سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 837 - 2004 / 5 / 17 - 03:16
المحور:
الادب والفن
اسمه عبد الله بن محمد ، من الأوس ، ثم من الأنصار ، وعرف بالاحوص ، لحوص ( صغر ) في عينيه ، وكنيته أبو محمد ، كان قليل المروءة والدين ، هجّاء للناس ، لشعره رونق ، وعذوبة ألفاظ 0
نزل الاحوص عند الخليفة الوليد بن عبد الملك ، فراود خبازين عنده عن نفسيهما ، إذ كان مؤبونا ، فاعاده الوليد الى إبن حزم ، والي المدينة ، وأمره أن يجلده مئة جلدة ، ويصب على رأسه زيتا ، وأن يُشهر به في طرقاتها ، ففعل به ذلك ، بينما كان الاحوص ينشد :
ما من مصيبة نكبة أمنى بها
إلا تشرفني وترفع شأني
إني إذا خفي اللئام رأيتني
كالشمس لا تُخفى بكل مكان ِ
تاب الخليفة يزيد بن عبد الملك عن شرب الخمرة واللهو ، بعد ملامة من أخيه ، مسلمة بن عبد الملك ، فأساء ذلك جارية له ، تدعى حبابة ، وكان هو مفتونا بها ، فبعثت للأحوص ، ولمعبد المغني قائلة لهما : انظرا ما انتما صانعان ! فقال الأحوص :
إذا كنت لم تعشق ولم تدري ما الهوى
فكن صخرا من يابس الصخر جلمدا
فما العيش إلا ما تلذ وتشتهي
وإن لام فيه ذو الشنان * وفندا
فغناه معبد ، وأخذت عنه حبابة ، وقالت ليزيد : يا أمير المؤمنين ! اسمع مني صوتا ، ثم افعل ما بدا لك ، فلما فرغت منه راح يردد :
فما العيش إلا ما تلذ وتشتهي 00الخ ، وعاد بعد ذلك الى لهوه وشرابه 0
كان الاحوص يتعشق أمرأة من نساء المدينة ، تسمى أم جعفر ، ولم تكن هي تبادله العشق ، فوقفت عليه ذات يوم ، وهو في مجلس قوم قائلة له : إقض ِ ثمن الغنم التي ابتعتها مني 0 قال : ما ابتعت منك شيئا ! فقالت بعد أن بكت وشكت فقرها وحاجتها : يا قوم كلموه ! فلامه قومه وقالوا : إقض ِ المرأة حقها ! فجعل يحلف أنه ما رأها قطّ ولا يعرفها ، فكشفت عن وجهها وقالت : ويحك ! أما تعرفني ! فجعل يحلف صادقا أنه ما يعرفها ، ولا رأها أبدا ، وحين تكاثر الناس واجتمعوا حولهما ، قالت : يا عدو الله ، صدقت والله ، مالي حق عليك ، ولا تعرفني ، ,انا أم جعفر التي تقول عنها في شعرك ، قلت لأم جعفر ، وقالت لي أم جعفر ، فخجل الاحوص وانكسر ، ومما قاله فيها قوله :
وإني ليدعوني هوى أم جعفر
وجاراتها من ساعة فأجيبُ
هبيني امرءً إما بريئا ظلمتهِ
وإما مسيئا مذنبا فيتوبُ
وفيها يقول كذلك :
لقد صنعت معروفها أم جعفر ٍ
وإني الى معروفها لفقيرُ
أدور ولولا أن أرى أم جعفر ٍ
بأبياتكم ما درتُ حيث أدورُ
ويقول ، وعنده الحب دواء وداء :
ما عالج الناس مثل الحب من سقم ٍ
ولا برى مثله عظما ولا جسدا
= = = = = = = = = = = = =
* الشنان : الكره 0
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟