|
عائد بعد مزاح مع الخنازير
مجدي شندي
الحوار المتمدن-العدد: 2741 - 2009 / 8 / 17 - 08:02
المحور:
كتابات ساخرة
مساء الأحد الماضي أحسست بأعراض نزلة برد عادية، زكام وارتفاع طفيف للحرارة، ولأني منذ سنوات أداوم على دواء للضغط خشيت أن أتناول أياً من أدوية البرد المعروفة دون مراجعة الطبيب.. وبعدما لان عنادي الصعيدي أمام إصرار زوجتي على الذهاب للطبيب توجهنا إلى قسم الطوارئ بمستشفى الزهراء في الشارقة.. الوجوه مبتسمة والاستقبال لا بأس به، وجدنا طبيبة سودانية ـ كما بدت من لهجتها ـ حديثة التخرج، سألتنا عن الأعراض، أجبتها، مساعدها تكفل بقياس النبض ودرجة الحرارة، واستخدمت هي سماعتها لإجراء الكشف الطبي، أخبرناها أننا جئنا المستشفى لمعرفة الدواء الذي لا يتعارض مع عقار ناتريلكس المخصص لخفض الضغط أجابت لا بأس، أفضل شيء هو حقنة بنادول، ثم جاءت بعود يشبه أعواد قطن الأذن وأخذت عينة من مخاط الأنف، بعدها أحالتنا إلى قسم الأشعة لعمل «إكس راي» على الصدر، وطلبت منا الانتظار حتى تظهر نتيجة اختبار فيروس «إتش 1 إن 1» قلنا حسنا فلننتظر. مرت ساعة دون أن نتلقى إجابة.. بعد نصف ساعة أخرى طلب منا أحد الممرضين أن نتبعه إلى إحدى الغرف، بمجرد دخول الغرفة أحسست بانقباض، فقد كانت بعرضها الذي لا يتجاوز مترا وطولها الذي يزيد قليلا عن مترين، لا تختلف كثيرا عن زنزانة، كما أنهم وضعوا بها ثلاثة كراسي لي ولزوجتي وابني، مازحتهما قائلا: هل رأيتما زنازين من قبل؟ ردت زوجتي: دائما تفكر نفس أفكاري.. قلت وأنا أضحك هذه زنزانة بامتياز.. ينقصها فقط دلو لقضاء الحاجة، وبساط مفروش على الأرض بدل الكراسي. خيم صمت ثقيل على المكان لم تفلح نكاتي في تبديده، ولما طال انتظارنا فتحت باب الغرفة وخرجت لأسأل الطبيبة عن مبرر احتجازنا في هذه الغرفة المريبة. في الخارج كانت الوجوه تبدلت والابتسامات تبددت ورأيت معظم طاقم العاملين في المستشفى يضع الأقنعة الواقية، وظهرت الطبيبة لترجوني العودة إلى الغرفة/الزنزانة مؤكدة انها ستلحق بي بعد دقيقة واحدة. على باب الغرفة أحكمت هي واثنان من طاقم التمريض وضع الكمامات، ثم أخبرتنا دون اي اسى على وجهها أن اختبار انفلونزا الخنازير يؤكد إصابتي بالفيروس وأن علينا فورا وضع كمامات واحدة مميزة لي، واثنتان عاديتان لزوجتي وابني، لكنها استدركت قائلة هذه نتيجة الفحص المبدئي، أما الفحص المؤكد فسيجرونه لكم في مستشفى القاسمي الذي سننقلكم إليه الآن بموجب بروتوكول وزارة الصحة. نزل الخبر علينا كالصاعقة وأخذ ابني يردد بذهول: أنفلونزا خنازير يا بابا؟ ابتسمت محاولا طمأنته. نحو ثلث ساعة وحضرت سيارة إسعاف أدخلونا إليها وصفقوا الباب وراءنا بشدة، التمسنا لهم العذر، فركوب سيارة واحدة مع مصاب بالفيروس مهمة انتحارية تستدعي التسامح مع غضبهم. في مستشفى القاسمي جلسنا بانتظار أن يقوم الممرض الذي رافقنا بتسليمنا وتسليم الملف الطبي ثم أشار لنا من بعيد أنه أتم المهمة، بعد انتظار نحو نصف ساعة حضر طبيب الطوارئ، هندي في بداية العقد الرابع من عمره، وأدخلني إلى غرفة الكشف ثم أخذ يسأل هل أنت عائد من سفر، أو قابلت أحدا من القادمين حديثا من خارج البلاد؟ لا.. منذ متى ارتفعت حرارتك؟ منذ ساعات. هل تحس بألم في العينين؟ لا. هل تحس بغثيان وألم في المعدة؟ لا.. أحس فقط بأوجاع في جسدي وهذه تتكرر مع كل إصابة بالبرد.. أجرى الطبيب الكشف الطبي، ثم أخذ عينتين من الحلق هذه المرة، وطلب منا الانتظار. سألته كم من الوقت ننتظر حتى نعرف النتيجة أجاب: ساعتان. بدأت أهيئ نفسي لفكرة أنني مصاب بالفيروس فعلا، فوضعت الكمامة ورجوت زوجتي وابني أن يعودا إلى البيت أو ينتظرا بالخارج، ووضعت احتمالا أن تنقضي حياتي في أيام معدودة. بعد نحو ساعة، دخلت زوجتي وفي صوتها ابتهاج، قالت مازحة: هيا، أم انك استسلمت لفكرة أن تحتجز في مستشفى؟ سألتها: على أي أساس أخرج ؟ قالت إن الطبيب أخبرها أن المسألة مجرد شك، وأنهم سيحتجزونني لمدة ثلاثة أيام حتى تأتي نتيجة اختبار الفيروس من أبوظبي ودبي، وعندما سألته كم من الوقت يستغرق ذلك أجابها ربما يومين.. ثلاثة أو أسبوع.. لا أعرف على وجه الدقة. قالت له إذا كانت المسألة مجرد شك، فلماذا لا يذهب إلى البيت؟ قال: لا مانع، ونحن سنعطيه عقار تاميفلو على سبيل الاحتياط.. خرجنا من المستشفى لنضع حدا لست ساعات كابوسية.. وحتى اللحظة لا أعرف ما إذا كنت مصابا فعلا بالفيروس أم لا.. كل ما أعرفه أن أيا من الأعراض المعروفة للمرض لم أحس بها أبدا ولم أعرف على أي أساس تم الاشتباه بحالتي، اللهم إلا إذا كانت فوبيا أنفلونزا الخنازير، عافاكم الله وثبت درجات حرارتكم عند السابعة والثلاثين.
#مجدي_شندي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خارج دائرة التحكم
-
انطباعات حول القمة
-
مصر تقزم نفسها
-
انسداد حضاري
-
طوابير للعصيان المدني
-
ضرب مصر نوويا
-
القلاع الأخيرة
-
كسر خواطر ليفني
-
دماء المصريين الرخيصة
-
الكفر بالعروبة
-
صدي الخروج من التاريخ
-
نفسية الجواسيس
-
مصر ..الخارجة من التاريخ (2من2
-
نجاة النادي
-
مصر ..الخارجة من التاريخ (1من2
-
على اسم مصر
-
سطوة الأمن المصري
-
دستور الاستعباد
-
في رئاء عطية حسن
-
تحرش وسط القاهرة
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|