|
دعوة الى فض الإشتباك اللفظي/ والعودة الى الحوارالمتمدن الديمقراطي
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2731 - 2009 / 8 / 7 - 08:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في البداية ، وبكل تواضع ، أضم صوتي الى صوت الزملاء، السيد إبراهيم بهرزي ، والسيد عبد الرحمن داره ، لفض ما شهدناه من إشتباك لفظي ، والعودة الى دائرة الحوار العقلاني والديمقراطي . بين عدد من الكتاب أو المثقفين ..الخ ولشديد الأسف ، ما قرأناه من حوارات وتعليقات من قبل ( البعض ) لايصب في خانة البحث عن الهدف من الحوار ، بل في خانة إستعراض ( الأنا ) الذاتية المقيتة . ومأساة هكذا حورات، أنها لا توصل الى هدف محدد . والمأساة الأكبر هو أن لا يكون لدينا هدف نتوصل اليه . ما شهدناه كان عبارة عن ردات فعل صدامية . لم يكن صداماً بين حضارات ، بل صداما بين موروثات الماضي التي قفزت فجأة الى السطح معبرة عن ذاتها دون أن يمتلك هذا المثقف أو تلك المثقفة من أدوات كبح لها. نحن جميعاً نكتب ونقرأ ، لكن ليس بإمكان أحداً إدعاء إمتلاكه للحقيقية التي نعرف جميعاً أنها نسبية ، ونسبية جداً . وبتقديري الشخصي أن الإنسان المثقف كلما إزداد علماً وثقافة ، يفترض أن يزداد تواضعاً .لاسيما إذا ماكانت معرفته تتناول القضايا المعرفية من فلسفة وعلم الجمال والأخلاق . وهكذا تمحور ما يسمى ( حوار ) بين طرفين وتعليقات ، تعصب بعضها لهذا ، والبعض الآخر للطرف المقابل . نموذج لعقلية القطيع ، لفكرة التعصب التي إبتلى بها العالم العربي منذ فجر التاريخ . بعض التعليقات ومع الإعتذار من الأخوة القراء كانت أشبه بذلك الذي يستمع الى قطعة موسيقية جميلة ، ورأسه في كتاب فن الطهي . حتى أن بعض التعابير المبتذلة ، التي لا تليق لا بالمخالف ولا بالقارئ جرى إستخدامها دون تفكير مسبق لنتائجها النفسية وردة فعل المتلقي . هل هذا هو المستوى الرفيع من ( الحوار الديمقراطي ) ؟ الذي يليق بنا وبهذا الموقع المحترم ؟. فكيف لو أن أحدهم تقلد منصب ما وعلى تماس مع قضايا وهموم المواطنين الجوعى والمرضى ؟ لتحول فجأة الى ديكتاتورا ونفض عنه مالحقه من غبار الديمقراطيةً. تماما مثل أولئك أشباه ( التقدميين ) الذين إستبدلوا جلودهم الحمراء بأخرى فسيفسائية . الحقيقة ، مستوى ما قراته أصابني ، بنوع من الألم ولنقل الصدمة من هكذا مستويات . فليس هكذا تورد الأبل . كان واضحاً أن هناك أولاً أزمة حوار مع الذات . ثم مع الغير . وإعتمد الحوار على صيغة نفي الآخر وتأكيد الذات . وهي ذات المشكلة التاريخية التي يعاني منها العالم العربي . سواء في إطار طائفتة المحدودة أو الدائرة الأوسع مع بقية الطوائف الأخرى . رأيناها فجأة على لسان متحاورين يفترض أنهم على مستوى مرموق من الثقافة والعلم . ترى هل هي إزدواجية الثقافة التي أفرزت حالة الإنفصام الثقافي . وعدم قدرة ثقافة ما التغلب على أخرى أقدم ؟ فعندما يفشل المرء في التفريق أو التوفيق بين فضائل ثقافتين ينشأ الصدع القاتل للمجتمع وهو التعصب بكافة أشكاله وألوانه . على مدار أيام تمحورت نقاشات عبثية تدفعنا خطوات نحو الخلف ، بين العلمانية والليبرالية والأصوليه..الخ . و لازلنا نرواح مكاننا . لأننا نرفض الإعتراف بالأخر. وهو ذات الرفض الذي أدى الى ما نحن عليه من تخلف ؟ رفضنا التراث جملة وتفصيلاً ، بحجة أنه أصولي ؟ فبرزت الأصولية ، من عقر دار الرأسمالية . رفضنا حق القوميات الأخرى تحت يافطة السعار القومي ، رفضنا الدخول في عصر النهضة بحجة أنه غربي وعلماني وإستعماري وصهيوني ؟ حتى ( الجنة ) أصبحت كارتيلاً من المصالح المتأسلمة . الحجاب والنقاب الطريق الى الجنة ؟ فإذا كان الرفض هو عنواننا وشعارنا الدائم في مواجهة أنفسنا والأخر والعالم ؟ ترى ماذا حول المستقبل ؟ ما هو العمل لصنع التغيير الهادئ ؟ أليس من الأجدر بهؤلاء الكتاب ، والمعلقين ، بالتحاور حول طبيعة وصيغة المستقبل المشترك . أم من المهم هو الفرق بين تعريف الليبرالية والليبرالية الجديدة ؟ وبين من هو ممثل العلمانية ؟ حتى لو كان أبو نواس وزبيدة هم رائدا كل المذاهب النظرية في العالم الفوقي والسفلي ؟، لا تعني شيئاً إذا لم تستطع هذه النظريه توفير رغيف خبز لجائع ، بعد أن إنتهى عصر الفول والفلافل والتشريب والكسكي من الأسواق . وإذا لم يستطع أبو نواس مواجهة السلطان الجائر . لتذهب كل النظريات الى الحضيض في الوقت الذي تضطهد فيه المرأة العراقية في أسواق النخاسة العربية ؟ ولتذهب الى الحضيض كل الأفكار الشخصانية عندما تجلد النساء في السودان كالبعير ، وليذهب الى الحضيض كل المفكرين الذين يعيشون في ابراج عاجية لا علاقة لهم بجوع المواطن ، وليذهب الى الحضيض الرمز المقدس عندما يموت الإنسان بحجة الدفاع عن الذات الألهية ، وكأن الله بحاجة الى من يدافع عنه أو عن دينه أياً كان . المساهمة بصنع التغيير هو المطلوب ، وليذهب الى الحضيض كل من يعتبر أن هذه الاوطان ملك اليمين . وهنا مكان إختبار جودة التفكير. هنا التحدي الحقيقي لهؤلاء المثقفون . وليس إستعراض المهارات اللفظية وإختراع مناصب الوهم . والنظريات الزائفة . مع إعتذاري المسبق للقارئ ، لا بد من إعادة تشكيل جديد لإطار الحوار المطلوب . والإصغاء الى الرأي الأخر بإحترام ، حتى لو كان مخالفاً . والتفكير في المستقبل . الماضي أياً كان فهو ماضياً . من أجل حوار ديمقراطي عاقل وموضوعي ومتزن ، هذه هي المسؤلية الناتجة عن الثقافة . المثقف الديمقراطي لا يعمل في الفراغ ، بل في الواقع المعاش من أجل تطويره أو إصلاحه ، على قاعدة الشعارات الإنسانية الثلاث ، الديمقراطية ، والمساواة الإجتماعية ، وحقوق الإنسان . الديمقراطية ،هي كيف تعيش مع خصمك ، وأن تحكم مع وجود المعارضة . وأن تصغي للرأي الأخر .
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صورة الزعيم حتى في غرف النوم / بإستثناء مكان واحد فقط..؟
-
دور أجهزة الأمن في ترهل النظام السياسي العربي
-
أزمة المواطنة في العالم العربي. مواطن درجة أولى ..ومواطن درج
...
-
تراجيديا الترهل . هل نحن أمة واحدة ...ذات رسالة خالدة ..؟
-
اليمن - ليبيا - مصر / الآب والأبن بدون روح القدس
-
شهادة الصحافي اليوناني الذي إعتقلته السلطات الإيرانية أمام ا
...
-
وجهة نظر يونانية حول قضية القدومي
-
نكاح حلال.. وثقافة النفاق مع الذات والرمز
-
شاطئ النقاب الذهبي الحلال
-
حوار مع الأستاذ إبراهيم علاء الدين .. المهم بناء وطن وليس كن
...
-
لمصلحة أية أجندات سياسية توظف منظمات التطرف الآصوليةالإسلامي
...
-
لماذا لا تجلد فرنسا المنقبات
-
لماذا لم يعلن الجهاد المقدس ضد الصين ؟
-
لا.. لحملات الإعدام في إيران نعم ..لحق المواطن في المعارضة
-
على هامش قمة الثمانية بين خيام المنكوبين وخيمة العقيد ومدن ا
...
-
سوريا .. والعودة المتدرجةالى مثلث القرار العربي
-
مؤتمرات تشتيت الشتات ومهرجانات لإتحادات جاليات بالجملة
-
هجرة أم فرار غير منظم من الاوطان
-
هل تعيد القاهرة بناء خارطة سياسية فلسطينية جديدة ؟
-
لماذا لا يتمسك المفاوض الفلسطيني بدولة كل الشتات ؟
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|