أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سميرة الوردي - هموم بيئية















المزيد.....

هموم بيئية


سميرة الوردي

الحوار المتمدن-العدد: 2739 - 2009 / 8 / 15 - 06:59
المحور: كتابات ساخرة
    


في كل زمان لنا هموم نتسلى بها وتتسلى بنا ، حتى لم تعد لحياتنا قيمة تُذكر ، فقد حبونا بمكان كلما زادت خيراته ازدادت ألامنا وفواجعنا ، عاكسنا منطق الحياة وبدلا من الخير والرفاهية التي كان مؤملا أن يُصيبنا واجهتنا أزمات زادت من نكباتنا .
لم يبخل التاريخ بذكر الكثير من انجازات هذا البلد الحافل بالإبداع والإبتكار والنمو والتطور، والذي كانت له الريادة في وضع أولى اللبنات المهمة في تاريخ الحضارة الإنسانية ، ففيه نمت أولى الحضارات في العلم والتعلم ، فالرافدينيون أول من عرف الكتابة وطور الكلام اللغوي الى صور رمزية عرفت فيما بعد بالخط المسماري ، وهم أول من أسس النظام التربوي ، وأول من سن الشرائع ووضع القوانين وأهمها شريعة حمورابي وأول من اهتم بالري وبالزراعة .
أليس من المفترض بعد حضارة مرت عليها ثمانية ألف عام أن يستيقظ أبناؤها على مدن جميلة نظيفة وعلى مدارس أنيقة ليست مرتعا للبعوض والقاذورات وانما موئلا ومعاهد للعلم والعلماء الحقيقيين والذين أدركوا معنى الحياة وقيمتها وجمالها ليغذوا روح التطور والمثابرة والوصول الى ماوصلت اليه الأمم المتقدمة في الطب والهندسة والفنون والأدب والفضاء ، لا الى نواحة يملؤون الشوارع والآذان بأحداث مرت عليها مئات السنين .
نحن بحاجة الى من يرفع عن كاهلنا هذا السقام والفساد الذي ورثناه دون وعي وتقدير ليخلف فسادا أكبر ومفسدين أكثر ، أليس انتشار جريمة الخطف والإبتزاز وقتل الآخر واخراسه هي نتاج بيئات غير نظيفة .
ما زلنا وفي عصرنا الحديث نعاني من الجهل والتجهيل وهذا ما نلمسه في تخلف مناهجنا وعدم مواكبتها للتطور الحاصل في شتى ميادين العلم في العالم .
الرافدينيون أول من أسسوا المدن ولكننا ما زلنا نعاني من سوء الخدمات وشحة الماء والكهرباء وعدم توفر السكن للالاف بل لملايين العراقيين .
حتى التقدم الذي كان حاصلا في خمسينيات القرن الماضي أصبح أثرا بعد عين.
فمن يرى بغداد الأمس ـ خمسينات القرن الماضي ـ , هي غير بغداد اليوم ، كل عواصم العالم ومدنها نالها من التطور ما لم نلحظ له أثر في بغدادنا اليوم . بل نكوصا وتهديما لكل مكتسبات القرن الماضي ولكل ما ورثناه من حضارة وتألق عبر آلاف السنين .

للتطور والرقي والتغيير نحو الأفضل شواهد لايمكن أن تخطؤها الرؤية السليمة . فالرفاهية تفصح عنها البيوت والشوارع والمدارس ورياض الأطفال والمستشفيات والحدائق والنوادي والمسابح وفي أنواع الفنون مسموعة ومرئية وفي حرية التنقل والحركة دون خوف أو وجل ، أليست هذه جوانب يمكن عدها واعتبارها من أولويات البيئه النظيفة ، إن البيئة النظيفة هي تلك البيئة التي تساعد على خلق أجواء مريحة وتنموية في كل مجالات الحياة فالبيئة الفكرية الصحيحة تنمي العقول وتساعد على تطور العلوم وتطور المجتمع فتنحسر عنه البيئات التي تخلق الإرهاب والإرهابيين .
هل الرغبة في مجتمع سليم هوأمر مستحيل التحقيق ؟ !
بالرغم من أن الحياة تنمو وتتطور رغم المنعطفات المريرة التي تمر بها شعوبنا ، بغداد الخمسينيات كانت أكثر نظافة ودفئا وأمانا من بغداد اليوم ولكن هذا لا يدفعنا لليأس فلابد من مجيء ذاك اليوم المُطمئن الذي يحلم أن يحياه العراقيون ، ذلك اليوم الذي تعود فيه النظافة والأمان الى أفقر أزقة وشوارع بغداد وأكثرها حنانا ودفئا وتعود الخضرة الزاهية التي قتلها العطش واغتالتها مطامع دول الجوار وقسوتهم ، أليست المودة بين الناس والأقاليم هي من مسؤولية المسؤولين عن البيئة .
البيئة مفهوم واسع ولكي تنجح الهيئات والمنظمات العالمية في حملاتها ضد التلوث البيئي نتيجة للحروب وما استعمل من مواد ملوثة للبيئة ، فتواقيع الإحتجاج وحدها لم تعد كافية لإظهار الإستنكار بل العمل الجاد والبناء من أجل خلق انسان سليم في بيئة نظيفة .
بوأ الرمح نحوه : سدده / وبوأه وله منزلا : هيأه له وأنزله فيه / وبوأ المكان : حلّ فيه . أباء بالمكان : أقام / وأباءَه منزلا وفي المنزل: أنزله فيه. تبوأ المكان وبه : أقام به . استباء واستباءه : اتخذه مقاما له .
الباءة والبيئة والمبوأ والمباءة : المنزل : المحيط
البيئة : الحالة. يقال ( إنه حسن البيئة )
لنأخذ من المعجم اللغوي أوسع المعاني للبيئة وهي المحيط وننثرها مجالا واسعا لنوايانا الإنسانية والأخلاقية والإجتماعية ، أَليس من الضروري النضال الواسع من أجل بيئة أكثر قدرة على تنمية الفرد والمجتمع وهذا ما نحتاجه بعد النكوص الذي أصاب مجتمعنا منذ زجه بانقلابات دموية وختمها بحروب شمولية شاركت به كل جيوش العالم تحت تهمة تهديد الأمن والإرهاب ، لتصبح أرض الرافدين ساحة لأشرس هجمات نظامية وغير نظامية ولتأتي نتائجها على صحة وحياة الإنسان العراقي وأرضه وبيئته بمعناها الواسع الشامل .
إن همومنا البيئية ورثناها منذ زج الوطن في حروب كان لها بدء ولم يكن لها منتهى عبر ثلاث عقود ، في حروب خلقت لنا بيئات غير سليمة من كل النواحي المادية والمعنوية على صعيد الأفراد والمجتمع والوطن ، فمئات الاف الأطنان من القنابل والمدمرات التي القيت وملايين الألغام التي زرعت إضافة للحصار الإقتصادي الذي عانى منه المجتمع الأمرين ولم تحياه منذ مولد البشرية والى الآن أي امة من الأمم وليأتي الإرهاب الذي لم يرحم شئ ، ليخلق بيئة تحتاج الى سنوات طوال وأُناس عظام يأخذون على عاتقهم بناء هذا الوطن الذي حطمته المطامع والأحقاد ، والبيئة بكل جوانبها الإنسانية والمكانية هي المعنية بهذا النشاط الذي هدفه أولا وأخيرا خلق أجواء نظيفة ومحيط سليم خالٍ من الأوبئة والملوثات ، وهذا عمل جبار على كل فئات المجتمع القيام به ، فخلق الأجواء النظيفة في المدارس والشوارع وازالة ركام الأزبال المنتشرة في كل زاوية وزقاق هي مسؤولية الدولة والمجتمع ، فلا بد من عقد ندوات ونشر ارشادات وإدخال برامج تربوية عن البيئة في مناهجنا المدرسية والإعلامية، بالإضافة الى النشاط عالميا من أجل المساعدة على ازالة آثار الحروب التي سببت الكثير من الآفات والأمراض على كل الكائنات الحية والتي لن تزول الا عبر معالجات جادة تساهم فيها دول العالم المتطور والمسبب لهذه الويلات واستنفار الهيئات البيئية الناشطة في هذا المجال ، ولكي ننجح في انجاح هذه المشاريع لابد للسلام أن يسود وأن تدان الدول التي تسبب هذه الويلات وفي مقدمتها الدول المنتجة لمسببات الموت والدمار للبشرية ، ان سباق التسلح النووي الذي انتقل من صراعه بين الدولتين الكبريين اتخذ شكلا آخر ولباسا آخر اذ أصبح معارك هنا وهناك وتحت حجج يمكن للبيب ادراكها وتفنيدها ، فهل تحتاج دول كأفغانستان والعراق مثل هذه الأسلحة المدمرة للبيئة كي يقضوا فيها على مكامن الخطر الذي هددهم ويهددهم ، أليست هناك وسائل وصيغ انسانية للتوصل الى حل مثل هذه الأزمات ، أين هي برامج الإصلاح والإعمار التي وعدوا الناس بها .
يقتضي اصلاح بيئة ما الكثير من الوقت حتى في ظروف طبيعية فما البال اذا كانت هذه البيئة مدمرة ومقضي عليها بأسلحة فتاكة حصدت الكثير من الناس وما زالت آثارها وستبقى لأجيال قادمة . إن إعمار أي مرفق من مرافق الحياة يحتاج الى مدد زمنية يحددها المشروع المقام نفسه ولكن تدمير ما بني يتم بلحظات وبلمحة بصر .
إن الخراب الذي أصاب نفوسنا وأجسادنا وأرضنا وماءنا وهواءنا لهو خراب يحتاج الى زمن وهمة و مساندة فعلية من كل أبناء البلد ومن منظمات العالم الداعية والساعية للسلام ولخلق بيئة أفضل لبني البشر .



#سميرة_الوردي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هموم لا تغسلها برامج ال MBC
- العراق والكويت وطحن العراقيين
- الى ناصر العتيبي وكل من لايتقي الله ويتخذ طريق العقل والحكمة ...
- من أين أبدأ بعد صمت طويل
- رسالة مفتوحة الى السيد نوري المالكي
- هذه بغدادنا تنهض من جديد
- لآذار طعم السنابل
- قاسم محمد مدرسة الأجيال
- لماذا لم نبتهج والإنتخابات تطرق الأبواب
- لو نتعظ ونتعلم من أوباما
- هل من محتفل ؟ ! وناخب ؟! ومنتخب؟ !
- تباً لكم ولما فعلتم في الدورة !
- قلبي معك وعقلي ضدك يا منتظر
- هل نكتب ما شاهدناه أم نشاهد ما نكتبه ؟
- متى نعتزُ بالجمال !
- لماذا الموت ؟
- بذور الحنظل
- سميرة الوردي تهنئ وتقول الأسود في البيت الأبيض
- أنا وولدي والوطن بين ... سيغموند فرويد ... وعلي الوردي
- الفن والحرية ... شعب في الإغتراب و شعب تحت التراب


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سميرة الوردي - هموم بيئية