ثورة الحفيد ... بين المطرقة العثمانية و سندان الإنكليز

كاوار بلو

الحوار المتمدن-العدد: 2756 - 2009 / 9 / 1 - 00:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

ليس بإمكاننا الخوض في تاريخ الكورد بعد الحرب العالمية الأولى بشكل مفصل و دقيق , لذلك فقد خصصت هذا المقال لأجل التعريف بشخصية خدمت الشعب الكوردي و كوردستان بشتى أطيافه على حد سوى .
مما لا شك فيه إن الخوض في مسيرة القادة العظام الذين خدموا أمتهم وناضلوا من أجل تحريرهم من الظلم و العبودية إنه لشيء رائع و جميل .. علما أنها لا تخلوا من مصاعب جمة خاصة اذا كنت ممن لم تقرا الشيء الكافي والمنصف عنها. وهناك الكثير من قضايا الأمم والشعوب والثورات العارمة التي ارتبطت برجالاتها وأخذت من أسمائهم و بطولاتهم هويةً لمعرفة تلك الشعوب والثوار على مدى التاريخ .
ولعل الشيخ محمود الحفيد واحداً من الشخصيات الكوردية الذين خصصوا جل حياته في خدمة الوطن و الشعب , فهو الشيخ محمود بن الشيخ سعيد كاكه أحمد بن الشيخ معروف البرزنجي , يعتبر زعيماً لقبيلة برزنج الكوردية الشهيرة , ولد الشيخ الحفيد في مدينة السليمانية 1881م , و درس علوم الشريعة و الفقه و الصوفية على أيدي الشيوخ و الملالي في مدينته و أتقن اللغة العربية و الفارسية و التركية إضافة إلى لغته الأم . واغتيل والده مع شقيقه غدراً في الموصل عام 1909م وألقي القبض عليه ووضع في سجن الموصل بتحريض من قادة الترك .
قبل تأسيس الدولة العراقية تدهورت الأوضاع في كوردستان لأنها كانت ساحة للحرب بين الإنكليز من جهة و الدولة العثمانية من جهة أخرى الأمر الذي أدى إلى اندلاع الثورات و الانتفاضات آنذاك , فكان من بين تلك الثورات هي ثورته الشهيرة ضد الإنكليز حيث تعتبر أول رد فعل كوردي ضد الإنكليز وكان ذلك في عام 1919م , فرغم الفارق الكبير بين قواته و قوات الإنكليز من حيث العدة و العتاد , إلا أن ثورته هذه تجلت بروح وطنية عالية و إيمانه بقضية شعب ذاق الأمرين من جراء تلك الحروب و تمسكه بمبادئ الإسلام واستمر ثورته حتى بعد تأسيس الدولة العراقية , إلا أن انتهت بهزيمته و أسره و نفيه إلى الهند , وفي عام 1922م أعادوه إلى السليمانية لمعاونتهم بصد هجمات الجيش التركي و نجح في مهمته إلا أن الإنكليز لم يفّ لوعودهم بمنح الكورد حكماً ذاتياً , فاستأنف القتال من جديد ومن أشهر المعارك الذي خاضها الحفيد و هي معركة دربنديبازيان ( Derbendibazyan ) حيث تكبد الإنكليز خسائر كبيرة و جسيمة . فقد نصب نفسه ملكاً لمدينة السليمانية وكان يطمح بضم ولاية الموصل ( ذات الغالبية الكوردية ) تحت ولائه , الأمر الذي أدى إلى استئناف الحرب مرة أخرى و هاجم الطيارات الإنكليزية مدينة السليمانية , تمكنوا من القضاء على نفوذ الحفيد , مما اضطر على الانسحاب إلى جبال كوردستان ليخوض حرب العصابات و بعد ذلك توجه إلى إيران .
وفي 1930م عاد إلى السليمانية حيث استقبل بحماس كبير وحفاوة بالغة من قبل سكان المدينة وتزعم الثورة من جديد إلا أنها انتهت بالفشل وقضي عليه و نفاه إلى جنوب العراق حيث أمضى حوالي عشر سنوات في المنفى متنقلا بين الناصرية و السماوة وعانة وبغداد ، واستطاع الهرب إلى كوردستان عام 1941م , و تجددت الحركة المسلحة بقيادته ولم يلق سلاحه إلا بعد أن وافق الحكومة العراقية على بقائه في مدينة السليمانية .
وفي عام1956م مرض الشيخ الحفيد وسافر إلى بغداد للعلاج، وقد توفي في التاسع من تشرين الأول 1956م هناك عن عمر ناهز السادسة و السبعين ونقل جثمانه إلى السليمانية و دفن في مسقط رأسه .
ورغم قصر حكومته إلا أنها حققت مكاسب هامة منها :
• جعل اللغة الكوردية لغة رسمية في البلاد .
• رفع العلم الكوردي لأول مرة في العراق حيث سبق و أن رفعه القاضي محمد في جمهورية مهاباد في كوردستان إيران.
• أصدر أول طابع لكوردستان .
• وأخيراً تمكن من إصدار مجموعة من الصحف باللغة الكوردية منها : بانكي كوردستان (Bangi Kurdistan) , روزي كوردستان (Roji Kurdistan) , بانكي حق (Bangi Heq) , ئوميدي إستقلال (Umedi Istiqlal) .
تم الإستفادة من :
• القومية الكوردية و تراثها التاريخي/ بقلم هادي رشيد الجاوشلي . مطبعة الإرشاد ــ بغداد . لعام 3/9/1967م

#كاوار_بلو (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات