أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2743 - 2009 / 8 / 19 - 08:24
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
عندما يطلب شخص ما ، شيء ما ، من أقلية ، و يكون هذا الشيء يتعلق بعموم الوطن ككل ، و ليس بشريحة أو طائفة فقط ، فعليه بالأولى أن يطلبه من الأغلبية أولاً ، أليس هذا هو المنطق الصحيح ؟؟؟
في الأوانة الاخيرة ، إنطلقت الأقلام الحداد ، منتقدة موقف البابا شنودة الثالث ، رأس الكنيسة المصرية ، على موقفه المبايع لتوريث البلد للإبن .
موقفي من التوريث ، و من آل مبارك ، أعتقد إنه معروف للقارىء الكريم ، و لكني مع ذلك لن أنتقد البابا شنودة الثالث ، لأني أتفهم موقفه الدقيق ، كزعيم روحي لأقلية دينية ، و إن كانت من صلب الوطن ، إلا إنها تتعرض لضغوط رهيبة ، ليس فقط من بعض الفئات من الشعب ، و لكن أولأ من قبل النظام الحاكم نفسه .
الذين ينتقدون البابا شنودة ، و يرفعون أعلام ثورة 1919 ، الهلال مع الصليب ، و يقارنون بين موقفه الأن ، و موقف الكنيسة المصرية منذ تسعين عاما ، يتجاهلون ، عامدين ، أو غافلين ، عن إختلاف الموقف الشعبي في العصرين .
منذ تسعين عاما ، كانت البلد تغلي ، و كانت المشاعر الوطنية في أوجها .
منذ تسعين عاما ، بل و أكثر ، لم يكن هناك بيت مصري ، في الريف ، أو الحضر ، لم يكن يتحدث قاطنوه في السياسة .
كانت مصر تمتلىء بالحركات السياسية ، العلنية ، و السرية .
كان حتى طلاب المرحلة الثانوية ، يضربون ، و يتظاهرون .
فهل هناك مقارنة بين الوضع الحالي ، و الوضع منذ تسعين عاما ، أو حتى مائة عام ، أو حتى في سبعينيات القرن التاسع عشر ؟؟؟
كيف يمكن مقارنة الميت بالحي ؟
كيف يمكن مقارنة حالة الموات الحالية ، بحالة الغليان الماضية ؟
عندما تستيقظ الغالبية ، و عندما تقرر بعض الجماعات الدينية السياسية أن آل مبارك ليسوا أولياء الأمر ، و إنهم ليسوا إلا حفنة من المنافقين ، و عندما يعلن البناويون رفضهم العلني للتوريث ، و إنسحابهم من التمثيلية السياسية التي تمثل أمام الشعب المصري ، و الرأي العام العالمي ، و عندما تخرج مظاهرات الطلاب ، من جامعات مصر ، و معاهدها ، و مدارسها الثانوية ، و يضرب عمال مصر في كل مصنع ، و هيئة ، مثل عمال السكك الحديدية ، عندها علينا أن ننتقد موقف الكنيسة المصرية ، إن ظلت على بيعتها لآل مبارك .
فإلى أن يحين موعد تلك اليقظة ، فعلينا أن نتفهم موقف البابا شنودة ، فليس من المطلوب منه أن يدفع أبناء طائفته لموقف ، لم تتخذه بعد الأغلبية ، خاصة في ظل حالة العداء ، التي يزرعها النظام تجاه الأقليات الدينية في مصر .
ليس على البابا شنودة ، أن يعرض أبناء طائفته لغضبة النظام ، الذي لا يكف عن الإعتداء على الكنيسة المصرية ، سواء كهيئة ، أو كأفراد ، مرة بحكايات عفنة ، و مرة بإشعال فتن طائفية ، من السهل ملاحظة توقيتاتها ، و عليها يسلط إعلامه ، و منابره .
موقف الكنيسة المصرية اليوم ، أدق بكثير ، من موقفها من تسعين عام ، حين كان العدو ، هو إحتلال أجنبي ، و كان هناك إجماع مصري على هدف الإستقلال ، و كانت هناك صحوة وطنية غامرة ، و الأهم ، لم تكن هناك تلك الشروخ ، أو الأخاديد ، الطائفية ، التي أصبحت الأن ، و التي تزداد إتساعا كل يوم .
علينا كأغلبية ، أن نتحرك أولاً ، سواء بإتجاه رأب الصدوع الطائفية ، و هذا له الأولوية ، ثم بإتجاه التحرك العملي لإستعادة مصرنا من حفنة اللصوص التي تحكمها ، ثم لنطلب بعدها من الكنيسة المصرية أن تراجع موقفها ، و حتى يحين ذلك ، فإنني أعذر الكنيسة المصرية .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟