|
التعبير عن متناقضين
قيس مجيد المولى
الحوار المتمدن-العدد: 2743 - 2009 / 8 / 19 - 07:48
المحور:
الادب والفن
نشرت العديد من النظريات الأدبية سواء كانت في الشعر أو في مختلف الفنون الأخرى ظلالها على العديد من دول العالم وكانت الدول التي تعاني من صراعات سياسية وصراعات اجتماعية من أكثر الدول تأثراً وتقبلاً لهذه النظريات ولعل رياح التغيير الشعري على مستوى الشكل والمضمون والإفادة من أي شكل من أشكال العلائق الجديدة في التعامل مع اللغة أو الحدث والإنفتاح غير المحدود على مفهوم الزمكانية والخوض في المجهول الرمزي وأستحظار التراث بشكلٍ أخر كل تلك الأمور أصبحت من الحاجات الضرورية التي يتطلبها النص الجديد إذا ماأضفنا إلى ذلك التطورات التي دفعت بها عجلة الصناعة في ميادين عديدة من ميادين الحياة بما في ذلك بداية تطور النظم السياسية والنظرة إلى حقوق الإنسان في تلك الدول صاحبة النظريات كنتيجة طبيعية لمخاض الحرب الكونية الأولى ونتائج الحرب الكونية الثانية . وكانت الرمزيةُ التي حملها القرن الحالي ذات تأثير على الشعر الروسي رغم إنتماء معظم الشعراء الروس لأجوائهم الكلاسيكية النقية المفعمةِ بأجواء البطولةِ والفرديةِ وهذا لايعني الإنكفاء وقبول بقاء القديم فقد ظهرت قصائد عديدة لعدد من الشعراء الروس كانت نصوصهم خالصة تماما لمضامين الغرض الرمزي .ولعل الشاعر الروسي فاليري بريسوف قد عبر في شعره وتأثير الرمزية عليه عبر عن ولادتين فهو قد زاوج في قصائده بين حدين شعريين متناقضين بدءا من اعتماده تلك الضبابية والوحدة والحيرة التي انسجمت ألى شكل بعيد مع حبه للشعر منذ صباه وكانت كعادة كل الشعراء البحث عن الغايات الكونية والشك اللامجدي عن الأسئلة التي لاترافقها أي من الإجابات القابلة للقبول والتي قد تكون مدخلا لقبول السببية الوسطى مابين الأنا الواقفة والأنا البعيدة لذلك لم يكن الألم إلا الطريقِ المبجل الذي يقود إلى الحرية وعدم المؤالفة مع السطحي والواقعي المُعرَف :-
حَسنٌ أن تَجلسَ وحيداً إلى النافِذَة القَمَر لم يتغير وهناك أغوصُ في فوضى من خيالاتِ الإبداعِ المجهولة من الكلمات الرائعة السرية هاهيَ الفكرَةُ _كالذنبِ – بلا قيد أستطيع أن ألتقط كلَ شئ أن أفهمَ كل شئ ومامن داعٍ لتقبيلك
وإلى جانب تلك الرمزية التي أشرنا إليها فهناك في قصائدة مادرج ضمن الموروث التاريخي والذي لايعود إلى التاريخ الروسي بل كانت إشراقاتُه التناقضية في هذا الباب تمتد إلى التاريخ المُدون الإنساني المفعم بالأمجاد والبطولة للألهةِ أو للأشخاصِ العاديين عبر الحضارة اليونانية والمصرية والرومانية وحضارة بلاد مابين النهرين لذلك وصف بعض النقاد شعر بريسوف بأنهُ شعرٌ ذهنيٌ يجبر القارئ على توسيع معرفته بتاريخ الثقافة العالمية ومن جملة إعتقاداتنا حول هذا التناقض مابين الرمزية والواقعية في شعره نرى بأن بريسوف لم يقصد التحلل عن القراءات التاريخية ومغادرتها كليا ثم العودة اليها لنسجها شعرياً بل هو شكل من أشكال المحافظة على البنية الرمزية التاريخية وشحنها باللغة الشعرية ذات الطابع الدلالي المتوج بهالة جمالية تهئ للقارئ ملاذا مقبولاً للتمعن في أحداث الماضي البعيد مع قدر كاف من الشحنات الإنفعالية التي تمد الماضي بقوة الحاضر كي لاتكون الجمل الشعرية غارقة في الوصفية والتباعدية مابين الغايةِ وإستلهام ماتم الكتابة عنه وهذا هو أحد المحاور التي تستحق الإشارة من قبل النقاد أي أن هناك خلطاً سحريا على مستوى الجماليات المطروحة مع التكيف الرمزي أو الدلالي التاريخي الواقعي والذي قد يكون أحيانا لدى بعض الشعراء عائقا للقفز بالجملة الشعرية إلى الفضاءاءت الأرحب بسبب طبيعة اللغة أو قوانيين إستخداماتها لذلك تجد في (كتابةٍ أشورية ) يتقمص الشاعر البطولة والتي لايراها تحقق الإنتصار مادامت الوحدة في ذلك الدهليز المظلم من النفس :
لقد أصبحت كلمتي قانوناً لمصر وقرأت (عيلامُ )مصيرها في عيني وأحسرتاه من يتفوق عَلي بل من ذا يُساويني أيها المجد لقد إستنفذتك حتى النهاية وهاأنذا أقِفُ مُترعاً بالعظمة ولكني وحيد
وإذ كان لابد من المقارنة بين نمطي بريسوف ورغم محافظته على ذلك الخيط من التوازن بينهما فلاشك بأنَ ريح الرمزية قد إقتلعت قديم العالم الشعري في بدايات الربع الأول من القرن الماضي حيث قدمت للشعر الروسي أجواءً بد يلةً خارج المكان والزمان والمعنى المتعارف علية وكان مقدمة لإزدهار الشعر العاطفي المنفتح على العاطفة الخالصة حصراً :
كنتِ تمضينَ إلى العذاب وكأنكِ تمضين إلى كنيسة مترعة بحزن دائم صامتةً إستندتِ إلى العمود توجوك بالقش ووشموك بالجبين مُطأطئةً ساهمة النظرات أردت أن تهمسي انا أُحب [email protected]
#قيس_مجيد_المولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نتائج أولية تجاه إنكار العالم والحياة
-
الفكر اللاهوتي
-
الموقف الضدي الذي يبنى على السببية
-
فاليري بريسوف
-
قرع الأجراس .. لطرد الأرواح الشريرة أم إثارة إنتباه الرب
-
الأدب الروسي
-
فرويد ..وأخطار النشوء الأول في اللامعقولية المعاصرة
-
هيجل .. . بلوغ مستوى الضرورة العميقة
-
ماركس وأنجلز .. والتضمين الباطني لنظرية الأدب
المزيد.....
-
أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
-
بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|