|
في نقد العلمانية الرخوة
إبراهيم أزروال
الحوار المتمدن-العدد: 2730 - 2009 / 8 / 6 - 09:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتقد بعض منظّري العلمانية في الغرب أنّ العلمانية هي مجرّد فصل إجرائيّ بين مجالات الدولة ومجالات الدين. ويذهب الكثيرون إلى حدّ المطالبة بمراجعة الحلّ العلمانيّ والدعوة إلى العلمانية المفتوحة وإلى الانفتاح على المقترحات العقدية لحلّ الاستعصاءات النظرية والعملية للحداثة وللدولة الحديثة. وقد صاحب هذا الاستشكال قبولٌ غير مشروط لمعتقدات وسلوكيات، صادرة عن جماعات دينية موغلة في التقليدانية والأصولانية ومجافاة منطق الحداثة الفكرية جملة وتفصيلا. وبدلا من أن يتعامل المفكرون الغربيون، على نحو استشكاليّ مع هذه القدامة العقدية، اختاروا مناصرتها باسم احترام حقوق الإنسان والحقّ في الاختلاف .
لقد قاد الاختيارات النظرية لما بعد الحداثة والليبرالية الاقتصادية، إلى إساءة التقدير الثقافيّ للآخر وإلى الافتقاد إلى الوعي التاريخيّ وإلى الاستشراف المستقبلي .
من الضروري التأكيد على انتظام المفكرين الغربيين في مشروع استشكال الظاهرة الدينية ونقد العقل اليهودي – المسيحي، ووضع اللبنات الابستمولوجية للحداثة الفكرية، منذ القرن السادس عشر على الأقلّ. فإقرار الحداثة الفكرية والسياسية، استلزم خوض حروب مواقع قاصمة مع الفكرية المسيحية، المتغلغلة في عمق النسيج الفكري الأوروبي والغربي، ومراجعة عميقة للمصادر النصية للمسيحية. فالانتقال من القرون الوسطى إلى الأزمنة الحديثة تطلّب إحداث قطيعة منهجية وابستمولوجية مع المعرفيات العرفانية والمنهجيات اللاهوتية. كما تطلّبت تلك النقلة تناوُلَ الكتاب المقدّس وتاريخ الكاثوليكية الرومانية تناولا نقديا، بعيدا عن تقريبات وتوفيقات النسق التأويلي القروسطي. فالعالم الحديث هو نتاج قطيعة منهجية وسياسية مع العالم القديم المحكوم والمحتكم إلى مناهج اللاهوت وأنساقه. ليست العلمانية من هذا المنظور مجرّد عودة متعقّلة إلى روح الإنجيل وإلى بساطة خطاب يسوع والمسيحية البدائية كما تعتقد التيارات المسيحية الإصلاحية في سعيها إلى التلاؤم مع الحداثة الفكرية، بل هي تفعيل للتعقيل الجذريّ للخطاب الدينيّ وتنظير لرؤية عقلية تاريخية إنسانية للعالم. فالعلمانية، والحال هذه، موقف نقديّ موجّه إلى الخطاب العقديّ الناهض على المسلّمات اللاهوتية وعلى البديهيات العقدية، وإلى الاستذهان الدينيّ المبنيّ على الماورائيات والغيبيات والمتعاليات .
يقول نيتشه عن المسيح ما يلي :
(حين نسمع دقّات الأجراس القديمة صباح الأحد نتساءل: أيُعقل كلّ هذا! من أجل يهوديّ تمّ صلبه منذ ألفي سنة وكان يدّعي أنّه ابن الله. إنّ الإثبات الذي يحظى به هذا الادّعاء ينقصه البرهان، - مؤكّد أنّ الديانة المسيحية قدم ينحدر من ليل العصور حتى قلب عصرنا، والإيمان الذي يحظى به هذا الإثبات المزعوم – والحال أننا عادة ما نكون صارمين في اختبار الادعاءات – هو لا شكّ أقدم جزء من هذا الإرث. إله تلد منه امرأة فانية؛ حكيم ينصح بعدم العمل، بعدم العدل وبمراقبة علامات الساعة الوشيكة؛ عدالة تقبل اعتبار البريء ضحية بالنيابة؛ واحد يأمر أتباعه بشرب دمه؛ صلوات من أجل حدوث المعجزة؛ خطايا ترتكب في حقّ إله ويكفّر عنها إله؛ الخوف من ماوراء بابه الموت؛ اتّخاذ الصليب كرمز، في عصر لا يعرف غاية الصليب ولا خزيه؛ - أية قشعريرة رعب يبعثها فينا كلّ هذا، كنفثة تنبعث من قبر ماض سحيق! من يصدّق أننا لا زلنا نؤمن بمثل هذه الأشياء ؟ ). (فريدريك نيتشه – إنسان مفرط في إنسانيته – كتاب العقول الحرة – ترجمة : محمد الناجي – أفريقيا الشرق –المغرب – 2002- ص. 79-80).
إلا أنّ الخطاب العلمانيّ الغربيّ، تخفّف من حمولته النقدية والاستشكالية، وانخرط في عقد تصالحات مع فكريات طرفية مضادّة للحداثة في الصميم. واستغلّ مفكرّو تلك الثقافات الطرفية ظروف المراجعة النقدية لأصول الحداثة الغربية والخطاب الأنواريّ والمركزية الثقافية الغربية، لتمجيد الكيانات الثقافية الطرفية، وتكريس خصوصيتها المنهجية والنظرية، وحضورها الثقافي في الفضاءات الثقافية الغربية المعلمنة نفسها. فلئن عملت الحداثة على التعامل النقدي مع المصادر اليهودية – المسيحية، فإنّ الخطاب الليبرالي الجديد لا يروم استشكال الأنساق الاعتقادية الطرفية، باسم احترام حقوق الإنسان والتعددية الثقافية وحرية الاعتقاد ! .
من المحقّق أنّ العلمانية الرخوة افتقدت إلى الوعي التاريخي في تعاملها مع الثقافات الطرفية، وبخاصة الثقافة الإسلامية الموغلة في الانعزالية وفي التقليدانية. والانعزالية ليست ظاهرة عابرة في الفضاء الثقافي الإسلامي، كما يعتقد بعض المتخصصين في السوسيولوجيا السياسية أو في العلوم السياسية، بل هي مظهر جوهريّ لديانة اصطفائية، رافضة لكلّ التعابير العقدية البشرية ولكلّ تجلّيات التقديس الخارجة عن مدارها الخاصّ. يقوم الاعتقاد الإسلاميّ على تبئير المفاصلة العقدية، وعلى التشكيك الكلّي في شرعية العقائد الأخرى سواء أكانت توحيدية أم تعديدية، كما أنه يرفض كلّ المقاربات العقلانية أو المحايثة للقضايا الكونية أو للشؤون البشرية. ولا اعتبار في هذا السياق، بكل التوفيقات الموضعية، المعبّر عنها في سياقات ثقافية أو في وضعيات سوسيو-تاريخية مخصوصة. كما لا اعتبار، لمحاولات التحديث الذاهبة إلى إمكان بلورة تسوية تاريخية بين الإسلام والحداثة، أو للجمع بين نسقين متناقضين من حيث القواعد الابستيمية. إنّ لسوسيولوجيا الفكر جدارة لا تنكر، إلا أنّ جدارتها لا تلغي أولوية المقاربة الابستمولوجية للنظيمة الفكرية للمعتقد الإسلاميّ. فالنصوص تقرأ في اتصالها بالثوابت والمتغيرات التاريخية والسوسيولوجية، كما تقرأ في تكوينها الابستمولوجي وفي مقتضياتها المنهجية. ومحاولة الفضل بين القراءتين تقود في الغالب إلى نسبانية فكرية وإلى تأويلانية لا أدرية، لا جدال في خدمتهما الموضوعية للمقتضى العقدي، رغم المسعى العقلاني التحديثي المعلن عنه مبدئيا .
فالعلمانية الرخوة منشغلة بالقراءة التاريخية للواقعات وبالاعتبارات السياسية والسوسيولوجية المعزولة عن الاعتبارات الابستمولوجية والمنهجية. وعليه، فهي تستبعد أيّة مقاربة فلسفية لإشكالية العلمانية، وأية مناولة ابستمولوجية للنصّ المقدّس.
فالعلمانية حصيلة تحوّلات جوهرية في الفكر والمنهج ورؤية العالم؛ إنها فاتحة لتدبّر محايث، ودهراني، للوجود وللصيروة. فالعلمانية تجاوز ابستمولوجي وتاريخيٌّ للمنظومة الفكرية والسياسية للتوحيديات، وتطلّع إلى ترسيخ الحقائق المحايثة ودعم سريانها في ثنايا الجسم الاجتماعي. ومن هنا، لا يمكن حصر العلمانية في حزمة من الإجراءات القانونية أو من التمييزات السياسية أو من التقنينات الفكرية؛ فالعلمانية إذ تصاقب العلم ومع العالم، تعلن انفصالها عن الحقيقة المتعالية وعن الماوراء. إنّ التأكيد على الدهرية وعلى العلمية، إعلان عن قطيعة منهجية مع اللاهوت والماوراء واستشكال البناءات النظرية الناهضة على مقرراتهما .
فالإشكال هنا إشكالٌ ابستمولوجيٌّ في المقام الأوّل، وإشكالٌ سياسيّ في المقام الثاني. لولا استشكال المعرفة التوحيدية في غرارها اليهودي – المسيحي، لاستحال إقرار العلمانية في التجربة الأوروبية، رغم كلّ الحروب المذهبية والطائفية. فالمنظومات العقدية تبرع في تحويل تراجيديا الاقتتال البي- طائفي إلى دلائل ومسوغات إضافية لتعزيز الرصيد الايطقي والمعرفي للمنظومة نفسها. فاللاأرثوذكسية لا تزيد الأرثوذكسية إلا ثقة في نسق الذات وفي حتمية قهرها للنسق المضادّ. وعليه، فلا يمكن اجتراح تدبير إجرائي أو تقني أو وظيفي مخالف، من داخل النسق اللاهوتي. فاللاهوت لا يمتلك العدة المفهومية أو المنهجية للحفر في تضاريس النصوص والكشف عن تشكّلها التاريخي وعن بنائها النصي، كما أنه لا يملك الكفاءة التاريخية لإدراك مفاعيل الزمانية في النظريات والعمليات الدينية. فاللاهوت يقتات بالتراجيديات وبالدراما البشرية للبرهنة على صلاحية نظرياته، ولباء هوية عقدية لا تؤدّي وظائفها إلا ببناء وعي وحشيّ مستعدّ لأبلسة العالم وتفسيق الأغيار. فالإبدال العقديّ مغلق بطبعه، ولا يمكنه إلا أن ينوس بين البدعة والهرطقة، بين النص والتاريخ، بين الأنا والآخر، بين التعالي والمحايثة، بطريقة آلية لا تسمح بأيّ انعتاق من إسار المسلكية الدورانية .
لا مناص إذن من توطين العلمانية في فضاء ثقافيّ موسوم بالخصائص التالية :
1- انفتاح على المعقولية والجماليات اليونانية والرومانية.
2- فتوحات المنهج التجريبي.
3- بروز الحداثة القانونية والسياسية.
4- عقلنة الفعالية الاقتصادية.
5- استشكال المرجعية المتعالية والابستيمية اليهودية – المسيحية .
ليست العلمانية محض آلية إجرائية أو وظيفية لحلّ أزمة قانونية أو إشكالية سياسية كما يعتقد الكثيرون. فالعلمانية ليست استجابة لأزمة تقنية في الإبدال اللاهوتي، بل هي عنصر مركزي في إبدال جديد، ينهض على إحلال الأنسة محل"اللاهوتة"، والتدهير محلّ التقديس، والتاريخية محلّ الماورائية، والعقلانية محل النصانية. فلا يمكن للإنسان المعتزّ بإنسيته وبعقله وبقدرته على قراءة كونه الطبيعيّ والتاريخي والرمزي قراءة متفحصة مبدعة، إلا أن ينأى عن المثالات النظرية وعن الاستشرافات الماورائية للإنسان اللاهوتي الغارق في النصانية والرمزانية المتعالية .
لقد مثّل الانتقال من الإبدال اللاهوتيّ إلى الإبدال الحداثيّ، نقلة جوهرية في بنية الفكر النظريّ والممارسة السياسية. فالعلمانية الآتية في ركاب الأنسنة والتعقيل والتدهير والتزمين والتنسيب، لا يمكن أن تنحصر في محض مجموعة إجراءات وقائية أو احترازية. إنها لا تنهض فقط على عقد اجتماعي أو على ما سماه اونفري بالعقد المحايث Contrat immanentبل على عقد ابستيمي وايطيقي جديد. وعليه، فالعلمانية إذ تنشأ في فضاء سياسي معقلن وديمقراطي، فإنها تفترض ايطيقا خاصة وكونا دلاليا ملائمين لإنسان منفصل عن الترميز الغيبي وعن الاستيهامات الألفية للعقائد. فلا مجال إذن، لعزل العلمانية عن إشكاليات الايطيقا والمعنى، كما لا مجال لتقسيم الأدوار المعرفية والسياسية بين العلمانية والخلقية الدينية. فالعلمانية غير ممكنة من غير تنسيب المعنى المفارق، ومن غير استشكال الأخلاق الدينية ومن غير تفنيد نظرية المعرفة اللاهوتية .
فمن الضروري التنصيص هنا، على استحالة تصور العلمانية في غياب أي تنسيب للأخلاق والمعنى العقديين. فالعلمانية إذ تقرّر الأسبقية الابستمولوجية والمنطقية للأخلاق على الدين، تحرّر الأخلاق من الاحتكار العقدي .
يقول لندريه كونت-سبونفيل :
(ليس الدين هو الذي يؤسّس الأخلاق؛ فالأخلاق هي التي تؤسّس وتبرّر الدين بالأحرى. لا أتصرّف جيّدا لمجرد أنّ الله موجود، فلأنني مطالب بالتصرّف جيدا يمكنني أن أحتاج - ليس لأكون فاضلا ولكن من أجل اجتناب اليأس - إلى الإيمان بالله).
)-André Compte – Sponville – présentations philosophiques- Albin Michel -2000- page . 26)
وكما أنّ العلمانية هي نتاج تكريس سؤدد الأخلاق وانتهاضها على مسوغات عقلية، فإنها كذلك وليدة،" تحييث"(من المحايثة) وتدهير المعنى، وقرض المعنى الميتافزيقي والدلالات المفارقة. فقد أضحى المعنى معللا ومشروطا ونسبيا، ومرتبطا بالفعالية الفكرية والحضارية للفرد وللمجموعات البشرية. لم يعد المعنى كلا مكتملا برسم الاستكشاف بعد معالجة هرمينوطيقية للنصوص المؤسسة، أو برسم السبر عبر قراءة مساقية أو سياقية للمتون أو برسم المعانقة بعد كشف صوفيّ أو إلهام ربّانيّ أو حدس عرفانيّ. فالمعنى ، سيرورة لا ماهية ناجزة، بناء متراكب مشروط بالمقتضيات الابستيمية والتاريخية للزمان الحضاري .
وهذا يناقض ما يذهب إليه عبد المجيد الشرفي، في قراءته التأنيسية للعلمانية:
(فوظيفة الدين عموما – ووظيفة الإسلام بامتياز – هي إضفاء المعنى على الحياة، وعلى المبدإ والمعاد، وهي بالخصوص ترسيخ إنسانية الإنسان والارتقاء به في المنزلة الحيوانية، وذلك باعتباره خليفة لله على الأرض، حرّا في اختياراته ومسؤولا مسؤولية فردية عن جميع أفعاله. ولذلك فإنّ كلّ حدّ من هذه الحرية ومن هذه المسؤولية هو مناف لحقيقة الدين وتكريس للوصاية على المؤمنين من قبل أشخاص أو مؤسسات تدّعي أنها مؤهلة أكثر من غيرها للتكلم باسم الله وللتعبير عن الإرادة الإلهية ).
(- عبد المجيد الشرفي – العلمانية ظاهرة سوسيولوجية ليست ضدّ الدين – ضمن – العلمانية في العالم العربي – منشورات الأحداث المغربية – الطبعة الأولى – 2007- ص. 114) .
فلئن عملت حداثة الأنوار قلب الالهياء إلى انسياء، واللاهوت إلى انثروبولوجيا، فإن التقريب التداولي للعلمانية يميل إلى تعويم المفاهيم والى الخلط بين المتصورات .
تميل العلمانية الرخوة إلى تقسيم إجرائي للأدوار بين الدين والحداثة، والى حصر الديني في الحيز الفردي الخاص أو في الإطار الطائفي المحدود؛ والحال أن الأديان مطبوعة على السريان في الماجريات الثابتة والمتحولة، وفي المسارات الفردية والجماعية، وفي كل خلايا النسيج المجتمعي. فالتحكم في المعنى النهائي وفي تشكيل خريطة الأخلاق، يعني التحكم في رسم مصائر الأفراد والجماعات؛ والحال أن الحداثة، تتأسس على تحرير المعنى من التعالي، وعلى فك الارتباط التاريخي بين الأخلاق والدين وبين المعرفة والغيب، قبل إقرار الفصل بين الزماني والديني. ومن هنا، فالعلمانية غير ممكنة في عالم دلالي محكوم بالقبليات وبالانطولوجيات العتيقة. إن للعلمانية شروط إمكان ابستمولوجية وايطيقية ووجودية، لا يمكن بدونها فهم جوهر الحداثة ولا إدراك المرجع الفكري للآليات العلمانية. يقول كانط :
(…فمثل هذا التعاقد الذي يتم بهدف إبعاد النوع البشري عن كل نور جديد يظل تعاقدا باطلا أصلا ولاغيا، حتى وإن صادقت عليه السلطة العليا والبرلمان ومعاهدات السلام المحاطة بالتقدير. لا يمكن لعصر أن يستحجر العصر الذي يليه ويقرر الزجّ به في وضع يمنعه من توسيع معارفه (خصوصا تلك التي تحظى باهتمامه الخاص) ومن تخليص هذه المعارف من الأخطاء ومن تقدمه على سبيل التنوير عموما. سيكون ذلك جريمة في حق الطبيعة البشرية التي يرتبط مصيرها الأصلي بهذا التقدم بالذات ).
(إيمانويل كانط – ما التنوير ؟ -ترجمة : مصطفى لعريصة – مقدمات – العدد : 31- خريف 2004- ص.12-13).
إنّ العلمانية حصيلة الانتقال من
إلى Idées transcendantes الأفكارالمفارقة، من معرفة غارقة في Idées transcendantales الأفكار الترنسندتالية
Transcendantaux "الترانسندنتاليات
( حسب تصور القديس توماس الاكويني والقديس بونافونتير ) إلى معرفة مشروطة بشروط الإمكان وبتحولات الإبدال النظرية والمنهجية، من القول باطلاقية الظاهرة الدينية إلى فك الاشتباك بين الظاهرة الدينية والإرادة الإلهية بما هي مجموع الطبيعة وقوانينها حسب تصور سبينوزا .
وانطلاقا من هذه الاعتبارات، فالمعنى والأخلاق يقعان في صميم العلمانية؛ إن العلماني لا يترفع عن معالجة إشكاليات المعنى والقيمة، كما يعتقد مداورو الفهم التقني للعلمانية أو رواد العلمانية المناضلة، بل هي تقع في عمق اهتماماته. وما الممارسة السياسية، إلا تحقيق عملي، للدلالية الوجودية والأخلاقية القابعة خلف الأداء السياسي. فالعلمانية لا تروم تحقيق التمفصل بين
و Transcendance absolue de l’ idéal التعالي المطلق للمثال
Immanence radical de l’ ici- bas المحايثة الجذرية للعالم الأرضي
كما يتأول ليك فيري المنجز الماركسي، إلا عرضا وفي سياقات تاريخية مشروطة بالتدافع بين الحداثيين والقداميين. كما لا تسعى إلى تأبيد العدمية باعتبارها وضعية ارتجاج كياني في صلب منظومة تقليدية مصحوب بصعوبة بناء بديل منظومي جديد وحديث. فالعدمية الأوروبية هي سمة وضع ثقافي انتقالي بين ابستيمية يهودية – مسيحية منتهية الصلاحية المعرفية
Epistémè postchrétienne والابستيمية المابعد مسيحية. فاستمرار حالة العدمية كما يعتقد ميشيل انفري هي التي تفرض ما سماه ليك فيري بـ: إعادة التهيئة العلمانية للديني
Réaménagement séculier du religieux
أي البقاء في إطار الاستصلاح الكانطي للمثالات اليسوعية، وإعادة بناء المجازات الإنجيلية بمفاهيم فلسفية واستدلالات منطقية وبراهين علمية. والحال أن العلمانية تتجاوز الإحداثيات التاريخية أو المواضعات السوسيو- ثقافية الخاصة بمنعطف تاريخي مطبوع بالتناهب بين الفرقاء الاجتماعيين والثقافيين وبغلبة العدمية أو بالاستصلاحات الفكرانية العابقة بالأريج الميتافيزيقي. فنظرية العقد الاجتماعي الروسوية لا تعني إقرار المحايثة في المجال السياسي فقط، بل انتهاء مدينة الله الاوغيسطينية والثيوقراطية، وبروز الحقل السياسي بوصفه فضاء محايثا منفتحا على الفعالية التدبيرية للفرد – المواطن، لا فضاء متعاليا لاستعراض الإملاءات الغيبية وفرض إرادة محتكري الرأسمال العقدي وتعزيز سلطة الكهنوت والجهاز الاكليروسي .
يقول محمد أركون:
(ما هي المتغيرات التي أدخلتها الحداثة بالقياس إلى هذا النمط من الاستيقاظ وتحقيق الشعور بالذات؟ لقد أحدثت الانتقال من مرحلة الشخص – المخلوق من قبل الله والمرتبط به عن طريق مديونية المعنى والقبول العاشق لأوامره ونواهيه، إلى مرحلة الشخص- الفرد – المواطن المرتبط بالدولة الحديثة عن طريق عقد اجتماعي وتشريعي ( أو قانوني)).
(- محمد أركون – الفكر الأصولي واستحالة التأصيل – نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي – ترجمة وتعليق : هاشم صالح – دار الساقي – بيروت- لبنان – الطبعة الأولى – 1999- ص .208).
ورغم الانجازات المعرفية للعلمانيين الكلاسيكيين، فإن العلمانية الرخوة حلت محل العلمانية الصلبة، وتراجع الاهتمام بتصليب البنيان النظري والتصوري للعلمانية، خصوصا بعد المراجعات الفكرية لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ومن المعروف أن استشكالات ما بعد الحرب العالمية الثانية طالت الفكرية والعقل الأنواريين أي أساسات الوضع الحداثي.
يقول محمد نور الدين أفاية في استعراضه لنقود رواد " النظرية النقدية " للعقلانية الأنوارية :
(يتحالف العقل والسلطة والنظام والواقع بشكل عضوي لمحاصرة الفرد والجماعة. وهذا التحالف تمت ترجمته في نسقين يختلفان في الأسلوب ولكنهما يلتقيان في الهدف. وهما الوضعية والهيغلية. وكلاهما يعبران عن شكل "بليد " ومشوه للعقل، الأول في ما سمي بـ"العقل الأداتي" للعلم والتقنية، والثاني بـ" العقل الموضوعي " للعقلانية ).
(محمد نور الدين أفاية – الحداثة والتواصل –في الفلسفة النقدية المعاصرة نموذج هابرماس – أفريقيا الشرق – الدار البيضاء- المغرب – الطبعة الأولى -1991-ص.32).
وأتت الحساسيات التفكيكية والاختلافية الما بعد حداثية، للانقضاض جينيالوجيا واركيولوجيا، على ميتافزيقا الحضور باسم مجاوزة الميتافزيقا واستكمال مشروع قلب الأفلاطونية النيتشوي. وهكذا، تضافرت الاستشكالات الاختلافانية والنسبانية والذرائعية، لفصل العلمانية عن فضائها الابستيمي وعن دعائمها النظرية والمنهجية .
لقد بقيت العلمانية أسيرة وضع معرفي ووضعية سياسية محددة من دون أن تقوي نظريتها ولا نسقها البرهاني والحجاجي؛ مما دفع مناهضيها، المعلنين أو المتنكرين، في المركز أو في المحيط، إلى اختراق نسيجها باسم العلمانية المفتوحة أو مابعد العلمانية أو العلمانية الايجابية أو تدريس الفعل الديني أو الحقوق الثقافية. ومن اللافت للنظر هنا، هو الموقف الارتكاسي ثقافيا لبعض أطياف اليسار، واصطفافها إلى جانب الانعزاليين الثقافيين. والحقيقة أن بعض تيارات اليسار قرأت الماركسية بمعزل عن جذورها الأنوارية، مما أصابها بالتضخم الإيديولوجي وبالضمور المعرفي؛ والضمور المعرفي لا يعني في هذا السياق إلا فتور الفاعلية النقدية والكفاءة التحليلية والانزياح عن الاختيارات الفكرانية التبسيطية مثل : الخصوصانية والنسبانية والتقليدانية والروحانية والاختلافانية …الخ.
وبدلا من إعادة تهيئة العلمانية، قبل الكثيرون، إما من باب التجديد الفلسفي اللاتاريخي أو من باب تفكيك ومجاوزة الميتافيزيقا الغربية، نزع الدينامية النقدية عن المفهوم، وإخضاعه لمقتضيات عالم ذرائعي إجرائي تداولي مضاد للمثال الأنواري جذريا. كما أقبل بعض اليساريين أو العقلانيين الارتكاسيين، على معانقة الميتافيزيقا الشرقية أو على الدفاع عن بسطها في الفضاءات الغربية، باسم المثاقفة أو الانفتاح على الأخلاقيات أو الحساسيات الطرفية. وتمثل مساندة بعض الإيديولوجيين الغربيين، "للحجابيين"، مؤشرا دالا على الانزياح الفكري الصريح عن التاريخ الفكري النقدي الغربي، وعن كل العقلانية النقدية، المسؤولة عن انبثاق الإنسية الحداثية. فالعلمانية الرخوة، الذرائعية، تصوّرا ورؤية، هي المسؤولة جزئيا، عن تشكل الغيتوهات الطائفية وعن اختلاجات التعددية الثقافية وعن انتشار اللامعقول الديني وسط شرائح لم تعتد النظر العقلي في أصول الديانات .
وقد ذهبت العلمانية الرخوة بعيدا في التسويغ والتسامح، إلى أن اصطدمت،
Inacceptable / inadmissible بما لا يمكن قبوله؛ فكلما استجابت العلمانية الرخوة لمطالب الفكرانيين التقليديين، إلا ازدادوا شراهة وتطلبا، وصاروا أعمق إيمانا بأعز أمانيهم: إسقاط الحداثة وتكريس الشرائع الكتابية كونيا.
ويعتبر المعنى النهائي أو المعنى الميتافيزيقي، والايطيقا الكونية أحد مجالات تسرب اللاتعلمن إلى الفكر المعاصر رغم التسليم بقوة وتجذر التعلمن في الفضاء الثقافي وفي مسام الجسد الاجتماعي الغربي .
يقول لوك فيري :
(لهذا السبب انطوت نهاية الشيوعية على فراغ أكبر مما قيل، فراغ لا يمكن ملؤه بايدولوجيا للاستعاضة، إلا إذا امتلكت نفس الفضائل الثيولوجية. ولكن هنا بالضبط تكمن نقطة الضعف: فأشكال تقدم العلمانية الموازية لأشكال تقدم الفردانية، تمنع من كل الجهات، عودة الدوغمائيات وحجج السلطة. فمع انهيار الماركسية، ليست الأفكار التي نشطت حياة الملايين من الأفراد هي التي نزعت عنها الصلاحية فحسب، بل كل رؤية ثيولوجية للسياسة. إننا لا نعبر ممرا فارغا، انكفاء مؤقتا إلى الحيز الفردي، منذورا لأن يكون عما قريب مبدلا بفعل انبثاق مشروع جديد كبير ايكولوجي أو آخر. ولكن، وبكل بداهة، الأزمة بنيوية، "تاريخية"، إن شئنا أن نقول ذلك، أي مرتبطة بقرض الفضاء المعلمن والديمقراطي، لكل أشكال التدينية التقليدية، بلا استثناء ).
(Luc Ferry – L’Homme –Dieu –ou le sen de la vie – Grasset /Fasquelle -1996-page -19)
ورغم ثبوت المفاعيل العلمانية في المسار الثقافي الغربي الحديث والمعاصر، فإن تصليب العلمانية ابستيميا وتقويتها فكريا، عبر تمثل مقتضيات السياق الحضاري الموسوم بالمثاقفة المفتوحة والتعددية الثقافية والعولمة الرمزية والثورة الجينية، بقيا دون المأمول فكريا وسياسيا. فبدلا من صياغة الوصايا العشر بلغة كانطية أو كانطية جديدة، أو البحث عن منافذ لإدخال الثيولوجيات الجديدة المتنكرة في ثياب ايثيقية أو ايكولوجية أو تداولية برغماتية، أو البحث عن ميثاق علماني جديد، كان من الواجب بلورة ما سمّاه ميشيل انفري بالعلمانية الدينامية أو التطورية أو الديالكتيكية .
أو Laïcité postmoderne وهذه العلمانية المابعد حداثية
Laïcité postchrétienne المابعد مسيحية
Athéisme postchrétien مرتبطة بنفاتية ما بعد مسيحية
.Ethique esthétique وبايطيقا اسطيطيقية
يقول انفري :
(لنبلور، منذ الآن، أخلاقا أكثر تواضعا ولكنها قادرة على إنتاج مفاعيل حقيقية. ليس ايطيقا البطل أو القديس، ولكن ايطيقا الحكيم ).
Michel Onfray – La puissance d’ exister – éditions Grasset /Fasquelle – 2006- page 119) .
ويكتسي هذا المطلب طابعا استعجاليا، بالنظر إلى الحراك العقدي بعد انهيار المنظومة الشيوعية، وانفجار المقدس، واختلال التوازن الفكري بين غربي موزع بين العدمية وتصفية تركة الموروث اليهودي – المسيحي وشرق يقرأ في العدمية الغربية أفقا وبشارة لتكريس اللاهوت الإبراهيمي بأدوات تقنية حداثية فائقة. فلئن تمكّن الغرب من نزع القداسة عن العالم، ورسّخ التدهير والدنيوة، فإنّ الفضاءات الثقافية الماقبل حداثية مازالت متشبّعة بأطياف التقديس والتعالي والترهين الرمزيّ المتكرّر للأفعال التدشينية والأساطير المؤسسة للمخيال الإبراهيمي .
يقول ماكسيم رودنسون :
(ففي البلدان الإسلامية، على العكس من العالم الغربي، اعتبر الكثيرون الالتجاء إلى الدين الوطني، اختيارا ممكن التحقق ومحفزا وذا مصداقية وحيويا. فالإسلام، كما قلنا، لم يتعرض لا للتآكل الداخلي ولا للاحتجاج الذين، دمرا، ببطء، قدرة الجذب الخاصة بالمسيحية).
Maxime Rodinson – L’islam : politique et croyance – librairie Arthème Fayard-1993- page .278-279)
Désenchantement du monde فالواقع أن نزع السحر عن العالم كما حدده ماكس فيبر، لم يطل سوى الفضاء الثقافي الغربي المعلمن، أما الفضاءات الثقافية الطرفية فمازالت غارقة في السيرورة الدورانية لتقديس وإعادة تقديس العالم. وبدلا من تعميم اللاتقديس ونزع القداسة عن الانطولوجيات القديمة، اختار بعض المفكرين الغربيين، الانفتاح اللامشروط عن الفكريات التقليدية، أو الاكتفاء بالتجريبانية المنهجية المترفعة عن الاحتراق بالقاع الرمزي لتلك الفكريات. وقد قادت الاستقالة المعرفية للأنتلجانسيا الغربية، إلى تكريس الطمأنينة الانطولوجية لممثلي الثقافات التقليدية. كما قاد الانزياح عن المثال الأنواري، إلى المسايرة الواعية أو اللاواعية للغير، الراغب في تعميم المثال العقدي كونيا .
وهكذا قاد ما سمّاه ميشيل انفري بفاشية الثعلب الغربية إلى دعم فاشية الأسد الإسلامية؛ كما قادت الاستقالة المعرفية للاستشراق إلى ترسيخ القبليات العقدية للنظيمة التراثية الإسلامية، والى الابتعاد عن المطلب الكوني للحداثة القاضي بتفعيل التعقيل في كل تجليات السلوك الإنساني.
فالعلمانية الرخوة أو المائعة، إذ تغرق في خدر معرفي وفي سذاجة سياسية، توفر كل عناصر انبثاق لاهوت جديد، يبدأ باستزراع الارتباك المفهومي وينتهي بتسويغ الابستيمية القروسطية .
لا جدال في ضرورة تجاوز العلمانية المناضلة، إلا أن البديل المطلوب، هنا والآن، لا يتمثل في التراجع عن الفعالية النقدية والتقضية للعلمانية بل بتقوية تلك الفعالية وتعميمها على سائر الثقافات، خصوصا بعد أن أبانت الفاشيات الطرفية عن قدرتها التدميرية والتقويضية وعن استحالة احتوائها معرفيا .
فتوسيع العلمانية وتجديدها، يقتضيان لا التضحية بجوهرها النقدي، بل شحذ كفاءتها الابستمولوجية وقدرتها التشريحية والتفكيكية للمنظومات المفارقة .
وتأسيسا على هذا، فإن مطالبة محمد أركون، بإعادة النظر في إشكالية العلمانية تصبّ موضوعيا في المصبّ اللانقدي اللااشكالي.
يقول محمد أركون في شاهد ملتبس معرفيا:
(وهكذا نرى أنه ضمن هذا المعنى فإن كلمة العلماني اخترعت في ظل الصراع على السلطة أكثر مما هو صراع على المعنى. أقصد الصراع الذي جرى في القرن التاسع عشر بين الكنيسة والدولة في فرنسا. وبالتالي فإن هذه الكلمة لم تعد كافية الآن. ويمكن القول بأنها أصبحت خادعة، بل وحتى خطرة ضمن مقياس أنها تقوم بنوع من الاستبعاد والحذف، هذا في حين أن الفكر الإنساني الحقيقي يدعو لإعادة التأهيل، والدمج، والمراجعات، وإعادة التقييم، والاستكشافات الجديدة، وتحقيق التقدم في مجال المفاهيم والمصطلحات، وانتهاك جميع الحدود الموروثة عن الماضي: أقصد الماضي الذي هيمنت عليه تأويلات اختزالية أو جدالية عن الأديان ).
( - محمد أركون – معارك من أجل الأسنة في السياقات الإسلامية –ترجمة وتعليق : هاشم صالح – دار الساقي – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى – 2001-ص . 290-291)
فنقد العلمانية على هذا النحو ينطوي على تغييب لا لتاريخيها فقط، بل لابستمولوجياها بالدرجة الأولى. كما أن الإصرار على ربط العلمانية بالصراع السياسي المحض، يتناسى العمق المعرفي والأخلاقي لإشكالية العلمانية. فما كانت العلمانية ممكنة، إلا بعد تنسيب الحقيقة الدينية وبعد اكتشاف تاريخية الكتاب المقدس وبعد بناء الذاتية فلسفيا. فكيف نراجع المسألة العلمانية، وواقع الحال ينطق بانبثاق المقدس المتوحش، واستمرار فتوحات العقل الاستطلاعي؟
يقول محمد أركون في شاهد آخر:
(يستحيل علينا الآن أن نؤسس لاهوتا معينا، أو فلسفة معينة، أو أخلاقا معينة، أو سياسة معينة على قاعدة العهد الأنطولوجي الثابت والدائم، اللهم إلا إذا قررنا أن نتجاهل نهاية تاريخ ما للفكر، ودخول العقل الاستطلاعي المستقبلي في مغامرة جديدة للشرط البشري ).
( - محمد أركون – معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية – ترجمة وتعليق : هاشم صالح – دار الساقي – الطبعة الأولى – 2001-ص . 36).
لن تساعد العلمانية المابعد حداثية المرغوبة، فقط على تسريع سير التاريخ والدفع بالعدمية الأوروبية إلى تجاوز الأفق المعرفي للكانطية والهيجيلية، بل ستساعد الأطراف الثقافية الممانعة على الخروج من استثنائيتها العقدية وعن تدبر جروحها النرجسية بحكمة غير شرقية هذه المرة! ولا سبيل إلى ذلك إلا بالانقطاع عن الخلط المفهومي وعن النسبانية الشتروسية وعن الاختلافانية التفكيكية المحابية للقدامة القروسطية .
يقول ميشيل انفري :
(لأنه بالتسوية بين كل الأديان والآراء النافية لها، كما تدعو العلمانية الظافرة حاليا إلى ذلك، نؤيد النسبانية: إننا نساوي بين الفكر السحري والفكر العقلاني، بين الخرافة والأسطورة والخطاب البرهاني، بين الخطاب الثوماتورجي والخطاب العلمي، بين التوراة وخطاب المنهج، بين العهد الجديد ونقد العقل المحض، بين القرآن وجينيالوجيا الأخلاق. وهكذا يصير موسى مساويا لديكارت ويسوع معادلا لكانط ومحمد نظيرا لنيتشه …).
(-Michel Onfray- Traité d’athéologie –Grasset / Fasquelle-2005-page 279) .
وحتى لا تستمر النسبانية والاختلافانية في تعويم الإشكاليات وفي محو الفوارق وإنكار المنجزات التاريخية والمعرفية للحداثة، لا بدّ من إعادة تأهيل العدّة الابستمولوجية للفكر العلمانيّ الحديث وتعميم حركة الاستشكال على كل الثقافات الطرفية، بلا استثناء، وتعميق مسارات العلمانية الصلبة باعتبارها ترياق أزمنة الحداثة الفائقة !
#إبراهيم_أزروال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|