أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سليمان - حوارات استشرافية:صباح الخراط زوين/أمسيت رمزاً خارج جسدي















المزيد.....

حوارات استشرافية:صباح الخراط زوين/أمسيت رمزاً خارج جسدي


أحمد سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 837 - 2004 / 5 / 17 - 03:29
المحور: الادب والفن
    


صباح الخراط زوين
أمسيت رمزاً خارج جسدي
_ أتساءل عن علاقتي باللغة الفرنسية
_ هل عاش الشاعر اللبناني مدينته ؟
_ انتهت الإيديولوجيات والعصر الذهبي للأفكار الثورية
_ كل الأحزاب التي تحكي بالحرية فاشية .


انطباعية منذ البدء ، ترتكز على موروث أساسه الثقافة الفرنسية ، ولأنها اكتشفت في وقت لاحق أن صلتها باللغة الفرنسية مبنية على تفاعل ثقافي ، إذ لم تكن هذه اللغة متأصلة في بنيتها النفسية أو مكانها الحيوي نجدها تتساءل عن هذه العلاقة وما نتج عبرها ؟!
يأتي هذا الهاجس بعد إصدارها مجموعات شعرية عدة ، وبعد مضي سنوات يتوج ذلك بترجمة كل ما كتبته إلى اللغة العربية حيث أصدرتها في كتاب حمل عنوان " بدءاً من ، أو ، ربما " .
هي ذي الشاعرة صباح الخراط زوين ، نرصد تجربتها بدءاً من (على رصيف عار 1983 - هيام أو وثنية 1985 - لكن 1986 - كما لو أن خللاً 1988 - ما زال الوقت ضائعاً 1992 - البيت المائل الوقت والجدران 1995) فضلاً عن كتاباتها الصحفية إلى جانب الترجمات الأدبية وصولاً إلى سجالنا معها ، ومن ذاتً الخللً الذي تخمنه كان الحوار .

_ لماذا الجسد ؟ أعني في غالبية كتاباتك يلاحظ القارئ انحياز واضح للجسد .
- أمازج الجسد بالمكان، أيضاً ثمة انحياز للمكان ، لأن هذا الأخير معادل للجسد ، ذلك أن الجسد بالنسبة لي هو العمق الأكثر براءة في الكتابة . تالياً أرى الكتابة هي إثم والجسد بريء من هذه اللعنة .

_ لا أدري يبدو لي الأمر في أحايين كثيرة أن هذه المعادلة نتبينها عند سائر شعراء الحداثة ، ثمة ما ألاحظه في ثنايا مجموعتك " كما لو إن خللاً" نفياً للأنوثة وأحياناً يبدو الأمر ملتبساً
- مطلقاً أجيب ، قبل أي شيء أرفض أي تصنيف يضعني بين النساء ، لست مع هذه الصفة ، قد أكون مصابة "بالميزاجونية " أي الرجل الذي يكره النساء (وصفت هذا اللقب إستعارة من الرجال) ذلك أنني أجد بالجسد كائناً فحسب ، ليست له وظيفة عدا ذلك ، ربما كائناً ملائكياً ، فلست إمرأة على الإطلاق ، إنني شاعر[ة] بآن معاً .

_ ألهذا قلت في "البيت المائل والوقت والجدران" "ما زلت واقفاً في بريقك بين الضوء والضوء وأنا بلا قعر" ؟
- لست أعرف ماذا تعني - لنقل ما معنى مصطلح إمرأة ، لما ولدت ولما بدأت أكتب (وكتبت باكراً جداً) ولما تابعت الكتابة لم أفكر يوماً أنني سأكون مصنفة إمرأة وغيري مصنف رجلاً ، كتبت على أساس أنني كائن حيوي ، أما "بلا قعر" وردت من مبدأ الكتابة وتجلياتها وليست من مبدأ جسدي ، أرمز بذلك الى جسد بلا ملامح جنسية .

_ أيضاً تقولين "ينوء نظري إذا ما اقتربنا من جسدينا" يحيل هذا النص الى عكس إجابتك .
- أين المشكلة ؟ فهذا طبيعي ، فأنا عندي جسد لكنه غير جنسي ، جسد فحسب ، أكيد وإلاّ كيف أمشي وأكتب وأنام ، لكن هذا الجسد بأعضائه التي أسميها لا يعنيني البتة، أكرر لست امرأة بالمعنى الشائع ، ولست أنثى ، أقارب بمنأى عن أي تصنيف كياني للجسد.

_ بعيداً عن الإصطلاح الذكوري والأنثوي ، يحيل النص نفسه إلى خجل "يميل نظري إذا ما اقتربنا" هذا الشعر قائم على نفي ما سبق ،
- بعيدة كل البعد عن "الخجل" أنا جريئة و"وقحة" إن أردت . لكن إذا عدت إلى العنوان ، ترى أن "البيت والجدران والوقت" مائلين والنظر بطبيعة الحال سيكون مائلاً هذه الكلمة تعنى بالصياغة اللغوية ولا توحي بشيء نفسي - النظرة المائلة هي الكتابة المائلة .

_ نفهم بأنك ترفضين الشكل لا الرمز ، لكن كيف تفسرين قولك "كي لا يتلاشى الشكل ونحن في قلب المكان والكتابة تشبه كل هذا البيت" ثم ترد "القنطرة العالية" ثم تقولين "أجسده سرداً شكلياً" وفي مكان آخر نقرأ "مكاننا يعيدنا الى وقت ما زال مائلاً"
- تعليقك صحيح ، بالنسبة لي الشكل هو المهم ليس الموضوع الشكل يغيب باستمرار وأنا بموازاة الشكل أسعى الى إلغاء الحافة بين الإسم ورمزه هذا ما عبّرت عنه في كتاب "ما زال الوقت ضائعاً" ، بمعنى آخر بت أسأل كيف إلغاء المسافة بين الشيء ورمزه ؟

_ يحيل عنوان مجموعتك "كما لو أن خللاً أو في خلل المكان" إلى كائن لغويّ مأزوم في الحياة الكتابة .
- عندما أتكلم عن مكان ما ، ليس بذلك بحثاً في الجنينية ، ربما أمزج بين المكان الأول والمكان الذي أبحث عنه ولم أجده ، لا أعلم إن كانت الكتابة الشعرية في هذا المعنى مستديرة أو خطية ، فهي متاهة على أية حال في "كما لو أن خللاً" كان الشعر عندي خطياً ، حتى الإنفلات والضياع والتلاشي ، أما في كتب أخرى لم أحدد شكل الكتابة ربما كانت مستديرة خصوصاً في كتاب "البيت المائل والوقت والجدران" حيث بدى محتواه ككتابة انطباعية ومشهدية والى ما هنالك .

_ سأعود بك الى "ما زال الوقت ضائعاً" يبدو الرمز متماهياً في حالة من اللا معقول به لنورد بعض فقرات :
هل يجوز الكلام في غمرة النهار ، إني في احتضار وكيف خارجاً - أكتمل"
أشير الى مفردة "خارجاً" لكونها الجنين الوصفي للشكل . ثم أحيل إلى أمسيت رمزاً خارج جسدي" سوف أقارن ما أوردته بما تضمنته مجموعتك "البيت المائل" بعد أن كان دأبك على إظهار الشكل نتبين إرجاء الشكل ليقوى الرمز كيف تعللين ذلك ؟
- ملاحظتك في محلها ، في "ما زال الوقت ضائعاً" أبحث عن الشكل . بالنسبة لي الشكل والرمز متوازيين ستلاحظ بأنني حاولت في هذا الكتاب أن ألغي الرمز ، سبق وأشرت حول ذلك ، لهذا أقول "كيف الكتابة خارجاً" أعني بذلك أن أكون "خارج الرمز" يبدو لي أن الرمز يلاحقني ، وفي نهاية الكتاب لاحظت أنني وصلت إلى مأزق ، هنا ، كيف الخروج عن الرمز وكيف البقاء داخله . وذكرت في واحدة من القصائد "كيف وصلت إلى هذا المكان" ذلك أنني وصلت إلى الحد الفاصل . وردت كثيراً هذه العبارة ورأيت البياض (أي اللا شيء وكل شيء بآن معاً) وقد احالني ذلك إلى ما بعد الموت ، وأبعد من الأزل . مكان آخر لا يشبه الموت ولا يسبه الأزل لست أعرف ما هو .

_ ذلك يحيلنا أن المكان في الجسد الكتابي .
- هذا مؤكد ، أبحث عن مكان موجود في المشروع الكتابي ، الذي لا ينفصل عن مشروع المكان - إذاً هو مشروع أبحث فيه باستمرار ولا أعتقد أن مشروع الكتابة يبدأ في اللا وعي .

_ صباح ، ما ندعوه بالأكاذيب البيضاء، حيث كل شاعر يفترض بداخله كائناً لغوياً ، بالنسبة لك هل يرضخ هذا الكائن لمعايير معيّنة ؟ بينما تكون الكتابة خارج نطاق العقل ؟
- مَنْ يعرف بماذا يفكر العقل ؟ ربما في كل لحظة يفكر عقلي شعرياً وأتعرّف إجتماعياً ما رأيك؟ أين هي الحدود بين العقل واللا عقل ؟ لا يستطيع أن يبرهن أحداً حتى الآن ، حتى العلم بمنأى عن ذلك ، ربما الشعر يستطيع الولوج الى ذلك ، فإذا كان هناك ثمة من يعيشون ويفكرون إجتماعياً ثم يقدموا لنا كتاباً شعرياً فهذا ليس بالشعر ، أو ربما نستطيع إعادة النظر فيه .

_ ترد مفردة "بابل" بأكثر من سياق بعضها قائم على وصف من ينظر في المرآة ويجد "بابل" تحذره فهل بابل وجه آخر للمكان بالنسبة إليك ؟
- شكلت بابل بالنسبة لي المكان الأول ، الأزلي ، الذهني ، ولما كتبت "ما زال الوقت ضائعاً" رأيت نوراً كثيفاً وشمساً وذهباً ، كنت في حالة لاهوتية وبابل المكان اللاهوتي والسماوي أيضاً، كانت هذه الكلمة تشع كالشمس المضيئة ، الذهنية اللاهوتية والإلهية وما لست أدري .

_ ثمة مقطع بما معناه : تخرجين والأزهار تطلع من تحت قدميك .
- ربما صور شعرية لاهوتية، كنت في لا معقولية الكتابة، في بداية الكتاب توجد قصيدة تتكلم عن "الفقر" أريد الفقر في الكتابة، حاولت إلغاء التصوير والألوان والرموز ، لكن يبدو لي أن الكتابة تغلّبت عليّ .

_ أصدرت عدداً من المجموعات الشعرية باللغة الفرنسية كيف كانت تلك التجربة ؟
- إنها في المشروع الكتابي ذاته ، وهذا ما أنجزه لليوم ، منذ تلك الكتابات حتى اليوم ما زلت بنفس الإتجاه الكتابي على اختلافات بسيطة في الشكل والتعبير ، لكنني ما زلت كما لو أنني في ذات الكتاب الأول مثلاً أستطيع أن أقول أنني اعتمدت الكتابة السوريالية (ليست تماماً سوريالية ، هي ملونة جداً وبدائية من حيث تفكيري) كنت كالشاعر البدائي الذي ينتمي الى الأشياء المحسوسة والمرئية ، الباهرة كان عندي بعض الحس الغرائبي ، أما عن التصوير لا أدري من أين أتاني وما هو مصدره . سوف تلاحظ أن تاريخ النشر 1983 وتاريخ الكتابة 1981 ، قبل هذا الكتاب كانت لي تجارب لم أنشرها كنت في الحادية عشر من العمر .

_ ماذا عن قراءتك في تلك الفترة ؟
- كانت قراءاتي قليلة جداً ، كامو ، سارتر ، أما بروتون قرأته فيما بعد،حين أنجزت الكتاب الأول دخلت عالم "الزعيم السوريالي" أما في الكتاب الثاني كنت وثنية ولاهوتية في سياق آخر أجدني إنطباعية جداً فلو كنت رسامة لرسمت ذلك .

_ هل ذلك مهم في الفعل الكتابي ؟
- لست أعلم ، ذلك كان إحساسي على أية حال ، والعنوان يشير إلى أنني لاهوتية جداً بالمعنى الوثني المسيحي ، كان هذا مفهوم اللاهوت وثمة طغيان للموت وعودة التراب والمشاركة الإلهية أيضاً في الكتاب الثالث "لكن" بدت التجربة في هذا المضمار ، حيث الصعود حتى الإلتحام بالإله لكنها رؤيا لاهوتية كثيفة ، أرى السماء رمادية والبشر ملتحمين مع الإله ، أيضاً تكلمت في هذا الكتاب عن الوحدة ، وعن الحضور الشامل في المكان والزمان والأبد كلها معان لاهوتية أتتني بشكل عفوي ولم تكن مستقاة من القراءات .

_ أعتقد بأن معضلة الإنتماء الى اللغة بدأت في كتاب" بدءاً من ربما" ؟
- في هذا الكتاب عانيت وبقسوة من معضلة اللغة ، رحت أفتت اللغة وبدأت أتساءل عن علاقتي باللغة الفرنسية ، هذا ما جعلني أنتقل بعد هذا الكتاب مباشرة الى اللغة العربية ، مارست شيئاً من القتل للغة التي بدأت تخنقني ، فهي لغة غريبة عليّ وهذا طبيعي ، وصلتي الوحيدة بها صلة ثقافية وليست صلة حيوية كما هو الحال في اللغة العربية / لغتي / .

_ سؤالي سيكون عن طبيعة الترجمة ، خصوصاً حين تخضع اللغة إلى متغيرات مثلاً نلاحظ مفردات كانت تستخدم في الثمانينات والترجمة لنصوصك كانت منتصف التسعينات .
- لم أكتب بالعربية ، لم أستعمل كلمات رائجة ، حتى حين أكتب بالعربية في "كما لو أن خللاً" خصوصاً في النصوص النثرية خالفت هذه اللغة الرائجة التي لا أطيقها ، وأعتقد أن نصوصي النثرية كانت انتقاد لحالة الكتابة في الثمانينات التي استهلكت مراراً . وبما أن لبنان لا يعيش لغة فرنسية (إنه يدرسها فقط) لذا كانت المصطلحات تخصني .

_ ألم تخضع النصوص الفرنسية (خاصتك) لترميم أثناء الترجمة ؟
- لا أبداً ، بل إعادة الكتابة . هذا ما كان في فكري ومشروعي ، ومشروعي ليس الترجمة، وحين بدأت الترجمة لاحظت أن إعادة الكتابة مؤلمة . بمعنى آخر لا يمكنني إستعادة اللحظة التي عشتها أثناء الكتابات، في هذا السياق إن إعادة الكتابة هي كتابة جديدة بذلك أكون وفية لهذه الكتب ، لذا أنقلها حرفياً وجذرياً بكل دقتها ولاحظت أنه في النقل خسرت اللغة المنقولة ، مثل الإيقاع والموسيقى التي أتت باللغة الفرنسية وهذا ما خسرته باللغة الفرنسية ولست نادمة لأن ما يهمني الآن هو أن أنقل ما قلته في السابق وهو غير منفصل عن مشروعي الكتابي .

_ قارئ "البيت المائل والوقت والجدران" تبدو له المجموعة وجهاً آخر لنصوص مجموعاتك السابقة لكن موضوع الجسد جاء رمزياً الى حد ما .
- في المجموعة الأولى والثانية ثمة حساسية مبنية على الومضات لا يمكن قراءتها قراءة ذهنية إلاّ إذا كان القارئ متمعّناً . بينما في "البيت المائل والوقت والجدران" هناك تفاصيل أحياناً عادية جداً وساذجة . هذه التفاصيل وجدت علاقات متناغمة بين اللوحة الأولى والأخيرة وما يؤخذ على هذا الكتاب مراوحته عند حدود الجسد عكس ما ورد في الكتابات الأولى بحيث جاءت بصيغ عدة لكن الأمر مختلف تماماً عندما تدخل في مشروع نثري ، ذلك يجعلني بمنأى عن ذكر تفاصيل الجسد ضمن التفاصيل اليومية ، ما يدعم قولي حين سميت كل نص بـ لوحة . حيث أرسم تفاصيل الغرفة مثل الجدران / الكرسي/ الطاولة / الشباك . كان الجسد في معنى ما غامضاً . الآخر كان أغلب الأحيان "يغادر" أو "نائم" .

_ أيضاً يمكننا القول أن الآخر كان مفترضاً .
- أنا لا أخترع الآخر ، أكتب من معاناة حقيقية لكنني أضعه في الكتابة وفق ذائقتي ، وكما رأيته.

_ صباح هكذا كتابات بدأنا نلاحظ انتشارها في غير مكان ، كيف تنظرين الى هذه الكتابات موازاة مع تجربتك ؟
- إذا تعني النصوص النثرية التي بدأت تنتشر في السنوات الأخيرة في بيروت لستُ من أولئك الشعراء على الإطلاق إنما كلهم متأثرون في الكتابات الفرنسية . الشعراء اللبنانيين والأنكلوسكسفونيين يتأثرون بالشعراء الأمريكيين (هذا لا يعني أنهم يقلدون) فالتأثير موجود في كل العصور والأزمنة . هذا في الهامش إن أردت . بما أنك تتكلم حول كتابات رائجة في السنوات الأخيرة (هذا ما لاحظته أيضاً) طرحت السؤال على أحد الشعراء : على كل شاعر أن يختار قصيدة النثر في إحدى حقباته الكتابية ، وقلت بأنني لاحظت عدة شعراء يكتبون القصيدة الحرة ، فجأة يطلع لنا بكتاب نصوص نثرية (وهي ليست شعرية) هذا ما جرى بالنسبة لي ، هذه النصوص كانت حاجة كنت في الطريق إلى كتابة قصة لكن يبدو لي أني لست صالحة أن أكون قاصة أو روائية فمنذ النص الثاني إنتبهت أن كتابتي تتجه نحو المادة الشعرية حينها ألغيت المشروع وبقيت ضمن الشعر ، وإذا تلّمح إلى أن هناك بعض التقليد أي أن هذا أو ذاك كتب نصاً نثرياً والآخرون يتابعون الطريق ، هذا ليس صحيحاً .

_ في الآونة الأخيرة نلاحظ بروز العديد من التسميات الكتابية جميعها تحاول تقويم الشعر في أيّ موقع تجدين نفسك من هذه التسميات ؟
- إني دائماً خارج التسميات ، لأنني لا أحب الشعار ، للأسف كل شيء في هذه الدنيا بدءاً من كلمتي الحالية معك تتحول إلى شعار إذا مرّ عليها دقيقة . لكن الاجتهاد الشعري هو أن نحارب التحنيط ، لذا أحاول أن أكون بحجم الفعل الكتابي ، في هذا الصدد هل عاش الشاعر اللبناني مدينته ؟ لم يعش إلاّ الحرب والفوضى ، لذا المنابع والمصادر الكتابية تبدو فوضوية وعشوائية .
_ مع ورود مفردة "الفوضى" والحرب" نحيل الى بعض حركات أدبية مثل الدادائية والسوريالية كانتا تحاولان قراءة العالم بأعين جديدة ، ذلك في وقت كان العالم ينزف من حروب كبرى ، حيث أسهمت هذه الحركات بصوغ مفاهيم مضادة للحرب والقيم السائدة ، في لبنان ألم يحدث أمراً كهذا ؟
- على الإطلاق ، لا أعتقد .. لأننا لو كنا سنفعل شيئاً من هذا القبيل لكنا فعلنا في بداية الحرب لم نفعل شيئاً من هذا النوع أقله في لبنان . وأعتقد أن العرب أيضاً لم يفعلوا شيئاً لأنهم ما زالوا يختلفون على الجديد والقديم ، هذا طبيعي كما تعلم في هذا العصر قيل كل شيء ، وهو عصر السياسةالاقتصادية التي تسلَّع الأفكار والعقول إذ انتهت سياسة الإيديولوجيات والعصر الذهبي لتلك الأفكار الثورية - بمعنى آخر السياسة الإقتصادية أماتت كل شيء ، وربما وصلنا اليوم إلى تخوم الأفكار ولم يبقَ لنا إلاّ أن نشتغل بالتجارة ، هذا ما تبقّى من العالم .

_ السياسة عدو الشعر هذا كلام دقيق ، لكن ألهذا الحد يتمكن منا جحود العالم ؟
- نعم فالشعر ليس إيديولوجيا ، الشعر حر ، الإيديولوجيات فاشية ، كلهم فاشيون . كل الأحزاب العالمية التي تحكي بالحرية فاشية ، الحزب الوحيد والحر هو حزب الشعراء .

_ لديّ سؤال محوري، كيف يتمكن الشاعر مواجهة العقل "المؤسساتي" حيث تبدو الأمور معكوسة ونلاحظ "الثقافي" سليل "السياسي" ؟
- إذا خرجت الى المنفى (وكثر المنفى في النصف الأخير من القرن العشرين) تستطيع أن تصدر مجلة على ذوقك ، ومنشورات على كيفك ، وتستطيع أن تقول ما تريده ، إنما إذا بقيت ضمن هذا الوطن المؤسساتي الطاغي الذي يقمع لا يمكنك سوى كتابة ما تريده وتوزعه بشكل سري وتهرّبه إلى الخارج ، على أية حال المؤسسات لا تستطيع أن تمنع الشاعر من أن يكون مبدعاً ، فالشاعر في زنزانته يستطيع أن يكتب ما يريده هذا ما فعله "المركيز دوساد" .

_ ختاماً أود أن ألفت هذه المؤسسات أقصت الشاعر والمثقف .
- صحيح الهمّ المؤسساتي في البلدان العربية بالنسبة للشاعر يتحوّل الى همّ آخر في البلدان الرأسمالية ككل شاعر له هموم معيشية صحية عائلية وطنية إقتصادية وغير كتابية .

حاورهاأحمد سليمان: رئيس تحرير مركز الآن للثقافة والإعلام
[email protected]
00491626534011



#أحمد_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوارات استشرافية:سركيس ابو زيد / شجع الغرب بعض الحركات الأصو ...
- حوارات استشرافية:عباس بيضون أن غياب الإيديولوجيات هو بالنسبة ...
- انقذوا كتابات الباحث والروائي ربيع خليل من الانذثار- حملة تو ...
- ضجيج الأمكنة
- د. طيب تيزيني والدعوة إلى تجمع ثقافي عربي
- حوارات استشرافية أوغاريت يونان في توصيف الدلالة .. بصدد الدي ...
- حديث الأعماق
- احمد سليمان في كتاباته الشعر احتمال وجودي، ونصية بلغة فائرة ...
- آخر الحي الأثني --- أول النفق المزدحم
- خـــــدر السهــو
- الوجه الخفي لأمراء الإرهاب - مرويات من العاصمة الجزائرية
- التجريب والأسلاف الغائبون ومعضلة الكتابة
- ليس في الأمر لعبة سريالية، سوى اننا نتحدث عن كاتب ومشروع مفك ...
- حوارات استشرافية: الخروج على لعبة الإمام السياسي -جاهلية الع ...
- حوارات استشرافية: حوار مع الدكتور عبد الله تركماني عن الأحزا ...
- نحو تشكلات تؤسس لحق التعارض والإختلاف
- غبار وبايب وخسائر
- حوارات استشرافية د. ميشيل كيلو في مراجعة المفاهيم والمحددا ...


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سليمان - حوارات استشرافية:صباح الخراط زوين/أمسيت رمزاً خارج جسدي