|
سيرة النار
مأمون التلب
الحوار المتمدن-العدد: 836 - 2004 / 5 / 16 - 14:28
المحور:
الادب والفن
سيرة النار (محاولة لرسم خريطة الألم ) • خطوط المعنى .. في ثياب المكان (1) هي في هولها .. تَقْتَنصُ الوردة الحالكة من جذور الدماء ... تَقْتَنِصُ الومضَ من نابِ أغنيةٍ سافرة ... ... تجتثُّ من شهقة الشمس جذراً يفتَّشُ في تربةِ الفجر .. عن مخبأ القبر ... ثمَّ تكوِّن أنفاسها تتعانق ذرَّاتها ... جسداً تتخاطفهُ أعين العاصفة .. ...
انتظر ... إنها تتفتّحُ .. أو تَتَحلَّقُ في لغةِ الطير و الطير في سحرهِ يتجمَّعُ تنحتهُ إتِّجاهاتُ ريحٍ على هجرةٍ صوبَ أطفال ليلٍ برئ ... ... انتظر إنها تتمشَّى على شاطئ الحلم ثمَّ تمثِّل دور النوارس في دقةٍ و أنا تائهٌ في محيط ... .... هي ذاكرتي و النقيض .... انتظر إنها تحتضر ...
ــــــــــــــــــ (2) أسيرْ ... حولي أماكن منسيةً في حجابٍ يعمِّدهُ الوهمُ شمساً ... أذرعةٌ تَتَشَقَّقُ من رحمِ الجدرانِ التي قد تحيط بهذا المكان ... وقد لا تحيط !! ... أذرعةٌ تَحمِلُ الصوت و البصر المحترق كقرابين للشوق في رئتيَّ ولا أسمع الهمسَ من جثثٍ تتوزَّعُ فوق شفاه الرصيف ..و شفاه الرصيف مشقّقةٌ بالبرودةِ و الإنتظار ... ... ضبابٌ حميمٌ يحوِّمُ حولي ....... يراني وحيداً و أنا أتوقَّفُ بين خلاياه .. ثمَّ أقدسه كي يخبئ عني الذي سوفَ يأتي ... .. أدركت أنَّ العراء ليس سوى وطن يتلظَّى على حلمهِ كان عطراً تراهُ السيوف: بعضَ شوكٍ .. وموتٍ وشيك .. ... و أمامك أشرحُ دون مواربةٍ يا عراء ما يتهتَّك خاف الضباب : ( البلاد الصبية تتوزَّعُ فوق دموعٍ صبية ... تتجرَّد في داخلي مرايا .. وثوباً يمزِّقهُ حدُّ هذا المدى و الصدى يتعانقُ مع موجةٍ جَرَحَتْ سرَّها .. و تعرَّت عليهْ يبوح العناق بنارٍ تشابه لون القُبلْ وفي لحظةٍ حلَّقَ البحر من أرضهِ و تكشََّف من صمتهِ أطفأ الشمسَ .. ثمَّ اشتعلْ ) .... ــــــــــــــــــ (3) عندما تصبحُ النار _ في لحظةٍ _ جبلاً ... نتعلّم حفر الكهوف عليه ونقرأُ فوق يديه مصير الشجرْ ... نتعلَّمُ كيفَ نكون وحيدين بين صخور الألم ... و نسمّي النهار الذي يتهالك فوق التراب عاشقاً للسراب .... عندما تصبح النار _ في لحظةٍ _ جبلاً ... نتسلَّقُ عمقاً جديداً من التضحية وندخلُ بين ثياب الفصول : (ندركُ أن الخريف الذي مرَّ منتحراً ليس من حقِّهِ أن يحدثنا عن لغاتِ المطر ... و أن الشتاء الذي لم يجد فرصةً لاختبار برودتهِ لن يحدثنا عن بريقٍ خبا في عيون الطيور التي هَجرتهُ الصيفُ مرَّ على عجلٍ بين أروقةِ الجبل المشتعل لكي لا يراهُ مرايا ... وكان الربيعُ يقطِّعُ أوردةً في زهور الرماد التي نبتت عالياً في القمم ) ...
عندما تصبح النار _ في لحظةٍ _ جبلاً ... ستحطّ النسور التي قتلت عمرها _ بين انهياراتهِ و صلابتهِ _ فوقَ كتفِ الصباح ثمَّ ترى ريشها يتساقط ... و الأرض تعلو رويدا ً .. رويداً ... .... و لن يجد الريش أرضاً يُريحُ عليها السقوط و لن تجد الأرض ريشاً لتعلو عليه ... ... يظل الصراع سجين الصراع و النار ظلٌ لذاك الجبل ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ • دروب التضاريس .. في وضوح الرؤى (1) الأرض تشتعلُ الآن بالآخرين كتلةٌ من فحيح الغروب .... تستدير ... لهذا أسمي عيون القلق ودروب التشرّد باسم ارتعاش الندى : ( الأرض) ... كان لدى الموجِ سرٌّ يخبؤه في السواحل و البرق ... لهذا رأيت رمال السواحل تطفو كدمعٍ لتسرقَ ما في الأفق من حنينٍ وحيد .. لهذا يمرُّ السؤال على البرق أسرعُ من ومضةِ الضوء _ دون اكتراث المطر _ .. [ - من أين تولد يا موج ؟ - من أين تأتي الحياة ؟ ... - الرعد يا سيدي يستجيب لهذا السؤال لأن التأخّر يرسمُ في الوجهِ بعضَ الملامح تشبهُ أرضاً تُدثَّرُ بالآخرين ... - لكن وقتك .... يشبهُ وجهك ! ] كان على النار أن تتواثب بين الشفاه التي تتحاور لكن إذا ما تغيَّر لونٌ عليها تكسَّرَ صوت المزامير بين حروف الحوار ... ... لن يجد القلبُ درباً ونبضُ النسيج الذي مرَّ _ من صدرهِ _ بصري دون جرحٍ سَيسفك أجنحةً قد نمت فوقهُ .... كان على النار أن تتوارى لكي يرتديها الجدار ... قناعاً له ويأتي الذي يحتمي بالتباس الخيال ليرقد جانبهُ يتسلى بنزف الزمن إلى أن يظنَّ الجدار مرايا ويبدأ في عزف ما يتيسر من صلواتٍ يبخِّر من رئتيهِ البلاد التي علَّمتهُ الجلوس على كلمات الترقّب ... ثم يعُدُّ الثقوب على زفرةِ الريحِ كي ما يُدين الصدى !!! و ترى مقلتيه أن البنادق هدَّت على دربها خطواتاً تشابه ذاك الحنين الذي يعتري الشجر المتعانقْ ... لا شيء يوصف سوى بصماتكَ حين ترى الموج يولدُ منها و في بصمةِ الموج نارٌ تضئ الصعود إلى سطحِ هذا الحضور العنيد ....
ــــــــــــــــــ (2) كيف تفتتحين المساء ؟ ومسائي يحنُّ إليكِ ويبقى وحيداً ... ... خلسة تجرحُ الأرض وجه القمر ينزف الجرح في لغتي أندثر .... لكن ..... أراكِ ... الفَراش الذي حفظتهُ دموع الورود ... يحنُّ إليكِ و الهواء الذي يتنفسهُ النهر الصمت فوق شفاه الرمال و النافذة القلقة ... كيف تفتتحين المساء ؟؟ و الرصيف يقلِّبُ ذاكرةً تتجرَّعٌ ما فيكِ من أغنيات : (أنتِ فوق الرصيف تضمين طفلاً يفسِّر عمق الظمأ في مسام البلاد يكسِّرُ لحن الصدأ في تهدجِ صوت المحبين في ليلةٍ شاهدة ... أنتِ فوق الرصيف تخترعين الشجر لهذا تظلُّ الطيور التي سكنتكِ مسيَّجةً بظلالٍ ملونةٍ و إخضرارٍ يذكر جلد الرصيف أنين الرياح التي عبرت شعركِ المختبئ في ضمير السنين وكيف تهاوت لترسم بوح الصباح لتحملهً الخطوات التي قد تمرُّ عليهِ .. و تمضي ... أنتِ فوق الرصيف تَعُدِّين ما يتساقط من جشعِ الكائنات لتصحو طبولٌ نمت فوق نبضِ الدليل) الحنين يقلِّب ذاكرةً تتوهج بالأغنيات التي شرحتكِ على وحدتي أنتِ يا................(وجهكِ النار) عند هطول لمساء حين تغيبين .. أرى مدناً تتصاعد في داخلي سفراً قاتلاً و أزقَّتها تنسج النهر في صدرها غارقاً ثمَّ تغرق فيها الصحاري ... وحين تجيئين في لحظةٍ تصمت الكائنات أتسرَّبُ عبر أصابعكِ الغامضة أتنزَّهُ فيكِ لأُقلِقَ ليلاًجديداً هناك عليهِ تنيرُ الظباء .... بُعد الكواكب يلتبس النجمً في لونهِ ويُصابُ كمانٌ تبعثر فوق الرياح بحمى الأرقْ ... ... عندما ترحلينِ إلى وطنٍ وفضاءٍ يهرِّبهُ لمارة المتعبون إلى نومهم أتتبَّع خطوكِ حتى إذا ما وجدتكِ في حافة الكون و انتبه الآخرون ... أُقبِّلُ روحاً توحدنا تتساءل أين ستذهب حين تغيبين ... أو تحضري ؟؟!! ... كيف تفتتحين المساء ؟؟ ولعنة أن نحتسي أمنيات الحداد بكوب الندم تتبارك في شهوات البلاد ؟؟ ... نتهجَّى حروف الذي سوف يأتي على دمعةِ الأرض ثم نذوب كما شهقةٍ في انتظار الألم عدمٌ أن يغني الطريقُ وحيداً و تبقى شفاهُ الحريق تفسِّرُ لون الهزيمةِ في لوحةٍ قد تضم الولادة و القبر و الوقت بينهما تائهٌ ... ... كيف _ وأنت التي (وجهك النار) _ تكتشفين المساء ؟ ــــــــــــــــــ (3) يحنّ القتيل إلى آدميتهِ و أنا لا أرى فيكَ يا لهب الثورة الشاحبة غير هذا القتيل !! ... ليلٌ سيمضي عليَّ _ عليكْ لكي نتشبث في ثوبهِ وهو يبحث عن لغةِ الإتجاهاتِ في دمنا فيُفاجأ بالقبرِ مبتسماً .... ... نتشابهُ في الكذب المتشابه لكنني أرفض الذوبان على قلبكَ المتَّسع تربةً للورود المريضة ... ... إنها لهجة الإنكسار التي لا تخص سوى الضوء حين يجرِّب درباً جديداً و أعمق من سطحِ هذي المياه ... ــــــــــــــــــ (4) عنوةٌ و بكامل إصرار لون الأنين أذوِّبُ هذا الحنين على راحتيكِ و اكتشف النار فيهِ تعاني من الانتظار ... تبوح .. و لا يتقطَّرُ منها الجمال بل يتماسك .. بين أصابعها لتكون إلهً سيرسمني في انفلات مياهِ المضيقِ إلى البحر ... ... ...
النار تبدو على جسدي .... جسداً حينها سوف يهرب منها الذين رأوا في القناع طريقاً لأحلامهم و أرى الأرض ملء الحريق ... وباطنها باردٌ لأن القبور لفظت نارها عندما وضعت شوقها للحياة في عيون الصغار الجدد .. ... ... كيفَ في زحمةِ النار ألقاكِ كي ما أذوِّبَ موت السنين على راحتيكِ أرى الحلم فيها يعاني من الإندثار البطئ .. حينها يتهاوى المدى عند نافذتي و أراني أنام على ركبتيكِ و أنتِ تُعدِّين في خاطري الأسئلة دون أن تنطقي ... أسجن الهمس في الطرق الواصلة .. بين نظراتنا و أقول : أنتِ ذاكرتي .. عندما أنطفئ ... ... غربةٌ تتنزَّهُ في أول القلبِ في آخرِ القلب بحرٌ و ناي أنتِ في المنتصف تقترحين النوايا القديمة .. و القادمة .. الشِعر في صمتهِ لغةٌ للغة وحين يغيب وراء تلال المعاني تُورقين الأغاني _ بلمستكِ الممطرة _ في ثياب الشفقْ ... أنتِ ذاكرتي عندما نفترق ....
ــــــــــــــــــ (5) النهار هو : أن تتقيأ درب النهار وتبحث فيهِ عن الشوكِ أن تدركَ الخطو _ في سُكرِهِ _ قبل أن ترتقيكَ ظلال الحصار ... و الحرب أنثى ترتِّقُ ثوب الحياة الفقير بخيوط الردى و التبرير لجمرِ الدموعِ على خدِّ طفلٍ يؤرِّخُ حمى الرصاص على ليلةٍ يرتديها الشتاء من البرد .... ...... .. ويلٌ يراني على جرحِ باب الندى ثائراً .. لا يحب سواكِ ... جمرةٌ تَتَمشَّطُ في صدرهِ و تحدِّقُ في قلبهِ ليراها الجمال ... نخنقُ صوت البلاد التي أنجبتها نهاراً و حرباً... .... ... أنا سائرٌ جثَّتي لا تحب سواك خطوةٌ تتزيَّنُ فوق المسافةِ ثم تحدِّق في حركات التراب النبيل لكي لا يراها الشرود ... و تخنقُ في شبقٍ بذرةً نقشتها العواصف حرباً و وجهُ نهارٍ تشوِّههُ الأمنيات ... في نسيج الرماد ... ــــــــــــــــ • :الحدود و .... غداً عندما ألمس الكائنات و أحس بأنَّ حريقاً يُجمِّلني ويبلِّلني بالحنين أقول : أيتها النار كوني برداً وسلاماً على الشياطين] مأمون التلب مارس 2004
#مأمون_التلب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قَرن
-
صلاة ...
-
صلاة ...
-
نهرٌ .. وسماءٌ .. أعمق
المزيد.....
-
صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
-
إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م
...
-
مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|