|
فن الإختلاف
سهام فوزي
الحوار المتمدن-العدد: 2754 - 2009 / 8 / 30 - 09:34
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل نجيد فن الإختلاف ؟سؤال كثيرا ما راودني وحاولت أن أصل إلي إجابة له ولكني قد عجزت عن الإجابه عنه أو رفضت أن أقبل الإجابة التي توصل إليها عقلي،وهذا السؤال قد يبدو غريبا لدي البعض فهل للاختلاف فن؟ في رأيي المتواضع نعم ،فللإختلاف فن يعجز أغلبنا عن إتقانه أو تعلم مبادئه ،فنحن كثيرا بقصد أو دون قصد نخلط بين الإختلاف مع الآخر وبين حالة العداء ومقاطعة الآخر ومحاولة قمع ارائه ،فكل من يخالفنا الرأي فهو لدي الكثير منا عدو لنا لا يجب النقاش أو التحاور معه ،فنحن نعتقد دائما بأننا الأفضل ونحن فقط من يمتلك الحقيقة المطلقه ولهذا فلا يجب أن نتحاور مع المخالفين لنا أو نقبل لهم أن يتواجدوا في ذات المكان الذي نكون فيه ،أن المخالفين في الرأي لنا يجب أن نناصبهم العداء وأن نبحث عن نقاط الضعف لديهم لنبرزها أمام الملأ وبذلك ننتصر عليهم ،أما الحوار والنقاش فهذا أمر لا يكون مع المخالفين لنا ، كما أن أسلوبنا مع مخالفينا يجب أن يتسم دائما بالهجوم القاسي واستخدام أقسي العبارات التي يمكن أن تقال . اسمحوا لي بان آخذ السجال الدائر علي صفحات الحوار المتمدن عن الإسلام والعلمانية نموذجا أوضح به فكرتي ،إن هذا السجال هو اختلاف في الرأي فكلا الجانبين لديه افكاره التي تستحق ان تطرح وأن يناقشها الجميع دونما ان يحاول اطراف النقاش الغاء بعضهم البعض ،ولكن هذا السجال تحول لدي البعض إلي وسيلة كي ينال من مخالفيه في الرأي ويهاجمهم بل وصل الأمر إلي إستخدام بعض العبارات والكلمات التي لا يصح أن تقال في نقاش يفترض أنه نقاش فكري وثقافي متمدن مما أفقد الموضوع الذي يدور حوله النقاش الكثير من أهميته وأدخل القارئ في حوارات ومهاترات جانبيه لا تفيد القارئ ولكنها قد تضره لانها تقدم نموذجا للتطرف والتطرف المضاد وهذا ما لا يصح مهما كانت درجة الإختلاف أن نساعد في ترويجه . إني أتساءل هنا كقارئة أليس من الأولي أن يحاول كل طرف القبول بوجود آخرين معارضين له في الراي وان يبدأ معهم حوار ثقافي فكري يبدأ بالإستماع للآخر وسماع حججه ومنطقه دونما هجوم أو تطاول وينتهي بطرح وجهة النظر المخالفه التي يدعمها صاحبها بالحجة والمنطق والحوار الهادئ مما يساعد في إيصال أفكار الكاتب إلي من يقرأ له ويساعد معارضيه بالتعرف علي وجهة نظر مخالفه وبهذا نساعد في أن نروج لقافة الحوار بعدما عانينا جميعا من ثقافة التطرف التي أوصلتنا إلي ما نحن فيه الآن ، كما يساعد في تغطية نقص شديد تعاني منه المكتبات العربيه وهو الجانب المتعلق بعلاقة الإسلام بالعلمانية وبهذا نكون قد قمنا بواجبنا ككتاب ومثقفين نريد أن يستفيد منا الآخرين ،أهذا أفضل أم أن نقابل المخالفين بالتشنج والتعصب والعبارات القاسية مما يفقدنا كمحاورين وكتاب كثير من قوتنا فالصوت العالي كثيرا ما يجعل صاحبه يخسر قضيته التي يدافع عنها . إن حالة الإختلاف الشديد الذي يصل إلي العداء تحمل في طياتها بعض أوجه التشابه التي تثير في نفسي الدهشة وقد يشاركني فيها بعضا من القراء الكرام ،وأول أوجه التشابه هو احتواء كلا الجانبين علي متطرفين ومتعصبينلآرائهم بصورة كبيرة تصل إلي درجة الرغبة في القضاء علي الآخر ومحاولة إسكات صوته باي طريقه ،وهؤلاء المتعصبين لا يقبلون النقد وكأنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة ،كما أنهم لا يقبلونأن يعارضهم أحد ،أو أن يطرح رأيا مخالفا . التشابه الثاني هو التركيز علي الدين الإسلامي وعلي قضايا محددة منه والعجيب هنا أن كلا الطرفان يستخدمان ذات الآيات والأحاديث ولكن كلاهما يفسرها وفقا لما يؤيد آرائه . التشابه الثالث :أن بعض المنتمين لكلا التيارين لا يقدمان جديد ،فالفكره ذاتها تطرح من خلال مقالات متعدده وباساليب مختلفه مما قد يشعر الكثير ممن القراء بالملل وقد يدفعهم للعزوف عن قراءة تلك المقالات التي أصبحت مجرد كلام مرسل لا يحوي جديد يفيد القارئ او يرفه عنه هذا المثل يؤكد بان الكثير منا وانا أضع نفسي من ضمن هؤلاء الكثيرون لا يجدون فن افختلاف الذي يعني في رايي المتواضع أن تقبل أولا بالآخر مهما كانت معتقداته واراؤه ،كما يعني ثانيا أن تدافع باستماته عن حق خصمك في التعبير عن ذاته وان تقبل وتحرص علي أن يحصل خصمك علي الفرصة الكامله للتعبير عن رايه وهذا لا يعني بالضرورة ان تتفق معه أو تؤيده ولكن عليك أن تستمع إليه وإلي ما يطرحه عليك وأن تناقشه وأن لا تحاول أن تجعل صوتك اعلي من صوته حتي تمنع صوته من الوصول إلي الناس ،ويعني فن الإختلاف ثالثا أن تناقش مخالفيك وأن تخاطبهم بالعقل والمنطق والحجة دونما أن يصل هذا الإختلاف والنقاش إلي درجة العداء ،عليك أن تحترم منطقهم كما يجب أن يحترموا منطقك دونما أن يحاول أحدكما إلغاء الآخر ،كما يعني رابعا : الا يخرج الحوار مهما اشتدت درجته وحرارته عن أدب الحوار ،فلا يجوز ونحن نكتب في موقع يسمي الحوار المتمدن أن نمارس الحوار المتخلف ونستخدم الوصاف والعبارات والكلمات التي تجرح الاخرين أو تعد سبا وشتما . اعتقد انني من خلال متابعتي لما ينشر في الحوار المتمدن اننا نسعي جميعا إلي احترام حقوق الإنسان وتطبيق الديمقراطية الحقيقية ،ولهذا فيجب لأن نقول ونفعل مانقوله ،فإذا كنا نطالب باحترام حقوق الإنسان فأول هذه الحقوق هو الحرية في التعبير عن الآراء والمعتقدات والحماية من الاضطهاد نتيجه لتلك الاراء والمعتقدات ولهذا فلا يجوز ممن يطالبون بالحرية في المعتقدات وحريتهم في التعبير عن ارائهم ويتالمون من فقدانهم لتلك الحرية أن يحاولا أن يجعلوا المخالفين لهم يلاقون نفس ما يعانوه وبالتالي لا يحق للبعض من الكتاب ان يطالب ادارة الحوار المتمدن ان تمنع المخالفين لهم ان يكتبوا علي صفحات الحوار المتمد ن ، ان من يطالب بالديمقراطيه الحقيقية عليهم ان يكونوا المبادرين بتطبيقها ويقبلوا بالآخر ويقبلوا ان يعبر عن ارائه بحرية وان رغبوا في ان يخالفوه الراي فليعبروا عن هذا الاختلاف بالحوار العقلاني . وفي النهاية أتمني أن نجيد جميعا وانا معكم فن الإختلاف ،وان نتعلم كيف نضع فاصلا بين الأاختلاف في الراي وبين العداء ،لنختلف كما نشاء ولكن لنختلف ونحن أصدقاء نحرص علي ان نتحاور ويستمع بعضنا لبعض ،صدقوني ان الاختلاف مهما بلغت حدته لا يعني انتفاء الصداقة والود وساضرب لكم مثلاعن أمكانية ذلك ،فانا لدي صديقه اعتبرها اختا غاليه علي قلبي ولكنها من اشد المؤيدين والمعجبين بافكار ابن تيمية بينما انا من اشد المعارضين والمختلفين مع ما يطرحه ابن تيميه ومع ذلك فنحن صديقات يجمعنا الود والحب رغم اننا كثيرا ما نتجادل ونتناقش دون ان تؤثر احدانا علي الاخري ورغم كل النقاشات بقينا صديقات ،وهذا ما اتمني ان اراه هنا علي صفحات الحوار المتمدن ،لنختلف ولنتجادل دونما أن نعادي بعضنا البعض لنبقي رغم كل الخلافات في الرأي أصدقاء واخوة
#سهام_فوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحبة الجمهورية الإسلامية
-
من المسئول
-
عدت يايوم مولدي
-
الاحزاب الدينية في العراق
-
لماذا سقطوا
-
57357 العراقي
-
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
-
معالجة خطوط الانفصال
-
القضية الفلسطينية في خطاب اوباما
-
رسالة طفل
-
رحلة سريعه مع المرأةعبر العصور
-
ردا علي تعقيبي علي مقالة المرأة المسلمه
-
معلمتي وأستاذتي د معصومة المبارك شكرا
-
نداء إلي السيد نوري المالكي
-
أنفلونزا الجهل
-
تحالف الذئب مع الحمل
-
اطيعي أو انتظري قرار ثلاثة أرباع الإله
-
إيران-المجلس الأعلي-حزب الله كفي فقد تجاوزتم المدي
-
تعليق من قارئ علي كتاب جمال البنا وردي انا ومن يرغب بالرد عل
...
-
تعليق من قارئ علي كتاب جمال البنا وردي أنا ومن يرغب علي التع
...
المزيد.....
-
كيف ستساعد بقايا سيارة الـBMW بهجوم المشتبه به السعودي على س
...
-
إسرائيل تواصل هدم وجرف المنازل والبساتين في الجنوب اللبناني
...
-
حادثة بـ-نيران صديقة- تسقط طائرتين أمريكيتين فوق البحر الأحم
...
-
الحوثيون يحذرون الدول من مساندة إسرائيل في غاراتها على اليمن
...
-
الثاني في أسبوع.. زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزر فانواتو
-
في ظل تهديد -وباء رباعي-.. المصادر الغذائية الرئيسية لفيتامي
...
-
مباشر - سوريا: تركيا ستفعل -كل ما يلزم- إذا فشلت الحكومة الج
...
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 13 شهيدا جراء قصف إسرائيلي متواصل على
...
-
الحوثيون يكشفون خسائر الغارات الإسرائيلية على موانئ الحديدة
...
-
قوة متحالفة مع جيش السودان تسيطر على قاعدة -الزُرق- بدارفور
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|