أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - جواز سفر .. قصة قصيرة














المزيد.....

جواز سفر .. قصة قصيرة


أمل فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 2751 - 2009 / 8 / 27 - 08:43
المحور: الادب والفن
    


كان ذاك اليوم الذي تقرر فيه استلام الجواز من مجمع التحرير بالقاهرة .. التقيت به في طريق عمومي حيث التقاطع العابر الى هناك .. كانت عيناه محمرة للغاية .. وقفت أحاكيه لعلني اعرف ما تم التوصل إليه في أمره .. كان وقتها قد خرج من الحبس المؤقت .. على أن يرتب أوراقه للسفر خلال ايام .. لقد أصبح من المبعدين .. كيف لا أعلم .. إنما أتذكر شجنه الصارخ .. قال لي وأوصاني على زوجته لحين أن يترب اوضاعه هناك .. قلت له إلى أين .. قال لي حالي حال الجميع يا أختي .. تصورت حالته كيف .. ولكني كان قد أشتد بي غضب عارم وشعور بالقرف من كل خطوة .. أخذت انظر إلى قدمي وأرقب آثار الخطوات لعلني .. أجد أثرا ما .. نسيت أن أحدد وجهتي للذهاب .. كانت الحرارة قد أحرقتني .. ولكن شعوري بالحرقة أولع صدري .. وكلما احترت الوجهة نظرت إلى الخلف .. الى مكان وقوفنا .. بعدت المسافة .. حتى اتجهت شمالا .. في شارع رمسيس .. وقتها شعرت بالغربة والوحدة والألم .. صراط يجب السير عليه .. صراط من نار يحرقنا .. تفاجأت بنفسي على باب منزله .. فتحت تلك المرأة الباب .. وطفل يقف بين قدميها .. نظرت إليها .. وإليه .. يضع اصبعه في فمه وشعره منساب على عينيه .. تحركت إلى الداخل .. أحاول أن ابحث عن رائحة تلك الأيام .. عما قليل سوف تختفي .. وربما تختفي أسماء الأشياء هنا .. جلست أتحسس الأثاث فيه .. وعيون الزوجة تنتظر مني الكلام .. كان صمتي حريقة في داخلي .. قلت لها .. لما لا تبقي هنا ويسافر هو .. قالت لعله خير لنا .. التصق الولد بها ولازال يضع اصيعه في فمع .. سرحت في ملامحه التي تشبه ملامح الرجل الذي احترمه .. وجدتني استنطقه عبارت الألم قبل الأوان .. كانت سيجارتي ملاذي الذي إذا ما اشتد بي الصمت أولعتها واختفيت خلف ضباب دخانها .. كثيرا ما أشجاني وضع الحال بنا .. تدراكت دخوله فجأة .. جاء بجانبي .. ومازالت عيناه محمرة اللون .. أخرج جواز السفر .. وثيقة لاجئين لازالت تعمل عنوان هويته واصله .. كسر الحزن دعابته المعهودة .. حيث يتصافح الهوية وكانها قدر جلل قال لي .. لقد وجدت قريب لك يستخرج اوراق للسفر .. عرفت انه عمي عبد الكريم .. لكنه مسافر للاستقرار بإرادته الى غزة .. أما أنا فمبعد أخاك لا بطل .. أخذت أتامل جبينه وعينيه .. وهو يرتب محفظته وأوراقه .. ويحاكيني بصوت لا أسمعه .. قررت الذهاب فجأة .. قال لي اليس لديك تعليق .. تركته محمل بالأسى وقلبي خافقا وداعه قبل الأوان .. قلت له سوف أعود غدا .. مرت الأيام دون أن ألحظ مرورها .. وسافرت الزوجة حيث استقر به الحال في بلدة صغيرة على حدود الداخل المحتل .. وكنت اهرب كثيرا من زيارة ذلك المنزل الذي أصبح غريبا عني .. فكرت يومها أن أروم تلك الديار ولو مرة واحدة .. كنت أسير في الشارع أنصت لتلك الحوارات بصداها الممتد عمقي .. حتى وصلت الى باب العمارة .. تعالى الحنين وشجني داخلي يعتصرني .. كنت أتخايل به آتيا نحوي .. وصوت ولده يناديه .. تذكرت عجلته في الطريق عندما يلمحني قادمة إليه .. وضحكته التي هي الآن تبكيني .. وتذكرته مصافحته للمرة الأخيرة .. وقتها عرفت فقط سر احمرار عينيه .. عدت أدراجي احمل قلبي المتهافت بين ضلوعي .. ورائحة المكان والذكرى .. تملأ الشريان مني .. فانساقت قدماي تحملني قسرا .. تباعدني المسافات حيث الامعنى وحيث اللا مكان ..



#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية فيلم سينما .. مشاكلة لواقع متأزم
- أبيض وأسود .. تل الزعتر
- الخلية الحرة .. قصة قصيرة
- تعويذة ..
- في فلسفة العنف
- الدراما العربية بين سؤال الحرية ومفهوم القيمة
- ظلال .. ألوان
- إلى .. مريم
- رسالة .. إلى أبي
- انتزاع .. تحية للأسرى
- نثار .. الشمس
- فيلم الريس عمر حرب .. وإشكالية الفاعل والمنفعل
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. (8 )
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. ( 9)
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. ( 10 )
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. ( 11 )
- تسكنني .. مدينة
- جدل الخبرات وشروط التمكين ..(7 )
- ويبقى ..
- دهشة ..


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - جواز سفر .. قصة قصيرة