|
أسئلة حول العلمانية ؟
شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 2739 - 2009 / 8 / 15 - 10:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بما أن العلمانية بتعريفها البسيط هي : عملية فصل الدين عن الدولة أو ( السياسة ) . وبما أن الجدل الدائر في موقع الحوار المتمدن لا زال مستمراً ولم يفض الاشتباك بالرغم من وضوح الأمر عند الغالبية لمفهوم العلمانية إلا أن البعض لا زال مستمراً في توضيح مفهوم العلمانية انطلاقاً من الدفاع عن الإسلام باعتبار أن كتابات بعض العلمانيين فيها الكثير من الإساءة لهذا الدين . هذه المحاولة من قبل هؤلاء السادة كتاباً وأصحاب تعليقات أراها من وجهة نظري المتواضعة خلط للأوراق وضبابية في الرؤية . السؤال الجوهري الأول هو : هل رأي كاتب أو مجموعة كُتاب أو مجموعة تعليقات حول مفهوم العلمانية يمثل برأي هؤلاء السادة رأي الإسلام ؟ لا أعتقد ذلك .. لماذا ؟ سوف نتناول الجواب بعد أن نقول : ما هو رأي الإسلام بالعلمانية؟ هل يوجد رأي واضح حول مفهوم العلمانية عند ألمسلمين من أهل الاختصاص أو حتى العوام؟ وما هو هذا الرأي ؟ حرام – حلال – يجوز – لا يجوز. أنا على يقين أن جميع رجال الدين المسلمين وبغض النظر عن مسمياتهم يعتبرون العلمانية كفر بواح ومن وراءهم أكثر من مليار مسلم .. نعود للإجابة : سوف يكون الجواب عن السؤال المطروح أعلاه هو رأي الباحث العربي رسلان شرف الدين إذ يقول في محاضرة له : ( علاقة الدين الإسلامي بالسياسة .. بل علاقة كل دين منزلاً كان أم وثنياً علاقة قديمة قدم الدين نفسه ... فالإسلام في العقل الجمعي للمسلمين .. دين ودنيا - إيمان وسياسة – إدارة الحياة الدنيا والآخرة معاً – وأول خلاف سياسي في الإسلام هو انقسام العرب المسلمين حول من سيخلف النبي محمد بعد وفاته مباشرة ) انتهى . سوف نسأل ؟ أليس مؤتمر السقيفة وما جرى فيه دليل على صحة ما ذهب إليه باحثنا شرف الدين. أليست هذه هي السياسة بعينها . من سيخلف .. ومن سيحكم .. هل هذه المسميات سياسة أم لا ؟ المجتمعات التي استطاعت أن تفصل الدين عن الدولة أو السياسة ووضعت الدين في المكان المخصص له والمناسب سارت ولا تزال تسير في طريقها وسوف لن يقف أمامها أي عائق ليحول ما بينها وبين ما بدأت به والذي من خلاله حققت أحلامها وأحلام شعوبها .. بالمقابل أيضاً من هو الذي يقرر في مجتمعاتنا الفصل بين الدين والدولة أو ( السياسة )؟ هل ما نكتبه على صفحات الحوار المتمدن حول مفهوم العلمانية هو الحل لذلك القرار أو لذلك الفصل ... هذا هو السؤال الجوهري الثاني ؟ الإسلام دين يتمثل بالقرآن أولاً وبالأحاديث ثانياً ... المسلم سوءاً أكان حاكماً أم محكوماً – غنياً أم فقيراً – عبداً أم حراً – رجلاً أم امرأة - لا بد أن يمتثلوا جميعاً لتعاليم الإسلام لأفرق في ذلك بين أي مسمى من المسميات ... وبعكسه فإن اللعنة والعذاب على من شذ عن هذه التعاليم .. أية محاولة للتقريب من قبل البعض بأن الإسلام قد قال ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )على أساس أن هذه الآية تعتبر من باب الحرية الدينية فأنا أقول بان محاولاتهم ذهبت وتذهب أدراج الرياح وأنهم لا يعرفون عن الإسلام الشيء الكثير. فالقرآن فيه أحكام وفيه ناسخ ومنسوخ وفيه تدرج وفيه أحكام نهائية لا يستطيع أي إنسان مها بلغ شأنه أن يخرج عن هذه المسميات وإلا فإن الحكم بحقه جاهز ولا يحتاج سوى التنفيذ . ما معنى أن نقرأ ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ثم تأتي آية أخرى تقول ( ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) ؟ هل لديكم جواب ؟ وهل جوابكم هو رأي الإسلام أم رأيكم الشخصي ؟ وشتان بين الرأيين .. القرآن دستورنا .. هذا هو شعار الإسلام ومن يقول عكس ذلك أقول مرة ثانية فهو لا يعرف عن الإسلام الشيء الكثير. أكثر من مليار وثلاثمائة مليون يؤمنون بهذا الشعار . يقول بعض المدافعين عن الإسلام أن هذا الشعار هو شعار الإسلام السياسي . وأنا أقول له أن الإسلام سياسة يتدخل في حياة المرء بكل صغيرة وكبيرة ويقول غالبية المسلمون أنه صالح لكل زمان ومكان . فلا نخدع أنفسنا بشعارات براقة من أجل غايات معينة .. إذا استطاع المسلمون وبالإجماع الاتفاق على أن الدين شأناً فردياً وعملية محصورة بين الخالق والمخلوق لا يحق لأحد أن يتدخل فيه عند ذلك سوف نكون مجتمعات علمانية . في الغرب الأمر مختلف جداً ولسبب بسيط هو : ( أنهم تناولوا المسألة الدينية تناولاً علمانياً بحتاً وأخضعوا كل ما هو ديني وروحي وغيبي إلى آليات تحليل عقلانية تنفي من المبدأ التصورات الغيبية ) ( عبد الباقي الهرماسي . أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية ) .( بتصرف ) . بالنسبة لنا نحنُ المسلمون ( تحت أي مسمى ) من يستطيع أن يتناول المسألة الدينية تناولاً علمانياً بحتاً وكيف ؟ بحيث تنقاد الشعوب خلفه ونتخلص من شعار ( القرآن دستورنا ) . هذا هو السؤال الجوهري الثالث ؟ يبدو أن الأبواب مؤصدة ؟ أو أنني أوصدتها على الجميع ؟ إذن ما هو الحل ؟ نعود لمحاضرة الهرماسي وننقل عنه : ( بالنظر إلى أهم حدث اجتماعي وثقافي في الأزمة الحديثة ألا وهو : علمنة الثقافة .. أي تلك العمليات والآليات الفكرية والعلمية التي أخرجت الهياكل الثقافية من فضائها التقليدي إلى فضاء حديث أساسه العلمانية ) . ( ويمكن اختصار مفهوم العلمنة أولاً في نزع القداسة من أي موقف تجاه الأشخاص والأشياء .. أي الامتناع عن ذلك النوع من الالتزام العاطفي الذي كثيراً ما يرتبط بالاستجابة الدينية تجاه ما هو مقدس ) . ( وثانياً في عقلنة الفكر : أي تغليب الموقف المعرفي والتفكير المنطقي على النزوعات العاطفية في تنظيم الأفكار والتصورات ...) . ( إن عملية علمنة الثقافة بما تتضمنه من إزاحة للقداسة وبما تتضمنه من عقلنة تعني فيما تعني أن التصور الديني للعالم لم يعد الإطار المرجعي الأساسي للفكر ... كما تعني أن هناك تصوراً أخراً للعالم خالياً من كل ما هو مقدس ومتكون من عناصر قابلة للتركيب والاستعمال قد أزاحه وأخذ مكانه ) انتهى . ما أوردناه عن الأستاذ الهرماسي : هل يوافق عليه المسلمين ؟ مثقفين وغير مثقفين – أصحاب شهادات أم باعة متجولون ؟ من يقبل بهكذا طرح ؟ هل لديكم الإجابة ؟ أليست هذه هي العلمانية المطلوبة ؟ أم لا زلنا في حيص بيص من أمرنا ؟ علماً بأن حيص بيص شاعر كبير وتعني في معناها ( الشدة والاختلاط ) إذا لم تخوني ذاكرتي . الكتابة عن العلمانية من وجهة نظر البعض والتي معناها بمفهومهم عدم التعرض للدين لا تعتبر علمانية .. لماذا ؟ الجواب كما أوردناه سابقاً عن الأستاذ الهرماسي . وهو نزع القداسة . كيف يتسنى لكاتب أن يكتب عن مفهوم العلمانية دون أن يتعرض بالنقد للدين ؟ بمعنى أخر : هل تعتبر عملية عدم التعرض للدين بالنقد علمانية ؟ السادة الكتاب الذين يعتبرون أنفسهم علمانيين ويدافعون عن الدين نستطيع أن نقول عنهم متناقضين . هذا بالإضافة إلى أنهم في رأي الإسلام يصنفون ضمن خانة الكفار.. ليس هناك مسلم علماني . قد يبدو هذا الأمر غريباً بعض الشيء ولكن لو تحققنا من الأمر لوجدناه صحيحاً . المقصود بالمسلم هنا : المولود من أبوين مسلمين وملتزم بشروط الإسلام نصاً وروحاً فهذا من المستحيل أن يكون علمانياً لان العلمانية والإسلام على طرفي نقيض ولا يجوز الجمع بين المتناقضات . أما المسلم المولود من أبوين مسلمين وغير ملتزم بشروط الإسلام ( مثل الكاتب المبدع شامل بن عبد العزيز ) فمن الممكن أن يكون علمانياً أو أي مسمى أخر .. هذه أسئلة جوهرية نراها من وجهة نظرنا المتواضعة .. متى ما استطعنا أن نفهم معنى العلمانية على حقيقتها دون تعصب ودون ادعاء عند ذلك سوف نكون قد وضعنا أرجلنا على الطريق الصحيح .
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعض تعليقات الحوار ... يا للعار ؟
-
وفاء سلطان والمخالفين ...
-
قتل سيد القمني فريضة دينية وجواز سفر لدخول الجنة ؟
-
العرب مادة الإسلام ...
-
دولة إسرائيل الكبرى ... من النيل إلى الفرات ؟؟
-
هل هي فرصة لتمرير أچندة سياسية وللترويج للحجاب؟
-
نص مقابلة الأستاذ فيصل خاجة مع د . سيد ألقمني ...
-
دافع عن القمني ... دافع عن عقلك
-
لماذا نجحوا ... ولماذا فشلنا ... ؟
-
رباعيات عمر الخيام ... كتبها اليهود ؟؟؟
-
إسرائيل .. الولاية 52 .. لأمريكا ..
-
منظمات الإسلام السياسي هي التي قتلت مروة الشربيني ...
-
المهدي المنتظر وحكم المعصومين في طهران ...
-
جميع مصائبنا سببها إسرائيل ؟ هل حقاً ما يقولون ... ؟
-
كلاكيت مرة ثانية ( نحنُ واليهود ) ...
-
نحنُ واليهود ...
-
لحظة ليبرالية ... لو استمرت ؟
-
تأثير التيارات الدينية في الوعي الاجتماعي للمرأة العربية 3 م
...
-
تَأثِيرُ التيًاراتِ الدينِيَة في الوعي الاجتماعي للمرأة العر
...
-
تَأثِيرُ التيًاراتِ الدينِيَة في الوعي الاجتماعي للمرأة العر
...
المزيد.....
-
لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
-
“هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
“شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال
...
-
قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
-
بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
-
السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
-
مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول
...
-
المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي
...
-
المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
-
بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|