هكذا يُشهِرُ فقيهٌ إفلاسَه

رياض الحبيّب

الحوار المتمدن-العدد: 2741 - 2009 / 8 / 17 - 08:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

هكذا أشهَرَ أحَدُ السادة الفقهاء- سمير إبراهيم خليل حسن- إفلاسه الديني والأخلاقي بعدما حاول الرّدّ على أسئلة عن بعض مفردات دينه، بطريقة بعيدة عن أدب الحوار، خارجاً بما بذل من جهد عن مضمون الموضوع وأبعاده، عائداً بفكره إلى الزمن الذي فرض حظراً على سائر المعترضين على نصوص الدين المخالفين أحكامه إمّا حاول أحد منهم أنْ يُبديَ رأياً بحُسن نيّة واحترام أو يُغيّر منهجاً قد ثبُت بؤسه وسفاهته وانحرافه بل أثبت بُعْدَه عن الصواب بُعد الأرض عن أقرب الكواكب إليها أو أبعد، أو ينتقد مقدّساً لا تبرير لتقديسه ولا مناص للسكوت عليه. هذا حتى لو كان الباحث من أكبر الأدباء- معروف الرصافي- وأوسع الفقهاء علماً بشؤون دينه وأكثرهم تفنيداً لأقوال المفسّرين ولا سيّما الزمخشري.

وقد سألت الكاتب المذكور أن يأتي بدليل واحد على صحّة رسالة دينه فلم يفعل، بل أتاني من جهة مُلمِّحاً بشيء يظنّه من المُعجز في القرآن- الآية 30 في سورة الأنبياء- ما أثنى الرصافي عليه في كتابه “الشخصية المحمدية” غير مُدرك ما ذهب الرصافي إليه، في بداية كتابه، من نعت عقلية رسول الإسلام بطول التفكر، مُذ كان ينعزل في غار حراء ليضع برنامجاً لدعوته ويخطط لتمرير رسالته، وبعِلْمٍ غزير ببيئته وبالثقافات المتعددة التي تلقّى من أهل الكتاب والكهّان والأحناف والوثنيين والشعراء وغيرهم. ولا اختلاف على عمق مخيّلة الرسول المذكور وحدّة الذكاء ولكنّ هذه العوامل مجتمعة صبّت في محيط من الدهاء وآخر من الدماء كما حصل من اضطهاد للإنسان الآخر قتلاً أو نفياً أو استعباداً بحجة الكفر أو الشرك. أمّا الكاهل الأثقل فكان مُلقى على الجنس الآخر أي النساء ولا زال- وأمّا الأقسى فكان الذي لاقت الجواري والإماء. ومن جهة أخرى- حتى ذلك الذي يُظَنّ إعجازاً في الآية المذكورة لم يكن في نظر الرصافي من البلاغة وهنا الدليل!

أورد الرصافي في موضوع خلق السماوات والأرض- ص 659- وتحديداً ما في خضمّ تحليل الآية: 30 في سورة الأنبياء (أولم يرَ الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) ما يأتي:
(والذي نراه غير مناسب في الآية قوله: (أو لم يرَ) والاستفهام فيه للتقرير، ولا يجوز أن تكون {يرى} في الآية من الرؤية لأن رتق السموات والأرض وفتقهما لم يَرَهُ أحد بعينه لا الكفار المخاطبون ولا النبي محمد، فكيف يصحّ تقريرهم به؟ ولكن لا يجوز أن تكون من الرأي أي من الرؤية القلبية لا البصرية فيكون المعنى في الآية أولم يعلم الذين كفروا، وحينئذٍ يُقال ليس من المناسب هنا تقرير عباد الأصنام بعلمهم هذا فإنهم يجهلونه كل الجهل، ولو علموه ما عبدوا الأصنام دون الله!) انتهى

ثم قام الرصافي بتفنيد قول الزمخشري- ما ليس له محل من الإعراب في هذه المقالة- في موضوع الرؤية والرأي إلى أن ختم بالقول:
(ولا ريب أن الغرض المطلوب من نبوّة محمد ومعجزاته كلها هو دعوتهم إلى توحيد الله بنبذ الأصنام لا إلى إيمانهم بالله إيماناً مجرداً. فالصحيح الذي لا مرية فيه هو ما قلناه من أن هذه العبارة، أعني قوله: ( أولم يرَ الذين كفروا) لا تناسب المقام، فكان الأولى أن يأتي بدلها بعبارة تناسب المقام وتلائمه، كأن يقول مثالاً: أيكفرون بقدرتنا في خلق السموات والأرض إذ كانتا رتقاً ففتقناهما، أو قولاً نحو ذلك وحينئذٍ يكون كلاهما هنا غير خارج عن كلامنا المتعلق ببلاغة القرآن) انتهى.
ويوجد رابط لمتابعة هذا الموضوع كاملاً، نقلاً عن كتاب الرصافي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=112886


أعود إلى مقالة السيد سمير إبراهيم خليل حسن المنشورة في الحوار المتمدن- العدد: 2739 - 2009 / 8 / 15 وعبر الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=181345

لأردّ عليها بالطريقة التي رُبّما تعوّد عليها فأصبحت مألوفة لديه-
شكراً له على أيّة حال مع التقدير:


ويدعونكَ اٌبن بولسَ قلْ تشرّفتُ ببولسَ رسول الأمم المُبَشِّر بربّ الأرباب ومَلِكِ الملوك*
مُعلّم لوقا الذي كان طبيباً ورسّاماً قبلما تشرّف بلقاء العذراء سيّدة الكون المسبوك*
فكتب الإنجيل بما أوحِيَ إليه بتدقيق للوثنيّين فكان خلاصاً لهم وراحة للعالم المنهوك*
ما قيلَ لهُ ماتتْ أمّكَ مُشركة ولا سألهُ أحدٌ مَّنْ أبوك*
فمِنْ أين نزل الوَحْيُ على كتاب آخر مليء بالغلط ومثير للشكوك*
وكيف يُغيّرنّ الله كلمته وروحاً منه بعد ستة قرون ونيّف فيَعِدُ بجنّات ويُلقي بصُكوك*
يا أيّها الفقيه ُهلمّ إلى حوار متمدن واٌنفض عنك غبار غزوة تبوك*
أوَتفخرنّ بالسّلب والنهْب والسّبْي والجزية وسائر مُسَمّياتِ ربّكَ ولا تأبَهُنّ بالدّم المسفوك*
دَعْكَ الآن من اٌبن تيميّة وتلاميذه ومنهم محمّد بن منيوك**
ما كان الرصافيّ يهودياً وإنْ علّمَ في القدس ولمْ يكُ عقلُهُ بمتروك*
أفتظنّنهُ من أحفاد الَقِرَدَة إذ تكلّم بما لا يُرضيك*
قد قال الرّجُل الحقيقة فأراح ضميره وخرَقَ من الأذهان السّميك*
إنما أثنى على الرصافيّ أبناءُ النور قائلين لا فضّ فوك*
ألمْ ترَ كيف بَحَثَ في كتب التراث مرصوفة على الرفوف بلا مُساءلة والموت وشيك*
حلّلَ الشخصيّة المحمّديّة فحلّ اللغز المقدّسَ وأيقظ المماليك*
سينتفضُ الذين كانوا مُغفَّلينَ عاجلاً أم آجلاً وظنّي ألّا يَسْلمَ من غيظهم أيّ نفرٍ مِّنَ الصّعاليك*
أولئك الذين يُحلّلون حراماً ويُحرّمون حلالاً يعتلون المنابر ليُكفّروا الرأيَ المخالفَ قلْ جاءَ اليوم ليُكفّروك*
يا أيّها الذين آمنوا كفى بالأذان إزعاجاً لا حاجة بكم لتستيقظوا قبل الدّيُوك*
إنّ الله يسمع الصلاة كلّ حين فمِنْ قلبٍ خاشعٍ لا يَمَلّ ورصيدُ التائب عندَهُ لا يُضاهى بما في البنوك*
هو ذا المسيح واقفاً على الباب يقرع فتعالوا يا جميع المتعبين وثقيلي الأحمال يُقَلْ لخلاصكم وخلاصكنّ ألف مبروك*

----------------------------


* هنا بعض تلامذة ابن تيمية- وفق ويكيبيديا:
شمس الدين بن قيّم الجوزية
إسماعيل بن عمر بن كثير
أبو عبد الله محمد بن منيوك

- مع اعتذاري للقرّاء الكرام عن إيراد الإسم الأخير لكنّ للضرورة الشعرية أحكاماً لا تختلف عمّا في فواصل القرآن-
ومن جهة أخرى قد قيل في الإسلام: لا حياء في الدين!

#رياض_الحبيّب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات