|
الحكومة غير لائقة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا .
عبدالوهاب خضر
الحوار المتمدن-العدد: 833 - 2004 / 5 / 13 - 08:41
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لو قرر الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء المصرى النزول إلي الشارع متخفياً في زي مواطن بسيط لاكتشف بنفسه حجم المعاناة التي يتحملها المواطنون بعد تدهور الأحوال في البلاد لدرجة لم يعد من المقبول السكوت عليها.. فالفساد وصل إلي الرقبة، ودائرة الفقر تتسع، والأسعار في ارتفاع متواصل، والأجور متدنية، والاقتصاد ينهار، والسياسة معدومة الطعم واللون والرائحة، الأمر الذي يؤكد أن حكومته غير لائقة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً بشهادة الرعية من المواطنين وبعض الخبراء.
وحتي نوفر علي «الدكتور» هذه المهمة فقد قررت جريدة «الأهالي» المصرية نقل شعور الناس ابتداءً من «ماسح الأحذية» وانتهاءً بخبراء السياسة والاقتصاد والاجتماع، وطبقاً لقواعد مهنة الصحافة، فإن عنصر توقيت هذا التحقيق الذي يحمل نبض الشارع مناسب تماماً بعد انطلاق تصريحات وخطابات وردية لكبار المسئولين حول الحياة الجميلة التي يعيشها المواطن مع ارتفاع معدل النمو، والتقدم الاقتصادي الملموس، والنهضة السياسية غير المسبوقة، والحرص علي البعد الاجتماعي.
رحيل الحكومة
وفي الوقت الذي أعلنت فيه مجموعة أطلقت علي نفسها الحملة المصرية السلمية لإنقاذ مصر علي شبكة الإنترنت عن استطلاع رأي شارك فيه 60000 مواطن من جميع الاتجاهات والفئات من خلال استطلاع رأي علي الشبكة الإلكترونية وميدانياً كشف عن أن 90% من العينة طالبت برحيل الحكومة فوراً وبعث أحد الشباب رسالة إلي موقع المجموعة «سلاح دوت كوم»، قائلاً بأن «حكومة عبيد تخرب الاقتصاد المصري».
«كاذبة»
وفي الشارع، التقينا المواطن السيد أحمد خليل ويعمل في مجال البناء، قال بأنه يكره الحكومة ووصفها بأنها «غير صادقة» ودلل علي ذلك بأن ابنه «هاني» معوق ولم يتم تعيينه حتي الآن علي الرغم من أنه تخرج من دبلوم الصنايع منذ 5 سنوات، وقال المواطن «سيد» بأن الحكومة نفسها قالت بأن هناك نسبة في التعيينات للمعوقين ولم يتم قبول ابنه حتي الآن، وأكد «سيد» بأنه يعيش حالة من الحزن والكآبة طوال الوقت بسبب الظروف المعيشية الصعبة مع ارتفاع الأسعار وترك لنا سيد عنوانه في زاوية الشيخ سند بشبين القناطر بمحافظة القليوبية لربما يستيقظ ضمير «رئيس الحكومة» ويقرر إنقاذ أسرته من هذا الفقر، والكآبة التي حدثنا عنها المواطن «سيد» أصبحت ظاهرة طبقاً لتصريحات الخبير النفسي د.أحمد عكاشة بأن هناك ستة ملايين مصري مصابين بالاكتئاب وأن هناك عشرين مليوناً آخرين علي وشك الاكتئاب بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتدنية.
«حوش رجالتك»
أما المواطنة «جيهان عاشور» بائعة ملابس علي الرصيف، فقد قالت لـ «الأهالي» بأنها تريد أن ترسل رسالة إلي رئيس الحكومة، وهي: حوشوا رجالتك من بتوع البلدية عننا، وأضافت يعني هو رئيس الوزراء ورجالته عايزني أسرق وأنا بصرف علي إخواتي علشان يكملوا تعليمهم؟! وقال نفس الكلام محمد «بائع العرقسوس».
جنون الأسعار
أما حمدي محمد الترديني «موظف» ويعمل أيضاً في محل بيع أقمشة، فقال بأن دخله الشهري 700 جنيه تتبخر كلها في منتصف الشهر بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار، خاصة المواد الغذائية وقال بأنه إذا لم تتمكن الحكومة بالوفاء بوعودها وخفض الأسعار في الواقع فعليها أن ترحل خاصة أن الأجور ثابتة.. لقد لعب عم حمدي علي الوتر الحساس لغالبية الجماهير في مصر في عهد هذه الحكومة بعد أن ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري بنسبة 100% خلال السنوات الخمس الماضية، حيث كان يعادل في عام 1999 نحو 3.5 جنيه مقابل 7 جنيهات حالياً، وأدي ذلك إلي ارتفاع في عدد كثير من السلع بنسب تتراوح بين 25% و100% بحسب تقديرات اقتصادية مستقلة وكان من المفترض زيادة الأجور بنسبة 30% علي الأقل وهذا لم يحدث حتي الآن بالرغم من التصريحات الوردية برفع وتحسين مستوي معيشة الفرد.
بطالة
علاء جاد شاب مصري يبلغ من العمر «35 عاماً» خريج دبلوم تجاري لم يتم تعيينه حتي الآن ويعمل بائع نظارات، قال لـ «الأهالي» إن هذه الحكومة غير لائقة اجتماعياً ولا سياسياً ولا اقتصادياً وذكر أنه متابع جيد لجميع الأوضاع علي المستوي الداخلي والخارجي وتعجب من سياسة الحكومة الراهنة التي تحبط الشباب وتساءل: هل من المعقول أن يضيع الشاب عمره كله في البحث عن مسكن آدمي مثلاً؟ وأضاف أنه من المحتمل أن يمر العمر دون أن ينجح الشاب في الوصول إلي هذا الأمل.
رجل ملتزم
وإذا كان البدري فرغلي عضو مجلس الشعب قد قال لنا بأن د.عبيد رجل ملتزم بتعليمات البنك الدولي وكذلك قياداته في تجويع الشعب وأنه لم يلتق حتي الآن بمواطن يحب الحكومة الحالية، فقد ذكرت د.ليلي الخواجة أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة وعضو مجلس الشوري أنه رغم مزاعم الحكومة بأنه لن يضار عامل بسبب سياسة الخصخصة فقد انخفض عدد العاملين بقطاع الأعمال من مليون لـ 405 آلاف مواطن في حين لم يستفد بالمعاش المبكر سوي 186 ألفا هذا في ظل عدم وجود شفافية في السياسة الاقتصادية مع ارتفاع عدد البطالة إلي ما يقرب من 4 ملايين شاب، الأمر الذي ينذر بكارثة اقتصادية واجتماعية كبري.
سحب الثقة
ممدوح عبدالرحمن البدري «فلاح» قال بأنه يسحب الثقة من الحكومة التي خربت بيته ـ حسب كلامه ـ وأضاف بأن الارتفاع الجنوني في أسعار البذور والتقاوي والأعلاف تسبب في إغلاق مزرعة المواشي الصغيرة التي كان يصرف منها علي أولاده وطالب الحكومة بالرحيل لأنها غير قادرة علي حل مشاكل الناس ونفس المطلب حمله الشاب عماد عبدالكريم في محافظة الجيزة وأكد علي أنه لو أتيحت الفرصة له لسحب الثقة من الحكومة الحالية موضحاً أنه معوق ويبلغ من العمر 35 عاماً ولم يتم تعيينه حتي الآن.
وقضية سحب الثقة من الحكومة لا تجوز دستورياً من جانب الشعب كما يقول لنا سيد أبوزيد المحامي، وذلك طبقاً لمواد الدستور وكل ما علي الشعب أن يفعله هو جمع التوقيعات وإرسالها إلي السلطة العليا التي تحمل كل الصلاحيات ومن حقها اتخاذ أي قرار وهي رئاسة الجمهورية لكي تعيد النظر في وجود تلك الحكومة التي تسببت في إفقار الشعب، فهناك أكثر من 30 مليون مواطن تحت خط الفقر طبقاً للبيانات الرسمية.
فشل سياسي
الحكومة لم تفشل اقتصادياً واجتماعياً فقط، بل سياسياً أيضاً وطبقاً لكلام حسين عبدالرازق الأمين العام لحزب التجمع فلم يعد ممكناً استمرار هذا الجمود السياسي، فالأوضاع المصرية تنذر بانفجارات غير محسوبة ما لم يتم فتح نافذة للإصلاح الديمقراطي باعتباره المدخل لأي إصلاح اقتصادي واجتماعي وفي مؤتمر عن الديمقراطية عقد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبوع الماضي، قال أحد الشباب للجالسين علي المنصة من أساتذة وسياسيين منهم مسئول في لجنة السياسات بالحزب الحاكم: إنكم تتحدثون عن الديمقراطية والحريات في الوقت الذي يوجد زملاء لنا داخل المعتقلات لأنهم تظاهروا احتجاجاً علي الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي كما أنكم تمنعوننا من ممارسة العمل السياسي داخل الجامعة.. فعن أي ديمقراطية تتحدثون؟
وفي نفس اللحظة قام نائب الشعب عادل عيد المحامي وأكد علي كلام طالب الجامعة ووصف الحكومة بأنها تحكم بقانون الطوارئ وتزوير الانتخابات وتدعم رجال الأعمال وناهبي أموال البنوك وترفض أي إجراءات إصلاحية من شأنها فتح نوافذ الحريات وتقوم بتقييد الأحزاب والصحف ومنظمات المجتمع المدني، وما يؤكد هذا الكلام أيضاً استطلاع رأي منشور علي موقع www.shababmisr.com «شباب مصر» يؤكد أن الشباب المصري فقد الثقة في الحكومة وفي الإصلاح أيضاً.
بات من المؤكد أن الحكومة غير لائقة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً ومن يريد أن يعرف الأسباب يمكنه التجول بين «وشوش» الناس في الشوارع!
#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حزب التجمع المصرى يرشح - خير - لعضوية مجلس الشورى فى أكبر من
...
-
مصر تخسر 1ر3 مليار جنيه سنويا بسبب برنامج الخصخصة وتوقعات بض
...
-
الحكومة تتلاعب - بقوت - الشعب
-
هنا مصر : بأى حال عدت يا عيد ؟؟
-
من المسئول عن تدهور صناعة الغزل والنسيج فى مصر ؟
-
غدا الخميس .. مؤتمر فى نقابة الصحفيين المصريين للدفاع عن أمو
...
-
مستشار أتحاد الفلاحين المصريين للحوار المتمدن: حكايات الفلاح
...
-
صورة الاقتصاد المصرى فى 2003 /2004
-
فى مؤتمرصحفى : حزب التجمع يطرح مشروع للتغيير الوطنى فى مصر
-
أفاق اشتراكية - وموقف اليسار المصرى من قضية الديمقراطية
-
عجز الموازنة أم عجز الحكومة ؟؟
-
المعارضة المصرية تضع ملامح - الاصلاح الوطنى - المنشود
-
عاجل الى د/ مختار خطاب وزير قطاع الاعمال المصرى
-
حكومة مصر تصنع من - الفسيخ - شربا ت !!!
-
دولة الرئيس !!
-
مصر واسرائيل
-
سلاح البطالة فى مصر
-
قراءة فى الملفات السرية للحزب الشيوعى المصرى
-
عاجل الى الحكام العرب
-
لماذا لا نعيد النظر فى العلاقات المصرية ألامريكية ؟؟
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|