أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - حسن صادق - بقايا الأسرة التقليدية















المزيد.....

بقايا الأسرة التقليدية


حسن صادق

الحوار المتمدن-العدد: 832 - 2004 / 5 / 12 - 04:40
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


ما تزال الأسرة في الوطن العربي بنية صلبة و"متماسكة".. بمعنى ما.. ربما تغير شكلها عن النموذج البطريركي: الذي يضم في بيت واحد "الأب" على رأس الأسرة الممتدة ويمتلك عدة زوجات، والعديد من الأولاد والبنات.. في بيت كبير يضم غرفاً جانبية تتمتع ببعض الاستقلالية وتضم أسراً فرعية لابن أو أكثر..

البنية الهرمية كانت ما تزال قائمة حتى عهد قريب.. الأب في قمة الهرم، يليه في الأولوية الذكر الأكبر ثم الذكور الأصغر، ولهم درجة على ما عداهم من مجتمع الحريم.. نساء الأب (غالباً أكثر من واحدة) والإناث في الأسرة وهم "موجود طارئ" بانتظار زوج المستقبل، ويضاف لهم الأولاد الصغار الذين يتطلعون إلى ولوج مجتمع الرجال بعد سنين ولكنهم يبقون محصورين في المجتمع الخلفي للأسرة دون أن يعني هذا إلغاء الامتيازات الخاصة بكونهم ذكوراً..

هذه هي البنية التقليدية للأسرة العربية.. والتي تحدد طريقة تفكير وطريقة حياة كل فرد في الأسرة وبالنتيجة كل فرد في المجتمع، وتحدد شكل العلاقات البينية في الأسرة: العلاقات الهرمية (التي تفترض الفوق والتحت) كذلك وتحدد موقع كل فرد في البنية واعتباره لذاته بناء على محددين أوليتين بسيطتين: الجنس، العمر.. للذكور درجة، وللأكبر درجة..

في هذه البنية يمتلك الأب موقع الإله أو الرب (رب الأسرة) الآمر الناهي الذي لا ترد كلمته ولا تناقش، والذي طاعته من طاعة الرب، وفروض الطاعة من تقبيل اليدين وما شابه تقدم يومياً.. وهو المتحكم بمصير هذه الأسرة وتفاصيل يومها، والآخرون منفذون أو خاضعون لإرادته..

في هذه الأسرة يفترض الابن موقعاً متميزاً لذاته موقعاً يراه حقاً طبيعياً لكونه مذكراً (مثل حظ الأنثيين) وأكثر.. وهو مشبع بأفكار دونية المرأة ناقصة العقل، العورة، الشر المطلق، مغوية الرجال، اللا أمان فيها.. وتجدر الإشارة دون استفاضة إلى الحالة الفصامية التي سيصل لها المذكر الذي يرغب في المرأة بكل جوارحه ويقدسه كموضوع محرم.. ويحتقره كشيء، كضلال وفتنة وقلة دين..!

الأم في هذه الأسرة التي يدعي كثيرون أنها هي الحاكم الفعلي في هذه الأسرة "كناقور الليل" والتي ربما كثيراً ما تستطيع تسيير إرادتها على الأسرة كلها إن بتسلطها المخفي أو بحنانها الخانق أو بوسوسة الليل.. تمارس أكثر قيم التحايل واللف والدوران مع غياب أبشط أشكال التحاور الذي يعترف بها كذات مفكرة صاحبة رأي، فتلجأ لتسيير آرائها (التي تغدو المعبر الوحيد التعويضي عن ذاتها المستلبة المقموعة) إلى الأساليب الحريمية التحايلية، ما يؤسس لتشويه قيم الأنوثة عند الأم ذاتها وعند بناتها وتحويلها على حالة سديمية من اللاشكل أو من النفاق الذي يحمل كل شكل، من حالة الذي يقول الشيء وعكسه وينافق ويداجن للوصول إلى ما يريد..

أما البنت فتتذكر أنها كانت توأد واليوم -ألف شكر-تمارس الحياة.. وأي حياة! يغدو مستهجناً الحديث عن حالتها..كذات في هذه الأسرة، . فهي تمارس فترة تمرن عابرة من أجل حياتها الحقيقية كزوجة.. وهي الغاية..

قد لا نجد البنية ذاتها اليوم، قلما نرى أسرة كهذه اليوم وقد لا نجدها إلا صدفة .. ولكن هذا لا يعني أن العقلية التي أنتجتها هذه التراتبية وآلية تفكير كل فرد في الأسرة واعتبار كل فرد لذاته قد تغيرت كثيراً..

وربما تجد هذا الحنين/ النوستالجيا الذكوري لأيام خوالي كان فيهن يربي أخواته البنات، ويحدد لهن الحاضر والمستقبل..

ويرى من الصعوبة بمكان التكيف اليوم بما يعنيه ذلك من اعتراف بخسارته لموقع متميز كان مقدراً له ومخصصاً ومحجوزاً لمجرد كونه يملك صفات مذكرة جسدياً!

وبالمقابل ترى أيضاً حنيناً لدى إناث إلى حالة الحريم أو حالة المرأة من أجل الرجل، أو المرأة من أجل الجنس، بما في ذلك من سهولة / ميوعة وما يعنيه هذا من توفير لجهد كبير يفرضه الدخول في "صراع البقاء" الذي يتطلب عملاً وشخصية مستقلة و"ذاتاً فردية" بكل ما في الكلمة من قيم الاستقلال والاعتماد على الذات والعمل.!

الشكل التقليدي الذي سبق ذكره يشكل الخلفية اللاشعورية للفرد في مجتمعنا.. كل فرد من الأسر الحديثة يختزن في ذاته طفولته كذكر متميز أو أنثى مهمشة، ومستقبله كرب أسرة مهيمن أو كامرأة متحايلة، وفي الوقت ذاته يختزن صورة الآخر كما نشأ عليها، فالأنثى للمذكر دون بطبعها ومحتالة، والمذكر للأنثى متعالٍ بالطبيعة متفوق ومتجبر..! وهو المحدد القمي والموجه السلوكي للحياة اليومية التي تخبئ وراء صورها تجليات للعقلية ذاتها..

ربما تفكك كثير من البنية التقليدية للأسرة بما تتضمنه من أساليب الوصاية والتعالي الذكوري على الأنثى (كل أنثى في الأسرة..! ) دون أن يعني هذا أن السيطرة الذكورية تراجعت.. ودون أن يعني أن المرأة في المجتمع صارت كائناً "لذاته"../أي توقفت عن أن تكون كائناً من أجل الذكر/أي كائن دوني!

آليات إنتاج الثقافة وهي اليوم أساساً وسائل إنتاج الصورة والشكل، هي ذكورية بامتياز والأنثى رغم كونها الحاضر الأكبر بصورتها في كل الشاشات هي الغائب دائماً.. ليس لأن لقلة عدد الإناث المعدات أو المخرجات أو المنفذات، ولكن لأن الذكر بقيمه ما يزال يحتل موقع الصدارة، لأن اللذة -وهي كما تقدم- ذكورية بحتة هي التي تبدو غاية في العرض كل عرض.. والمرأة أداة وموضوع فقط، دون أن يعني هذا أن الإعلام موجه ليخاطب الذكر فقط.. فهو يخاطب المرأة أيضاً ولكن ليقولبها بصورة الباربي التي يحبه المذكر..

فأولوية المذكر دائماً موجودة كما في الأسرة التقليدية وأكثر..

هل نستطيع كسر البنية التقليدية للأسرة، وبنيتنا النفسية التقليدية التي تحدد نظرتنا للذات وللجنس الآخر.. ؟

ربما يتطلب هذا تأسيس نظرة جديدة للفرد تعتبره مركزاً بذاته وغاية لذاته بغض النظر عن جنسه أو عمره،.

أن يكون تأسيس أفراد مستقلين غاية التربية، فرد ليس بالضرورة منعزلاً عن بنية الأسرة، ولكنه محترم الخصوصية محترم لذاته ومعطى كل الإمكانيات لتكوين ذاته مختلفاً ومستقلاً.. وتأسيس شكل جديد للعلاقة مع الأبوين: كما يقول جبران أبناؤكم ليسوا لكم.. أبناؤكم أبناء الحياة..

تفترض الولادة حقوقاً وواجبات ولكنها لا تفترض إلغاء أو تذويب الفتى في أبيه.. بل تعني شكلا من العمل في مؤسسة الأسرة لتخريج الأبناء (ذكوراً وإناثاُ على حد سواء قادرين على الحياة..



#حسن_صادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن ...
- ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
- مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
- بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية ...
- استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا ...
- الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
- ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية ...
- الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي ...
- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
- فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - حسن صادق - بقايا الأسرة التقليدية