أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات إسبر - قراءة في دفتر الزمن














المزيد.....

قراءة في دفتر الزمن


فرات إسبر

الحوار المتمدن-العدد: 836 - 2004 / 5 / 16 - 14:35
المحور: الادب والفن
    


"العالم كبير ، ولكنه في داخلنا عميق كالبحر"
رلكه
القراءة الأولى

ولادة كانت بين السهل والجبل ،أم تعثر المخاض بها ، نساء القبيلة ينتظرن خروجي، جسد من الماء والطين جئت ، عندها استيقظت القرى على صوت أمي وكنت دمعتها الثالثة.
من أين جئت أيها الجسد الطيني ؟
أكلَّ الشهوات تنجب أجساداً إلا الورد لا ينجب إلا الزهر !!
وذاك هو المخاض الثاني، تخيلوا لو كان العالم وردًا، تخيلوا لو أن جميع الأجساد تتحول إلى ورود.
ما زلت اذكر بيتنا الأول حيث كانت الشمس تأتي إلينا كل صباح ، تحكي لنا حكايتها عن أبيها الأفق الذي خان أمها وهي في المهد، عندها أقسمت أمها أن تبقيها عارية إلى الأبد ، لم أصعد الجبال ولكني كنت أنام في عمق ألمها، كانت تحكي لي عن انخداع البشر بجبروتها وما تراكم من صخر فوقها لم يكن إلا حزنها الذي تحجر بفعل الزمن .
أمي أخبرتني فيما بعد ، وبعد أن خرجت من رحمها حافية القدمين ، أشعلت نساء القبيلة النار ، غسلوني من أثار حضوري الأول ، وعمدوني بالريحان ، تلك هي العادة في قريتنا الغافية في أحضان البحر ، والتي يقولون عنها إنها كانت تنام في حضن القصب.
تغيرت الأحوال ، جسدي الذي جاء من الماء والطين والرغبات ، قويت قدما ه وعيناه ابتدأتا بالرؤية ، لندخل إذاً في القراءة الثانية .

طفولة تشبه الحلم ، كل ما هو عالق في ذاكرتي وجوه غائمة أتذكرها ، وكنت غير قادرة على قراءتها ، لم يكن غموضاً مني ، ولا ضبابية بها ، كان فرق الزمن ، لم أتعلم قراء ة الناس في كتاب الحياة كما تعلمتها في مدرستي الأولى، كنت أحكي لأمي بعض ما أقرأ في طريقي إلى المدرسة ،كانت تقول لي الغابات واسعة والبشر مثلهم، ولكني أنا اليوم لست مثلها ، ما بيني وبينها مختلف،نحن وجهان لحواء، هي سمكة وأنا طائر، وما بيننا الغموض غابات نتيه بها ولكن أبداً لن أعود إلى رحمها ، وهي أبداً لن تلدني ثانية.
أنا أحب أبي أكثر من أمي وهي تعلم ، لا أدري لماذا عليّ أن أعيد ترتيب ما بيني وبينها ، أعطتني بعض من فضائها ولكني كنت بفضائي أوسع، فضائي لم يكن له جدران ، من وضع القواعد ؟
أنا دوما َ كنت أجيد كسر الأشياء وهي كانت تعلم ذلك.
العالم رائع بما فيه من مخلوقات ،رائع بفراغه اللامحدود في الأفق ، وفيما وراء الأفق ، في السماوات ، رائع بأرواح البشر الغامضة، الواضحة، المعقدة والتي أنا واحدة منهم ، عقدي ليست مني اكتسبتها بالوراثة رغم فضائي الواسع .
سأشعل ناري ، شئ ما قد تغيرّ في جسدي ، علي أن أخرج منه لقد ضاق بي ، لندخل في القراءة الثالثة.
امرأة تفتح أزرار ثوبها ، وترمي بنفسها في حضن البحر، لم يلامس جسدها ، قرأ لها الشعر حتى نامت ، وفي الصباح صنع لها باقة من الندى وودعها إلى مينائه على أمل أن يلقاه غداً .
طعم البحر وعذوبة الحب متعادلتان، وكان الشاطئ أسير أقدام عشاقه، يرقبهم في حسرة وغيرة من السهول ، كل يوم ينام على ألمه ولا يوقظه إلا وقع أقدام.
كنت لا أحب التعبير ، والوضوح ليس له عندي من معنى، وأنا كنت مثل كل البشر أحب وأكره ، ولكن كان من الصعب أن أسامح ، أنا المرأة التي تركض دائماً بخوف ولا تتفوه بكلمة،وأنا كلما تعبت أرجع إلى البقع المهجورة في أعماقي ، حيث لا شجر هناك ولا غطاء، جسد في داخل جسد لا أحد يبصره ألا أنا.
كانوا يقولون في الفلسفة أهم ضرورات المعرفة ( معرفة النفس) ولكن ماذا عن معرفة الجسد، هذا الكائن الذي له قدمين ، وللقدمين طريق أمامهما، والطريق يقود إلى غاية ، ولكني حتى الآن لم أخرج من بيت جسدي وما زالت المعرفة تبحث عني لتقول لي كل منا في طريق .
في حضرة الألم ، حضرت ، سلمته نفسي ، قال لي: هات ما عندك ، كيف ابتدأت ؟ كيف انتهيت ؟ ومن أنت ؟
أنا امرأة ، تلبسني الألوان فصولها، تأتي إليّ في خمول الجسد، تعريني في خريفها ،وتكسوني في ربيعها،وفي شتائها أذوب مع ثلجها.
ابتدأت قصتي معها في ربيع اللون ، أضاءت رحمي ، أنجبت في صيفها الثمار، وبعدها في مصيدة العمر سقطت .
ها هو جسدي يعلن موته ،يدخل في خريف الألوان ويعلن استقالته من ربيع الحياة .



#فرات_إسبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القداسة المستباحة-نص شعري
- هي التي أخذت كل شئ- شعر
- مجرات الحنين
- أبيض ……أسود
- مثل الماء لا يمكن كسرها
- ضمائر
- في الوجه المقابل حديقة نائمة على الألم
- شيء ما يشبه البكاء
- طائر الحواس
- رسائل لم يستلمها…. أحد
- الشعر كائن حيًُ ليس له أرض - غربة أخرى- للشاعر محمد جابر الن ...
- المرأة التي تسكنّني في عباءة من غيم أزرق
- العابر
- تشكيل
- رجل…… وامرأة
- امرأة الجهات الأربع
- شرقيات
- الرقص على أنغام عربية
- امرأة متصوفة
- حقائب سفر ..للرياح


المزيد.....




- موسم أصيلة الثقافي يعيد قراءة تاريخ المغرب من خلال نقوشه الص ...
- شائعة حول اختطاف فنانة مصرية شهيرة تثير جدلا (صور)
- اللغة العربية ضيفة الشرف في مهرجان أفينيون الفرنسي العام الم ...
- تراث عربي عريق.. النجف موطن صناعة العقال العراقي
- الاحتفاء بذكرى أم كلثوم الـ50 في مهرجاني نوتردام وأسوان لسين ...
- رجع أيام زمان.. استقبل قناة روتانا سينما 2024 وعيش فن زمان ا ...
- الرواية الصهيونية وتداعيات كذب الإحتلال باغتيال-محمد الضيف- ...
- الجزائر.. تحرك سريع بعد ضجة كبرى على واقعة نشر عمل روائي -إب ...
- كيف تناول الشعراء أحداث الهجرة النبوية في قصائدهم؟
- افتتاح التدريب العملي لطلاب الجامعات الروسية الدارسين باللغة ...


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات إسبر - قراءة في دفتر الزمن