أبطال قصائد عبد الله گوران و أحمد مختار الجاف سلموا أرواحهم
الى السماء أما جثثهم فأنتشرت فی عاصمة الأمارة التي کانت
عادلة خانم تديرها بحنکتها وکياستها وکاريزماها الذی تخطى
کاريزما کبار رجالات عصرها ٠٠ طيور السنونو التی ترکت
بصماتها فی کل بيت شهرزوری هجرت أوکارها لتسقط فی
الطرقات منتوفة الريش ، أنها الأنفال ٠٠٠ ولکن على
مقربة من مقام أبی عبيدة الأنصاري، فی عقر مقامه فی القرية التی
أخذت من أبی عبيدة أسمها ﴿قرية عبابيلی﴾ منذ الفتح الأسلامی قبل
ألف و نيف من السنين ، أنه مأتم ﴿ ٥٠٠٠ ﴾ خمسة الاف زهرة من
زهور النرجس الکردستانی ٠ يحمل نهر سيروان خبرهم جنوبا
حيث الأنهار و البحار و الخلجان و المحيطات غير أن أحدا من
سکان تلک الشواطئ لا يعيرون ثمة أهتماما بهذا الجريد الکردی
فتمکث قصص أولاد و بنات عمر خاور حزينة فی بيت ؛خبر کان
٠
تمر الأيام بعد فاجعة الأنفال ثقيلة و مثقلة بقصص ١٨٢ ألف فراشة
ربيعية ٠٠ ذکرى الأرواح التی سلبت من الأجساد جورا باسم الله و
نيابة عنه و عين الله لازالت و ستبقى ساهرة سرمدية ٠٠ لازلت
أجهل من کان المظلوم الحقيقی بعد أن عرفت بأن الظالم واحد
ينطق باسم الله و باسم العروبة و باسم خير أمة أخرجت للناس ٠٠
أکان المظلوم ذلک الحلبجاوی المسکين الذی لا يملک من شرور
الحروب ناقة ولا جمل ، أم الله کان هو المظلوم يوم أرتکبت مأساة
الأبرياء الکرد باسمه و باسم الکتاب المنزل الى الخاتم؟؟؟
أیّ کان الظالم فذلک سجل سوف يفتح يوم ينفخ فی الصور ولکن
حلبجة قد فتحت فی الأفئدة المفجوعة جروحا لاتندمل ٠ فنحن جمع
من کرد الله لنا مع الغربة صفحة لاتنطوی وأنا واحد من أبناء تلک
الأمة الکردية التی عقد قران قسمتها مع الغربة ٠٠ غريب فی قرية
کهريز الراقدة على الوند منذ فجر السلالات، غريب فی مدينتی
خانقين ، غريب فی بحر بغداد المتلاطم الأمواج ، أمواج الملل و
النحل و الکائنات المختلطة ، غريب فی سورين والآن والساعة
١٩٨٩ من أغرب -٣- تشير الى العاشرة والنصف صباح يوم ١٦
غرباء الأرض فی أقاصی ؛سيبيريا؛ حيث المنفى الأرضی الذی
أکل جليدها الأبدی أجساد المنافی فی العصر الستالينی والقيصری
وعصر ما قبل القياصرة و تستمر الغربة فی بلاد الأسکندنافيا فيما
بعد و غربة أخرى ٠٠ حينما أحط الرحال بعد سفر طويل فی أرض
الوطن الذی يمنعوننا جورا أن نناديه بأسمه الذی ولد وهو
کردستان ٠
جامعة﴿ أيرکوتسک ﴾ فی سيبريا تضم بالأضافة الى الأقلية
السيبيرية جاليات من طلبة العلم فی شتى أنحاء العالم وخصوصا
الشرقی منها ٠٠
طلاب من مئة بلد و بلد تسمع من أقسام الطلبة الداخلية لغات و
لهجات من کل العالم وکأنک فی بستان نظر وتسمع شدو البلابل و
تغريدها الجميل ٠
لايتوقف التغريد ألإ عند العطلات السنوية فيرحل الطلاب کل الى
ديار ذويه حيث تشتاق العيون معانقة العيون والقلوب تنبض للقاء
الأحبة الا واحدا منهم وهو الغريب الشريد المفجوع آری کاکه يی
الذی لاوطن يأواه ويناديه أيام العطل ولا جواز سفر يملک کی
يقطع خطوط الحدود وما أکثرها و أطولها ٠٠٠ فأذا عشقت عيناه أن
تعانق أمه السجينة فی دهاليز أمن العراق فما عليه الا زيارة طيفها
الذی يفتح المدامع تفيض زلالا على وجنته الذی بالکاد تتحمل
صقيع سيبيريا.
أن اليوم السادس عشر من آذار والذکرى الأولى لفاجعة الفواجع
يوم رقد ؛پير محمد؛ و باخی مير رقدتهما الأبدية ٠٠ الذکرى
الأولى للتسميم الذی تلى التعريب والتهجير و التبعيث ٠٠ صباح
ربيعی سيبيری کالعادة ٠٠ تندفق شلالات الطلبة نحو صفوف
الدراسة وفی مخيلة کل طالب هم الدرس وغم النجاح ٠٠ ألا الطالب
کاکه يی القادم من بلاد الفراشات المسمومة - حيث لازالت عيناه
مسمرتان أفق شهرزور حيث کانتا شاهدتان على جريمة قتل
الحرث و الأرث فی حلبجة قبل عام واحد فقط و مثل هذا اليوم ولم
يتبدل شيئ سوى جبل سورين معقل پيشمرکة کوردستان ، وقد حل
محله هذا الحرم الجامعی فی سيبيريا ، حيث يحتفل المفجوع وحيدا
ذکرى الموت الأسود ٠
تتلاشى زحمة الطلاب الى حيث قاعات الدرس ويبدأ جد الدرس
بعد أنقضاء هزل الفرصة ٠٠ القاعات تختزل الزحام الا قاعة
صغيرة فی قلب الحرم وقد حوت جدرانها الأربعة صور القصف
الکيمياوی العراقی الوحشی لمدينة حلبجة وقد تخلف طالب أفغانی
وحيد عن رکب الدرس ليشارکنی عزاء حلبجة بعد أن عبأت رأسه
بصور مآسی المدينة فأبى الا وأن يشارکنی الذکرى ، حانت الساعة
الى الوقت القاتل کما مر ذکره فآذنت خليلی بدق الناقوس لست
مرات على التوالی ، فکان الوقت غريبا و صوت الناقوس أغرب
فخرجت جموع الطلبة و الأساتذة والأدارة من بيوت عملها دون أن
يعرفوا ماذا يجری واذا بهم يقتربون من آری و هو يرتدی زيا
کرديا هوراميا أمام قاعة المعرض المفاجیء وحنجرته تصدح
أناشيد کردية تتخللهما کلمات معبرة عن الذکرى الأولى لقصف
حلبجة بينما ينشغل الصديق الأفغانی﴿ حبيب الله ﴾ بتقديم وصلات
موسيقية مؤثرة من تراث شعوب الأرض عبر مجموعة من
الکاسيتات و جهاز مسجل ربط بمکبرة صوت والجموع تتدفق نحو
القاعة الصغيرة بذهول لتخرج بعد برهة من نفس و نقطتان من
الدمع تتدليان من العيون الذاهلة دون أن تنبس الأفواه ببت شفه
ليتحول ذلک اليوم الى أحتفال جامعی مهيب يشارک فيه الجميع
دون سابق موعد و إيذان ٠٠ وليصافحنی العميد أخيرا مصافحة
حارة بکلتا کفتيه قائلا
لقد کنت يابنی خير سفير لبد لا سفارة له فی أرجاء المعمورة ٠
کان يوما ٠٠٠٠



#آري_كاکه_يي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آري كاکه يي - لهيب حلبجة فی صقيع سيبريا