|
قي نقد المسيحية الجزء الأول
الباحث راهب العلم
الحوار المتمدن-العدد: 2726 - 2009 / 8 / 2 - 10:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ساطع البرهان في فضح الأديان
دراسة نقدية لنصوص الأديان المقدسة
نقد المسيحية
الأناجيل الأربع وأعمال الرسل والعهد الجديد
الفهرس
مقدمة البحث
معنى كلمة الإنجيل في المسيحية مختلف عن المفهوم الإسلامي المغلوط
الباب الأول: تناقضات الأناجيل الأربع وأعمال الرسل والعهد الجديد كله عموماً النصوصية
والباب الثاني: مسائل متفرِّقة في المسيحية،وهو مجموعة مباحث شيِّقة للجميع ومثيرة للتساؤل
#المسألة الأولى: نصوص يورِدها الموحِّدون من الفرق القديمة المندثرة كالأبيونية والبوليانية والآريوسية والحالية مثل شهود يهوه، ومعهم المسلمون،والملحدون،اعتراضاً على تأليه يسوع ،أو إثباتاً لتناقض العقيدة والنصوص المسيحية
#المسألة الثانية: تسامح يصل إلى درجة الذل والمهانة والاستكانة للظلم والخضوع والإذعان وضياع الكرامة
#المسألة الثالثة: أقوال تدعو للتأمل والاستغراب والاستنكار
#المسألة الرابعة: مِنْ سِفر رؤيا يوحنّا مع مراعاة أنه رؤيا أو منام
#المسألة الخامسة: نصوص يهودية في إبطال الحلول(حلول روح الله أو الروح القدس في جسمٍ بشريّ)
#المسألة السادسة: هل لا أنبياء ولا رسل بعدَ المسيح
#المسألة السابعة: و إنْ بشَّرَكم ملاك
#المسألة الثامنة: إلغاء أحكام الناموس(أي التوراة،الشريعة)
#المسألة التاسعة: تناقض الكتاب المقدَّس في حكم شرب الخمر
#المسألة العاشرة: المسيحية والعبودية
# المسألة الحادية عشرة: اختلاف مذاهب المسيحية حولَ أسفار العهد القديم المُعْتَرَف بها
#المسألة الثانية عشرة: عنصرية بولس ضدَّ النسل الإسماعيليّ
#المسألة الثالثة عشرة: بولس يمدح سفَّاكي دماء الأطفال الرُضَّع
#المسألة الرابعة عشرة: تحريم المسيحية للطلاق
#المسألة الخامسة عشرة: بولس يعترف أنه يتلوَّن بكل عقائد الشعوب المختلفة،ليستدرجهم إلى دخول المسيحية،ويدعو المُبَشِّرينَ إلى نفسِ الفِعل
#المسألة السادسة عشرة: الكنيستان الأمان الكُبْرَيان في العالم تتبعان التقاليد الكنسية،وتخالفان تعاليم الكتابَ المقدّس وتعاليم بولس الرسول الذي يعتقدون به مرسلاً من الربِّ المسيح
#المسألة السابعة عشرة: إخوة المسيح،وهل تزوَّجَتْ السيدة "العذراء" من خطيبها يوسف النجَّار
#المسألة الثامنة عشرة: الغربيون وارتكاسة لعبادة الأصنام
#المسألة التاسعة عشرة: الاختلاف على العقيدة اللاهوتية
#المسألة العشرون: إنكار البروتستنت لشعيرة القربان المُقدَّس
#المسألة الحادية والعشرون: أوجه التشابه بينَ المسيحية والديانة الوثنية الجريكية الرومانية
#المسألة الثانية والعشرون : فكرة الأقانيم مأخوذة من الديانة المصرية القديمة (الفرعونية)
#المسألة الثالثة والعشرون: عذرية العذراء خرافة وأكذوبة بعد توضيح أخلاقنا اللادينية وأن قولي هذا أنا والملحدين وفقا لقيمنا الأخلاقية الاجتماعية ليس فيه إساءة لمريم أم يسوع ،وأن ابنها جاء من ممارسة جنسية إنسانية ككل الناس
#المسألة الرابعة والعشرون : عقيدة وفكرة (الكلمة) (The Logos) مسروقة ومأخوذة من الفلاسفة اليونانيين الذين كانوا قبل المسيحية ويسوع وكتبة الأناجيل ورسائل الرسل
وهناك باب ثالث لم أقُمْ به بعد عن دحض البشارات المزعومة عن تبشير كتاب العهد اليهوديّ بيسوع.
مراجع البحث
مقدمة
العهد الجديد،ويُسمَّى كذلكَ الإنجيل،أو البشارة _إن ترجمنا كلمة أنجيليوس اليونانية إلى العربية بمعنى البشارة بالمسيح الإله المُخَلِّص للبشرية من ذنوبهم عن طريق تحمل ذنوبهم وعقابهنَّ بأن عرَّضَ نفسَه وهو في الجسد البشري الذي تجسَّد فيه للصلب، جسد يسوع الناصريّ من مدينة الناصرة بفلسطين ،والذي يعتبره المسيحيون على أنه هو المسيح (المِسَيَا) المُبَشَّر به في العهد القديم لليهود،يُعتبر العهدُ الجديدُ الكتابَ المقدَّسَ لدى المسيحيين في كل أنحاء العالم،على اختلاف مذاهبهم،ولا خلافَ لديهم على نصوصه وكلماته وحروفه وعدد أسفاره وآياته،على عكس اختلافهم في العهد القديم،ويشكِّل العهد القديم أو الكتاب اليهودي مع العهد الجديد،ما يُسمِّيه المسيحيون الكتابَ المُقدَّس.
يتكوَّن العهد الجديد من الأسفار أو الكتب التالية:
إنجيل متَّىَ،إنجيل مرقس،إنجيل لوقا،إنجيل يوحنا،أعمال الرُسُل،رسائل بولس الرسول وهي أربع عشرة رسالةً لمناطق مختلفة من العالم الذي بدأت تنتشر فيه المسيحية وبمعنى أدقّ لكنائس تلك البلدان والتي كانت سرية بسبب اضطهاد الرومان واليونان الوثنيين المتعصِّبين واليهود المتعصِّبين في منطقة اليهودية بفلسطين ،ورسائل بولس الرسول _ويُسمَّى بولس الطرسوسيّ نِسبةً إلى طرسوس وكان أبوه يهودياً رومانياً_ هي :الرسالة إلى أهل رومية،الرسالتان الأولى والثانية إلى أهل كورنثوس، الرسالة إلى أهل غلاطية(جلاطية) ،الرسالة إلى أهل أفسس ،الرسالة إلى أهل فيلبي،الرسالة إلى أهل كولسي،الرسالتان الأولى والثانية إلى أهل تسالونيكي ،الرسالتان الأولى والثانية إلى تيموثاوس ،الرسالة إلى تيتس،الرسالة إلى فيلمون ،الرسالة إلى العبرانيين ،ثم رسائل تلاميذ المسيح الرسل وهي: رسالة يعقوب ،ورسالتي بطرس الرسول الأولى والثانية ،ورسائل يوحنا الرسول الثلاث،ورسالة يهوذا وهو من تلاميذ المسيح وهو غير يهوذا الإسخريوطيّ،وآخر الأسفار رؤيا منامية ليوحنا عن أحداث آخر الزمان وتفاصيل يوم الحساب وقيامة الأجساد ووصف الجنة والجحيم وهو سفر يتسم بغموض معناه وأنه في معظمه لا يترتَّب عليه أحكام شرعية أو واجبات دينية أو تحركات سياسية ،ويُسمَّى سفر رؤيا يوحنا اللاهوتيّ.
العقيدة المسيحية لا يستطيع فعلاً فهمها أكمل الفهم من كان لم يولد مسيحياً (مسلم سابق مثلي مثلاً) إلا إن درس العهد القديم لسنة أو أكثر على أقل تقدير،ثم درس العهد الجديد لشهور ليس أقل من شهرين،ثم يحتاج لاستماع رجل دين مسيحي كثيراً جداً على قنواتهم الفضائية ليفهم ما هي تلك العقيدة المعقدة ومضمونها وما تعنيه بالضبط،وإلا لن ينجح من يقرأ العهد الجديد في فهم معظم الكلام والمقصود به،مثلاً لن يفهم لماذا حسب القصة يفعل المسيح ما يفعله،ولماذا صُلِبَ وبأي هدف حسب القصة،وما معنى الإشارات عن نصوص وبشارات مزعومة ومدعَّاة لنصوص سبقت في كتاب العهد القديم اليهودي، يزعم كتبة العهد الجديد أنها إشارات للمسيح الذي بشَّرَ به الكتاب العبريّ،وأن المسيح هو هذا الشخص الأسطوريّ المنتظَر [والذي يوازي دور المهديّ المنتظَر لدى المسلمين] في المفهوم اليهودي الذي يتناقض تماماً مع المفهوم المسيحي حيثُ بشَّرت نصوص كتاب اليهود بشخص وقائد يهودي عسكري وحاكم يحكم بالشريعة اليهودية وتنتشر في عهده اليهودية في كل الأرض،ويتوسَّعون في كل أراضي الشعوب العربية،ثم لن يفهم القارئ أي شيء عن معاني ومقاصد ومضامين كلام بولس وبطرس وغيرهما في رسائلهم. وهذا أمرٌ حتميّ لعدم سهولة فهم واستيعاب تلك العقيدة إلا للدارس بعناية وتمهل ووقت طويل. وإلا سيكون كمن يفتح رواية ويقرأ الجزء الأوسط فيها ويقرؤه بعناية ويترك البداية والنهاية،ويقول مشتكياً غاضباًَ :لم أفهم شيئاً. عندها أقول له: ما فهمتَ ولن تفهمَ أبداً مهما حاولتَ!
كالعادة_أقصد مثلَ العهدِ القديم _ تقسيم العهد الجديد كالتالي:
كل سِفر يتكوَّن أو ينقسم إلى إصحاحات،
وكل إصحاح ينقسم إلى آيات أو تسمَّى أعداد.
ويقال مثلاً سفر كذا:إصحاح رقم كذا:عدد رقم كذا
مثلاً إنجيل يوحنا:الإصحاح4:الآية أو العدد 4
تكتبها هكذا:
يوحنا4: 4
أو تُكتَب اختصاراً كذلكَ يو4:4
معنى كلمة الإنجيل في المسيحية مختلف عن المفهوم الإسلاميّ المغلوط
بقيَ أن نقول توضيحاً للأناجيل الأربعة وماهيتها لدى المسيحيينَ، هم _على خلاف ما يحسَب المسلمون_ لا يعتقدون بكتاب أُنزِلَ بحروفه وكلامه من السماء من عند الله على المسيح،إطلاقاً،بل يعتقدون أن تلاميذ المسيح الذينَ شاهدوه وعاصروه وسمعوا لكلامه،ووضُحَ لهم الهدف من تعاليم المسيح،والأخلاق التي دعا لها،والديانة التي كان يدعو لها لتكون بديلاً لليهودية وتعصبها وعقوباتها الدموية وعنصريتها وصعوباتها الكثيرة من تحريمات الأطعمة والطقوس الكثيرة والمعقدة بلا داعٍ في ظل عصر أكثر حداثة،ما جعلها لا تنتشر أبداً في أي يومٍ من الأيام على أي نطاق واسع ولو نسبياً،ودائماً كان عدد أتباعها محدوداً جداً وتعتبر ديانة بالوراثة العائلية والقومية في معظم الأحوال وتواريخ الأيام ،ثم حادثة صلبه التي شاهدوها حين أصرَّ اليهودُ على قتله كمرتدٍّ عن شريعة اليهود وعقيدتهم بما دعا إليه من نقض وإلغاء للتشريعات اليهودية الغاشمة والبدائية والهمجية،وادعائه أكثر من مرة بشكلٍ غامض أنه الرب متجسِّداً،وتنبئِهِ كما تزعم الأناجيل أن الهيكل سيُهدَم ولا يترك منه حجر على حجر وهو ما حدث في عهد تيتوس الرومي بعد سنين من موت المسيح كما تزعم القصة. وادّعَوْا حسبَ عقيدتهم أنه ما صُلِبَ إلا عن إرادتِه كإله عظيم كمن يتحمَّل عقوبةً متطوِّعاً بدلَ شخصٍ آخر،فهكذا هو عرَّض نفسه في شكلٍ بشري للآلام البشِعة حتى مات الجسد البشريّ من التعذيب البشع،ثم صعد إلى السماء في شكل الرب،أما الجسد الإنساني ليسوع فقد قام من التراب وصعد إلى أبيه الرب،مع أن يسوع هو نفسه الرب! وهكذا فكل من آمنَ به مُخلِّصاً للبشر من ذنوبهم إلهاً تجسَّد وصُلِبَ عن قصدٍ على الصليب الخشبيّ في منطقة الجلجثة بأورشليم على يد الرومان بسبب تحريض وثورة اليهود ومطالبتهم للحاكم بقتله،حتى لو ارتكب هذا المؤمن الخطايا والآثام التي نهى عنها المسيح لكنه حاول قدر استطاعته الالتزام بروح المسيحية وتعاليم وأخلاق روح القدس وما يتماشى مع قبول المسيح من أخلاق والتزامات وتعاليم ،فعفا عنه الربُّ وأدخله جنتَه في نعيم الروح الأبديّ بفضل نعمة الخلاص،أو التبرير،أي تحمل الرب السابق لذنوبهم بنفسه حين قام بالتكفير عنها بعذابه ودمه على الصليب،فالرب قد قام بشكل سابق ومقدّماً بتحمل كل تلك الذنوب وتلقيّ العقوبة عنها بنفسِه، وهكذا صالحَ الربُّ نفسَه بنفسِه،وجعل من يقوم بتحمل عقاب تلك الخطايا هو نفسه، وبذلك صالح نفسَه بنفسه،وألغى الناموس أي شريعة التوراة التي كانت عداوة ومهلكة للبشر،حيث أنهم إن لم يلتزموا بها دخلوا جهنم،أو كما يقول بولس الرسول: أبطلَ بجسده عداوةَ الناموس،جاعلاً الاثنيْنِ واحداً،أي جمع روح الله في جسد الإنسان يسوع.
كتبوا عقيدتهم وأساطيرهم عن المسيح ومعجزاته تلك ،وكل من التلاميذ كان قد سمع تعاليم يسوع الناصريّ ووعاها ،وما فيها من حِكم وأمثال وتعاليم أخلاقية سامية وتغييرات وثورة على اليهودية،والمعجزات الخيالية التي يزعمون أنهم شاهدوه وهو يفعلها وهي كثيرة جداً ومذكورة في الأناجيل كإطعام الجمع الكثير بطعام قليل وإحياء الموتى وشفاء المرضى كالملبوسين بالجنّ والمفلوجين أي الشلل النصفي والمشلولين والمحتضرين والنازفين نزيفاً لا ينقطع والصُمّ والخُرس والعميان.....إلخ وغيرها من عشرات المعجزات المنسوبة المزعومة له،كل واحد كتبَ كتاباًً ليُبَشِّر الناسَ وكلَّ البشرية في كلِّ أصقاع المسكونة أي الأرض بهذا الخبر والحقيقة السارّة عن الربّ الذي فداهم من خطاياهم بآلامه وعذاباته البشرية على الصليب ،وأنه يعرف ما يشعرون به كلَّه لأنه جرَّبَ الشعورَ البشريَّ في هذا التجسّد ،وعن عظمة هذا الرب حسب هذه القصة والعقيدة الذي جعل نفسَه وهو الجبّار يجرِّب شعور من هو عباده وأدنى منه رغمَ عدم اضطراره لهذا ، وإنما فعله من أجل محبته للبشر أبنائه اللذينَ خلقهم.
وهكذا أربع أشخاص كتبوا بأساليب مختلفة وبألفاظ مختلفة،ما بين من كتب بأسلوب يفتقر إلى التنظيم والأسلوب الأدبيّ المحترِف لكنه جيد مقبول،ومن كتبً باحترافية أديب بارع في اللغة اليونانية،ومن كتبَ باختصارٍ ولم يُطِل،ومن جعل إنجيلَه أطول وأكثر تفصيلاً وتعاليمَ وحكايا،إلا أنه عموماً الكل يحتوون على نفس القصص والجوهر والتعاليم نفسها ونفس بنيان القصة والحبكة والأحداث والهدف النهائي أو خاتمة القصة ونفس روح الديانة ومعانيها العقائدية ومفاهيمها الروحية عن الصلب الفداء والخلاص. رغم ما بينهم من تناقضات كثيرة كما سنرى.
إذن كتبَ ثلاثةٌ من تلاميذِ المسيحِ أنفسهم وهم متَّى العشَّار سابقاً أي جامع الضرائب للدولة الرومانية من اليهود،ومرقس تلميذ المسيح،ويوحنا أصغر وأحبّ تلاميذ المسيح،والرابع هو لوقا من الذين لم يروا المسيحَ ولكنْ عاصرَ تلاميذَه ورسلَ المسيحية ومنهم بولس أكبر الدعاة والرسل، كتب إنجيل لوقا بعد إذ بحث وجمعَ الأخبار ممن سمعوها إنجيلاً،وكتب كذلك سفر أعمال الرسل وكيف قاموا بالدعوة بعد المسيح وسير حياتهم وما تعرّضوا له من سجن أو قتل أو اضطهاد. لوقا هو طبيب أنطاكيّ أصلاً مُتَحدِّث طلق باليونانية ومُتَمَكِّن جداً من دراسة الكتاب اليهوديّ ونصوصه ببراعة وتلميذ لبولس.
كل واحد من الأربعة أرادَ تبليغَ البشارةِ أو الخبرِ السارِّ(أنجيليوس) أو الإنجيلِ ،فكتبَه، ودعا له وأخبرَ وبشَّر به ،فسُمِيَ كلُّ كِتاب من الأربعة باسم بشارة فلان أو باليونانية إنجيل فلان.
وهكذا فليس المقصود في المسيحية بالبشارة أو الإنجيل ،كتاباً معيَّناً أُنزِل من عند الربِّ،بل هو البشارة أو التبشير أو الدعوة إلى المسيحية،وإعلان الخبر السارّ أو البشارة أو إعلان المسيح أي دعوته وتعاليمه وإخباره عن حقيقة نفسه وإعلانه عن الهدف من صلبه.
وأنا كمسلم سابق كنتُ مخدوعاً بهذه النقطة،إذ ليس المقصود بالإنجيل كتاباً كالتوراة أنزِل من السماء أو تمت كتابته بنصوصه وحروفه،ثم اختلفوا عليه،وأصبح أربع أناجيل كل واحد يقول كلاماً ونصوصاً غير الآخر.وأن المسيحية ليست عقيدة أصلية للإنجيل الأصلي.
فليتأمِّلْ المسلمونَ بالذات النصوصَ التالية بتركيزٍ شديد:
(31وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ. 32وَقَالَ الْقَوْلَ عَلاَنِيَةً. فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ. 33فَالْتَفَتَ وَأَبْصَرَ تَلاَمِيذَهُ، فَانْتَهَرَ بُطْرُسَ قَائِلاً: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ! لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا ِللهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاس.>>
34وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ:«مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. 35فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا. 36لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ 37أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ 38لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فِي هذَا الْجِيلِ الْفَاسِقِ الْخَاطِئِ، فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَسْتَحِي بِهِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِ أَبِيهِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ».) مرقص 8: 31-38
وكما نرى واضح من سياق الفقرة أنه يتكلم عن التبشير بنفسه وليس عن كتابٍ ما.
(9وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ. 10وَلِلْوَقْتِ وَهُوَ صَاعِدٌ مِنَ الْمَاءِ رَأَى السَّمَاوَاتِ قَدِ انْشَقَّتْ، وَالرُّوحَ مِثْلَ حَمَامَةٍ نَازِلاً عَلَيْهِ. 11وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ:«أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ.>>
12وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ الرُّوحُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، 13وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُهُ.
14وَبَعْدَمَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللهِ
15وَيَقُولُ:«قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ».) مرقس1: 9-15
يقول بولس أكبر دعاة الثالوث والصلب:
(11إِنْ كُنَّا نَحْنُ قَدْ زَرَعْنَا لَكُمُ الرُّوحِيَّاتِ، أَفَعَظِيمٌ إِنْ حَصَدْنَا مِنْكُمُ الْجَسَدِيَّاتِ؟ 12إِنْ كَانَ آخَرُونَ شُرَكَاءَ فِي السُّلْطَانِ عَلَيْكُمْ، أَفَلَسْنَا نَحْنُ بِالأَوْلَى؟ لكِنَّنَا لَمْ نَسْتَعْمِلْ هذَا السُّلْطَانَ، بَلْ نَتَحَمَّلُ كُلَّ شَيْءٍ لِئَلاَّ نَجْعَلَ عَائِقًا لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ. 13أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الأَشْيَاءِ الْمُقَدَّسَةِ، مِنَ الْهَيْكَلِ يَأْكُلُونَ؟ الَّذِينَ يُلاَزِمُونَ الْمَذْبَحَ يُشَارِكُونَ الْمَذْبَحَ؟ 14هكَذَا أَيْضًا أَمَرَ الرَّبُّ: أَنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَ بِالإِنْجِيلِ، مِنَ الإِنْجِيلِ يَعِيشُونَ. 15أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَسْتَعْمِلْ شَيْئًا مِنْ هذَا، وَلاَ كَتَبْتُ هذَا لِكَيْ يَصِيرَ فِيَّ هكَذَا. لأَنَّهُ خَيْرٌ لِي أَنْ أَمُوتَ مِنْ أَنْ يُعَطِّلَ أَحَدٌ فَخْرِي16لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ. 17فَإِنَّهُ إِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ هذَا طَوْعًا فَلِي أَجْرٌ، وَلكِنْ إِنْ كَانَ كَرْهًا فَقَدِ اسْتُؤْمِنْتُ عَلَى وَكَالَةٍ. 18فَمَا هُوَ أَجْرِي؟ إِذْ وَأَنَا أُبَشِّرُ أَجْعَلُ إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ بِلاَ نَفَقَةٍ، حَتَّى لَمْ أَسْتَعْمِلْ سُلْطَانِي فِي الإِنْجِيلِ. 19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرًّا مِنَ الْجَمِيعِ، اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ. وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ. 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ ِللهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ، لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَال قَوْمًا. 23وَهذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ، لأَكونَ شريكاً فيه.) كورنثوس الأولى9: 11-23
وواضح تماماً أن المقصود بالإنجيل الذي سيكون شريكاً فيه،أي التبشير بالمسيحية الذي يشارك بدورٍ فيه،وليس له معنى آخر،وقوله أجعل إنجيل المسيح بلا نفقة،وقد كان يتكلم في آية قبل هؤلاء الآيات عن وضع مرتب للقسس والدعاة،لأن من يعيش للإنجيل يعيش به كما قال،لكنه يقول أنه كان يعمل بجوار تبشيره لكي لا يضطر لأخذ أي مالٍ مقابلَ دعوته من المسيحيين
(27فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ وَرَأَيْتُكُمْ، أَوْ كُنْتُ غَائِبًا أَسْمَعُ أُمُورَكُمْ أَنَّكُمْ تَثْبُتُونَ فِي رُوحٍ وَاحِدٍ، مُجَاهِدِينَ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ لإِيمَانِ الإِنْجِيلِ) فيلبي1: 27
وفي رسالة أخرى له:
(21وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ 22فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ، 23إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ، مُتَأَسِّسِينَ وَرَاسِخِينَ وَغَيْرَ مُنْتَقِلِينَ عَنْ رَجَاءِ الإِنْجِيلِ، الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ، الْمَكْرُوزِ بِهِ فِي كُلِّ الْخَلِيقَةِ الَّتِي تَحْتَ السَّمَاءِ، الَّذِي صِرْتُ أَنَا بُولُسَ خَادِمًا لَهُ.) كولسي1: 21-23
وهذه الجملة بالذات توضِّح بما لا يدع مجالاً للشك ما المقصود وما استعمال كلمة إنجيل لدى المسيحيين ولدى بولس نفسه وهو المؤسِّس الثاني للمسيحية وفلسفتها بعد المسيح ويعتبرونه ويعتقدونه رسولاً من الرب المسيح وهو هنا يتكلَّم عن [الإيمان بالبشارة] أي بشارة فداء الرب لهم من الصلب(=رجاء الإنجيل) الرجاء أي الإيمان بالقيامة والثواب والأمل والإيمان بذلك، و(سمعتم به) أي تمَّ إبلاغكم به وتبشيركم بهذه المعلومة أو هذا الخبر السارّ ،وهذا الخبر أو البُشْرَى هي: (قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ 22فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ، 23إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ).
ويقول في رسالة أخرى:
(12وَلكِنْ لَمَّا جِئْتُ إِلَى تَرُوَاسَ، لأَجْلِ إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، وَانْفَتَحَ لِي بَابٌ فِي الرَّبِّ، 13لَمْ تَكُنْ لِي رَاحَةٌ فِي رُوحِي، لأَنِّي لَمْ أَجِدْ تِيطُسَ أَخِي. لكِنْ وَدَّعْتُهُمْ فَخَرَجْتُ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ.) كورنثوس الثانية2: 12-13
واضح تماماً كالشمس وخرطوم الفيل أن الرجل يتكلَّم عن أنه ذهب إلى المدينة لأجل التبشير بالمسيح،وتعاليمه،وصلبه،لأجل إنجيل المسيح،أي بشارة المسيح أو البشارة بالمسيح،مصلوباً ومخلِّصاً أي فادياً للبشر.
ويقول في نفس الرسالة السابقة:
(1مِنْ أَجْلِ ذلِكَ، إِذْ لَنَا هذِهِ الْخِدْمَةُ كَمَا رُحِمْنَا لاَ نَفْشَلُ، 2بَلْ قَدْ رَفَضْنَا خَفَايَا الْخِزْيِ، غَيْرَ سَالِكِينَ فِي مَكْرٍ، وَلاَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، بَلْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ، مَادِحِينَ أَنْفُسَنَا لَدَى ضَمِيرِ كُلِّ إِنْسَانٍ قُدَّامَ اللهِ. 3وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، 4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ. 5فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ. 6لأَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ:«أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ»، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.) كورنثوس الثانية 4: 1-6
والكلام هنا ومعناه وسياقه واضح لكل من يفهم،إنجيل مجد المسيح: أي البشارة بعظمته في موضوع إيمان الصلب والفداء،ثم معجزات قيامته المزعومة المهولة من الأموات والمجد الذي كان معه كما ذُكِر في الأناجيل من انشقاق غطاء حجاب الهيكل وقيام أموات ساروا في المدن وظهوره للكثيرين...إلخ،ويقول بوضوح أن تبشيرهم بالمسيح قد يكون غير مقبول ولا مفهوم روحياً وعقلياً لمن هم قساة القلوب من الوثنيين واليهود حسب تفسير الآية والرؤية الشخصية العقائدية للرسول والداعية المسيحي بولس، ثم انظر قوله (إنجيلنا) فهو إنجيلهم أي تبشيرهم ودعوتهم للمسيحية وللمسيح الرب حسبما يعتقدون،ولو كان المقصود كتاباً من عند الله لكان قالَ إنجيل الله،مثلما المسلمون لا يقولون قرآننا أو أحاديثنا أو قرآن محمد،بل يقولون: قرآن الله أو القرآن وأحاديث محمد r أو الأحاديث النبوية. ولا يقولون مسلم لمسلم دعني أقرأ عليكَ قرآني أو أحاديثي. أما قوله إنارة إنجيل مجد المسيح فمعناها واضح أي التبشير،لأن الإنجيل بمفهومه الإسلامي هو إنجيل الله وليس إنجيل المسيح وإلا لكانَ المسيح عيسى عندها مجرَّدَ مدعٍ للنبوة كاذب وكان الإنجيل كلامَه وهو ما لا يقوله الإسلام بل الإسلام في قرآنه يُصِرّ أنه كلام الله المنزَّل على المسيح،فهو حسبما يظنون ويعتقدون ليس كلام المسيح.
وهذا ما يكذِّبه العهد الجديد نفسه تماماً لأنه كلام المسيح! وإن كان كلاماً إلهياً عن نفسه وعن الآب بمفهومه النصرانيّ.
أما قوله إله هذا الدهر فتعبير مجازيّ عن الشيطان وشهواته والذي يسيطر على الدنيا بالشهوات الدنيوية(=العَالَمِيَّة)،وأن أكثر الناس اتخذوه إلهاً لهم هو وشهواتهم دوناً عن الله الذي سيعاقبه وسيعاقبهم.
ويقول بولس الرسول في رسالة له:
(8هكَذَا إِذْ كُنَّا حَانِّينَ إِلَيْكُمْ، كُنَّا نَرْضَى أَنْ نُعْطِيَكُمْ، لاَ إِنْجِيلَ اللهِ فَقَطْ بَلْ أَنْفُسَنَا أَيْضًا، لأَنَّكُمْ صِرْتُمْ مَحْبُوبِينَ إِلَيْنَا. 9فَإِنَّكُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ تَعَبَنَا وَكَدَّنَا، إِذْ كُنَّا نَكْرِزُ لَكُمْ بِإِنْجِيلِ اللهِ، وَنَحْنُ عَامِلُونَ لَيْلاً وَنَهَارًا كَيْ لاَ نُثَقِّلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ.) تسالونيكي الأولى2: 8-9
والمعنى واضح من قوله نعطيكم إنجيل الله أي البشارة وليس المقصود أنهم سيعطونهم كتاباً ويجلسون بعدها مستريحين مسترخين وقد أنجزوا مهمة الدعوة والتبليغ بالديانة!
وربما يسألني سائلٌ من المسلمين العلماء،وما معنى قول بولس:
(6إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيل آخَرَ! 7لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ. 8وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا»! 9كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضًا: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا»! 10أَفَأَسْتَعْطِفُ الآنَ النَّاسَ أَمِ اللهَ؟ أَمْ أَطْلُبُ أَنْ أُرْضِيَ النَّاسَ؟ فَلَوْ كُنْتُ بَعْدُ أُرْضِي النَّاسَ، لَمْ أَكُنْ عَبْدًا لِلْمَسِيحِ.) غلاطية1: 6-10
أقول لعالم الأديان المسلم يا سيدي العزيز أنتَ تعلم أن بولس هو أكبر دعاة المسيحية ومفاهيمها عن الثالوث والابن والأب وروح القدس،والصلب والإله المتجسِّد والفداء للبشرية،فلن يأتيَ إذن بولس من منظوركم الإسلاميّ ليدافع عن الإنجيل الأصلي الغير مُحَرَّف الذي تزعمون وجودَه، هذا أولاً. ثانياً: المقصود بإنجيل آخر أو تبشير آخر هو قيام تبشيرات ودعوات باطلة منحرِفة وفقاً للعقيدة المسيحية عن المسيحية مثل بشارة وكرازة بالختان، والمسيحية ألغَت الختان الذي كان واجباً على كل ذكور اليهود، بل وحذّرت وحرّمت الختانَ على ما سنذكره في بحثنا عن المسيحية في الجزء الثاني من البحث بعنوان (مسائل متفرِّقة ) أو متنوِّعة،أو الدعوة لإتباع المسيحية مع تقديس السبت وعدم العمل فيه والقيام بالشعائر والقرابين والأعياد اليهودية التي ألغتها المسيحية، ثم هل قرأتَ بقيةَ الكلام الذي بعدَه أم اجتزأتَ ما يعجبكم ويمشي على هواكَ مبتسراً الكلامَ من مضمونه:
يقول بولس بعدها مباشرةً في نفس الرسالة:
(11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 13فَإِنَّكُمْ سَمِعْتُمْ بِسِيرَتِي قَبْلاً فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ، أَنِّي كُنْتُ أَضْطَهِدُ كَنِيسَةَ اللهِ بِإِفْرَاطٍ وَأُتْلِفُهَا. 14وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي. 15وَلكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ 16أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْمًا وَدَمًا 17وَلاَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الرُّسُلِ الَّذِينَ قَبْلِي، بَلِ انْطَلَقْتُ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ أَيْضًا إِلَى دِمَشْقَ.) غلاطية1: 11-17 .......إلى آخر كلام بولس في الفقرة
فما معنى قوله عن إنجيل يبشِّر به بعدَ موت المسيح،أليس المقصود القصة المشهورة في أعمال الرسل عن ظهور الرب له وتكليمه له،وإصابته بالعمى المؤقَّت عدةَ أيام،كما جاء في رسالة لبولس وفي أعمال الرسل وسنذكر طرفاً منه،وأنهم يعتقدون في بولس كما نعلم رسولاً أبلغه الرب كلاماً ليُبَلِّغَ به وأفهمه جوهرَ المسيحية،وأبلغ كلاماً وتعاليم وشرحاً ومفاهيمَ إضافية لم يقلها المسيح مثل مفهوم أجساد القيامة أو الأجساد الممجدة وإباحة كل المأكولات واللحوم ما عدا الدم وما ذُبِحَ للأوثان والزنا وعبادة الأصنام...الخ ، وتغطية المرأة لرأسها حينَ الصلاة في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس11: 1-16،وهيكل كهنوت الكنيسة ومناصبها،وطرق اختيار الشمامسة والأساقفة وغيرها من تعاليم.
ورسائل بولس الرسول تساوي تقريباً نصف عدد صفحات العهد الجديد، مثلما تساوي الأناجيل الأربع تقريباً نصف العهد الجديد.
وهل يعتقد المسلمون أو حتى المسيحيون أنفسهم بكتاب أُنْزِلَ بعدَ المسيح على بولس،وهو يقول صراحةً لم يُعَلِّمه إياه أحد بل الرب (المسيح) نفسه من علَّمَه له.
إذن قبل بحثي عن المسيحية،أردتُ أن أحاولَ شرحَ المسيحية وما هو العهد الجديد وما مفاهيم ومكوِّنات العقيدة المسيحية،وما قصة المسيح المزعومة في الإنجيل،وما مفهوم الإنجيل ،وكلمة إنجيل بالمناسبة لا تُطْلَق فقط على أيٍّ من الأناجيل الأربعة فقط،بل وعلى العهد الجديد كله،وعلى عملية التبشير والدعوة نفسها إلى المسيحية.
فهل نجحتُ وحالفني التوفيق في شرح العقيدة المسيحية لمن لا يعرفها بشكلٍ موجز أشكّ في هذا، فهي أعقد من ذلك، وقصصها ومعتقداتها طويلة.
يتبع
#الباحث_راهب_العلم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الديمقراطية وتعاطي الحركات الإسلامية معها
-
فرنسا: الشرطة تداهم معهدا لدراسات الشريعة في إطار تحقيق للاش
...
-
نشطاء يهود يقتحمون مبنى البرلمان الكندي مطالبين بمنع إرسال ا
...
-
بيان جماعة علماء العراق بشأن موقف أهل السنة ضد التكفيريين
-
حماة: مدينة النواعير التي دارت على دواليبها صراعات الجماعات
...
-
استطلاع رأي -مفاجىء- عن موقف الشبان اليهود بالخارج من حماس
-
ولايات ألمانية يحكمها التحالف المسيحي تطالب بتشديد سياسة الل
...
-
هل يوجد تنوير إسلامي؟
-
كاتس يلغي مذكرة -اعتقال إدارية- بحق يهودي
-
نائب المرشد الأعلى الإيراني خامنئي يصل موسكو
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|