سياسة التعمية في سورية

ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)

الحوار المتمدن-العدد: 2743 - 2009 / 8 / 19 - 07:53
المحور: المجتمع المدني
    

كثيرة هي الأحداث التي تقع في العالم ، ولا يخفى وقوعها على أحد نتيجة لتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة ، إلا ما بقي منها في النظم الشمولية ، فأي حدث ، كبر أو صغر لا يجد طريقه إلى النور ، بل إلى سراديب العتمة والتضليل .
أمامنا ثلاثة نماذج من النظم الشمولية المنغلقة انغلاقاً كاملاً وهي ، كوريا الشمالية وسورية وكوبا ، وثمة نظم شمولية أقل انغلاقا منها تحت ضغط الرأي العام وصخب الشارع السياسي ومنها على سبيل الذكر إيران ، جميع هذه النظام مهما ادعت من قوة واستعرضت عضلات تسلحها وتجاربها النووية ، فإنها تظل تخاف من ظلها وتخشى من أي كلمة ، ولمواجهة الكلمة ترفع جبالاً من الأسلحة وأبراجاً من السجون ، فأين القوة التي تدعيها ، ومَن هو عدوها الحقيقي الذي تجيش له الجيوش ؟.
وفي هذا المضمار الواسع ، لم نسمع حتى الآن على سبيل التندر أن فيروس أنفلونزا الخنازير طرق أبواب سورية كما طرق أبواب جوارها ، قد يحصل زلزال إقليمي في المنطقة - لا قدر الله - ولا نسمع أنه طال أي شبر في سورية ، بمقابل سياسة التعمية هذه ، يحظر على أي كائن حي أن يتفوه بحرف واحد ، فمثلما لا يسمح بتداول أي خبر أو معلومة في سورية من دون علم النظام ورضاه ، يمارس هذا الأخير احتكاراً وتعتيماً كاملين لأي نبأ بعينه بحيث يفقد بريقه ، وكأن سورية في كوكب آخر .
ورغم تطور وسائل الاتصال الحديثة ، لازال النظام يبتكر وسائل أحدث ، فكما تسعى إسرائيل جاهدة لتطوير منظومتها الصاروخية المضادة للصواريخ بجعل سماءها قبة فولاذية حفاظاً على وجودها ، يسعى النظام السوري حفاظاً على وجوده إلى استيراد أحدث الوسائل والتقنيات المضادة للحقيقة والتي فعلت فعلها الناجح في قمع ثورة المعلومات عن عيون وآذان السوريين ، لكن إلى متى ؟.
في أي عصر عاشت سورية مثل هذا العصر ، عصر التعتيم والتضليل ، عصر تحويل الهزيمة إلى نصر والعنف إلى "مقاومة " والفوضى إلى "ممانعة" ، ولماذا نعرف ماذا يجري في مصر ولبنان ولا نعرف ماذا يجري في سورية ؟ ولماذا استطاعت سورية أن تستكشف مستقبلها في ظل الانتداب الفرنسي ولم تستكشفه في ظل النظام السوري ؟.
أيعقل أن يشكل أنفلونزا الخنازير خطراً حقيقياً يتهدد أمن النظام السوري من دون أمن كل الدول ؟ ولنا أن نستذكر التعتيم الذي صاحب الغارة الاميركية على بلدة البوكمال قرب الحدود العراقية ، وقصف إسرائيل لمنشأة الكُبر في دير الزور ، من دون أن يفوتنا اغتيال العميد محمد سليمان وعماد مغنية وضحايا سجن صيدنايا ، أخيراً وليس آخراً انفجار صاروخ سكاد في مدينة منبج .
لماذا يواجه النظام هذه الأزمات والعواصف المحدقة فيه بسياسة الانغلاق حسبما صرح به بشار الأسد لوفد من الصحافيين الأتراك في حلب ، هذه الأسئلة وغيرها لا جواب لها سوى أن النظام يخاف من ظله ، فكيف به إذا ما صادف في الديمقراطية في طريقه ، والأغرب أنه يحاضر في الشفافية والنزاهة ونظافة الكف .

#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات