|
بعد أربعين عاما على غيابه، طيف رمسيس يونان يزور القاهرة في معرض
يوسف ليمود
الحوار المتمدن-العدد: 2739 - 2009 / 8 / 15 - 08:51
المحور:
الادب والفن
"إنما الذي يخيفني هو صمت رامبو" رمسيس يونان
عائداً بالتاكسي ليلاً إلى حيث أقيم في زيارتي، المستمرة إلى الآن، للقاهرة، لمحت ملصقاً لمعرض يضيئه اسم رمسيس يونان، معلقاً أعلى أحد حوائط مباني دار الأوبرا المصرية، حيث قاعات عرض الفن والأنشطة الثقافية الرسمية. ارتبكت عيني لحظةً بسبب الاسم (رمسيس يونان!)، واخترمني السؤال: ماذا يرومون من معرض لهذا الفنان الآن، وما الذي ذكّرهم به أصلاً بعد أكثر من أربعين سنة من الغياب والتهميش، هو الذي كان نموذج الفنان المتمرد والمفكر الأصيل والسياسي العنيد، الحامل هموم وطنه وسواد مستقبله أينما تشرد واغترب؟ هل الوقت وقت تنوير، أو هل ثمة من ماءٍ يتحرك تحت تبن الواقع الظلامي الكئيب الحاصل؟ إن مجرد ذكر اسم هذا الفنان يفتح، في أدمغة من اطلعوا على سيرته وإنتاجه الفني والتنويري في المنظر الثقافي المصري منذ الثلاثينات وحتى منتصف الستينات، آفاقاً وساحات يسرح فيها خيالهم وخيولهم التي عجّزها ولجمها واقع مشلول مرير، فلمَ استدعوا طيفك الآن يا رمسيس، أيكون نوعاً من إبراء ذمة، أم نية خالصة في إعادة الاعتبار لدورك النبيل، أم هي صدفة الروتين، حيث عدّوك واحداً من كثيرين ينتظرون دورهم في معارض مشابهة؟
في صباح اليوم التالي، شددت الحزام قاصداً القاعة فإذا هي خاوية على جدرانها، حيث الإجازة الصيفية، وعلمت أن المعرض أقيم وانفضّ منذ أربعة أشهر! ورجعت بالكاتالوج. سألني صديق، بعد يومين من ذلك، رامقاً إياي بنظرة ذات مغزي: "شفت الكتالوج؟" طبعا فهمت قصده، فرغم الورق الفخم، ما إن تفتحه حتى يطقطق الغراء وينفسخ الكتاب المحترم إلى ورقات تطلب الريح، لكن الأسوأ هو ما يحمله الكتاب بين طياته من تصميم يفتقر إلى أدنى حس فني في وضع وترتيب الصور، ناهيك عن رداءة طباعتها وعدم احتوائها على أي بيانات تفيد تاريخ الإنجاز أو الخامة أو المقاس... أما عن المواد الكتابية، احتوى الكتالوج على مقال جميل وطويل (سبع صفحات من الحجم المتوسط) لوزير الثقافة الأسبق بدر الدين أبو غازي، مكتوب في السبعينات، يقابله أربعة سطور للوزير الحالي، بكلمات فرّغت ضخامتُها المعنى؛ ومقال ثان لا يقل أهمية، للويس عوض كان قد صدّر به كتاب رمسيس يونان "دراسات في الفن"؛ ومقال ثالث أخير، هو قراءة في لوحات يونان التجريدية، بقلم فؤاد كامل، كان قد نشر كذلك في كتاب يونان سالف الذكر. بجانب سطور الوزير الأربعة، ثمة أربعة سطور أخرى ونصف السطر، كلماتها أكثر طنينا وفراغا للمشرف العام على متحف الفن المصري الحديث السيد أحمد فؤاد سليم، وستة أسطر لمديرة قاعة "أبعاد" رشا رجب، القاعة الملحقة بالمتحف، حيث أقيم المعرض، ونصف صفحة، نلمس فيها نوعا من تقدير صادق، بقلم رئيس قطاع الفنون التشكيلية السيد محسن شعلان. فكأنما، بغض النظر عن تلكم السطور، ليس ثمة من يكتب أو يقيّم أو يقدّم هذا الفنان اليوم بما يتناسب ولغة اليوم الفنية وواقعها الثقافي، فكانت الاستعانة بما قيل فيه قبل عقود مضت!
تؤرَّخ الحركة الفنية التشكيلية في مصر بما يسمى جيل الرواد، وهم الفنانون الذين تخرجوا من كلية الفنون الجميلة في دفعتها الأولى بعد انشائها سنة 1908 مثل أحمد صبري، محمود مختار، راغب عياد... الذين سافروا إلى باريس وروما لاستكمال دراساتهم وعادوا إلى وطنهم ممارسين للفن بأساليبه الغربية السائدة وقتذاك، من انطباعية وتعبيرية... وإن انشغل بعضهم بتناول مفردات من بيئته ليؤكد فكرة الهوية التي تلقفها فنانو الجيل الثاني مثل حامد ندا وعبد الهادي الجزار، ممن اشتغلوا عليها بحفرٍ أعمق. هذا ما تسجله المراجع الرسمية لتاريخ الفن المصري الحديث، مُلحِقةً، على استحياءٍ غالباً، اسم رمسيس يونان، كواحد من فناني الجيل الثاني المؤثرين، رغم أنه يعتبر، من دون أدنى شك أحد المؤسسين، كما كان أحد أبرز المثقفين الذين اشتغلوا، بسعةٍ ثقافتهم وشمولها، على جبهات عديدة تتدرج من الفن إلى الأدب إلى النقد إلى الترجمات... إلى الموقف الرجولي النزيه حيال الواقع، إنْ وجودياً أو سياسياً. فكيف ينسى الواقع التشكيلي أن رمسيس يونان كان قد نشر، في عام ثمانية وثلاثين، كتابه "غاية الرسام العصري"، أي وهو في الخامسة والعشرين من عمره، في الوقت الذي كان يعمل فيه مدرساً للرسم في مدارس مصر الثانوية، بعد أن اضطر إلى ترك مدرسة الفنون الجميلة قبل أن يتم دراسته فيها سنة ثلاثة وثلاثين! وأنه من ترجم مسرحية "كاليجولا" لألبير كامى، و"فصل في الجحيم" لرامبو، و"الحب الأول" لتورجنيف، و"قصة الفن الحديث"، هذا إلى جانب مقالاته التي جمعت بين رصانة اللغة وعمق النقد والشاعرية في آن واحد، ورئاسته تحرير مجلة "المجلة" من بعد سلامة موسى، من سنة اثنين وأربعين إلى سنة أربعة وأربعين. هذا عن رمسيس يونان المفكر، أما رمسيس يونان الفنان، فحكاية أخرى، لا يمكن فصلها عن مجريات الفن ومدارسه في العالم.
سمحت اللغة الفرنسية التي كان يجيدها رمسيس يونان، بدرجة إجادته العربية، لروحه النهمة للمعرفة، المتمردة على الحاضر والمتطلعة للمستقبل، أن يتواصل مع مستجدات الفن والفكر الغربي شهراً بشهر، إن لم نقل يوماً بيوم. فكان أن اطّلع الواقع الثقافي في مصر، عبر قنوات يونان المعرفية، على أسماء ومفاهيم المدارس الفنية المختلفة التي نشأت مع بداية القرن العشرين. وكان قدَر يونان أن يرتبط، في مرحلته الفنية الأولى بالاتجاه السريالي، عقيدةً وممارسةً وأسلوب حياة، حيث أسس، مع الشاعر جورج حنين، والأخوين أنور وفؤاد كامل وانجلو دى ريز وكامل التلمساني وآخرين، جماعة "الفن والحرية" التي كانت بنتاً شرعية للحركة الأم في باريس، وأبوها أندرى بريتون. يحكي لويس عوض عن تجربته مع رمسيس يونان وجماعته في مطلع الأربعينات: "... وعرفت معه زمرة من الفنانين التشكيليين غريبة الأفكار، غريبة الأطوار، تتكلم في الفن والأدب وفي الفلسفة وفي السياسة وفي القيم الاجتماعية وفي الحضارة، فإذا كل هذه الأشياء شيء واحد. وكانوا من الثوار. وكانوا من اليسار. وكانت لهم استوديوهات في عمارتين أو ثلاث بدرب اللبانة بجوار القلعة فوق جامع الرفاعي وجامع السلطان حسن بخطوتين، فكان يخيل إلي في كل مرة أرتقي فيها ذلك المنحدر لأزورهم أني في ميدان دي تيرتر بمونمارتر أرتقي الدرج السحيق إلى كاتدرائية الساكر كير. وكان عالمهم مملوكياً ورثوا فيه غباراً من عهد المماليك، ولكن ليس فيه من أشباح أولئك الفرسان. حتى أشباح من قضي عليهم في مذبحة القلعة لم تكن هنالك. ومع ذلك قد كان يخيل إلى هؤلاء الفتية أنهم يسكنون أبراجاً عاجية بنيت أيام الظاهر بيبرس وقلاوون وقطز. ولم أكن أرى في استوديوهاتهم أي كتب أو فوتيلات أو أي أثر من آثار المدينة. كانت الأرضية مفروشة بالحصر، وكانوا ينامون على مصاطب فرشت آناً بمراتب وآناً آخر بأحرمة ملونة مخططة. وكانوا يستضيئون بلمبات الجاز الجسيمة التي يتكسر ضوؤها على شيش مشربيات عتيقة عليها آثار جمال غابر، ومن آن لآخر كنت أرى مسماراً دق في حائط وعلقت عليه جاكتة أو بنطلون. (...) المهم (والكلام لا يزال للويس عوض) أن رمسيس يونان وجماعته لفقوا لأنفسهم عالماً سحريا غريباً صادقاً لأنهم كانوا صادقين. كانوا يقضون نهارهم مع مصر المملوكية، فإذا جن الليل قضوها في قصر النيل وسليمان باشا. وهكذا جمعوا بين المشربية والستائر الفينيسية، وبين قنديل الزيت وأنوار النيون والفلوريسنت. وكانوا يحتضنون البروليتاريا ويخالطون صفوة الصفوة من أرستقراطية مصر الغابرة. وكانوا يمقتون طبقتهم البرجوازية التي تجردت من انطلاق الفقراء ومن أغلال السادة ذات الرنين الذهبي، وارتدت أصفاداً من تزمت الأخلاقيات الرخيصة التي تُرد في النهاية إلى عبادة المال. ووجدوا في الشيوعية حلاً لمشكلات العصر، ولكن شيوعيتهم كانت من شيوعية الحكماء لا من شيوعية الكادحين، شيوعية الفكر لا شيوعية الواقع، فاختاروا من بين كل تخريجات الشيوعية أقربها إلى المثالية والخيالية، جنحوا إلى التروتسكية والثورة العالمية، وهكذا بدأ الصدع الكبير بينهم وبين كافة الفرق الشيوعية التي تتكاثر في مصر يومئذ بمعدلات غير مألوفة".
في هذا الجو الفني الفكري المواقفي، والذي، لجهل السلطة المزمن، دخل رمسيس يونان بسببه السجن بتهمة قلب نظام الحكم، أنجز الفنان مرحلته السريالية التي، رغم توخيها تيار اللاوعي كمفهوم انطلقت منه، إلا أن الروح المعمارية البنائية للعناصر والأجواء التي تعاملت معها وحفرت فيها، كانت حاضرة وبقوة. نفترض أن من أدرك ذلك الجانب البنائي في لوحات يونان السريالية، ما كان له أن يندهش لتحوّل هذا الفنان فيما بعد إلى التجريد، بعد عودته من عشر سنوات عجاف قضاها في باريس، تشكّل مرحلة وسطى، هادن فيها الحياة، فتزوج من فتاة بولندية الأصل تعيش في باريس وأنجب منها طفلتين، وعمل خلالها سكرتير تحرير القسم العربي في الاذاعة الفرنسية، لتجتاحه روحُ الفنان الموقف، الذي كانه، فكان أن رفض إذاعة بيانات ضد مصر أثناء العدوان الثلاثي عليها فعاد مطروداً من فرنسا، خاوي الوفاض إلا من زوجة وطفلتين وشعلة فنية وجدت في التجريد حقلاً تليق صخوره العارية بأفق المجهول الممدود أمامه، على المستويين: الكوني والواقعي.
عاد يونان إذاً إلى وطنه، الجغرافي والروحي سنة سبعة وخمسين، ليبدأ رحلة صراع مع البيروقراطية والتزمت والجهل الفني وأحقاد الصغار والدخلاء والمدعين بعدما حصل على منحة التفرغ الفني والتي تُجدد سنوياً بقرار موظفين همّهم التنغيص. عاد بكل ثقله وطاقته ليحفر في سطح اللوحات ويخربش ويضيف ويكشط ويبني ويهدم، بحثاً عن اهتزار رهيف يقرّبه من ذبذبات مادة الوجود الأولى. تلك الأشكال الغامضة والتي تبدو وكأن راسمها حدد هدفه مسبقاً وهو أن ينسف كل ما يقربها من أيٍّ مما في الدماغ من خزين الصور والمعاني. ورغم أنها كذلك، أي تجريد، إلا أن بها زاداً عالياً من الشاعرية والمعمار الداخلي والتفكير والتعبير... والعاطفة كذلك، الأمر الذي يجعل تصنيفها في خانة التجريد أو التعبير أو الرمز أو الميتافيزيقا، شئياً لا يفيد لا اللوحات ولا متأمل اللوحات. إنها خليط من كل هذا وأكثر.
ربما يكون الواقع الفني اليوم تخطى مثل هذا التوجّهات. هذا من طبيعة الأشياء والسيرورة، ولكن لن يقلل هذا من قدر هذا الفنان أو من قيمة عمله التي ينبغي تقييمها غير غافلين اللحظة التاريخية التي أُنجزت فيها. غير أن شيئاً أهم يجب الانتباه إليه، وهو أن تكريم فنان مفكر بحجم رمسيس يونان لن يكون أبداً بإقامة معرض عابر، مهما كان شكل احتفاليته. فلا شك أن روحاً عاشت متمردة، وفي إطار موقف نبيل، سيظل طيفها كذلك متمرداً على كل أشكال استخدامه. إنما تكريمه يكون بتلبّس دوره ونبله ونزاهته ورجولته، في العمل الثقافي، وفي الحياة بشكل عام. ليست هذه موعظة أختم بها مقالتي، وإنما هو الواجب، لو كانوا يعلمون!
يوسف ليمود النهار اللبنانية
#يوسف_ليمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملاكمة بقفازات الفن
-
القيامة في فوتوغرافيا اندرياس جورسكي ومعرضه من جناح طائرة
-
مقاطع في حيّز العابر (2)
-
Art | Basel | 40
-
مخلوقات البيرتو جياكوميتي بين رؤيا الفناء والانتحار البطيء
-
الفنان الألماني ميخائيل بوته .. بورتريه عن قرب
-
مقاطع في حيّز العابر
-
صلاح بطرس .. منحوتات تستنقذ ما يتلاشى من روح مصر
-
ليذهب فان جوخ إلى الجحيم
-
سحرية الصورة في أفريقيا، أوقيانوسيا، والفن الحديث
-
-بالصدفة، نثر الفصول- لاحساين بنزبير .. ذلك الثقب في اللسان
-
كيكي سميث .. الجسد بين الهنا والهناك
-
فرنشيسكا وودمان .. امتدادات الدادائية وظل الموت المراهق
-
بالتوس .. مئة عام وعام بين الاغتراب والزمن
-
إيف كلاين .. أجساده الفراغية وثورته الزرقاء
-
مقدمة عن الجسد في الفن
-
الجانب المعتم - رغبة الفوتوغرافيا وفوتوغرافيا الرغبة
-
شيماء عزيز .. بالأسود ترسم أجسادها وبه تخفيها
-
حجر قايين
-
فينيسيا.. من كاناليتّو إلى مونيه
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|