أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هوشنك بروكا - عاشت سوريا -الضرورة-..يسقط لبنان!















المزيد.....

عاشت سوريا -الضرورة-..يسقط لبنان!


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 2730 - 2009 / 8 / 6 - 04:05
المحور: كتابات ساخرة
    


نهاية الإسبوع الأحد، كان يوم الطلاق(ربما البائن) الأكيد لزعيم الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط من تحالف الأكثرية النيابية، الذي كان يشكل فيه العصب الأساس، والرقم الأصعب في معادلاته.
فهو لم يكن مجرد رقمٍ عادي في ذاك التحالف الذي وصفه بعد طلاقه منه ب"التحالف الضرورة"، وإنما كان رقماً مضعّفاً وكثيراً، الأمر الذي دفع بواحدٍ من كبار أقطاب المعارضة اللبنانية، رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى وصفه بين تيار الأكثرية، بأنه "يساوي 10 فيما الباقون هم 4".

ففي الوقت الذي لم يكن مستغرباً أبداً، حسب قراءتي، لسيرة لبنان في جنبلاط، وسيرة هذا الأخير في لبنان، أن ينقلب الرجل على حلفائه الآذاريين من معسكر 14 آذار، ويقلب الطاولة(كعادته في قلب الأوراق والطاولات) بالتالي عليهم، فإنه في الوقت نفسه، كان من المتوقع أيضاً، أن ينقسم لبنان في العرب، والعرب في لبنان، حول "طلاقه البائن" من فريقه هذا، إلى "لبنانَين في عرَبين"، و"عرَبين في لبنانَين".

فهذا هو لبنان، منذ أن عرفناه دولةً وطائفة: دولة في طائفة، وطائفة في دولة.
وهذا هو جنبلاط، منذ أن أصبح هذا الأخير زعيماً لحزبٍ هو طائفته، وزعيماً لطائفةٍ هي دولته.

فالمتتبع لسيرة الرجل، وتقلباته وقفزاته وشقلباته السياسية الكثيرة، على طول وعرض تاريخ "لبنان الطائفة"، القريب، الذي كان ولا يزال تاريخاً لحروب ونزاعات وخلافات "ملوك الطوائف"، بإمتياز، سيعرف أن الرجل لا زال هو هو.
فهو يدور من اليسار إلى اليمين ومن اليمين إلى اليسار، ومن أقصاهما إلى الوسط، ولكنه يبقى في كل هذه "التحوّلات" و"الدورانات" هو هو؛ "وليد بك"، الزعيم الدرزي، الذي لا يضيع بوصلته التي هي طائفته، كحال الكثيرين من أفرقائه اللبنانيين، الذين تعلو الطائفة في منطق سياستهم ولا يُعلى عليها.

هذا هو وليد جنبلاط، الذي عرف كيف يكون لبنانه في طائفته، وكيف يكون طائفته في لبنانه. فهو، بطلاقه من "ثورة الأرز" أمس، لا حاد عن "درزيته"، ك"زعيم طائفة" خبر لبنان "دولة وطائفة"، ولا حاد عن "اشتراكيته وتقدميته"، على طريقته الجنبلاطية الخاصة به، المتقلبة، بحسب الرياح السياسية التي تهب على لبنان، سواء من دمشق وأخواتها العربيات الأخريات، أو من باريس وواشنطن وأخواتهن الشقراوات الغربيات.
ف"جبل" جنبلاط، لا يستكين ل"ريحٍ"، حيث لكل ريحٍ تقام، لديه سياسة وموال ومقام.

جنبلاط، الذي خبر لبنان وطوائفه، والمعروف بحدسه وذكائه السياسيّين، وبدورانه الممكن دائماً، من اليمين إلى اليسار، أو بالعكس، فعل ما يمكن أن يفعله أيّ سياسي براغماتي، يقرأ في الواقع لا في كفه.
فهو، أراد بهذا "الطلاق الإستباق"، أن يركب السياسة قبل أن تركب هي عليه أو ترتكبه، وأن يمشي عليها قبل أن تمشي هي وديناصوراتها عليه.
فهو، ليس "أطرش لبنان" في "الزفة السورية"، كما قد يُتصور، وإنما قرأ "الإنفتاحات" الإقليمية، العربية والدولية على سوريا، جيداً، بدءاً من أميركا، مروراُ بأوروبا ووصولاً إلى السعودية.
كل ذلك وربما أشياء أخرى غير مكشوفة، دفعته إلى هذا "الطلاق الإستباق"، ليضرب ضربته(ضربة معلم دون أدنى شك) ويمشي، وليصبح(وهو الزعيم لأصغر الطوائف اللبنانية الرئيسية) "اللاعب الجوكر" الذي يحتاجه الكل، وبإستطاعته قلب موازين اللعبة، بين فريقي الموالاة والمعارضة.

جنبلاط أعلن طلاقه من "تحالف ثوار الأرز" وقال كلمته فيه ومشى، ليس لأن "التحالف الضرورة، قد انتهى صلاحيته" كما قال فحسب، وإنما أيضاً، لأنه تحالفٌ حُكِم عليه بالموت، من دمشق وحواليها، وأُطلِق عليه "طلقة الرحمة" في لبنان نفسه، منذ الأول من تنازل الحريري الإبن عن "لبنان أولاً" لصالح "سوريا أولاً"، ومنذ تسريب الأول من أخبار طيرانه إلى حضن "الإستعمار"؛ تلك الأخبار التي باتت في حكم المؤكد، والتي تقول بأنه سيركض في أقرب "فرصة لبنانية" قادمة إلى دمشق، للقاء "قتلة لبنان" كما كان يسميهم، لتعود "سوريا حليمة" في لبنان، إلى عادتها القديمة،..و"عفى الله عما مضى"!

لماذا كل هذا الضجيج الإعلامي، إذن، حول جنبلاط و"انقلابه" دون سواه، علماً أنّ الأول من الإنقلاب على "لبنان أولاً" وعلى "ثورة أرزه"، قد سبق "طلاق جنبلاط"، وبدأ الإعداد له منذ أشهر، في مطابخ وكواليس دمشق وأخواتها؟

لماذا كل الأصابع العربية "المعتدلة"، تتهم جنبلاط، بإعتباره "زعيماً طائفياً"، "خان" ثورة الأرز التي استفاقت على دم الحريري في لبنان، ودم لبنان في الحريري، سنة 2005، طالما أن "حريري لبنان" أو "لبنان الحريري"، بات بحكم "انقلابات سرية" سابقة غير معلنة، قاب قوسين أو أدنى من السقوط الوشيك في الفخ السوري المحتّم؟

ماذا كان من الممكن أن يفعل جنبلاط مثلاً في "تحالف 14 آذار"، الذي قام بالأساس لأجل "لبنان الحريري أولاً"، والحريري الإبن، سيطير "بلبنانه الحر والمستقل" هذا، الذي طالما عوّل عليه، ليضعه ك"لبنان تجت الطلب"، مع باقة ورد مخضبة بدماء كل شهداء ثورته التي من الأرز، على طاولة "قتلة دم الحريري" أنفسهم، كما كان زعماء الأكثرية(أولهم سعد الحريري) يرددون "اسطوانتهم المشروخة"، على أسماعنا ليل نهار، وصبح مساء؟

ماذا تبقّى من "تحالف ثورة الأرز"،طالما أنّ "الإستعمار السوري"، حسب توصيفات زعماء 14 آذار ما عاد استعماراً، والنظام السوري ما عاد "قاتلاً للحريري"، وسوريا التي طالما وصفها معسكر الأكثرية، ب"التي تقتل لبنان وتمشي في جنازته"، ما عادت كذلك؟

صحيحٌ أنّ جنبلاط انقلب على معسكر 14 آذار، وقلّب الطاولة على زعمائه، الذين رفعوا شعار "لبنان أولاً"، ولكن الصحيح أيضاً، هو أن انقلابه هذا، الذي سمي ب"الزلازال"، ليس "إنقلاباً سبباً"، بقدر ما هو "الإنقلاب النتيجة".

جنبلاط لم ينهي تحالف 14 آذار بنفسه، بقدر ما أنه أعلن عن نهايته.
هو، لم يقتل "شرعية" الأكثرية، بقدر ما أنه أعلن عن شهادة وفاتها، التي سقطت صريعةً تحت طاولات مساومات إقليمية ودولية، يعرفها جنبلاط جيداً، خصوصاً بعد "إنتفاء الإشتباك السعودي ـ السوري"، على حد قوله.

جنبلاط، لم يقضِ بموت ثورة الأرز، بقدر ما أنه كشفَ وأعلنَ عن موتها، الذي بات بحكم المؤكد، أو شبيهه، بعد أن لقيت حتفها منذ أشهرٍ في مزرعة دمشق.

هو لم يمارس فعل القتل على تحالفٍ كان يشكل فيه الدور الرئيس، وإنما قام بفعل "الدليل" الذي دلّنا إلى جثته الضائعة بين دمشق وبيروت وأخواتهن.

ما فعله جنبلاط، هو أنه أخرج موت 14 آذار من السر إلى العلن، ومن الظل إلى النور.
فهو لم يقتل حركة 14 آذار بنفسه، كما يُقال أو يُشاع هنا وهناك، وإنما أعلن عن "قتلها الضروري"، الذي أرادت لها "دمشق الضرورة" وأخواتها أن تكون.

ربما لهذا، ولأشياء أخرى كثيرة لم تكشف بعد، أراد جنبلاط أن يقفز إلى "سوريا الضرورة" من الشباك قبل أن يقفز إليها الحريري من الباب.

في الحالتين، وفي القفزتين، سيكون "لبنان أولاً" هو الخاسر لحساب "سوريا أولاً وآخراً".
في الحالتين، سيكون "لبنان الحريري والأرز" هو الضحية المقدمة سلفاً على "مذبح السياسة" في دمشق "عرين الأسد".
وفي القفزتين، سيموت "لبنان المستقل" في دم الحريري، مرتين:
مرةً بالقرب من شبّاك سوريا، جنبلاطياً، وآخرى على بابها، حريرياً.

عاشت سوريا الإستعمار الضرورة!
يسقط لبنان الضحية الضرورة!
عاش "ملوك الطوائف"!
يسقط لبنان!



#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خروج أبطحي على -المخمل-
- ما لن يتغيّر في كردستان!
- كُتاب -التربية الوطنية-
- عندما يصبح الفكر -زبالة-: دفاعاً عن عقل القمني
- سلوك سوريا -الثابت-
- أمريكا المتحوّلة والمسلمون الثابتون
- صدام مات..فيما العراق بسلوكه حيٌّ يرزق
- كردستان الإنتخابات: خرافة تمثيل الأقليات
- مشكلة الموصل: بين مطرقة بغداد وسندان هولير
- موسم الهجرة إلى البرلمان
- هل رأس كردستان هو رأس الفساد؟ (2/2)
- هل رأس كردستان هو رأس الفساد(1/2)
- ثقافة الزعيم، كردياً
- تورك: من لغة القنابل إلى قنابل اللغة
- بيت أردوغان الذي من زجاج
- نقمة العَلَم السوري: قتل العلَم بالعَلم
- واأردوغاناه!!!
- أردوغان، خاطفاً لفلسطين
- مسعود بارزاني: كردستان في الإتجاه الخطأ
- خالد مشعل: سياسة طهي الدين


المزيد.....




- فيلم ’ملفات بيبي’ يشعل الشارع الاسرائيلي والإعلام
- صرخات إنسانية ضد الحرب والعنف.. إبداعات الفنان اللبناني رودي ...
- التراث الأندلسي بين درويش ولوركا.. حوار مع المستعرب والأكادي ...
- الجزيرة 360 تعرض فيلم -عيون غزة- في مهرجان إدفا
- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هوشنك بروكا - عاشت سوريا -الضرورة-..يسقط لبنان!