|
معلومات خطيرة حول زيارة مبارك لأمريكا : هل هناك زواج كاثوليكى بين مصر والولايات المتحدة ؟
عبدالوهاب خضر
الحوار المتمدن-العدد: 2743 - 2009 / 8 / 19 - 08:35
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
يوم 15 أغسطس 2009 بدأت الزيارة الرسمية للرئيس المصرى حسنى مبارك والوفد المرافق له إلى الولايات المتحدة الامريكية ليلتقى خلالها بعدد من المسئوليين الأمريكان لبحث بعض القضايا المهمة . وتكتسب هذه الزيارة التى إنتهت اليوم الأربعاء 19 أغسطس اهمية كبيرة فى ظل التوتر الذى تشهدة منطقة الشرق الأوسط فى فلسطين ولبنان وسوريا والخطر الإيرانى ، وسائل الإعلام الأمريكية خاصة تقارير واشنطن ومعهد الأمن الأمريكى قدمت تحليلات مفصلة حول الزيارة واهميتها بالنسبة للجانبيين حول جميع القضايا السياسية والعسكرية والإقتصادية وغيرها .. فكان هذا العرض.
مجالات التعاون العسكري
اولا ... تتسم العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة ومصر بخصوصية واضحة ترتبط بالموقع الجيواستراتيجي المصري الذي يربط ما بين مكانة القاهرة المركزية في المنطقة العربية وانتمائها لمنظومات متعددة للأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وجنوب المتوسط وشمال أفريقيا وذات الأهمية الحيوية للمصالح الأمريكية لاسيما ما يتصل منها بأمن الطاقة وتأمين منابع النفط في منطقة الخليج العربي ومحاربة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والحفاظ على أمن إسرائيل ومكافحة القرصنة في جنوب البحر الأحمر ومضيق عدن، بما يفسر اهتمام الإدارات الأمريكية المتعاقبة بارتقاء بعلاقات التعاون العسكري مع القاهرة لاسيما بعد توقيع الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات اتفاقية السلام مع إسرائيل في عام 1979 . وفي هذا الصدد يمكن القول إن توقيت زيارة الرئيس مبارك لواشنطن والتى بدات السبت 15 اغسطس 2009 وإنتهت 19 اغسطس 2009 ، يتوافق مع عدة تطورات جعلت قضايا التعاون الأمني والدفاعي بين القاهرة وواشنطن مطروحة بقوة كملف رئيسٍ للمباحثات بين الرئيسين مبارك وأوباما لاسيما مع تصاعد مخاوف واشنطن من تغير توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط لصالح إيران بما ينعكس سلبًا على أمن إسرائيل وأمن الطاقة في منطقة الخليج العربي وتداعيات استمرار البرنامج النووي الإيراني على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ناهيك عن محاولة واشنطن لإعادة نشر قواتها العسكرية المتواجدة في العراق تمهيدًا لوضع دائم تشغل فيه القوات الأمريكية قواعد عسكرية دائمة في العراق وتولي الجيش العراقي المسئولية الأمنية بصورة كاملة .
المساعدات العسكرية
يعتبر التعاون العسكري بين الولايات المتحدة ومصر أحد أركان التحالف الاستراتيجي بين الطرفين الذي توثقت أواصرهُ مع رعاية واشنطن لمحادثات السلام بين القاهرة وتل أبيب بعد حرب أكتوبر عام 1973 والتي توجت بتوقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في عام 1979، ومنذ ذلك الحين حرصت الولايات المتحدة على الارتقاء بالتعاون العسكري مع مصر. وهو ما يستدل عليه بتقديم واشنطن لمساعدات عسكرية للقاهرة في الفترة من عام 1948 إلى عام 2008 تقدر إجمالاً بحوالي 36.6 مليار دولار. ويصل معدل المعونات العسكرية الأمريكية لمصر إلى 1.3 مليار دولار سنويًّا منذ عام 1998، يتم إنفاقها على شراء أسلحة ومعدات أمريكية وتطوير بعض منظومات التسلح الروسية القديمة وبرامج التدريب العسكري وصيانة الأسلحة والمعدات وفق ما أكده تقرير هيئة أبحاث الكونجرسCongressional Research Service في مايو 2009 . وتمثل مصر بالنسبة لشركات السلاح الأمريكية دولة متوسطة الإنفاق العسكري وفق تقرير التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي 2009 SIPRI Yearbook 2009: Armaments, Disarmament and International Security الصادر عن معهد استكهولم لأبحاث السلام Stockholm International Peace Research Institute الذي قدر الإنفاق العسكري المصري بحوالي 3.4 مليار دولار وتحتل المركز التاسع في قائمة أكثر الدول استيرادًا لمنظومات التسلح على مستوى العالم في الفترة بين عامي 2004 و2009 إذ تستحوذ على نسبة 3% من واردات الأسلحة على المستوى العالمي، بما يعني أن دفع القاهرة لزيادة مشترياتها من السلاح الأمريكي يعد أحد مصالح الشركات سالفة الذكر للحفاظ على صدارة واشنطن للدول المصدرة للسلاح على مستوى العالم . ومعروف أن القاهرة قد آثرت في الفترة الأخيرة تنويع مصادر السلاح بعدما كانت الدولة الثانية الأكثر استيرادًا للسلاح الأمريكي بعد تايوان في الفترة بين عامي 1999 و2003 بنسبة 8% من إجمالي صفقات التسلح الأمريكية على المستوى العالمي لتحتل هذه المكانة إسرائيل في الفترة بين عامي 2004 و2009 بنسبة 13% تليها الإمارات العربية المتحدة بنسبة 11% من صفقات التسلح الأمريكية على الرغم من استمرار مصر كثالث أكبر دولة مستوردة للسلاح في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة سالفة الذكر بنسبة 14% من صفقات التسلح الواردة للمنطقة وتسبقها إسرائيل بنسبة 22% والإمارات العربية المتحدة بنسبة 34% .
مجالات متعددة
وعلى مستوى صناعة السلاح محليًّا فإن التعاون التقني بين القاهرة وواشنطن وثيق للغاية وترتبط الدولتان باتفاقات ومذكرات تفاهم تمكنت مصر من خلالها من تصنيع حوالي 700 دبابة قتال رئيسة من طراز M1A1-ABrams إبرامز " بحيث يكون المكون الأمريكي في عملية التصنيع حوالي 60%، كما تقوم مصر محليًّا بصيانة وتطوير الدبابات الأمريكية من طراز M60-A3 وM60-A ، فضلاً عن تشارك الدولتين في برنامج لإعادة تأهيل الدبابات الروسية T-62 التي تملكها مصر وبرامج التطوير المشتركة للطائرات المصرية المقاتلة من طراز F-16 . كما يمثل تبادل الخبرات القتالية والتدريب المشترك أحد أهم ثوابت العلاقات الدفاعية بين الطرفين المصري والأمريكي ومنذ عام 1980 تجري الدولتان مناورات مشتركة بصورة دورية تحت مسمى " مناورات النجم الساطع " Bright Star بمشاركة عدد كبير من الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو ولم يتم إرجاء تلك المناورات سوى ابتداءً من عام 2003 مع إصرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش على غزو العراق إلا أن تلك المناورات تم استئنافها وبصورة أوسع نطاقًا في عامي 2005 و2007، كما أجرت الدولتان في عام 2008 مناورات بحرية مشتركة تحت مسمى مناورات " مناورات تحية النسر " Eagle Salute شملت التدريب على عمليات الاستطلاع والبحث وإنقاذ السفن وتدمير الأهداف السطحية والجوية ومكافحة الغواصات المعادية في إطار سعي الدولتين للتصدي لعمليات القرصنة البحرية وتأمين المضايق البحرية الجيواستراتيجية .
خلافات لا تعرقل مسار التعاون
أشار الباحث الأمريكي المتخصص في الشئون العسكرية ماثيو الكسلرود Matthew Axelrod في مقال حول العلاقات الدفاعية بين القاهرة وواشنطن في مجلة ورلد بوليتكس ريفيو world Politics Review في عددها الصادر في يونيو 2009 إلى أن مصر قد قدمت للولايات المتحدة تسهيلات عسكرية متعددة في الفترة بين عامي 2001 و2005 لاسيما السماح لحوالي 35 ألف انطلاقة طيران أمريكية بعبور مجالها الجوي وحوالي 850 شحنة بحرية للمرور عبر قناة السويس إلا أن القاهرة لم توافق إلى الآن على التوقيع على اتفاقية الاتصال والعمليات المشتركة والأمن Communications, Interoperability and Security Memorandum of Agreement (CISMOA) التي تمنح للولايات المتحدة تسهيلات أوسع نطاقًا في عبور القوات والإفادة من الموانئ المصرية على غرار توقيع دول مجلس التعاون الخليجي على تلك الاتفاقية وهو ما يرفضه المسئولون العسكريون المصريون باعتباره اختراقًا للسيادة المصرية وفي هذا الإطار يربط الكاتب بين رفض مصر توقيع تلك الاتفاقية وبين غياب التوافق بينها وبين واشنطن حول إرسال قوات مصرية للمشاركة في عمليات تأمين الملاحة البحرية في مضيق عدن ومكافحة القرصنة . وفي ذات السياق أعلن الرئيس مبارك في أكثر من مناسبة عن رفض مصر لإقامة قواعد عسكرية للقوات الأمريكية على أراضيها باعتبار ذلك يمس بالأمن القومي والسيادة المصرية، خاصة بعدما أبدت القيادة المركزية الأمريكية American Central Command رغبتها في استخدام القواعد الجوية المصرية في نجع حمادي وغرب القاهرة والقاعدة الجوية البحرية المصرية في رأس بناس والتي سمح للولايات المتحدة باستخدامها أثناء أزمة اختطاف الدبلوماسيين الأمريكيين في طهران عام 1980، كما تنتقد الولايات المتحدة رفض القيادات العسكرية المصرية مشاركة إسرائيل في مناورات النجم الساطع وتكتم القاهرة فيما يتعلق بالتدريبات العسكرية التي تجريها قواتها بما يثير مخاوف القيادات العسكرية الإسرائيلية . بينما تنتقد القيادات العسكرية المصرية انتقائية الولايات المتحدة فيما يتعلق بواردات التسلح التي تسمح للقاهرة بالحصول عليها، حيث لم تستجب الولايات المتحدة لطلب مصر باستيراد صواريخ من طراز TOW 2B وقذائف التوجيه JDAM على الرغم من سماحها لدول مجلس التعاون الخليجي باستيرادها لاسيما المملكة العربية السعودية وهو ما يرجع من وفق رؤية الجانب المصري لحرص الولايات المتحدة على الحفاظ على تفوق إسرائيل عسكريًّا بما جعل واردات مصر من السلاح الأمريكي تتراجع ابتداءً من عام 2004 كما سلفت الإشارة . وبدت الخلافات بين الجانبين المصري والأمريكي أكثر وضوحًا ابتداءً من عام 2001 مع تنديد مصر بالغزو الأمريكي للعراق وتبني الولايات المتحدة لمشروعات إقليمية للإصلاح في المنطقة العربية ولاسيما بعد قيام الكونجرس بتجميد 100 مليون دولار من المساعدات الأمريكية المخصصة لمصر في ديسمبر 2007 وربطها بالقضاء على تهريب الأسلحة عبر الحدود المصرية إلى قطاع غزة .
هل يوافق مبارك ؟
من المتوقع أن تسعى إدارة الرئيس أوباما لتعزيز التعاون العسكري بين واشنطن والقاهرة لاسيما في ظل التقارب في تقييم الأوضاع الإقليمية والتهديد الإيراني لتوازن القوى الإقليمي ورغبتهما المشتركة في دفع عملية السلام بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني قدمًا ومن هذا المنطلق جاء إعلان بعض القيادات العسكرية والسياسية في الولايات المتحدة عن مشروع لإعادة تشكيل منظومة الأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط . حيث يتضمن المشروع الأمريكي وفق تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي نقلتها صحيفة النيويورك تايمز New York Times في 22 من يوليو 2009 أن تقوم الولايات المتحدة بمد مظلة دفاعية من منابع النفط في منطقة بحر قزوين الجيواستراتيجية إلى مضيق عدن والمحيط الهندي تستهدف في المقام الأول احتواء إيران إقليميًّا وتأمين تدفق النفط عبر المضايق والممرات البحرية الحيوية والتصدي لإيران في حال امتلاكها لأسلحة نووية مستقبلاً وتراوحت توقعات المحللين السياسيين حول المشروع ما بين السماح لدول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن بالحصول على طائرات الإنذار المبكر الأمريكية من طراز Awacs ونشر بطاريات باتريوت باك-3( Patriot PAC-3 ) في عدة دول عربية وإنشاء قواعد محدودة للاتصالات وتبادل المعلومات، ألا أن الهدف الأساسي على ما يبدو هو إدماج إسرائيل في محيطها العربي وتجاوز مرحلة العداء بين الطرفين لمواجهة التهديد الإيراني .
وطرح الرئيس أوباما على مبارك تدشين علاقات للتعاون العسكري مع إسرائيل وتجاوز مرحلة الجمود في علاقاتهما لاسيما للتصدي لعمليات تهريب الأسلحة عبر الأنفاق التي تربط بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، وهو ما يرتبط بدعوة الرئيس أوباما لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية . وفي المقابل فإن الرد المصري على هذا العرض جاء من خلال تصريحات أدلى بها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في 3 من أغسطس الجاري والتي أكدت على أن مصر لن تشارك فى المظلة الدفاعية الأمريكية، وأن هذا المشروع ليس جديدًا ويتشابه مع مشروعات أخرى طرحتها الإدارات الأمريكية السابقة للأمن الإقليمي في المنطقة . ولكن يظل المشروع قائمًا على أجندة مباحثات الرئيسين المصري والأمريكي للوصول لمقاربة تربط بين انسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينية بتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل وانخراط كافة الأطراف في المظلة الدفاعية الأمريكية في مواجهة إيران
تراجع دعم أمريكا للديمقراطية
في مايو الماضي قدم الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" ميزانيته للعام المالي 2010، التي تعكف على مناقشتها لجنة الاعتمادات بمجلسي الكونجرس الأمريكي. وتتمثل أهمية تلك الميزانية في كشفها عن أولويات الإدارة الأمريكية التي أعلنت عن التزاماتها الدولية في أكثر من محفل دولي خلال زيارة الرئيس ووزيرة خارجيته. وتكشف الموازنة عن اهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة بقضايا الديمقراطية والحكم وحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال أفريقيا (Broader Middle East and North Africa (BMENA، فقد طالبت الإدارة بزيادة الدعم لتلك القضايا، وبجانب الشراكة مع منظمات المجتمع المدني المحلية، ستعمل واشنطن على تدعيم مبادرات القانون والحكم. وعن الدعم الأمريكي الذي طلبه الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتعزيز الديمقراطية في مصر في ميزانية العام المالي 2010 أشار تقرير أعده ستيفن ماك انيرني Stephen McInerney مدير برنامج الديمقراطية في الشرق الأوسط Project on Middle East Democracy (POMED) في تقرير صادر عن البرنامج تحت عنوان تقرير "الميزانية الفيدرالية والاعتمادات للسنة المالية 2010، الديمقراطية والحكومة وحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط The Federal Budget and Appropriations for Fiscal Year 2010 democracy, governance, and human rights in the Middle East" إن قضية الديمقراطية والحكم في مصر لم تعد أولوية في العلاقات الأمريكية ـ المصرية.
الهدف من الدعم الأمريكي
يرصد التقرير أنه على الرغم من خفض الدعم الأمريكي للديمقراطية في مصر إلا أن هذا لا ينفي القلق الأمريكي الصريح بشأن قضيتي الإصلاح وحقوق المصريين. ويذهب التقرير إلى أن الإدارة الجديدة ستعمل على استكمال ما ركزت عليه الإدارة السابقة. وستعمل على تدعيم الحريات المدنية، وإدخال الشفافية والمحاسبية في المؤسسات الحكومية، وتعزيز المؤسسات الحكومية. وستعمل الحكومة الأمريكية مع نظيرتها المصرية على تشجيع جهود الأخيرة في مجالي الإصلاح السياسي والاقتصادي التي التزام بها الرئيس المصري في برنامجه الانتخابي في الانتخابات الرئاسية عام 2005، والتي اتسم التحرك المصري فيهما ببطء شديد ـ حسبما رصد التقريرـ. ويذهب التقرير أن من شأن المساعدات الأمريكية دفع الجهود المصرية "البطيئة" في تلك القضيتين قدمًا وسريعًا. بالإضافة إلى تدعيم الدور المصري الداعم للجهود الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط ومحاربة الإرهاب. ويُشير التقرير إلى أن هناك هاجسًا أمريكيًّا لأن عددًا من المنظمات غير الحكومية التي تحصل على دعم من الولايات المتحدة تربطها علاقات بالنظام السياسي المصري والحزب الوطني الحاكم، وعادة ما يطلق عليها المنظمات الحكومية- المنظمات غير الحكومية GONGOs، وتلك المنظمات تعمل على الحفاظ على الوضع الراهن، وتدعيم التوجه الحكومي. وهو ما يرتبط بقضية أكثر حساسية وهي أن النظام السياسي المصري هو من يحدد المنظمات التي تحصل على دعم من الحكومة الأمريكية. فقبل عام 2004 كانت الحكومة المصرية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحدد كيف يتم تقسيم وتوزيع المخصصات المالية الأمريكية للديمقراطية والحكم.
انخفاض
تتبنى الميزانية المقترحة نهج تخفيض المساعدات الاقتصادية في ميزانية العام المالي 2009، ففي ميزانية هذا العام تم تخفيض المساعدات الاقتصادية إلى أقل من 415 مليون دولار مُنحت لمصر حسب ميزانية العام المالي 2008. وصاحبَ هذا الانخفاض انخفاضٌ في التمويل الأمريكي للديمقراطية والحكم الرشيد في ميزانية العام المالي 2009 من 54.8 مليون دولار في العام المالي 2008 إلى 20 مليون دولار في العام المالي 2009. وهذا الانخفاض في الأموال المخصصة لتعزيز الديمقراطية أثار ردودًا سلبية داخل منظمات تدعيم الديمقراطية وحقوق الإنسان داخل القاهرة وواشنطن لأنها المرة الأولى في تاريخ الكونجرس الذي يخفض الدعم المخصص للديمقراطية. وهذا الانخفاض قلل من المخصصات المالية التي يمكن إنفاقها على الديمقراطية والحكم الرشيد، وانعكس هذا الانخفاض على الأموال المخصصة لمؤسسات المجتمع المدني، والتي كانت تقدر بــ 31.75 مليون دولار في ميزانية العام المالي 2008 ولكنها انخفضت في ميزانية العام الماضي إلى 7.3 مليون دولار وتصل في ميزانية العام المالي القادم إلى 7 مليون دولار. ولما كان توزيع المعونات الأمريكية على منظمات المجتمع المدني الساعي إلى تعزيز الديمقراطية يتم بموافقة الحكومة المصرية، قدم الجمهوري من ولاية كانساس سام براونباك Sam Brownback تعديلاً وافق عليه الكونجرس في ديسمبر عام 2004 ينص على أن الحكومة الأمريكية لها السلطة في توزيع المخصصات المالية للديمقراطية مباشرة على مؤسسات مستقلة بقطع النظر عن عدم موافقة الحكومة المصرية. وكان هذا التعديل جزءًا من قانون المخصصات المالية للدول والعمليات الخارجية منذ عام 2005 إلى عام 2008، واختفاء هذا النص في ميزانية عام 2009 التي تمت الموافقة عليه في شهر مارس أثارت قلق دعاة الديمقراطية في مصر. بيدَ أن هذا النص موجود ولكنه تحت قسم "سُلطات خاصة" تحمل صورة عالمية أكثر من قصرها على القاهرة، مشيرًا في صيغة عام 2009 إلى عدم خضوعها لموافقة أي بلد أجنبي. وهذا وقد طلبت الحكومة المصرية من نظيرتها الأمريكية عدم تقديم الدعم إلى المنظمات غير المسجلة من قبل الحكومة المصرية على أنها منظمات غير حكومية، منها منظمات محلية ودولية غير مسجلة من قبل الحكومة المصرية على أنها منظمات غير حكومية مثل بيت الحرية Freedom House والمعهد الجمهوري الدولي international republic institute والمعهد الديمقراطي القومي للشئون الدولية national democratic institute for international affairs. ويرصد التقرير أنه خلال السنوات الأخيرة قدمت الولايات المتحدة ما يقرب من 10 مليون دولار إلى منظمات غير مسجلة، وهو ما أثار حفيظة الحكومة المصرية، فقد رأى البرلمان المصري الذي سيطر عليه الحزب الحاكم أن هذا يعد تدخلاً في الشئون الداخلية المصرية. وبتخفيض الدعم الأمريكي لتعزيز الديمقراطية في مصر من 31 مليون دولار إلى 7 مليون دولار، اختفت كليةً العشرة ملايين دولار التي كانت تقدمها الحكومة الأمريكية إلى المنظمات غير المسجلة. وأثار تخفيض الدعم الأمريكي للديمقراطية وحقوق الإنسان هواجس كثيرة من دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان داخل القاهرة وواشنطن على حد سواء ليس لآثارها السلبية على إمكان تحقيق إصلاح حقيقي أو المشاركة المدنية، ولكن لتراجع قضيتي الديمقراطية وحقوق الإنسان من أجندة العلاقات الأمريكية ـ المصرية. ويبرر عدد من أعضاء الكونجرس والإدارة الأمريكية أن هذا راجعٌ إلى أن المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني المصرية غير قادرة على تخصيص الأموال المقدمة في المجالات المخصصة لها، بل يذهب إلى المنظمات غير المصرية مثل وكالة التنمية الدولية الأمريكية والسفارة الأمريكية في القاهرة تفتقد إلى الحس والقدرة على إدارة البرامج التمويلية الأمريكية حسب الهدف منها. وهو الأمر الذي دفع عديدًا من قيادات المجتمع المدني إلى القول إن الهدف من هذا التخفيض إرضاء النظام السياسي المصري. ويشير كاتب التقرير إلى أن جزءًا من الدعم الأمريكي إلى منظمات المجتمع المدني غير المسجلة سيتم من خلال عدد من المؤسسات والبرامج مثل مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسطMiddle East Partnership Initiative(MEPI) ، ومكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل Bureau of Democracy, Human Rights, and Labor (DRL) والتي ستوزع كل منهما ،3 مليار دولار على المنظمات غير المسجلة. وما تنفقه المؤسستان (2.6 مليار دولار) ينخفض بنسبة 74% عمَّا كانت تقدمة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية خلال السنوات الماضية. وهذا هو حل مؤقت لتقديم الدعم إلى تلك المنظمات غير المسجلة، ويقول عددٌ من المسئولين الأمريكيين أن لدى الإدارة رغبة في صياغة استراتيجية طويلة المدى لدعم المنظمات غير المسجلة. ومن غير الواضح مستويات الدعم إلى تلك المنظمات خلال العام المالي القادم 2010 أو ما بعده. ومشكلة أخرى فيما يخص المساعدات الأمريكية هو إذا ما كان المعونات مشروطة باتخاذ إجراءات وخطوات إصلاحية، فقد وافق الكونجرس الأمريكي على مشروع قانون (PL110 - 361) بتجميد 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر التي تصل إلى 1.3 مليار دولار؛ إلى أن تستجيب مصر لثلاثة طلبات أساسية هي، أولاً: إغلاق الأنفاق على الحدود المصرية ـ الإسرائيلية والتي يتم من خلالها تهريب الأسلحة إلى غزة وإسرائيل. ثانيًا: إعادة تأهيل وتدريب الشرطة المصرية للتعامل مع مسائل حقوق الإنسان. ثالثًا: الفصل بين ميزانية وزارة العدل والقضاء المصري. وإن القانون يمنح وزيرة الخارجية الأمريكية إجراءً احتياطيًّا في شكل "National Security waiver استثناء أمن قومي" إذا كانت الشروط غير مستوفاة ولكن المساعدات العسكرية في مصلحة الأمن القومي الأمريكي، والذي يعني استمرار تدفق المساعدات العسكرية. وفي مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في مارس أعلنت وزيرة الخارجية السابقة "كونداليزا رايس" عن استخدامها الحق الممنوح لها. ويرى التقرير أن الكونجرس لن يتخلى عن مشروطية المساعدات العسكرية لمصر على الأقل في المدى القصير.
انخفاض الدعم
يرصد التقرير أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة "باراك أوباما" لا تسعى إلى رسم علاقة خطية ثابتة لموقع الديمقراطية ضمن قضايا العلاقات الأمريكية ـ المصرية. ويشير إلى أنه في الوقت الذي تزيد فيه المخصصات المالية الأمريكية للإدارة الجديدة لتدعيم الديمقراطية والحكم في دول كثيرة إلا أنها تقل بالنسبة لمصر. فخلال الفترة من 2003 إلى 2008 كانت القاهرة أكثر دولة عربية باستثناء العراق تلقيًّا للمعونات الأمريكية لتدعيم الديمقراطية والحكم. ولكن في الميزانية المقترحة للعام المالي 2010 فإن المخصصات المالية لبرنامج الديمقراطية والحكمGoverning Justly and Democratically أقل من تلك المخصصة للبنان والضفة الغربية وغزة، ولكنها تزيد بنسبة ضئيلة عن المخصصة للأردن. وهو الأمر الذي يدلل على تراجع أهمية قضيتي الديمقراطية والحكم الرشيد في العلاقات الأمريكية ـ المصرية، على الرغم من خطاب أوباما إلى العالم الإسلامي من القاهرة الذي أعلن دعمه للديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان خارجيًّا. وحسب صيغتي مجلس النواب والشيوخ لقانون المساعدات الخارجية لعام 2010، تُقدر المساعدات العسكرية بـ1.3 مليار دولار، و250 مليون دولار مساعدات اقتصادية. وكل نسخة من مشروع القانون تتضمن تخصيص ما لا يقل عن 25 مليون دولار لبرامج الديمقراطية والحكم في مصر، والتي تزيد بخمسة ملايين دولار عن المبلغ الذي طلبته الإدارة. ويرى التقرير أنه عند هذه النقطة لا تتضمن أن نسخة من مشروعي القانون مشروطة على أي جزء من المعونة. ولكن نسخة مجلس الشيوخ لموازنة العام المالي 2010 تخصص ما يقرب من 200 مليون دولار كهبات endowment من أجل تعزيز المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية القاهرة، ولكن المشروع يطلب من وزيرة الخارجية مناقشة لجنة الاعتمادات قبل الشروع فيها. وهذه الفكرة مطروحة بصورة غير رسمية منذ عدة سنوات، وكانت تلك الفكرة موجودة في مشروع مجلس الشيوخ للمساعدات الخارجية للعام المالي 2008 إلا أنه حذفت في الصورة النهائية لقانون المساعدات الخارجية. ومن المتوقع أنه لن تدرج تلك الفقرة في المشروع النهائي لقانون المساعدات الخارجية لعام 2010.
إعادة تشكيل علاقات
تنوعت المفاهيم والمصطلحات المستخدمة في وصف العلاقات الأمريكية ـ المصرية ما بين "علاقات استراتيجية" و"علاقات شراكة" و"علاقات صداقة". فقد كان الرئيس المصري "حسني مبارك" ضيفًا دائمًا في واشنطن خلال فترة إدارة كل من ريجان وبوش الأب وبيل كلينتون، حيث كان الرئيس يزور واشنطن مرة كل عام وإن لم تكن مرتين في العام. إلا أن تلك العلاقات قد شهدت خلال فترة الرئيس بوش الابن عديدًا من التوترات والانقسامات بشأن عديدٍ من القضايا ليتوقف الرئيس المصري عن زيارة العاصمة الأمريكية منذ عام 2004، وهو ما جعل البعض يذهب إلى أن تلك العلاقات لا ترقى إلى مثيلتها الأمريكية مع عديدٍ من دول الشرق الأوسط وعلى رأسها إسرائيل والأردن والسعودية. ومع نهاية الثماني سنوات فترتي حكم الرئيس جورج دبليو بوش حدث انفتاح في العلاقات المصرية ـ الأمريكية مع قدوم إدارة أمريكية جديدة بقيادة الرئيس "باراك أوباما" إلى البيت الأبيض في العشرين من يناير الماضي.
تحول من التوتر
شهدت العلاقات الأمريكية ـ المصرية مرحلة من التوتر والشد والجذب غير المعهود في العلاقات بين البلدين خلال فترتي الرئيس بوش الابن، وقد بدأ هذا التوتر منذ السنوات الأولى لبوش في البيت البيض ووقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وتبني الإدارة أجندة نشر الديمقراطية. وقد بدأت الخلافات بين مصر وواشنطن مع توجيه تهمة تشويه سمعة مصر إلى الدكتور سعد الدين إبراهيم ـ الذي يحمل الجنسيتين الأمريكية والمصرية ـ وسجنه، وتكرار توجيه تلك التهمة له في أغسطس من العام الماضي، والدكتور سعد الدين من الداعمين والداعين إلى نشر الديمقراطية. وزادت حدة التوترات مع ربط جزء من المعونة الأمريكية لمصر بالإفراج عنه. وأخذت العلاقات تتدهور مع سجن مرشح الرئاسة وأحد منتقدي الرئيس الدكتور أيمن نور. وبعد إلقاء القبض عليه، أجلت وزيرة الخارجية الأمريكية في ذلك الحين كوندوليزا رايس زيارة كان من المقرر أن تقوم بها إلى مصر. وعندما زارت القاهرة في يونيو 2005، ألقت خطابًا سياسيًّا حول الديمقراطية. وتصاعد هذا التوتر مع موافقة الكونجرس الأمريكي، في ديسمبر 2007، على مشروع قانون لتجميد 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر؛ إلى أن تستجيب مصر لثلاثة طلبات أساسية هي: أولاً: إغلاق الأنفاق على الحدود المصرية ـ الإسرائيلية والتي يتم من خلالها تهريب الأسلحة إلى غزة وإسرائيل. ثانيًا: إعادة تأهيل وتدريب الشرطة المصرية للتعامل مع مسائل حقوق الإنسان. ثالثًا: الفصل بين ميزانية وزارة العدل والقضاء المصري.ومع تولي إدارة جديدة زمام الأمور في واشنطن أضحت واشنطن والقاهرة على وشك التقارب. بدأها الطرف المصري بالإفراج عن أيمن نور وإسقاط التهم ضد الدكتور سعد الدين إبراهيم. ويأتي تحسن العلاقات بين البلدين في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى التنسيق مع حلفائها العرب حول مواجهة إيران النووية وطموحاتها الإقليمية.
مؤشرات التحول
تربط عديدٌ من التحليلات المصرية بين كثيرٍ من الإجراءات التي تتخذها الحكومة المصرية مؤخرًا برغبة مصرية في فتح صفحة جديدة مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وطيِّ صفحة الخلافات مع إدارة الرئيس بوش. مستندة في ذلك إلى افتتاحية "واشنطن بوست" ـ القريبة من البيت الأبيض ـ يوم الاثنين السادس عشر من فبراير، التي طالبت إدارة أوباما بالسعي للإفراج عن أيمن نور وإسقاط التهم ضد الدكتور سعد الدين إبراهيم، واعتبار ذلك خطوة تسبق استقبال الرئيس المصري "حسني مبارك" في البيت الأبيض. فقد جاء فيها "أنه (الرئيس المصري حسني مبارك) سيكون موضع ترحيب في البيت الأبيض فور إسقاط التهم الموجهة إلى سعد الدين إبراهيم، والإفراج عن مرشح الرئاسة السابق أيمن نور. هذه هي الخطوات البسيطة والصغيرة التي ينبغي على مبارك أن يتبعها إذا ما أراد أن يحظى بمقابلة الرئيس الجديد" . تعززت حجج هذا التيار بالإفراج عن المعارض المصري، والرئيس السابق لحزب الغد الليبرالي ـ الدكتور أيمن نور ـ بعد يومين من نشر الافتتاحية وزيارة وزير الخارجية المصري "أحمد أبو الغيط" لواشنطن ـ وهي أول زيارة لمسئول عربي لواشنطن منذ دخول أوباما المكتب البيضاوي في العشرين من يناير الماضي ـ، ناهيك عن إسقاط التهم عن الناشط الحقوقي المصري الدكتور سعد الدين إبراهيم، والإفراج عن عدد من السجناء السياسيين. تلك المؤشرات تُمهد لرغبة مصرية قوية في الانفتاح على الولايات المتحدة الأمريكية، وفتح صفحة جديدة والإعداد لزيارة الرئيس المصري "مبارك" إلى البيت الأبيض بعد توقف دام لما يقرب من خمس سنوات.وعلى الجانب الأمريكي هناك أيضًا عديد من المؤشرات التي تُشير لمرحلة جديدة من العلاقات الأمريكية ـ العربية ومنها المصرية. تتمثل أولاها في تغير القيادة الأمريكية، ووصول رئيس أمريكي جديد "باراك أوباما"، معلنًا عن تدشين سياسة خارجية أمريكية جديدة تقوم على التعاون المشترك بين حلفاء واشنطن في المنطقة بعيدًا عن العمل الأحادي الجانب، سياسة جديدة قائمة على المصالح المشتركة، ومعلنًا عن عهد جديد من السياسة الأمريكية مع دول المنطقة وقضاياها. وهو ما تجلى في الاتصال التليفوني في أولى أيام أوباما في المكتب البيضاوي بالرئيس المصري "مبارك" وعديد من قيادات المنطقة لمناقشة قضاياها. واختيار الرئيس الأمريكي القاهرة لإلقاء خطابه المهم والمنتظر إلى العالم الإسلامي من جامعة القاهرة في الرابع من يونيو الماضي والتي سبقتها زيارة وزيرة الخارجية لمصر في مارس الماضي وعدد من مسئولي الإدارة الأمريكية الجديدة. وبموازاة سياسة أمريكية جديدة في المنطقة ابتعد أوباما في خطابه التنصيبي وإبان حملته الانتخابية عن تناول القضايا التي كانت وراء تدهور العلاقات الأمريكية العربية ومنها المصرية إبان فترتي الرئيس بوش الابن. فلم يتحدث أوباما عن تراجع الديمقراطية وحقوق الإنسان قيمًا وممارسة ولا عن حرب على الإرهاب، ولكنه أشار إلى أيدٍ أمريكية ممدودة لكافة القوى والدول الصديقة والتي صنفتها الإدارة السابقة بالعدو؛ إذا رغبت في التعاون مع أمريكا وتغيير سياساتها. وفي ميزانيته للعام المالي 2010 يقل الدعم الأمريكي المقدم لتدعيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر على عكس إدارة الرئيس بوش الابن التي كانت تركز على تلك القضيتين كركيزتين للعلاقات الأمريكية ـ المصرية. وتلك المؤشرات تشير إلى التغيير في مسار العلاقات الأمريكية ـ المصرية . ومنذ أن وصل أوباما إلى البيت البيض في العشرين من يناير الماضي، التقى الرئيسان المصري والأمريكي مرتين الأولى في القاهرة عندما استقبل الرئيس مبارك الرئيس الأمريكي بقصر القبة بالقاهرة خلال زيارة أوباما لمصر في الرابع من يونيو الماضي، أما اللقاء الثاني الذي جمع بين الرئيسين مبارك وأوباما فكان في يوليو الماضي في مدينة (لاكويلا) الإيطالية على هامش قمة مجموعة الثماني. ويعد اللقاءالجديد في البيت البيض ثالث لقاء لهما.
القضايا محور العلاقات
تُظهر المؤشرات الأولية إلى أن التركيز خلال الزيارة المصرية للعاصمة الأمريكية سيكون أكثر على الملفات الإقليمية مع إهمال عديد من الملفات المحلية الأخرى كدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان عكس الإدارة السابقة التي تصدرتها قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. وعلى عكس ما يذهب إليه كثيرون فإن قضية الخلافة في مصر لن تكون محورًا في المناقشات الأمريكية ـ المصرية، نظرًا لأن ما يهم الإدارة الأمريكية هو الحفاظ على مصالحها مع النظام المصري. ويأتي تقدم القضايا الإقليمية على ما عداها من قضايا محلية في ظل ازدحام الأجندة الإدارة الأمريكية وانخراطها في عديد من الملفات الإقليمية بداية من الصراع العربي ـ الإسرائيلي والوضع الفلسطيني داخليا وصولاً إلى الملفين العراقي والإيراني.تتأسس الرغبة المصرية والأمريكية في طي صفحات الماضي، وفتح صفحة جديدة في العلاقات على عدد من القيم والمصالح المشتركة التي تخدم البلدين، منها:أولاً: الرغبة في حل الصراع العربي ـ الإسرائيلي وعلى وجه الخصوص الفلسطيني ـ الإسرائيلي؛ لأنه لا يمثل تهديدًا لمنطقة الشرق الأوسط فقط، ولكن للعالم أيضًا. فالانخراط الأمريكي ـ المصري في الصراع قد يساعد على حلحلته. فمصر من خلال علاقاتها وانفتاحها على قوى المقاومة الفلسطينية ـ لاسيما حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ـ لديها فرصة قوية للضغط عليها لقبول صيغ تفاهم فيما بينها أو بين الجانب الإسرائيلي، وهو ما تنشط فيه القاهرة حاليًا بتوسطها للحوار بين الفصائل الفلسطينية والتوصل إلى هدنة بين طرفي الصراع (حماس وإسرائيل)، وأخيرًا في صفقة إطلاق الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين في حوزة تل أبيب. ومن جانبها يمكن لواشنطن الانخراط النشط في الصراع بالضغط على إسرائيل. فمنذ اليوم الثاني له في البيت الأبيض عين أوباما "جورج ميتشل" مبعوثًا خاصًّا إلى المنطقة، للتوفيق بين طرفي النزاع، والتوصل إلى اتفاق ينهي العنف ويثبت وقف إطلاق النار، وتُوقف سرطان تمدد المستوطنات الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية.ثانيًا: اهتمام الدولتين باستقرار منطقة الخليج العربي ذات المكانة المهمة في الفكر الاستراتيجي الأمني الأمريكي لما تزخر به من احتياطات نفطية وغاز طبيعي؛ فتوقفها يؤثر على أمن الطاقة الأمريكي، ناهيك عن موقعها الجيواستراتيجي في تجارة الطاقة. ففي السابق تعاونت القاهرة وواشنطن في حماية تلك المنطقة من أي تهديد من دول الإقليم في إشارة إلى الرغبة التوسعية العراقية إبان صدام حسين، أو من قوى خارج النظام الإقليمي العربي ممثلة في إيران الشيعية، فلمصر دورٌ حيويٌّ في احتواء الثورة الإسلامية الإيرانية والحد من تمددها خارج حدودها، وفي السابق ضد تمدد النفوذ الشيوعي في المنطقة وتهديد المصالح الأمريكية.ثالثًا: التوافق المصري – الأمريكي على الانفتاح على دول المنطقة التي تبنت تجاهها إدارة بوش سياسة عزلة مما جعلها ترتمي في أحضان قوى خارجية، وذلك الانفتاح على قوى المقاومة وإدماجها في العملية السياسية حتى لا تكون أحد عوامل تقويض أمن واستقرار المنطقة. رابعًا: الاتفاق على أمن المنطقة في صورته الكلية بمواجهة الجماعات الأصولية الراديكالية المتبنية للعنف والتي تهدف لتقويض أمن واستقرار المنطقة والمصالح الأمريكية بها، وذلك استنادًا إلى الخبرة المصرية في مواجهة تلك الجماعات منذ ثمانينيات القرن المنصرم، والدور المصري الجلي في الحرب على الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.وأخيرًا: الإيمان الأمريكي بأهمية الدور المصري في حل النزاعات الإقليمية واستقرار دول المنطقة بداية من العراق، والرغبة الأمريكية في دور مصري وعربي (سني) لموازنة الدور الإيراني (الشيعي) في العراق وباقي دول المنطقة، مرورًا باستقلال لبنان سياسيا وأمنيًّا، ووصولاً إلى السودان وأزمة دارفور وضرورة الانخراط المصري للتوصل إلى مصالحة سياسية بين الجنوب والشمال.
تحسن محكوم
وهذا لا يعني تحسن العلاقات الأمريكية ـ المصرية على طول الخط، ولكن قد يشوبها من حين لآخر بعض حالات التوتر، نظرًا لأن الولايات المتحدة دولة مؤسسات، وأن صناعة القرار الأمريكي تتسم بالتعقيد والتشابك لتداخل عديدٍ من المؤسسات والأجهزة والوكالات، لاسيما الكونجرس الأمريكي حيث فقدت مصر كثيرًا من مؤيدها به، فقد نشهد من حين لآخر مشروع قرار بالكونجرس الأمريكي يربط المساعدات الأمريكية بسياسات وإجراءات لابد أن تتخذها مصر أو مشروعات قوانين ناقدة للسياسة المصرية على الصعيدين الداخلي والخارجي كما كان الحال في إدارتي الرئيس بوش. ناهيك عن دور اللوبي الإسرائيلي ذي التأثير الكبير على صانعي القرار الأمريكي، لاسيما (إيباك)، والساعي إلى ربط التحسن في العلاقات الأمريكية ـ المصرية بعدد من الإجراءات أهمها وقف تهريب الأسلحة من الأراضي المصرية إلى الأراضي الفلسطينية عبر الأنفاق السرية. وقبل زيارة الرئيس المصري للعاصمة الأمريكية وقَّع 71 سيناتور بمجلس الشيوخ الأمريكي الذي يضم مائة سيناتور لدعوة الرئيس أوباما إلى الضغط على القادة العرب من أجل التطبيع مع إسرائيل، والى إنهاء مقاطعتهم لإسرائيل وأن يتقابلوا علنًا مع المسئولين الإسرائيليين وإصدار تأشيرات لدخول المواطنين الإسرائيليين الدول العربية بجانب دعوة الإسرائيليين إلى المشاركة في المؤتمرات والندوات الأكاديمية وفي الأنشطة الرياضية.ولانطلاقة جديدة في العلاقات الأمريكية ـ المصرية، في وقت تحتاج فيه الدولتان لبعضهما بعضًا مع كثير من المنعطفات السياسية تحتاج إلى أن تدعم كل منهما الأخرى، لا يجب أن ترتكز العلاقات الأمريكية – المصرية على الجوانب الاقتصادية والعسكرية كما كان الحال في الماضي، ولكن لابد من التطرق إلى الجوانب السياسية بتكوين وجهة نظر مشتركة حيال قضايا المنطقة والتي من شأنها توحيد أفق العمل المشترك وتقليل اختلاف وجهات النظر بينهما. ففي إدارتي بوش كان اختلاف مقاربات كل من النظامين لقضايا المنطقة محور تدهور العلاقات الأمريكية ـ المصرية. وما يعزز من ذلك التركيز على الجوانب الثقافية لإحداث تفاهم مشترك بين الشعبين ولتبديد القوالب الجامدة في الثقافة السياسية لديهما.وخلاصة القول: إنه يجب على القاهرة العمل على تبديد تقييم علاقاتها مع واشنطن من خلال طرف ثالث والذي كان في السابق الاتحاد السوفيتي قبل تفككه، وهذا الطرف الثالث يتمثل حاليًّا في تل أبيب والذي تجمله المقولة التقليدية: "المرور إلى واشنطن لابد أن يبدأ من تل أبيب"، وذلك من خلال إبراز الدور والثقل المصري في الصراعات والنزاعات العربية بداية من الصراع العربي ـ الإسرائيلي وأزمة دارفور وعلاقاتها مع قوى المقاومة الفلسطينية (لاسيما حماس) وقيادات جنوب السودان ودورها في استقرار وأمن المنطقة. فالقاهرة تقدم لواشنطن ما لا تستطيع أن تقدمه دول عربية أخرى نشطة في النظام الإقليمي العربي.
الشريك الامريكى
شهدت العلاقات الاقتصادية الأمريكية ـ المصرية خلال السنوات القليلة الماضية تطورًا ونموًّا ملحوظًا بالرغم من حالات الشد والجذب في العلاقات والمواقف السياسية بين الدولتين، وخاصة خلال فترة رئاسة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش والتي امتدت لثماني سنوات.وغَدَا الاقتصاد المصري الذي شهد عديدًا من الإصلاحات الاقتصادية والتجارية والذي أصبح أكثر انفتاحًا على العالم شريكًا رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وليس اقتصادًا تابعًا وقائمًا على المساعدات والمعونات الأمريكية فحسب. فالعلاقة بين الاقتصاد المصري والأمريكي أصبحت قائمة على الشراكة وتبادل المصالح خاصة مع النمو الكبير في حجم التبادل التجاري بين الدولتين، والذي ارتفع من 3.7 مليار دولار عام 2003 إلى 8.4 مليار دولار عام 2008 طبقًا لإحصاءات مكتب الإحصاء الأمريكي US Census Bureau.وقد اكتسبت العلاقات الاقتصادية بين الدولتين دفعة كبيرة مع زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما Barak Obama للقاهرة خلال شهر يونيو 2009، فالبرغم من الأزمة المالية والانكماش الاقتصادي الذي يعاني منه الاقتصاد الأمريكي إلا أن العلاقات الاقتصادية بين الدولتين استمرت بالنمو بمعدلات هائلة خلال عام 2008 والنصف الأول من عام 2009، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية الشريك التجاري الأول لمصر واستحوذت على 19% من إجمالي حجم التجارة الخارجية المصرية.وتتميز العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية بالتنوع لتشمل مجموعة كبيرة من القطاعات الاقتصادية ولا تعتمد فقط على قطاع النفط والغاز الطبيعي كما هو الوضع في العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول في المنطقة: فالتعاون والتبادل بين الدولتين يشمل كثيرًا من القطاعات غير النفطية مثل القطاعات السلعية والصناعية والخدمات والاستثمارات المباشرة وغيرها من المجالات الاقتصادية الأخرى. والتقرير التالي يلقي الضوء على التطور في العلاقات الاقتصادية بين الدولتين وأهم مجالات التعاون الاقتصادي بين الدولتين.
شراكة تجارية
بالرغم من عدم توقيع اتفاقية تجارة حرة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية إلا أن العلاقات الاقتصادية بين الدولتين شهدت خلال السنوات القليلة الماضية تطورًا كبيرًا خاصة النمو الكبير في حجم التبادل التجاري ونمو حجم الاستثمارات الأمريكية المباشرة وتحويلات العاملين المصريين في الولايات المتحدة الأمريكية. فبالنسبة لمصر تُعد السوق الأمريكية هي الشريك التجاري الأول بحجم تجارى يصل إلى 8.4 مليار دولار عام 2008 وبمتوسط نمو سنوي يصل إلى 15% خلال الفترة بين عامي 2003/2004، وعلى سبيل التكتلات الدولية تحتل الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة الثانية بعد الاتحاد الأوروبي كشريك تجاري لمصر . وتشير بيانات الجدول السابق إلى تطور حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة بين عامي 2003/2009 والتي اكتسبت دفعة كبيرة مع توقيع اتفاقية الكويز QIZ عام 2004، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 7 مليار دولار عام 2003 ليصل إلى 8.4 مليار دولار عام 2008 أي بزيادة تصل إلى 140 % عن مستواها عام 2003. وقد احتلت مصر المرتبة 36 ضمن قائمة الدول المستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 2008 حيث ارتفع حجم الواردات المصرية من الولايات المتحدة الأمريكية ليصل إلى 6 مليار دولار عام 2008 وذلك من مستوى 2.6 مليار دولار عام 2003. وتشمل الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية النفط والغاز الطبيعي المسال والمنسوجات والملابس الجاهزة والأسمدة والسجاد ومواد تغطية الأرضيات والألومنيوم والأغذية. بينما تشمل الواردات المصرية من الولايات المتحدة الأمريكية الحبوب الزراعية والآلات والمنتجات الكهربائية والإلكترونية والمنتجات البتروكيماوية وقطع غيار السيارات والحديد والصلب . ووفقًا لتقرير أصدرته بعثة طرق الأبواب الأمريكية في واشنطن في مارس 2009 Doorknook Mission To Washington D.C حول العلاقات الاقتصادية المصرية الأمريكية والذي أكد على أن الاقتصاد المصري يحتل المرتبة الرابعة لأكثر الدول التي تتلقى الصادرات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 9% من إجمالي الصادرات الأمريكية للمنطقة بعد الإمارات وإسرائيل والسعودية، في حين تحتل المرتبة السابعة لأكثر الدول المصدرة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة بنسبة 3% من حجم صادرات المنطقة. وأكثر الولايات الأمريكية تصديرًا لمصر ولاية لويزيانا Louisiana بإجمالي 25% من الصادرات الأمريكية لمصر، ثم ولاية تكساس Texas بإجمالي 17%، ثم ولاية ماريلاند Maryland بإجمالي 8.1%. بينما أكثر الولايات الأمريكية استيرادًا من مصر ولاية جورجيا بإجمالي 28% من الواردات الأمريكية من مصر، ثم ولاية نيويورك New York بإجمالي 24.5%، ثم ولاية تكساس Texas بإجمالي 8.7%.
الاستثمارات الأمريكية
تمثل الولايات المتحدة الأمريكية المصدر الأول للاستثمارات الأجنبية في مصر، حيث تمثل استثماراتها 36.1% من إجمالي حجم الاستثمارات الأجنبية في مصر بقيمة وصلت إلى 8.8 مليار دولار عام 2008 وذلك ارتفاعًا من 3 مليار دولار عام 2000، وتحتل مصر بذلك المرتبة الثانية بعد إسرائيل في قائمة الاستثمارات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ، وتتركز الاستثمارات الأمريكية في مصر في قطاعات النفط والغاز الطبيعي والقطاع الصناعي والسياحي والعقاري وسوق المال وصناعة البتروكيماويات والفنادق الكبرى . فوفقًا لتقرير الاستثمار العالمي World Investment Report لعام 2008، فإن مصر تحتل المركز الأول في دول شمال أفريقيا لأكثر الدول جذبًا للاستثمارات الأمريكية وتحتل المرتبة الثانية على المستوى الأفريقي. وتحتل شركة أباتشى الأمريكية Apache Corporation المرتبة الأولى في أكثر الشركات الأمريكية استثمارًا في مصر في مجال النفط والغاز الطبيعي وخاصة في منطقة الصحراء الغربية المصرية بإجمالي استثمارات بلغت 5.6 مليار دولار وتتولى إنتاج 14% من إجمالي إنتاج النفط والغاز الطبيعي في مصر. أيضًا بالنسبة لتحويلات العاملين المصريين بالخارج فإن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الأولى لأكثر التحويلات القادمة لمصر، فوفقًا لتقرير البنك المركزي المصري للربع الثالث من السنة المالية 2008/2009 فإن إجمالي التحويلات القادمة من الولايات المتحدة بلغت 544 مليون دولار وتليها الكويت بإجمالي 377 مليون دولار ثم الإمارات بإجمالي 298 مليون دولار ثم السعودية 196مليون دولار.
اتفاقية الكويز QIZ
وقَّعت مصر في 14 من ديسمبر 2004 بروتوكولاً في إطار ما يعرف بالمناطق الصناعية المؤهلة (كويز) Qualifying Industrial Zones (QIZ) مع كلٍّ من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ، والتي هدفت إلى فتح أسواق جديدة للصادرات المصرية خاصة المنسوجات والملابس الجاهزة إلى السوق الأمريكية التي تستوعب 40% من حجم الاستهلاك العالمي دون جمارك أو حصص إنتاج شريطة أن يتضمن المنتج نسبة 11.7% مكونًا إسرائيليًّا. وبالرغم ما لاقته هذه الاتفاقية من جدلٍ واسعٍ وانتقادات حول جدواها الاقتصادية على اعتبار أنها وسيلة للسيطرة الإسرائيلية على الصناعة المصرية، إلا أن الاتفاقية حققت عديدًا من المكاسب الاقتصادية لمصر من حيث تشجيع الصادرات وخلق فرص عمل جديدة وجذب الاستثمارات الأجنبية، فإجمالي الصادرات المصرية للصناعات المشتركة في الاتفاقية وصل إلى 37% من إجمالي الصادرات المصرية للولايات المتحدة الأمريكية . وقد بلغت صادرات المنسوجات والملابس الجاهزة للولايات المتحدة الأمريكية في إطار اتفاقية الكويز إلى 636 مليون دولار عام 2006 ثم ارتفعت إلى 743.7 مليون دولار عام 2008، كما ارتفع عدد الشركات والمصانع المدرجة في الاتفاقية إلى 733 شركة تستوعب أكثر من 100 ألف عامل.
المعونة الأمريكية لمصر
تعتبر المعونات الأمريكية لمصر من أكثر المجالات التي شهدت جدلاً كبيرًا في السنوات الماضية باعتبارها تتضمن في طياتها أبعادًا سياسية غير معلنة وشروطًا سرية وأجندة عمل تفرض على الجانب المصري .إلا أن عديدًا من الاقتصاديين قد قلل كثيرًا من أهمية هذه المعونات على اعتبار أن المعونة الأمريكية أصبحت لا تمثل سوى أقل من 2% من الدخل القومي الإجمالي المصري في الوقت الحالي بعد أن كانت تمثل أكثر من 10% عند بداية هذه المعونات عام 1979 بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع الجانب الإسرائيلي. وتمثل المعونات الأمريكية لمصر 57% من إجمالي ما تحصل عليه مصر من معونات ومنح دولية سواء من الاتحاد الأوروبي أو اليابان أو غيرها من الدول الأخرى . وقد حددت المعونة الأمريكية لمصر في بداية الثمانينيات من القرن الماضي بمبلغ 2.1 مليار دولار (تشمل 815 مليون دولار معونة اقتصادية ،إلا أنه منذ عام 1999 تقرر تخفيض المعونة الاقتصادية بنسبة 5% سنويًّا في إطار اتجاه الدول الصناعية الكبرى لتخفيض المعونات الاقتصادية للدول النامية والتحول نحو الشراكة والتجارة والاستثمار. وقد شهدت المعونة الاقتصادية الأمريكية لمصر انخفاضًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة من 815 مليون دولار عام 1998 إلى 615 مليون دولار عام 2001 حتى وصلت إلى 407.5 مليون دولار عام 2008، وإن ظلت المعونة العسكرية ثابتة عند 1.3 مليار دولار. وتحت ضغط الأزمة المالية التي واجهت الولايات المتحدة الأمريكية لجأت السلطات الأمريكية إلى ضغط برامج المساعدات الخارجية حيث تم تخفيض حجم المعونة الأمريكية لمصر من 1.71 مليار دولار عام 2008 لتصل إلى 1.5 مليار دولار عام 2009 بنسبة انخفاض وصلت إلى 12%. وقد تركزت المعونات الاقتصادية الأمريكية لمصر على مشروعات البنية الأساسية (المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات والنقل) وعلى دعم الواردات السلعية المصرية من الولايات المتحدة الأمريكية تحت بند الاستيراد السلعي، وعلى الخدمات الأساسية (الصحة والتعليم وتنظيم الأسرة والبيئة) والإصلاح الاقتصادي والهيكلي وبرامج المعونات الغذائية . وقد بلغ إجمالي حجم المعونات الأمريكية لمصر منذ عام 1979 حتى عام 2008 ما يقرب من66 مليار دولار، وتكون مصر بذلك ثاني أكثر الدول في العالم التي تلقت معونات أمريكية بعد إسرائيل . ورغم الجدل الدائر حول الطابع السياسي للمعونات الأمريكية لمصر وما تتضمنه من شروط سرية مجحفة، إلا أن هذه المعونات وخاصة المعونات الاقتصادية لعبت دورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية في تطوير البنية الأساسية ورفع معدلات النمو الاقتصادي ودعم برامج التنمية المصرية. ويمكن القول بأنه بالرغم ما يشوب العلاقات السياسية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية من حين لآخر من فترات تباعد وتقارب واختلافات جوهرية حول قضايا سياسية هامة تتعلق بالوضع في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن العلاقات الاقتصادية بين الدولتين لم تتأثر بهذه الخلافات وشهدت تطورًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة.
ماذا تريد المنظمات اليهودية من مبارك؟
يمكن اعتبار زيارة الرئيس مبارك إلى واشنطن للتباحث مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بمثابة تطورٍ جوهريٍّ في مسار العلاقات الأمريكية المصرية، لاسيما في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تطورات آنية سواء على مستوى عملية التسوية للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي المهددة بالجمود مع رفض إسرائيل وقف التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية أو الملف النووي الإيراني وتوازن القوى الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط والتهديدات الإسرائيلية بشن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية بصورة منفردة، ناهيك عن كون هذه الزيارة هي الأولى منذ حوالي خمسة أعوام امتنع خلالها الرئيس مبارك عن زيارة واشنطن .
واتساقًا مع أهمية هذه الزيارة،اتجهت المنظمات والمراكز البحثية اليهودية في واشنطن - على اختلاف توجهاتها حيال عملية السلام ودعم حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية – لإعداد مقترحاتها لتعزيز العلاقات الأمريكية المصرية وطرحها للنقاش العام لاجتذاب الدعم الرسمي والجماهيري لرؤيتها حول مستقبل عملية السلام والدور المصري في إطارها في حين اتجهت منظمات أخرى لطرح مطالب تتعلق بأمن إسرائيل والعلاقات المصرية الإسرائيلية والمستقبل السياسي للنظام الحاكم في مصر وترويجها إعلاميًّا وسياسيًّا لوضعها على أجندة مباحثات الرئيس الأمريكي أوباما مع الرئيس المصري . وفي هذا الصدد يمكن القول إن جهود الرئيس مبارك لدفع عملية السلام قدمًا قد وجدت صدى إيجابيًّا لدى يهود الولايات المتحدة ووفق استطلاع الرأي الذي أجرته الرابطة اليهودية لمناهضة التشهير Anti-Defamation League في 8 من أبريل 2009 فإن سياسات الرئيس مبارك تحظى بتأييد 42% ممن شملهم استطلاع الرأي في مقابل اعتراض حوالي 29% على تلك السياسات، وبالمقارنة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن الذي أشار حوالي 49% من اليهود الأمريكيين أنها سياساته لا تدفع عملية السلام قدمًا، فمن المتوقع ألا تتعدى ضغوط المنظمات اليهودية الحملات الإعلامية للتأثير في المباحثات أو إعداد قائمة بمقترحات يوقع عليها أعضاء الكونجرس المرتبطين بتلك المنظمات ورفعها كتوصية لأوباما لطرحها على الرئيس مبارك .
أمن إسرائيل يبدأ من حدود سيناء مع غزة
تأتي قضية تهريب الأسلحة عبر شبه جزيرة سيناء المصرية إلى قطاع غزة على قمة القضايا التي أولتها المنظمات اليهودية بالولايات المتحدة اهتمامًا كبيرًا، خاصةً منذ نهاية العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة مع مطلع عام 2009، فلقد انتقد كل من ماثيو ليفيت Matthew Levitt ويورام كوهينYoram Cohen الباحثين بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى Washington Institute For Near East Policy عدم فاعلية الإجراءات المصرية في التصدي لتهريب الأسلحة عبر الأنفاق الفلسطينية منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في عام 2007 مؤكدين أن الفترة بين عامي 2005 ويناير 2009 قد شهدت تهريب 250 طن من المتفجرات و80 طن من الأسمدة الكيمائية و4000 من رءوس صواريخ القسام وحوالي 1800 صاروخ وفق التقرير الذي أعده جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد، مؤكدين أن القاهرة يجب أن تتعاون بشكل أكبر مع تل أبيب للقضاء على مشكلة الأنفاق التي تمثل تهديدًا مشتركًا للدولتين . وفي السياق ذاته اقترح كريس هارنيش Chris Harnisch في تقرير بعنوان دور مصر في تهريب السلاح لغزة نشرته كل من مؤسستي معهد أمريكان إنتربرايز American Enterprise Institute ومركز السياسات اليهودي في واشنطن the Jewish Policy Center في 3 من أغسطس الجاري تبنى رؤية الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي Israeli National Security Council جيورا إيلاند Giora Eiland حول إنشاء منطقة أمنية تمتد لمسافة ميلين من الحدود بين مصر وغزة، مغلقة بسياج مزدوج،لإحكام السيطرة على الأمن على الحدود بين مصر وقطاع غزة . واقتبس التقرير عن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق أفي ديختر Avi Dichter انتقاده للقاهرة في أكتوبر 2007 بقوله :"إن السلطات المصرية تستطيع إنهاء كافة عمليات تهريب الأسلحة في يوم واحد إذا ما أرادت ذلك" كما نوه كريس إلى قيام الكونجرس بتجميد 100 مليون دولار من المساعدات الأمريكية المخصصة لمصر في ديسمبر 2007 وربطها بالقضاء على تهريب الأسلحة وقيام الرئيس بوش بتخطي قرار الكونجرس وإصدار قرار رئاسي باستئناف المساعدات للقاهرة وإمكانية تكرار ذلك إذا لم تبذل القاهرة جهودها في هذا الصدد . ويرى كريس أن معالجة مشكلة تهريب الأسلحة ترتبط بتدني مستويات التنمية في شبه جزيرة سيناء وافتقاد البدو لفرص العمل وتردي أوضاعهم المعيشية ومن ثم يلجأ عدد كبير منهم للانخراط في عمليات التهريب التي تدر أرباحًا سنوية تقدر بحوالي 200 مليون دولار ومن ثم يؤكد كريس أن الاستثمار في البنية التحتية وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في شبه جزيرة سيناء وتوفير فرص العمل يمكن أن يقضي على الأسباب المحورية لتنامي أنشطة التهريب إلى قطاع غزة .وفي سياق متصل أشار ديفيد ماكوفسكي David Makovsky الباحث السياسي بمعهد دراسات الشرق الأدنى Washington Institute For Near East Policy إلى أن الكونجرس قد خصص حوالي 23 مليون دولار من المساعدات للقاهرة بعد دراسة التقييم الميداني التي أجراها فريق من سلاح المهندسين الأمريكي the U.S. Army Corps of Engineers لشبكات الأنفاق على الحدود المصرية مع قطاع غزة بعد نهاية الهجوم الإسرائيلي على القطاع فضلا عن إمداد القاهرة بمعدات تقنية متقدمة لتدمير الأنفاق إلا أنه لم يجد في تلك الجهود ما يكفل إنهاء تلك الظاهرة واقترح تكوين لجنة أمنية ثلاثية عليا من ممثلين عسكريين من مصر وإسرائيل والولايات المتحدة لتداول المعلومات الاستخباراتية حول مسارات الأنفاق وعمليات التهريب.
ضغط من أجل تطبيع حقيقي
يتمثل الملف الثاني الذي أثارته المنظمات اليهودية الأمريكية بالتوازي مع زيارة الرئيس مبارك لواشنطن في العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية والتطبيع العربي مع إسرائيل، فلقد وجه 71 عضوًا بمجلس الشيوخ خطابًا للرئيس أوباما في 10 من أغسطس الجاري يحثونه على الضغط على الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل وتواكب ذلك مع نشر إعلان للرابطة اليهودية لمناهضة التشهير في صحيفة نيويورك تايمز New York Times يدعي أن "العقبة الرئيسة لتحقيق السلام في المنطقة ليس إسرائيل، إنها الرفض العربي والفلسطيني لحق إسرائيل في الوجود " داعية أوباما لوقف ضغوطه على حكومة نتنياهو لوقف الاستيطان والضغط على القادة العرب للقبول بوجود دولة إسرائيل . وتضمن الخطاب الذي وقع عليه أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بمجلس الشيوخ يتزعمهما كل من زعيم الأغلبية الديمقراطية بالمجلس جيمس ريسك James E. Risch وزعيم الأعضاء الجمهوريين إيفان بايه Evan Bayh، دعوة لتشجيع القادة العرب لاتخاذ خطوات ملموسة للتقارب مع إسرائيل لإظهار التزامهم تجاه عملية السلام من قبيل إنهاء المقاطعة الرسمية لتل أبيب من جانب جامعة الدول العربية وإجراء لقاءت علنية مع المسئولين الإسرائيليين ومنح المواطنين الإسرائيليين تأشيرات دخول ودعوتهم للمشاركة في المؤتمرات الأكاديمية والفعاليات الرياضية المختلفة وذلك في مقابل الخطوات التي اتخذها رئيس الوزراء الإسرائيلي والتي وصفوها بالجادة تجاه عملية السلام مثل القبول بحل الدولتين علنًا وإزالة بعض الحواجز الأمنية والمساعدة في التنمية الاقتصادية للضفة الغربية . وفي السياق ذاته انتقدت لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية The American Israel Public Affairs Committee إيباك في تقرير صادر في 20 من يوليو 2009 تصريحات الرئيس مبارك حول عدم قبوله بيهودية دولة إسرائيل بدعوى وجود مواطنين عرب في إسرائيل وأن ذلك يجعل إسرائيل هدفًا لنشاط التنظيمات الإرهابية في المنطقة واعتبرت المنظمة هذه التصريحات امتدادًا لجمود العلاقات المصرية الإسرائيلية وتساءلت عن سبب إحجام مبارك عن زيارة إسرائيل منذ توليه للسلطة باستثناء حضوره لجنازة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين . بينما ركز الحوار الذي نشره موقع اللجنة الأمريكية اليهودية American Jewish Committee في 21 من مايو 2009 الذي أجري مع جاري أكرمان Gary L. Ackerman رئيس لجنة الشرق الأوسط وجنوب آسيا في مجلس النواب الأمريكي على دور الولايات المتحدة في تعزيز العلاقات الإسرائيلية المصرية مشيرًا إلى المصالح المصرية الإسرائيلية المشتركة في التصدي للتهديدات الإيرانية والتهديدات الإرهابية لحزب الله وحركة حماس وأن ما ينقص الطرفين هو ترجمة المصالح المشتركة بشكل عملي إلى شراكة استراتيجية وتعاون وثيق في شتى المجالات منتقدًا غياب الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وتل أبيب منذ توقيع معاهدة السلام بين الطرفين عام 1979 واقتصار المشروعات الاقتصادية على توقيع اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة الكويز Qualified Industrial Zones عام 2005 ومشروع شرق المتوسط للغاز East Mediterranean Gas project الذي يحقق للقاهرة دخلاً سنويًّا يقدر بحوالي 1 مليار دولار مع بدء تصدير الغاز لإسرائيل .
استمرار السلام مع تل أبيب وتداول السلطة
اقترنت مقترحات المنظمات اليهودية بالولايات المتحدة حول تعزيز العلاقات المصرية الإسرائيلية ومطالبة القاهرة بالتصدي لعمليات تهريب الأسلحة بتساؤلات حول مستقبل النظام الحاكم في مصر وعملية انتقال السلطة في مرحلة ما بعد انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة في عام 2011 وفي هذا الصدد نشرت مجلة ميدل ايست كوارترلي Middle East Quarterly التي يصدرها منتدى الشرق الأوسط Middle East Forumبرئاسة دانييل بايبس Daniel Pipes الباحث اليهودي الداعم لإسرائيل في عدد صيف 2009، دراسة بعنوان " هل مصر مستقرة ؟ " أشارت إلى أن معالم انتقال السلطة في مصر غير واضحة لاسيما في ظل إحجام الرئيس مبارك عن تعيين نائب له على غرار سابقيه، وأن احتمال سيطرة الإخوان المسلمين على السلطة ينطوي على تداعيات كارثية على أمن إسرائيل بحيث سيكون تدمير إسرائيل المبدأ الموحد للحكومات العربية" .
ونوه الكاتب إلى ما وصفه ببوادر عدم الاستقرار في مصر نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية وتضاؤل معدل النمو السنوي لدخل الفرد في النصف الثاني من عام 2009 إلى حوالي 3% وتوقع تراجع معدلات النمو إلى حوالي 2.4% عام 2010 وفق المؤشرات الصادرة عن منظمة العمل الدولية International Labor Organizationوهو ما تواكب مع معدلات مرتفعة لنمو السكان وتصاعد البطالة بين الشباب .
وعلى المستوي السياسي ركز الكاتب على تكرار الإضرابات ذات الطابع السياسي لاسيما احتجاجات القضاة في عام 2005 والإضرابات العمالية وتنامي عدد حركات الاحتجاج الاجتماعي مثل حركة كفاية وتنامي تأثير الإخوان نتيجة تغلغل شبكتهم الاجتماعية وانتشار أفكارهم ومبادئهم في المجتمع المصري، مؤكدًا أن الرئيس أوباما قد يواجه تحديًّا جديدًا في حالة انهيار الاستقرار في الدولة الأكبر والأكثر تأثيرًا بالمنطقة العربية .
وعلى الرغم من إقرار كل من ديفيد إسكينكر David Schenker وسكوت كاربنتر J. Scott Carpenter بأن مصر تظل شريكًا استراتيجيًّا في منطقة غير مستقرة، في تقرير صادر عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى The Washington Institute for Near East Policy في 12 من أغسطس الجاري فإنهما نوها إلى أن مصر قد أضحت غير مستقرة وتواجه تحديات اجتماعية اقتصادية محذرين من أن النفوذ الإقليمي المصري قد أصبح على المحك وفي سبيله للتراجع لاسيما مع توقف النظام المصري عن مواصلة الإصلاح السياسي بعد حصول الإخوان المسلمين على 88 مقعد في الانتخابات البرلمانية عام 2005، داعية أوباما إلى عدم التغاضي عن المخاوف المتعلقة بمستقبل الحكم في مصر وعملية التحول الديمقراطي خشية فقدان تعاون القاهرة في مواجهة إيران وحركة حماس وألا يكون استعادة الأجواء الإيجابية مع القاهرة على حساب التطرق لتلك القضايا المحورية ومناقشته علنًا قبل تأثر المباحثات.
هل تتأثر المباحثات بضغوط المنظمات اليهودية ؟
تثير تلك الرؤى والتوجهات التي تبنتها المنظمات اليهودية بالولايات المتحدة حيال زيارة الرئيس مبارك لواشنطن تساؤلاً جوهريًّا حول مدى إمكانية تعاطي الرئيس باراك أوباما مع مطالب تلك المنظمات وفي هذا الصدد يمكن القول: إن أوباما يؤيد بدء التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل وقد يكون ذلك أحد محاور مباحثاته مع الرئيس مبارك، ومن المرجح أن تكون المعادلة التي يطرحها أوباما هي تجميد الاستيطان مقابل التطبيع التدريجي ويستدل على ذلك بجولة المبعوث الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل George Michaelوالتي تضمنت توجيه دعوة لوضع إطار للسلام الشامل يتضمن تطبيعًا كاملاً بين الدول العربية وإسرائيل وما كشفت عنه مجلة الفورين بوليسي Policy Foreign الأمريكية في 28 من يوليو الماضي حول أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعث مؤخرًا بخطابات إلى زعماء 7 دول عربية من بينها: مصر، والسعودية، والأردن، والبحرين، والإمارات، يطالبها فيها باتخاذ إجراءات لبناء الثقة والتطبيع مع إسرائيل" مقابل الضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان. وقد لا يستجيب الرئيس مبارك لدعوة أوباما لأن صفقة "تجميد الاستيطان مقابل التطبيع " بالنظر إلى افتقادها لعنصر جوهري وهو التوافق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي حول قضايا التسوية النهائية ولإدراك الرئيس مبارك أن تجميد الاستيطان يمثل ثمنًا ضئيلاً للتطبيع الكامل الذي يطلبه أوباما، فضلاً عن غياب البعد غير الرسمي عن الرؤية الأمريكية إذ يرتبط التطبيع الذي يدعو إليه الجانب الأمريكي بقبول الشعوب العربية للانخراط مع إسرائيل ومواطنيها في علاقات طبيعية وهو أمر مستبعد بالنظر إلى التعنت الإسرائيلي حيال عملية التسوية ورفض تجميد الاستيطان لاسيما في مدينة القدس وتكرار الاعتداءات العسكرية على فلسطينيي الضفة والقطاع.
أقباط المهجر والمنظمات الحقوقية والزيارة
منذ بزوغ الإرهاصات الأولى لإمكانية قيام الرئيس المصري محمد حسنى مبارك بزيارة العاصمة الأمريكية واشنطن بعد انقطاع دام زهاء خمس سنوات، وما ارتبط بها من أحداث يأتي في مقدمتها اختيار الرئيس الأمريكي باراك أوباما القاهرة لمخاطبة العالم الإسلامي في الرابع من يونيو، واجه هذان القراران تحدياتٌ عديدة، يأتي في مقدمتها رفض بعض الجماعات لهما ومطالبة الرئيس أوباما بتعديل وجهة زيارته عن القاهرة والضغط على مبارك من أجل تحقيق أهداف ومكاسب سياسية أخرى تتعلق بتحقيق الديمقراطية وضمان حقوق الإنسان. ومن أبرز تلك الجماعات بعض المنظمات الحقوقية والتنموية لاسيما مركز ابن خلدون، وجماعات أقباط المهجر التي حاولت مرارًا الضغط على النظام المصري ليس فقط نظام مبارك بل أيضًا من قبله نظام الرئيس السادات.
القاهرة اليوم
جاء قرار الإدارة الأمريكية باختيار الرئيس الأمريكي باراك أوباما القاهرة لتكون منبره الأول للحديث مع العالم الإسلامي في الرابع من يونيو ليمثل ضربة قاصمة لكل من حاول إقناعه بغير ذلك لعل أبرزهم الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية والمعروف بمواقفه المناوئة للنظام المصري بشكل عام والرئيس مبارك على وجه الخصوص. فقد نصح إبراهيم الرئيس الأمريكي الجديد أوباما بالتوجه إلى إسطنبول أو جاكرتا بدلاً من القاهرة في مقاله الذي نشر في جريدة واشنطن بوست الأمريكية في 20 من ديسمبر 2008. مستندًا إلى أن الزيارة لابد أن تكون إلى دولة ذات أغلبية مسلمة رئيسة يحكمها نظامٌ ديمقراطيٌّ، وهذان الشرطان ينطبقان على كل من إندونيسيا وتركيا، كما أنهما منخرطان في منظمات دولية وإقليمه تضم دولاً غربية. وإن كان إبراهيم قد فضل جاكرتا على إسطنبول على أساس أنها تحتوى على أكبر جالية إسلامية في العالم حيث تصل إلى ما يربو إلى مائتي مليون مسلم، كما أن الرئيس أوباما قد قضى فيها سنوات طفولته. استبعد إبراهيم مدنًا إسلامية أخرى تتمتع بأهمية استراتجية وتاريخية ودينية مثل القاهرة والقدس ومكة والمدينة على اعتبار أنها تقع في نطاق دول غير ديمقراطية أو استبدادية. وفى هذا الإطار أكد إبراهيم على أن زيارة أوباما لإحدى تلك المدن سوف يمثل اعترافًا بتلك النظم، فضلاً عن أنها سوف تفهم على أساس أنها دعم لمخططات التوريث فيها وتكريس المبادئ ذات التوجهات الاستبدادية. ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن إبراهيم، حيث اختار أوباما القاهرة دون النظر لكل تلك الاعتبارات السابقة. ولكني أرى أن هذا الاختيار جاء لعدة أسباب يأتي في مقدمتها: أولاً: أن القاهرة هي قلب العالم الإسلامي ولغلتها الرسمية العربية وهى لغة القرآن وبالتالي فإنها تمثل أحد البقاع السحرية في المنطقة التي سوف تسهل بالضرورة مهمة أوباما وتزيد من شعبيته لدى بلدان العالم الإسلامي. ثانيًا: الثقل السياسي لمصر والذي بدا جليًّا في أزمة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حيث قامت مصر بجهود حيثية لتخفيف من حدة الأزمة وتهدئتها وذلك على الرغم من الوهن الذي أصاب ذلك الدور على المستوى الإقليمي في الفترة الأخيرة. ثالثًا: الأهمية الاستراتجية لمصر بالنسبة للولايات المتحدة باعتبارها الوسيط الرئيس في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والذي يمثل التحدي الأكبر للأمن القومي الإسرائيلي الذي تعتبره الولايات المتحدة أحد أهم الموضوعات على أجندة السياسة الخارجية الأمريكية عبر الإدارات المتعاقبة.
أقباط المهجر بين الرفض والمطالبة
كما هو معروف عن أقباط المهجر من مواقف مناوئة للنظام المصري فقد كان من المتوقع أن تحشد تلك الجماعات كل ما تملك من قوة وأسلحة استعدادًا لزيارة مبارك للولايات المتحدة، ولعل أبرز تلك الجماعات الجمعية القطبية الأمريكية برئاسة الملياردير كميل حليم، ذلك فضلاً عن مجموعة من الشخصيات البارزة مثل المحامي موريس صادق رئيس الاتحاد القبطي بأمريكا، والمهندس مايكل رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة. ومن الجدير بالذكر أن تلك الجماعات تتمتع بقدر كبير من القوة والنفوذ في الولايات المتحدة نظرًا لقربها الشديد من دوائر صنع القرار لاسيما الكونجرس الأمريكي. في حقيقة الأمر ما يزيد قوة تلك الجماعات قوة تحالفاتها مع المنظمات والقوى الأخرى داخل الولايات المتحدة وخارجها. فمنذ الإعلان عن زيارة مبارك لواشنطن اندمجت منظمات أقطاب المهجر مع جماعات أخرى ذات تواجهات علمانية مثل تحالف المصريين الأمريكيين لرئيسها صفي الدين حامد، ومركز ابن خلدون لرئيسه سعد الدين إبراهيم، ومنظمة حقوق الناس برئاسة عمر عفيفي، ومنظمة أصوات من أجل الديمقراطية في مصر برئاسة دينا جرجس، والمركز العالمي للقرآن الكريم برئاسة أحمد صبحي منصور، والجمعية الإسلامية ـ الأمريكية برئاسة أكرم الزند. ومع اقتراب موعد زيارة مبارك وفى إطار التعبير عن وجهة نظرهم أرسلت الجمعية القبطية الأمريكية والمؤسسات السبع سالفة الذكر خطابًا للرئيس المصري حسني مبارك بتاريخ 28 من فبراير يتضمن خمسة مطالب أساسية يتعين عليه القيام بها قبل زيارته لواشنطن وهي كالتالي: أولاً: إلغاء العمل بقانون الطوارئ. ثانيًا: الإفراج عن سجناء الرأي والسجناء السياسيين ووقف المطاردات الأمنية للناشطين السياسيين. ثالثًا: الإسراع بإصدار قانون دور العبادة الموحد لبدء مرحلة جديدة من الوحدة الوطنية والمحبة بين عنصري الأمة. رابعًا: إعلان وعد قاطع باتخاذ خطوات نحو ترسيخ الديمقراطية، وإعمال مبدأ الفصل بين السلطات والكف عن التدخل في شئون القضاء. خامسًا: إعلان وعد قاطع بالدعوة إلى تشكيل جمعية تأسيسية ممثلة من كافة الأطياف لإعداد دستور عصري وحديث، وإقرار مبدأ حرية تشكيل الأحزاب والجمعيات الأهلية وحرية تداول المعلومات وعدم التدخل في سير الانتخابات البرلمانية القادمة لصالح حزب أو فئة بعينها. أما فيما يخص الاستراتيجيات التي سوف تتبناها منظمات أقباط المهجر حال زيارة مبارك لواشنطن، فقد انقسمت تلك المنظمات على نفسها. فبينما أكد بعضها على ضرورة القيام بمظاهرات حاشدة تندد بالزيارة، أكد البعض الآخر وخاصة التجمع القبطي الأمريكي على لسان رئيسه كميل حليم أنهم يفضلون الحوار والمناقشة وليس التظاهر ضد الرئيس، ولكنهم سيطلبون من الرئيس أوباما الضغط عليه من أجل تحقيق مزيدٍ من الإصلاحات بخاصة في مجال الحريات.وفى الإطار ذاته، دعت عديدٌ من المنظمات القبطية لاسيما الجمعية الوطنية القبطية الأمريكية لتنظيم مظاهرة حاشدة أمام البيت الأبيض في 18 من أغسطس من الشهر الجاري احتجاجًا على زيارة مبارك لواشنطن استنادًا إلى ما أطلقوا عليه " الملف الأسود" للحكومة المصرية مع الأقباط، وسوف تنادي تلك المظاهرة باستقبال مبارك استقبال الغزاة، وعدم الانصياع لمن سترسله الكنيسة كمحاولة لتهدئة الأجواء بين الأقباط، الدعوة لتنظيم مظاهرات حاشدة للأقباط في كافة أنحاء العالم لاسيما الولايات المتحدة وكندا تنديدًا بالزيارة وبممارسات النظام المصري ضد الأقباط، مطالبة العالم أجمع بالاعتراف باضطهاد فقراء الأقباط في مصر فضلاً عن دعوتهم لرفع المعاناة عنهم، كما سوف يتم إرسال خطابات للبيت الأبيض ولوسائل الإعلام تفيد بأن تلك الزيارة غير مرغوب فيها من شخص يضطهد المصريين لأنهم يختلفون معه في الاعتقاد. والحقيقة أن تلك الدعاوي، قد وجدت من يساندها في مصر ذاتها، حيث أكد المستشار" نجيب جبرائيل" رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان في مصر أن مظاهرات أقباط المهجر ضد زيارة الرئيس مبارك لواشنطن المزمع القيام بها في منتصف الشهر الجاري أغسطس 2009 تعد بمثابة فرصة ذهبية للتعبير عن غضب الأقباط من انتهاك حقوقهم من قبل النظام المصري وذلك استنادًا إلى أن التظاهر هو حق أصيل تكفله كل المواثيق الدولية طالما أنها ذات طبيعة سلمية و لا تسيء لمصر ولا لشخص الرئيس مبارك. وعلى الرغم من الاتفاق مع بعض مزاعم أقباط المهجر حول مسئولية النظام المصري فيما يخص عرقلة العملية الديمقراطية وإخفاقه في التعامل مع بعض المشكلات التي تنشأ من حين إلى آخر بين المسلمين والأقباط في مصر، إلا أن أقطاب المهجر في كثير من الأحيان يسعون إلى تحقيق مكاسب خاصة ويسهمون بشكل ملحوظ في إثارة الفرقة والفتنة في المجتمع المصري، ومن أمثلة ذلك نقد قرار الحكومة المصرية حول إعدام الخنازير، وذلك للحيلولة دون تفشي وباء أنفلونزا الخنازير في مصر، حيث أحالوا استخدام هذا القرار لإشعال نار الفتنة بين المسلمين والأقباط على اعتبار أنها أحد أوجه اضطهاد النظام للأقباط. لكن الكنيسة تعاملت مع تلك المزاعم بحنكة شديدة وصرحت بأنه قرار سياسي وعلينا الانصياع إليه وذلك خوفًا من حدوث صدام مع النظام والذي قد يكون له تداعيات وخيمة على العلاقات فيما بينهم.
المنظمات المدنية المصرية – الأمريكية ودواعي الرفض
واستمرارًا للنهج الرافض للزيارة، طالبت المنظمات الأمريكية – المصرية ذات التوجهات المدنية في الولايات المتحدة الرئيس أوباما بوجوب إعادة النظر في استقبال الرئيس المصري في البيت الأبيض على اعتبار أنهم حملوا مبارك وحزبه مسئولية تكريس الممارسات غير الديمقراطية المتمثلة في البقاء في السلطة نحو ما يقرب من ثمانية وعشرين عامًا، وعدم قيام مبارك بتعيين نائب له على عكس سابقيه من الرؤساء، فضلاً عن عدم تطبيق مبادئ المحاسبة وسيطرة الحزب الوطني الديمقراطي على ما يقرب من 92% من مقاعد البرلمان والحكومة بأكملها. كما أكدوا على مسئوليته عن تردي الأوضاع الاقتصادية في مصر وفقدان عنصر العدالة الاجتماعية اللذين يتمثلان في الآتي ؛أولاً: تتراوح نسبة بطالة بين 20% و40%، ثانيًا: ارتفاع معدل التضخم ليتراوح بين 14% و18%، ثالثًا: يعيش حوالي نصف السكان تحت خط الفقر، رابعًا: امتلاك أقل 10% من السكان ما يزيد عن 80% من ثروة الدولة، خامسًا: أن 44% من السكان يعيشون بأقل من 2 دولار في اليوم.
أقباط المهجر والمنظمات الحقوقية والزيارة
أما على المستوي الاجتماعي، أكد البيان أن مصر تعاني من أكبر نسبة لعمالة الأطفال، وحرمان المرأة من التعليم، ذلك فضلاً عن احتلال حكومة مبارك وفقًا لتقرير منظمة الشفافية الدولية أعلى مستويات الفساد. وعلى صعيد حقوق الإنسان، أكد البيان على استمرار النظام المصري في انتهاك حقوق الإنسان واستندوا في ذلك إلى تقرير حقوق الإنسان الصادر عام 2008 عن وزارة الخارجية الأمريكية الذي انتقد النظام المصري لاسيما فيما يتعلق بتقويض حرية الصحافة والتعبير عن الرأي وتكوين الجمعيات والمنظمات غير الحكومية.ولكن بقطع النظر عما تنادي به تلك الجمعيات، فإنني أرى أن مسألة احترام حقوق الإنسان في مصر لا تزال تحبو إن لم تكن في مرحلة المهد إلا فيما يتعلق بحرية الصحافة والتعبير فقد قطع فيها النظام المصري شوطًا لا بأس به. وختاما، لا شك أن زيارة مبارك لواشنطن سوف تكون أحد التحديات التي تواجه الرئيس أوباما خاصة أنها تأتى بعد انقطاع دام لمدة خمس سنوات حيث رفض مبارك زيارة واشنطن إبان فترة حكم الرئيس السابق جورج بوش الثانية نظرًا للانتقادات الحادة التي وجهتها إدارته للنظام المصري لاسيما فيما يتعلق بملفي الديمقراطية وحقوق الإنسان بخاصة مع علم النظام المصري أن بوش وإدارته هم أكثر من ينتهكون حقوق الإنسان لاسيما في سجن أبي غريب ومعتقل جوانتنامو. وبالتالي على أوباما وإدارته استغلال الأحداث الأخيرة والمتعلقة بإعلانها عن إمكانية إغلاق معتقل جوانتنامو والإفراج عن صور ووثائق التعذيب التي وقعت في العراق في إطار تطبيق إستراتجيته الجديدة القائمة على عنصري الشفافية والمحاسبة في الضغط على مبارك لاتخاذ خطوات حثيثة في قضايا الإصلاح السياسي، الديمقراطية، وحقوق الإنسان.
#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشرطة الأردنية تلاحق 60 ألف مصري في الخارج!!
-
هل سيتحول عمر أفندى إلى كارفور باشا؟!!
-
حكايات مثيرة عن مصر التى لا تعرفها الحكومة!!
-
تفاصيل اللقاءات السرية بين الإدارات الإيطالية ونقابات شركات
...
-
بالأرقام والوقائع: إنهيار متواصل لصناعة الغزل والنسيج فى مصر
-
حول شركات الاسمنت فى مصر : المحتكرون يتفرعنون
-
خسائر بالملايين وتهديد للامن القومى المصرى وتشريد العمال : م
...
-
فى لقاء مع رئيس النقابة العامة للتجارة المصرى:عمال القطاع ال
...
-
الحكومة المصرية تتراجع فى قرار دمج شركتى العربية والقاهرة لل
...
-
فى مصر : -الصناعات الثقيلة-..تحتضر!
-
على هامش مؤتمر العمل الدولى فى جنيف :مذكرات حول إنهيار الصنا
...
-
مؤتمر العمل الدولى اليوم فى جنيف : مطالب بوضع رجال اعمال فى
...
-
تمثال من وطن !
-
-النقابات المستقلة- فى مصر بين مطرقة القوانين وسندان الحكومة
...
-
من الذى صنع رجال الأعمال -المتفشخرون-فى مصر ؟
-
ننفرد بنشر خطاب الرئيس مبارك فى عيد العمال غدا الاربعاء !!
-
الغام فى مؤتمر العمل العربى
-
هل قناة السويس فى خطر؟ : تحركات إسرائيلية سرية لبدء تنفيذ مش
...
-
فى إبريل القادم : الأزمة المالية و17 مليون عاطل عربى يحاصرون
...
-
200 الف عامل مصرى قادمون من الخليج فى إبريل المقبل ورجال أعم
...
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|