أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المنعم المساوي - تماسينت:عنوان انتفاضة مستمرة














المزيد.....

تماسينت:عنوان انتفاضة مستمرة


عبد المنعم المساوي

الحوار المتمدن-العدد: 2742 - 2009 / 8 / 18 - 08:21
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تماسينت تلك القرية الصغيرة الواقعة بإقليم الحسيمة شمال المغرب ، و التي لم يكبر حجمها و لم يزداد عدد سكانها القاطنين بها لعقود طويلة ، كأنها تأبى التطور أو التغيير ، إلا أنها في الواقع تحاصر داخل حدود ضيقة ينتقص منها شيئا فشيئا ، و يفرض عليها كل الأشكال التي تؤدي إلى اندثارها و محوها من الجغرافيا و من التاريخ . فرغم كل التهميش و التضييق الذين يمارسان عليها لعقود طويلة فإنها لا زالت صامدة .
أكيد أن لإسمها أو تاريخها أو سكانها ذنب ما حتى تعامل بمثل هذه الطريقة .. أكيد أن التاريخ كتب و سجل أن تامسينت و سكانها لعبوا دورا ما يضايق و يزعج البعض .. و أكيد أن هذا التاريخ حفظ و سجل أن تامسينت و أبناءها لعبوا دورا مهما في انتفاضة 58/59 ، تلك الإنتفاضة الشعبية التي قامت في وجه الطغيان والفساد و التهميش . تلك الإنتفاضة التي ساهمت بكثير في المسيرة التي بدأها ثوار المنطقة منذ بداية القرن العشرين و أبرزهم طبعا محمد بن عبد الكريم الخطابي في توعية المواطنين بمعنى الإستعمار و معنى التهميش و معنى سرقة و نهب الثروات ... كانت انتفاضة شعبية سلمية و مشروعة ، لكن ووجهت بوحشية ، بالنار و الحديد ، بل أكثر من ذلك قوبلت بحصار و تهميش ممنهجين للمنطقة لعقود طويلة ، ليس لذنب غير المطابة بالحق.
كما أنه أكيد أيضا أن التاريخ سجل أن تامسينت و أبناءها لعبوا دورا كبيرا في انتفاضة 84 التي أتت نتيجة لإستمرار الحصار و التهميش و النهب .. فكثير من شباب هذه القرية قادوا حركات احتجاجية في مختلف ثانويات و شوارع إقليم الحسيمة و لاسيما بالمدينة القريبة إمزورن. إلا أن الحديد و النار و الإعتقال وقفوا في وجه المواطنين ، في وجه الإنتفاضة . و استمر الحصار و التهميش للمنطقة مع قليل من المساحيق التجميلية لتزيين وجوه أصحاب الحديد و انار وتزيين الآثار التي مر منها حديدهم و نارهم ، إلا أن الشمس سرعان ما أكلت تلك المساحيق و عرت عن الوجوه البشعة .
تمر السنين تلو السنين و القرية لم تختفي و لم تنهار عزيمة سكانها .. أبناءها تعلموا الصمود و المقاومة أبا عن أب ، بل يتوارثونها في جيناتهم .
تأتي سنة 2004 بكارثة طبيعية بقوة تدميرية كبيرة على تامسينت و ما جاورها و على السكان المحليين ، كأنها مساعدة لأصحاب النار و الحديد في سبيل تدمير هذه القرية و محوها من الجغرافيا و التاريخ ، إلا أن قوة و صمود أبناء القرية كانا أقوى من قوة الكارثة الطبيعية . حاول مجددا المسؤولين أو أصحاب الحديد و النار تهميش و تدمير هذه القرية العنيدة و إتمام ما بدأوه منذ عقود ، هذه المرة باستغلال الكارثة الطبيعية و نتائجها الكارثية ، و ذلك في التضييق على معيشة و سكن أبناء القرية . إلا أن السكان تكتلوا و توحدوا ضد كل محاولات تهميشهم و نهب حقوقهم . هذه المرة استيقظت روح الإنتفاضة في نفوسهم ، و استرجعوا ذكريات الإنتفاضات السابقة . نظموا تظاهرات و تحركات شعبية سلمية مشروعة للمطالبة بالحقوق المشروعة و الكف عن الحصار و التهميش . إلا أن رد فعل أصحاب النار و الحديد كان هو لعب نفس الدور الذي طالما لعبوه لعقود ، استعملوا نارهم و حديدهم في قمع الإنتفاضة و إيقاف أي تحرك شعبي مشروع ، كما نهجوا حصار و ملاحقة أبناء القرية . أرهبوا المسالمين الآمنين ، اعتقلوا الشيوخ و الأطفال ، حاصروا القرية مجددا .. لكن يأبى أبناء تامسينت أن يستسلموا للأمر الواقع ، تأبى عزيمتهم الذوبان و الإندثار ، يستمرون في كل مناسبة و في كل فرصة في التظاهر و الإحتجاج و المطالبة بالحق و لو أن أصحاب و مسؤولي النار و الحديد مستمرون بالمقابل في القمع و التضييق و التهميش ..
فرغم كل تلك المساحيق الظاهرية التي تزين بها المنطقة من مشاريع تافهة أقل ما يقال عنها أنها لا تسمن و لا تغني من جوع ، فإن الإنتفاضة مستمرة لإستمرار أسبابها و شروطها .



محمد ريفلاند
mohamedrifes@ hotmail.com



#عبد_المنعم_المساوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرسان الشهادة : أكروح فريد بودفت سعيد
- طنجة تحت الحصار
- معتقلي الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين بالمغرب يكشف ...
- النظام اللاوطني يشن هجوم شرس على القوت اليومي للشعب المغربي
- لنطالب جميعا بإطلاق السراح الفوري لكافة المعتقلين السياسيين ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المنعم المساوي - تماسينت:عنوان انتفاضة مستمرة