حسب الله يحيى
الحوار المتمدن-العدد: 2726 - 2009 / 8 / 2 - 05:55
المحور:
الادب والفن
في ندوة أقامتها دار الشؤون الثقافية العامة عن (المثقف ودوره في الاعلام الوطني)
تحدث الاستاذ باسم العوادي / عضو مجلس امناء شبكة الاعلام العراقي .. قال :
(إن الثقافة رغبة وفطرة وجسد ) !
وقد أثار هذا الرأي الانتباه ، ووجدت من المناسب مناقشة رأيه .
نعم .. ما من رغبة الا وكانت دافع اداء وحافز عمل وعطاء ابداع .. لكن الرغبة ما كانت ابداً تعريفاً للثقافة ولا متنها وجوهرها ..
كذلك لانعد الفطرة ثقافة ، فالمرء لايولد مثقفاً وبه طبع ثقافي وجينات تميزه عن سواه ، بحيث يكون البعض مثقفاً منذ الولادة ، في حين يولد غيره جاهلاً مجرداً من الثقافة !
وليس بوسعنا القول ان الجسد الجميل ، جسد مثقف لجماله ، ومغفل لتجرده من الجمال .
ولو أخذنا برأي السيد العوادي ، لحسبنا كل رغبة ثقافة ، وكل فطرة ثقافة ، وكل جسد جميل مثقفاً .. وهذا معناه أن نعد (الثعلب) مثقفاً لأنه بالفطرة ذكي ، نابه ، يمكنه الانفلات من صياديه على وفق فطرته وحسن تصرفه ، ولكنا حسبنا (الغزال) مثقفاً من طراز رفيع لأنه يمتلك جسداً رشيقاً !
قلت هذا أمام الحضور ، لكن السيد العوادي أوضح في رده ، الى ان الثقافة لايمكن حصرها بكمية من المعلومات والفكر والابداع ، ودليله .. ان الشخص الأمي في القرى والارياف ، هو الذي يحل مشاكل الناس على وفق اجتهاده .. ألا نعده مثقفاً لأنه لايعرف الكتابة والقراءة ؟
وفوجئب بجواب السيد باسم العوادي ، ومصدر المفاجأة ان العوادي يعد مانسميه (العارفة) نموذج المثقف ، في وقت حدده المخيال الشعبي بـ (العارفة) وأن من (يعرف) ليس بالضرورة ان يكون مثقفاً ، ذلك ان الثقافة وعي وادراك واجتهاد وجدل وبرهان وحجة واقناع فضلاً عن حضور الثقافة بوصفها سلوكاً حضارياً وقيماً فضلى .. وهذا لايتم ما لم يكن الخزين المعرفي ، خزيناً يتمثل المعلومة ويهضمها ويحاورها ويحدد موقفه النقدي منها ، وإلا عّد كل ما يحمله من معلومات ، مهمة بات يحملها نيابة عنه الانترنت والقواميس وكتب المعلومات الجاهزة التي يمكن حفظها وخزنها في الذاكرة .
من هنا نجد ان كل اعلامي لا بد ان يكون مثقفاً حتى يحسن أداء مهامه على أحسن وأكمل وجه، ولكن ليس بالضرورة أن يؤدي المثقف مهمة الاعلامي بوصفها مهن تتطلب عدة مهارات .. يحتاج اليها المثقف لأيصال خطابه الثقافي الى الناس ، وقد لايحسنها ، لكنه يحتفظ لنفسه بالجهد والاجتهاد وبالرؤية النقدية والحس المسؤول والحجة القائمة على الدليل والبرهان لا على الرغبة العابرة ، والفطرة والموهبة المجردة ، والجسد المفتون بتناسقه حسب .. !
#حسب_الله_يحيى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟