أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد هيمة - العولمة : المفهوم و الخصائص الجوهرية ، جدل مفتوح ( الجزأ الأول ) .















المزيد.....

العولمة : المفهوم و الخصائص الجوهرية ، جدل مفتوح ( الجزأ الأول ) .


حميد هيمة

الحوار المتمدن-العدد: 2744 - 2009 / 8 / 20 - 09:44
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


على سبيل التفديم :

تشير بعض الدراسات التاريخية إلى أن العولمة ليست وليدة اليوم ، وليست أيضا وليدة النظام الرأسمالي . وللبرهنة على هذا الطرح، يلاحظ المدافعون عنه: أن العلاقات البشرية، منذ تيسرت سبل وأدوات الاتصال، تميزت بالهيمنة والسيطرة التي تفرضها الأمم القوية على الأمم الضعيفة. فخلال التاريخ القديم ، مثلا ، سيطرت الإمبراطورية الرومانية على العالم القديم (،،، ) . وفرضت قيمها الثقافية على الشعوب الخاضعة في إطار ما يمكن أن نسميه برومنة العالم (،،، ). إن انهيار الإمبراطورية الرومانية في سنة( 476 م )، وبالتالي الاندراج في الحقبة الوسيطية ، بحسب التقويم الأوربي الثلاثي ، التي ستتميز بظهور قوى جديدة في العالم المتوسطي ، نقصد الإمبراطورية العربية المسنودة بالإسلام . والتي ستعمل ، كنظيرتها الرومانية ، على أسلمة العالم ،،، الخ.


تأطير إشكالي :

ما العولمة ؟ وما عولمة الثقافة ؟ وما ثقافة العولمة ؟ وما هي تجليات ثقافة العولمة ؟ وكيف يهدد التيار الجارف للعولمة الهويات الثقافية الوطنية – القطرية و القومية ؟ وحتى لا نكتفي فقط بالبكاء على الأطلال ، نطرح السؤال النضالي : ما هي المداخل الممكنة لمواجهة العولمة ؟ وما مهام القوى الديمقراطية و التقدمية في ذلك ؟ أعتقد أن بناء و بلورة مواقف ممانعة للعولمة ، يجب أن تتأسس/ تنطلق من فهم عميق لأسباب و مراحل تطور النظام الرأسمالي وموقع العولمة في ذلك .

تأطير منهجي :

للإجابة على هذه الأسئلة ، أو على الأقل لتوفير عناصر الإجابة ، سنعمل على مفصلة هذا الموضوع إلى المحاور التالية : 1- شرح المفاهيم المهيكلة للموضوع . 2- تحديد العوامل المساعدة على إنتاج ثقافة العولمة و آليات انتشارها . 3 - رصد تجليات ثقافة العولمة في واقعنا المعيش . 4- مظاهر الاختراق الثقافي ومترتباته....الخ.


1- إضاءات مفهومية : العولمة ، جدل مفتوح .


- في مفهوم العولمة : العولمة في العربية ترجمة لكلمة ( Globalization) في الانجليزية وتقابلها ( Mondalization ) في اللغة الفرنسية .وتعود في أصلها الاشتقاقي العربي إلى كلمة العالم ، كما أننا نجد عدة مرادفات أخرى : الشوملة ، الكوكبة ، العالمية ،،، . ويمكن تركيز كل هذه التعاريف في أن العولمة : تعني تعميم الشيء ليصبح عالميا ، أو نقله من حيز الخصوصية إلى مجال العمومية في مستواها الكوني" . إنها " عملية تحول تستهدف تجاوز وضع الدولة القومية إلى عالم أكثر تداخلا وتفاعلا ترفع فيه كل الحواجز والقيود الوطنية – القومية أمام الحركة الجامحة للرأسمال والسلع والأفكار والثقافات المهيمنة .

انبثقت العولمة في مطلع تسعينيات القرن المنصرم ، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي و حالة التذرية التي تعرضت لها الأنظمة التي كانت تدور في فلكه ؛ و التي أفضت إلى انفتاح الأسواق " المغلقة " / الاشتراكيات الديمقراطية / الشعبية و اندماجها في " عالم جديد " تقوده الولايات المتحدة الأمريكية . تميز هذا " العالم الجديد " بالدور المتنامي الذي تلعبه الشركات المتعددة الجنسية / فوق قومية المتربعة على عرش الاقتصاد العالمي ، و المسنودة بالمنظمات الموازية / الداعمة لنظام العولمة : منظمة التجارة العالمية ، المؤسسات المالية الكبرى ( صندوق النقد العالمي – البنك العالمي ،،، الخ .).

إن اقتصار تعريف العولمة على و جهها الاقتصادي يخفي أبعادها الشمولية الأخرى . فإذا كانت العولمة ، في المجال الاقتصادي ، تعني عولمة – تداخل الأسواق و هيمنة الشركات العابرة للأوطان على ثروات و خيرات الشعوب المقهورة ؛ فإنها على المستوى الجغرافي ، تعني تقليص الزمن و المسافات و المكان ( قرية صغيرة ). وعلى الصعيد الثقافي ، تسييد الثقافة الغربية على العالم في شكل غزو / استعمار ثقافي يفضي إلى تنميط القيم الإنسانية ، و قولبتها وفق الثقافة الرأسمالية الغربية .

لكن ، يطرح سؤال جوهري بهذا الصدد : كيف تطورت العولمة إلى الآن وبهذا الشكل ؟ نعتقد أن المنهج التاريخي ، يمكن أن يسعفنا في ضبط التمرحلات الكبرى للعولمة .

تشير بعض الدراسات التاريخية إلى أن العولمة ليست وليدة اليوم ، وليست أيضا وليدة النظام الرأسمالي . وللبرهنة على هذا الطرح، يلاحظ المدافعون عنه: أن العلاقات البشرية، منذ تيسرت سبل وأدوات الاتصال، تميزت بالهيمنة والسيطرة التي تفرضها الأمم القوية على الأمم الضعيفة. فخلال التاريخ القديم ، مثلا ، سيطرت الإمبراطورية الرومانية على العالم القديم . وتعددت جوانب هذه السيطرة، فعلى المستوى السياسي أخضعت الإمبراطورية الرومانية شعوب كثيرة وفرضت عليها قوانينها،،، الخ. كما سيطرت على خيرات الشعوب المحتلة ونهبت ثرواتها . بل وفرضت قيمها الثقافية على الشعوب الخاضعة في إطار ما يمكن أن نسميه برومنة العالم . ولم تخل هذه المرحلة من أشكال المقاومة والممانعة لمشروع رومنة العالم القديم الخاضع لسلطة روما . إن انهيار الإمبراطورية الرومانية في سنة 476م ، وبالتالي الاندراج في الحقبة الوسيطية ، بحسب التقويم الأوربي الثلاثي ، التي ستتميز بظهور قوى جديدة في العالم المتوسطي ، نقصد الإمبراطورية العربية المسنودة بالإسلام . والتي ستعمل ، كنظيرتها الرومانية ، على أسلمة العالم ،،، الخ.

و ترتيبا على ما سبق فإن العولمة " المعاصرة "، من الناحية التاريخية ، نظام اقتصادي وثقافي وسياسي ، ظهر في تسعينيات القرن المنصرم ؛ بعد تفكك الاتحاد السوفياتي سنة 1992 وانبثاق النظام العالمي الجديد . الذي يتسم بسيادة- هيمنة القطب الغربي على العالم وعلى مقدراته من لدن دول الثالوث العالمي تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية المنتشية بانتصارها على التجربة الاشتراكية المحققة كما مثلثها البيروقراطية السوفياتية . وإذا كان " لينين" قد توفق في الإمساك بالمفاصل والخصائص الكبرى التي طبعت النظام الرأسمالي خلال نهاية ق 19م ومطلع ق20م ؛ نقصد ظاهرة الإمبريالية ، فإن تنبؤاته ، في شأن اعتبار الامبريالية أعلى مراحل تطور الرأسمالية ، لم تعد تستوعب تفاصيل تطور النظام الرأسمالي في ظل النظام العالمي الجديد. وقد حاول العديد من المفكرين، على أرضية التحليل الماركسي المتجدد، إعادة استخلاص السمات المميزة للمرحلة الآنية للنظام الرأسمالي .

الخصائص الجوهرية المميزة للعولمة :

في هذا الإطار يمكن استحضار خلاصات منظري اليسار في شأن تحليل الخصائص التي تطبع ظاهرة العولمة : فقد أفرد منظرو اليسار العولمة بخمسة خصائص . حيث تتميز ، حسب فالح عبد الجبار كنموذج لهذا التيار، بخصائص بنيوية جديدة ، على الأصعدة الاقتصادية ، والسياسية ، والتنظيمية ، والاجتماعية ، والثقافية : إن الخاصية الأولى للاقتصاد المعولم أنه يقع خارج نطاق تحكم الدولة القومية ، وتستبد بقيادته الشركات المتعددة الجنسية- فوق قومية ؛ التي تفرض سطوتها ليس فقط في المجال الاقتصادي فحسب ، بل يتجاوز ذلك إلى المجالات الأخرى كما سنبين ذلك لاحقا.

أما الخاصية الثانية ، أي الوجه السياسي في العولمة ، فتتحدد في تزايد السطوة الإدارية للنخب التكنوقراطية على حساب النخب السياسية ، التي لم يعد بوسعها التحكم في الاقتصاد المعولم .“ وهذا الوضع يطرح على بساط البحث قيمة ومعنى الانتخاب ...والتغيير، في إطار النظام السياسي – الحقوقي الحالي ؟ فهل وظيفة النخب السياسية ، في هكذا وضع ، شرعنة أهداف ومخططات النخب التكنوقراطية الدولية ؟ إذا كان الجواب – نعم ، فإننا نتساءل عن مظاهر السيادة الوطنية ، التي انفلتت قيادتها إلى يد الإمبراطوريات الاقتصادية – الشركات المتعددة الجنسية.

وتتميز الخاصية الثالثة للعولمة ، أي الجانب الثقافي ، بالفرض القسري للثقافة الاستهلاكية الغربية على العالم . بفعل حركة السوق ، أو بفعل ثورة المعلوميات والاتصال . ويترتب عن هذا الهجوم الثقافي نزعات احتجاجية اتخذت منحى نكوصي / انغلاقي كما هو الحال بالنسبة للأصولية الدينية –الإسلاموية ؛ كنزعة هوياتية للخاسرين ، لأنها تفتقد لبرنامج واضح ، أو * تجتهد * للتلفيق بين تحديات الحاضر والنماذج الماضوية المحكومة بشروطها التاريخية و الحضارية و الجغرافية التي أفرزتها .

إن العولمة ، ضمن المنظور التاريخي دائما ، هي عملية تاريخية ونتاج تراكم طويل في إطار النظام الرأسمالي . إنها الحلقة الأعلى من حلقات تطور الرأسمالية ذاتها ، وبأنها صيرورة من صيرورات إعادة إنتاج النظام الرأسمالي على صورة عولمة إنتاجية : العولمة ، حسب جلال العظم ، هي وصول نمط الإنتاج الرأسمالي ...إلى نقطة الانتقال من عالمية التبادل والتوزيع والسوق والتجارة والتداول ، إلى دائرة عالمية الإنتاج وإعادة الإنتاج .

بعد أن سلطنا الضوء ، بشكل موجز ، عن مفهوم العولمة و عوامل انبثاقها و خواصها الجوهرية ، سننتقل في المحور الموالي لمقاربة الجدل المطروح في شأن التحديات التي تطرحها العولمة على البشرية : فهل العولمة تتيح إمكانيات جماعية للبشرية في العيش الكريم و الأمن و السلام ؟ أم أن العولمة ، باعتبارها حلقة من حلقات تطور النظام الرأسمالي ، لا تعني إلا عولمة / تعميم الحروب و أللاستقرار و الجوع و الأمراض و الفقر ؟



#حميد_هيمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ساحة الأمم - بسيدي يحي الغرب : - حديقة - بين قوسين أو أدنى ...
- جيش الفرطوط - يفك حصاره - عن سيدي يحي الغرب .
- سياسيون و نقابيون و حقوقيون و جمعويون : ينتفضون ضد غلاء فوات ...
- ساكنة مدينة سيدي يحي الغرب تنتظم في : وقفة احتجاجية ضد إلحاق ...
- كلمة اللجنة المحلية للتضامن مع الشعب الفلسطيني إثر المحرقة ا ...
- رسالة احتجاجية إلى الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الانس ...
- ميلاد فرع جديد للجمعية المغربية لحقوق الانسان بمدينة سيدي يح ...
- الجمعية المعربية لحقوق الانسان : تمسك بالتطور التاريخي لحقوق ...
- البرجوازية الأوربية : نشأتها ، مهامها الثورية والرجعية .(الح ...
- قضايا مفاهيمية و منهجية في مادة التاريخ : مقومات مادة التاري ...
- طبيعة التشكيلات الاجتماعية السائدة في مغرب الاستعمار: الاقطا ...
- تأملات في العلاقات الممكنة بين ثالوث : الإنترنيت ، التعليم و ...
- ملاحظات حول التأطير البيداغوجي بالمدرسة العليا للأساتذة
- تأملات في ثالوث : الإنترنيت ، التعليم والقيم
- الأنترنيت كوسيلة لتغريب العالم ،المواد الحاملة للقيم مدخل لت ...
- أصل سكان المغرب ، سؤال علمي برهانات إيديولوجية.
- سؤال الهوية والأصل بالمغرب ، سؤال علمي لايخلوا من رهانات إيد ...
- هنا صوت ،،، الأحرار. عبد اللطيف اللعبي
- كيف ظهرت البروليتاريا الفلاحية بالمغرب وماهي ظروف عملها ؟
- دور الإستعمارالفرنسي في إعادة ترتيب التركيب الإجتماعي بالمغر ...


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد هيمة - العولمة : المفهوم و الخصائص الجوهرية ، جدل مفتوح ( الجزأ الأول ) .