|
بطاقتي الشخصية كإلهي لاديني
تنزيه العقيلي
الحوار المتمدن-العدد: 2733 - 2009 / 8 / 9 - 10:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ككاتب جديد على موقع البحوث والدراسات العلمانية، أحببت في البداية أن أقدم نفسي للقراء الكرام، إذ لا بد من أن يعرفوا شيئا عن الهوية الفكرية لمن يقرأون له. وكنت في البداية أنوي نشر البطاقة الشخصية التعريفية كأول مادة أنشرها على الحوار المتمدن باسمي هذا، ثم عدلت إلى أن أبدأ بمقالة من مقالاتي، والتي كانت مقالة (مخالفة الأحكام الشرعية طاعة لله يثاب عليها مرتكبها)، والآن أحب أن أقدم نفسي للقراء الكرام. وقبل ذلك لا بد من مقدمة.
أقول ما زال ذلك الجزء من العالم ذو الأكثرية المسلمة، والمنعوت بالعالم الإسلامي، يعيش عصور القمع الفكري، والإعدام (المقدس) للحريات، لاسيما الحريات الدينية والفكرية والثقافية والاجتماعية. فالملحد والمرتد عن الإسلام، سواء كان ارتداده إلى الإيمان الفطري أو العقلي اللاديني، أو إلى دين آخر كالمسيحية أو البوذية أو البهائية أو سواها، أو المتحول إلى الإلحاد، وكذلك المنتمي إلى الديانات والمذاهب المحظورة في بعض دول العالم ذي الأكثرية المسلمة، هذا العالم الإسلامي الكافر بقيمة الحرية، ما زال كل هؤلاء المرتدون عن الموروث لا يتمتعون بحرية الإفصاح عن حقيقة ما يؤمنون وما يكفرون به. فمن يقال عنه أنه كفر، فهو إلم يكن معرضا للإعدام الفيزيائي تنفيذا لحكم المرتد عليه، سيُعدَم إعداما معنويا، عبر التسقيط الاجتماعي، ومقاطعة الأهل والأقرباء والأصدقاء، وإذا كان كاتبا فسيعدم ثقافيا، عبر حظر كتبه ومقالاته ورشقه بفتاوى التكفير، وإذا كان سياسيا، فسيكون ذلك انتحاره السياسي.
كل هذا وغيره مما لا يمكن الإفصاح عنه حاليا، دعاني أن أختار اسما مستعارا لنشر مقالاتي، وإن كنت غير متفرغ للكتابة بكثافة في الوقت الحاضر، حتى يحين حلول الظرف الذي يسمح لي بتكثيف كتاباتي في هذا المجال، وبالنسبة لاستخدام الاسم المستعار أقول حتى حلول وقت زوال أسباب التخفي وراء الاسم المستعار، لأسفر عن اسمي الصريح، وأفصح عن كل ما أستطيع الإفصاح عنه.
وقد اخترت (تنزيه) اسما، استيحاءً له من عقيدتي التي أسميها بعقيدة التنزيه، أي تنزيه الله عن مقولات الأديان، فإني أنزه الله وأبرّئه من مقولات الدين، وأدين الدين بما افترى على الله، وأربك حياة الناس عبر قرون وعشرات القرون، وما زال يربكها أيما إرباك، لاسيما عبر تسييس الدين، وما يسمى بالإسلام السياسي بالذات، وكذلك واستتباعا لذلك كل من التشيع السياسي، والتسنن السياسي. كما واخترت (العقيلي) لقبا، لاعتمادي المنهج العقلي، تمييزا له عن المنهجين الديني والعلمي. وفي البداية كنت أنوي اختيار اسم ذي صبغة شيعية هو من أجل الإشارة إلى خلفيتي المذهبية، التي لم أعد أشعر بالانتماء إليها، وذلك كي لا يتصور أن ما سأكتبه في نقد الفكر الشيعي بشكل خاص أنه منطلق من حساسية مذهبية لسني ذي نفس طائفي.
أما عقيدتي، فهي الإيمان العقلي اللاديني، المبني على أساسين، هما تنزيه الله عن مقولات الأديان، ورفض الدين فيما ينسبه إلى الله، ويربك به واقع الإنسان، ويتقاطع مع أساسي العقلانية والإنسانية، وألتقي على الأساسين المذكورين، مع الملحدين العلميين، ومع الدينيين العقليين الإنسانيين العلمانيين.
وأختلف مع الدينيين في اعتماد النصوص الدينية مصدرا لبحث موضوعة وجود الله، وتفصيلات العقيدة الإلهية، وما يترتب عليها في الدنيا من أحكام دينية، وفي الآخرة من جزاء وفق التصور الديني، لا الفلسفي، دون أن أنفي أن بعض مقولات الأديان لا تخلو من صحة، فالأديان، كنتاج بشري حسب ما وصلت إليه من قطع، تتألق سموا ورقيا في بعض جوانبها، وتهبط انحدارا وتسافلا في جوانب أخرى، ويبقى الصحيح والخطأ في عالم الإنسان نسبيين. كما وأختلف مع الأصدقاء الملحدين في اعتماد العلم التجريبي لبحث موضوعة نفي وجود الله، وتبني العقيدة اللاإلهية (atheism)، وأعتبر الفلسفة العقلية وحدها معنية بهذه البحوث، وليس الدين أو العلم، والمبررات التي يقدمها الماديون في تفسير لجوء الإنسان للدين، منها ما هو صحيح، ومنها ما لا يجوز تعميمه على الفهم الديني لكل الدينيين، أو لنقل كل الإلهيين بما فيهم اللادينيين، إذ ليست كل المبررات خرافية، أو عبارة عن تلبية لحاجات نفسية كالإحباط وغيرها، لأن قضية وجود الله قضية فلسفية، تثبت – أو لا تثبت – بالدليل العقلي، وليس بالنصوص الدينية، إلا ما يلتقي منها مع البحوث الفلسفية، ولا علاقة لها بحاجة الإنسان أو عدم حاجته للإيمان بثمة إله، آملا أن أعرض لذلك في مقالات مقبلة بشكل أكثر تفصيلا. وفي كل الأحوال أؤمن أن لكل إنسان وبمحض اختياره أن يكوّن لنفسه عقيدته وفلسفته في الحياة، فلا دعوة ولا تبشير، بل عرض وحوار واختيار حر، وتبقى هذه الأمور شأنا شخصيا محضا، إلا إذا كانت العقيدة تؤسس لمواقف تترتب عليها مما يفضي إلى الكراهة والعداوة والاحتراب، فهنا يجب أن تتدخل النظم الديمقراطية لحفظ المجتمعات من كل ما ذكر، وتحميها من الإيديولوجيات الشمولية والعقائد العدائية، والعدوانية بالفعل أو بالقابلية.
ومع كل ما ذكرت وما لم أذكر، فإن ما أتبناه وما يتبناه غيري، ما هو إلا رؤى بشرية نسبية، يختزن كل صواب من أي منها على ثمة خطأ، وكل خطأ على ثمة صواب، وأرفض مصطلح (الكفر) تعبيرا عما يمكن اعتباره خطأ هنا أو هناك، لأن مفردة (الكفر) هذه مثقلة بالتراكمات التاريخية لثقافة كراهة ومعاداة الآخر المغاير، المعبر عنها قرآنيا «قد بدت بيننا وبينكم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة»، وذلك على لسان إبراهيم مؤسس ما تسمى بالأديان الإبراهيمية أو التوحيدية، سواء كان حقا هو المؤسس الحقيقي والفعلي، أو كان ليس إلا شخصية أسطورية، أو كان شخصية حقيقية حيك عنها الكثير من الأساطير، وسواء كان ما نسب القرآن إليه من قول حقيقة، أو هو من نسج خيال مؤلف القرآن، أو مما أخذه عن مصادر أخرى، مدونة أو شفهية عبر من يُعتقَد أنه تتلمذ على أيديهم قبل أن يعلن نبوته.
#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مخالفة الأحكام الشرعية طاعة لله يثاب عليها مرتكبها
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|