فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 830 - 2004 / 5 / 10 - 05:38
المحور:
الادب والفن
كان يعلِّمُنا في الليلْ
المواقفَ ، والبكاءَ في حضرةِ الحاجةِ ،
و يفسِّرُ
كيف أنّ المخاطباتِ الداديّةَ
تفرِّغُ ساعةَ الرُّدهةِ من الأرقامْ ،
وتُحرِّضُ صبيَّ البوابِ
أن يدفعَ الجريدةَ تحتَ بابِ البيتِ ،
ويركضَ صوبَ الحديقةِ
ليلحقَ أباه الذي برَحَ موقعَه
كي يراقبَ الشرفةَ من زاويةٍ أفضلْ.
الشَّيخُ
الذي تعلَّمَ على ديكارتْ ،
أوقفَنا في الليلِ وقالْ:
الذي دمجَ الهندسةَ بالجبرِ كان مُغفّلاً
لأن الأتربةَ التي تتكونُ
في الفراغِ بين الفستانِ والجلدْ
تقدِّمُ برهانًا مقبولاً
على جوازِ الإدانةِ بأثرٍ رجعيّ
و تضعُ الفلاسفةَ في حَرَجٍ بالغْ
لأنهم عجزوا عن تفسيرِ دموعِ البنتِ
يومَ عُرسِها.
فمَرَّةً ،
كتبتِ البنتُ في ورقةِ الإجابةِ :
المسافةُ بين العُنُقِ والقدمين
نتوءاتٌ في النصِّ
لابدَّ من اختزالِها ما أمكن،
فمالت الأمُّ عليها
و تكلمتْ بإيجازٍ
عن الرَّجلِ الذي يغزلُ النولَ وراءَ البحرِ،
ثمَّ رمقتْ ساعتَها،
و مضتْ إلى " أحمد عكاشة "
حيثُ محاضرةٌ
عن " إلكترا والعُصابُ الفُصاميّ " ،
و مرَّةً ،
كان الشيخُ يأتي كلَّ شهرٍ
بمجموعةٍ شعريةِ وفتاةْ ،
ثم يؤكّدُ
أن اصطدامَ عالَميْن متناقضيْنِ
ينطوي على فلسفةٍ لا تخلو من متعةٍ
و أن لحظةَ الكَشْفِ
يهونُ أمامَها
اندثارُ البشريةْ .
لكنَّ البنتَ الطوباويةَ
- بعد أن عقرتْ عقاقيرُ الاكتئابِ ذاكرتَها -
قدمّت أطروحةً أخرى :
- لن أكونَ رقمًا
لأنني أكرهُ الإحصاءْ ,
- ولا عنزةً
لأنني لا أؤمنُ بالنشوءِ والتطور ،
- و لا صفحةً في كتاب
لأنني أسخرُ من فكرة التناسخْ .
الأنسبُ:
أكونُ لصًّا
لعشرِ سنينَ قادمةْ ،
وفي تمام الأربعينْ
أدفعُ بالرَّصاصةِ إلى سقفِ الحَلْقِ
بعد كتابةِ وصيّةٍ مؤثرةٍ
ورسمِ انطباعٍ دراماتيكيٍّ
على الوجه.
القاهرة / 23أبريل 2003
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟