أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي المغربي - قصة قصيرة: بريق الأمل














المزيد.....

قصة قصيرة: بريق الأمل


سامي المغربي

الحوار المتمدن-العدد: 2755 - 2009 / 8 / 31 - 18:22
المحور: الادب والفن
    


جالسا في مكانه المعتاد يحتسي كاس قهوة سوداء, و يطالع الجرائد اليومية المكتومة أمامه. بين أصابعه لفافة سجائر من النوع الرخيص. فالسيجارة لا تفارق شفتيه إلا لكي يبصق على الأرض تقززا من العفونة المنبعثة من أحرف الجريدة.
رغم انه لا زال في منتصف الأربعينات, إلا أن الشيب غطى شعره, حتى أصبح يبدوا كعجوز على مشارف السبعينات. نتيجة لسنوات من ( تقطاع الصباط ) كما يصفها بنفسه. سنوات من الجامعة والنقابة, و المخافر السرية و العلنية, و السجون. لكي يرمى به في الشارع وسط المرض و البطالة والفقر المدقع.
يعيش على بضع سنتيمات, يجنيها من بيع الكتب المستعملة, على الرصيف المؤدي إلى الجامعة. تكاد أن تكفيه في تسديد اجر الغرفة التي يكتريها, و شراء بعض الطعام, و إنفاق ما تبقى على التبغ و النبيذ. فالتبغ و النبيذ يضعهما في المرتبة الأولى في قائمة الأولويات.
بينما هو منهمك في قراءة الجريدة, سلم عليه حسن ( سبع رواح ) . وهو كهربائي الحي, صعقه الكهرباء عدة مرات و في كل مرة ينجوا بأعجوبة اقرب إلى المعجزة.
حسن : صباح الخير وربح أمولاي احمد.
احمد : صباح الخير, ما عرفنا منين كايجي هاد الخير و الربح !
حسن : مالك طالعلك الدم هاد النهار ?
احمد : الدم طالعلي منهار جيت لهاد الدنيا. غيرالزلط و الزلاط.
حسن : و علاش ما دفعت دوصيك لداك شي د الإنصاف و المصالحة ? راه الناس دارت بيها لاباس.
احمد : (يضحك في سخرية ) داروا لاباس !
يعود دهنه إلى الوراء سنوات عديدة, يتذكر أيامه الأولى في الجامعة, إلى الوظيفة البئيسة, فأولى الخلايا العمالية... نضالات بطولية ... اعتصامات... و طرد... وتشرد... فاعتقال.... يتنهد تنهيدة عميقة, يسحب على إثرها نفسا عميقا من السيجارة, لينفخ دخانها في السماء, كأنما ينفخ معها هموم السنوات العجاف. ويكمل حديثه : سنوات من التضحية و النضال, في سبيل العيش بكرامة. سنوات من العطاء.. أبيعها في المزاد لحفنة من القوادين !
حسن : راسك قاسح... بقا فالزلط طول عمرك, هاهوما صحابك رجعوا و زارا و برلمانيين عندهم الطونوبيلات و الشركات...كيلعبو بلفلوس, وانت مازال كتبيع فدوك لكتوب ليخرجو عليك. راه حتى حاجة مغاتبدل غير كونك هاني...
يقاطعه احمد : لنفترض جدلا ان لا شيئ سيتغير. هل هادا مبرر لكي يجعلنا نبيع مبادئنا و شرفنا و تاريخنا ..... ?
حسن : راه الكل غير جلدو. راه مبقالك ما تامل من هاد الشعب.
يصمت فجأة بعد ان سمع اصواتا صاخبة آتية من بعيد. ما لبتت أن بدأت في الاتضاح : ) ثورة ثورة كالبركان فجرناها شعبية....)
حسن : هادو الطلبة نازلين يديرو الفوضى. شحال هادي مبانوش.
يحدق احمد في جموع الطلبة, شباب و شابات في عمر الزهور, يحملون كراريس و دفاتر في أيديهم رافعين قبضاتهم إلى السماء وحناجرهم تصدح بشعارات و أناشيد حماسيه. فجأة تطل خمس سيارات من شرطة مكافحة الشعب – عفوا الشغب – تفتح أبوابها في نفس اللحظة, ليخرج منها جيش من الرجال يرتدون خوذات واقية و هراوات سميكة. واصطفوا في صف في مواجهة الطلبة.
حسن : غايسلخوهم , ماغايخليو فيهم لي يصلاح.
بقي احمد صامتا لا ينبس بكلمة من هول ما يرى. وما هي إلا لحظات حتى بدأت جحافل الشرطة في التقدم , بينما الطلبة لا يزالون واقفين في أماكنهم وحناجرهم تلهب النفوس و تغدي بالدفء جسد احمد الهزيل.
بدأت الجحافل في التقدم أكثر فأكثر. وفي لمح البصر تحول الجمع إلى ساحة معركة حقيقية بين الطرفين, أشباه رجال في كامل عدتهم العسكرية, و طلبة بقبضاتهم و أسنانهم و عزمهم وصدورهم العارية.
و قف احمد و هو يشير بإصبعه إلى الطلبة الثائرين, واستطرد قائلا : إنهم بريق الأمل الذي يجعلني متمسكا بالحياة.



#سامي_المغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معلقات 3
- معلقات2
- معلقات
- من اجل فن إشراكي جماهيري و ملتزم


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي المغربي - قصة قصيرة: بريق الأمل