|
قرارات المتنفذين في الحكومة بغزة إلى أين؟؟؟
زينب الغنيمي
الحوار المتمدن-العدد: 2721 - 2009 / 7 / 28 - 01:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
طالعنا السيد عبد الرؤوف الحلبي (رئيس مجلس العدل الأعلى ورئيس المحكمة العليا المعيّن من الحكومة بغزة) بقرارٍ بشأن الرداء الخاص بالمحامين والمحاميات لدى ظهورهم أمام المحاكم النظامية بغزة، حيث صدر هذا القرار بتاريخ 19 يوليو 2009 متضمنا وجوب التنفيذ بتاريخ 1 سبتمبر 2009 تحت طائلة الإلتزام. ويقضي القرار بوجوب ارتداء المحامين بدلة قاتمة اللون وقميص أبيض بياقة منشاة وربطة عنق وعلى المحامي أن يرتدي فوق ذلك كسوة من القماش الأسود المعروف بالروب، أما بالنسبة للمحاميات فعليهن بالإضافة للروب ارتداء الجلباب أو البالطو أو الطقم القاتم اللون ووضع غطاء الرأس (المنديل). والملفت في هذا القرار والذي في جملته وتفصيله جاء بغير وجه من القانون، أنه يأتي وبناء على رأي السيد الحلبي "استنادا للصلاحيات المخولة له وللمصلحة العامة وبناء على الأعراف الصحيحة الدارجة". والسؤال الذي يطرح نفسه هنا عن أية صلاحيات يملكها الأستاذ عبد الرؤوف الحلبي والمعروف أنه وما يسمى "بمجلس العدل الأعلى" قد اغتصب هذه الصلاحيات بالقوة الجبرية في سبتمبر 2007 بعد الاعتداء على مقر المحاكم النظامية بغزة ومقر قاضي القضاة وطرد من فيه. وعن أية مصلحة عامة جاء قراره هذا ليحققها دون الرجوع لأصحاب المصلحة، وهم نقابة محامي فلسطين، حيث ينظم شؤون مهنتهم بما فيها الرداء الواجب عليهم الظهور به قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم (1) لسنة 1999، والسؤال هنا هل المصلحة العامة تقتضي القفز على القانون ممن ينصب نفسه قاضياً والمفترض أن أولى مهامه حماية القانون وليس تجاوزه. وأيضا عن أية أعرافٍ صحيحة ودارجة اعتمد السيد عبد الرؤوف الحلبي، والمفترض أنه خوّل نفسه رئاسة "مجلس العدل الأعلى ورئاسة المحكمة العليا" حيث لا مجال هنا للعرف سواء كان دارجاً أو غير دارج في حضرة القانون والقضاء. وبالإشارة إلى القوانين التي استند إليها القرار نلاحظ أنه استند إلى نص المادة (97) من القانون الأساسي المعدل بشأن استقلال السلطة القضائية، والمادة (4) من نفس القانون بشأن مصدر التشريع حيث أن كلا المادتين لا تشكلان بأي حال من الأحوال مرجعية لهذا القرار، كما استند أيضاً إلى أحكام نظام كسوة المحامين النظاميين لسنة 1930 الصادر عن المندوب السامي البريطاني والذي أصبح لاغياً بموجب المادة (52) من قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم (3) لسنة 1999، وعليه فإن المرجعيات القانونية لهذا القرار ليست بوجه من القانون بما يصبح معه القرار فاقداً لشرعيته القانونية.
إن هذا القرار تسهل قراءته والخلفيات التي يستند إليها كونه جاء في هذا التوقيت بالذات، كي يصبح نافذاً مع بداية شهر سبتمبر ليتوافق مع القرار الصادر عن التربية والتعليم بغزة والقاضي بالزي المدرسي للمرحلتين الإعدادية والثانوية (الجلباب ومنديل الرأس) والذي سيبدأ تطبيقه مع بداية العام الدراسي في بداية سبتمبر أيضا، إذن إن قرار زي المحامين والمحاميات لم يأت من فراغ، ولا بقصد تنظيم تحسين مظهرهم أمام المحاكم، خصوصاً وأنهم بالفعل ملتزمون بارتداء روب المحاماة وفقاً للقانون، ولكن يقصد به فرض الرداء الخاص للمحاميات (الجلباب وغطاء الرأس- المنديل) وهو البند الجديد الوحيد الذي أضافه القرار على ما هو وارد في القانون الساري المفعول. كما يندرج هذا القرار أيضاً في سياق الممارسات التي يقوم بها بعض المتنفذين في الأماكن العامة بقطاع غزة وخصوصاً على طول الشاطئ لجهة فرض الرقابة على المستجمين لجهة القيود على لباسهم والتحقق من صلة القرابة بين الرجال والنساء للموافقة على شرعية وجودهم في هذه الأماكن وذلك تحت زعم نشر الفضيلة والأخلاق في المجتمع، وكأن الفضيلة والأخلاق لا تسود إلاّ بالتشدد في حجب النساء وملاحقة أزيائهن وتحركاتهن.
وانطلاقاً من هذه المعطيات لا يمكن اعتبار القرار أنه جاء مستقلاً عن المرجعيات السياسية العليا في الحكومة بغزة، وعن توجهات حركة حماس بشأن إقامة إمارة إسلامية في قطاع غزة، رغم نفي الحركة على لسان قادتها أنهم لا يسعون لهذا الأمر، الاّ أن المعطيات الواقعية لجهة القرارت الصادرة وممارسات الأفراد التي لا تجد من يوقفها تشير إلى غير ذلك حيث أن الفعل يغلب على القول.
إن القرار الصادر عن السيد عبد الرؤوف الحلبي وما يناظره من قرارات أخرى وممارسات على أرض الواقع تشكّل في مجملها وبصورة جلية اعتداءً على الحريات الشخصية والحريات العامة، وتشكل مخالفة صريحة لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني ولأبسط مبادىء حقوق الإنسان الدولية، كما أنه يساهم في تعميق الانقسام الفلسطيني على كافة الصعد السياسية والاجتماعية حيث يذهب ضحية هذا الانقسام الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
وعليه فإن المصلحة الوطنية تقتضي من المسؤولين وقفة جادة أمام مثل هذه القرارات والممارسات ومراجعتها من أجل حماية مصالح وحريات أفراد المجتمع عامة.
#زينب_الغنيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هُم وهنّ القديم الجديد
-
لفرح في يوم فرحها
المزيد.....
-
هل يضغط ترامب على مصر والأردن لتنفيذ خطته بشأن غزة؟ حسام زمل
...
-
نتنياهو يجيب على سؤال -هل وجود الجيش الأمريكي ضروري- لتطبيق
...
-
زملط معلقًا على مقطع لترامب حول ضم الضفة الغربية: يتعين علين
...
-
السجن لجندي إسرائيلي أساء معاملة فلسطينيين في سجن -سدي تيمان
...
-
شاهد.. هدية نتنياهو لترامب تخليدا لذكرى هجوم إسرائيل على لبن
...
-
بعد خطاب ألقته من المنفى.. متظاهرون يهدمون منزل رئيسة وزراء
...
-
-غزة أرضنا ولن نرحل-.. فلسطينيون في دير البلح يحتجون على تص
...
-
ضربة موجعة للصين: بنما تتخلى عن -طريق الحرير- لإرضاء ترامب
-
سلسلة زلازل تضرب جزيرة سانتوريني في بحر إيجة
-
مسؤول عربي كبير يحدد طريقة إفشال مخطط تهجير سكان غزة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|