|
خسئتم مشيخة الجهل و النّفاق، فأنتم مصيبة الأمّة و بلاءها الأكبر...!!
باهي صالح
الحوار المتمدن-العدد: 2746 - 2009 / 8 / 22 - 03:50
المحور:
كتابات ساخرة
من الموضوعات الّتي تستفزّني و تثير دهشتي موضوع "مقاطعة البضائع الأجنبيّة" و إمكانيّة استخدام المقاطعة كسلاح من طرف الأمّة الإسلاميّة قصد الضّغط على أعداءها من حفدة الخنازير و أمريكا و الغرب الكافر... من إحدى محطّات البزنس الدّيني أطلّ علينا أحد شيوخ السّلفيّة الوهّابيّة و كان ذو هيئة لا أقول مهيبة و لكن عظيمة بما أنعم اللّه عليه (ربّما لشدّة ورعه و تقواه) من بسطة في الجسم و عِظم في الخِلقة... تلوح عليه بوضوح آثار الشِّبع و العيش الرّغيد.... ظلّ يهدر على مدى السّاعة..يرغي و يزبد و يلوّح بيدٍ في أحد اصابعها خاتم يخطف بلمعانه أبصار و قلوب المشاهدين...ظلّت اليد تهتزّ و تتلوّى كأنّها أفعى ترقص أو تروم الانقضاض... تارة متوعّدا و تارة مرغّبا و تارة مرهّبا...يحثّ المسلمين و يدعوهم بحماسة و ثقة بالغة إلى مقاطعة البضائع الأجنبيّة محوّلا خيار المقاطعة إلى واجب ديني على كلّ مسلم ومؤكّدا في نفس الوقت على أهمّيته في سياق التّضامن و نصرة أهلنا في غزّة و مساندتهم عبر معاقبة الغرب و أمريكا و الضّغط عليهم إقتصاديّا لانحيازهم الواضح إلى جانب بني صهيون...أي نتوقّف أو نمتنع عن شراء بضائعهم و منتجاتهم و مصنوعاتهم...!! تأمّلت شيخ القرون الغابرة هذا فوجدت حاله يفضحه و يصرخ عاليا بأنّه كذّاب و منافق في آن واحد، أوّلا كذّاب لأنّه و حتّى على مستواه الشّخصي فإنّه عجزه عن تنفيذ خيار المقاطعة و لو جزئيّا مؤكّد و لا شكّ فيه ، ثانيا منافق لأنّه يقول ما لا يقدر على فعله مع علمه و يقينه بذلك....فلماذا إذا يدعوا مشاهديه من المنوّمين و المخدوعين و العاطلة عقولهم و يشجّعهم على تطبيق خيار المقاطعة...؟!! حسب رأيي إنّه مثل ذلك الّذي يدعو شباب الأمّة إلى الجهاد و يبيّن لهم أهمّية ما أعدّ اللّه لمن استشهد في سبيله...يوهمهم أنّ ما يفصلهم عن الفردوس الأعلى مجرّد ضربة أو طلقة أو كبسة زرّ ...أي switch off و يجد الشّهيد نفسه و في استقباله سبعون حوريّة و جنّة فيها أنهار من خمر و لبن....و السّؤال لماذا لا يبادر الشّيخ بالذّهاب و يسبق الشّباب إلى ساحات الوغى و يكون أوّل الشّهداء و أوّل المستمتعين بحور العين...؟!! لأنّنا نحن بصفة خاصّة و متميّزة كعرب و مسلمين بجلاء المعنى و بساطة الكلمة نعتمد على الكفّار من يهود و أوروبيين و ملاحدة و هندوس و مجوس و آسويين و غيرهم في كلّ شيء...و لأنّنا و هذا غير خافي على أحد، لا شيء فعلناه أو صنعناه أو أبدعناه أو أنتجناه أو شاركنا به بقيّة شعوب الأرض باستثناء النّفط و الغاز و هذان شيئان ليس من جهدنا أو من فضل جهدنا و عملنا بل هما من نتاج الطّبيعة و آلاف الملايين من السّنين.... فأين كان سيكون هذا الشّيخ المنافق لو جرّدناه من كلّ وسائل و أسباب الحضارة الحديثة الّتي يستحيل عليه العيش بدونها شهرا واحد...أين سيكون لو سلخناه و حرمناه من منجزات و إبداعات الغرب الكافر...؟!! إذا استثنينا صُرّة الخراء الّذي في أمعاءه و طنّ اللّحم و الشّحم الّذي يحمله في جسمه من كثرة الأكل و النّيك و الرّاحة... و ما عدا ذلك فكلّه صناعة أمريكيّة و غربيّة و من فضل أولئك الكفّار الّذين يعملون و يتعبون ثمّ يتلقّفها جاهزة و هو قاعد في بيته لا همّ له كما قلنا إلاّ البلع و التّبرّز... إذا كنتَ صادقا حقّا يا شيخ النّدامة و موقن من قدرتك فأتحدّاك أن تبادر وتبدأ بنفسك و كن مثلا يُحتذى لبني يعرب و المسلمين... أترك المكان الّذي أنت فيه...أهجر الكاميرا و الأجهزة و الأقمار الصّناعيّة الّتي بفضلها يصل صوتك و صورتك إلى العالم و عُد إلى باديتك و صحراءك حيث كان أجدادك و حيث لا يعرفك و لا يسمع عنك أحد و لا تستطيع أن تستغبي أو تضحك إلاّ على نساءك و جواريك من أهلك و عشيرتك..... امتنع عن ركوب السّيارة و الطّيارة و القطار و الباخرة و حتّى الدّراجة الهوائيّة و عُد كما كان آباءك و أجدادك، تحملك قدماك من مكان إلى مكان، و في أحسن الأحوال تركب جملا أو حمارا... لا تلبس النّظارة و لا تستخدم الجوّال و لا الانترنت و ابق في عالم لا يتعدّى العشيرة و الزّريبة و البهائم الّتي حولك في باديتك أو صحراءك... ارمي جهاز التّلفاز و الثّلاجة و اكتف بمتابعة الشّروق و الغروب من داخل كهفك و لا تنسى استعادة قِربة جدّك و أبوك لتستعملها مكان الثّلاجة.... امتنع عن دواءهم و أجهزتهم الطّبيّة و عُد إلى بول البعير و الحبّة السّوداء و الرّقية الشّرعيّة... تخلّى عن الكهرباء و الغاز و عُد إلى ظلمة و وحشة الصّحراء....عُد إلى الحطب و روث الدّواب.... ودّع الكوكاكولا و البيبسي و كلّ المنكّهات و العصائر الصّناعيّة و المشروبات الغازيّة فكلّها من صنع بني العم سام، و ارجع إلى شرب مياه الوديان و المستنقعات....لا يضيرك أن تشرب و البهائم من حولك تبول و تشرب هي الأخرى..!! عُد أنت و أمثالك إلى بواديكم و صحاريكم و تخلّوا عن كلّ ما قدّمته لكم الحضارة الغربيّة، لا تقربوه و لا تلمسوه....عيشوا بدونه كيفما كان العيش...عودوا كما كان أجدادكم يعيشون... و إياّكم ثمّ إيّاكم أن تتعبوا أو يصيبكم الملل أو تشتاقوا أو تحنّوا إلى ما كنتم عليه....حينها فقط تكون يا شيخ الضّراط و فقيه الطّهور و النّكاح قد نجحت و نجح كلّ من امتثل بك من أتباعك و مريديك و كلّ الّذين صادرت عقولهم لصالح حسابك في البنك.... و مع ذلك و حتّى و لو فعلتَ و فعل الملايين اقتداء و تأثّرا بك فلن يضرّ ذلك أمريكا و اليهود و لا أوروبا في شيء أبدا...صدّقني لن يشعر العالم و لن يأبه لمقاطعتكم..... إن فعلتم فأنتم وحدكم الخاسرون لأنّكم ستجدون أنفسكم في العصر الحجري و ستعرفون مقدار حاجتكم إلى الكفّار و مدى اعتمادكم عليهم...ستدركون أنّكم لا تساوون شيئا بدون ما أمدّتكم به و أعطتكم إيّاه حضارتهم العظيمة... لماذا...ببساطة لأنّهم يعملون و يكدّون، أمّا أنتم فقد استسهلتم التّواكل و الأماني و تعلّبت عليكم عادة القول دون الفعل...تقولون كثيرا و لكنّكم لا تعملون إلاّ قليلا قليلا.....استثقلتم الجهد و استبدلتم العمل بالدّعاء و توكيل اللّه في القيام بالأعمال و المهام بدلا عنكم....تنتظرون و تأملون منه ليل نهار و منذ مئات السّنين أن ينصركم و يهزم و يدمّر أعداءكم...تطلبون منه و تبتهلون إليه أن يحارب عوضا عنكم...أن يأتيكم بالنّصر على طبق من ذهب دون أن تقاتلوا فتَقتلون و تُقتلون...تنتظرون منه أن يرمي باليهود في البحر أو تنهضون صباحا فلا تجدون أمريكا ولا إسرائيل....و لا تكتفون و لا تستحيون و كأنّ اللّه مضيفكم أو قرصونكم...بل تتوالى طلباتكم ، الهداية، الرّزق، الزّوجة و الذّرية الصّالحة، الغيث النّافع...و حتّى نظافة الشّوارع و الأحياء و تنظيم المدن و نشر الرّحمة و رفع الفساد و إصلاح الحاكم....إلخ فماذا بقي لكم لتفعلوه مشيخة الهبل غيرالنّيك و الأكل و النّوم و التبرّز و نشر العمى الرّوحي و الفكري بين المسلمين....؟!!
#باهي_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لدين الإسلام دور يصعب إنكاره أو المرور فوقه...!
-
سطور من الفصل الثّاني عشر من رواية كرة الثلج
-
هل إسلام الغالبيّة ممسوخ أم منسوخ....؟!
-
على من يكذب أمين منظّمة المؤتمر الإسلامي....؟!
-
احتقان، شغب..و سخط عامّ! الفصل الأوّل (2)
-
نعم أنا مسلم و لكن....؟!
-
احتقان، شغب..و سخط عامّ! (1)
-
مقدّمة رواية كرة الثلج الصّادرة في سنة 2006
-
تُرى هل العين حقّ أم مجرّد خرافة و ظاهرة غباء و تخلّف...؟!
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|