أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عزة سامي - بعد ازدهار لم يدم طويلا تراجع الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا















المزيد.....

بعد ازدهار لم يدم طويلا تراجع الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا


عزة سامي

الحوار المتمدن-العدد: 164 - 2002 / 6 / 18 - 20:04
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


 
جوسبان ـ بلير
مما لا شك فيه ان فشل رئيس وزراء فرنسا ليونيل جوسبان في الدور الأول لانتخابات الرئاسة الفرنسية وخروجه من المضمار بهذا الشكل المفاجئ غير المتوقع وقراره الفوري عقب إعلان النتائج بالانسحاب من الحياة السياسية وما تلا ذلك من فشل الاشتراكيين مرة أخري في الفوز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية بالدور الأول والتي جرت مؤخرا قد جعل المراقبين السياسيين يتنبهون الي حقيقة لم يعد من الممكن تجاهلها في جميع أرجاء القارة حيث ان فشل الحزب الاشتراكي الفرنسي يدخل ضمن سلسلة الفشل والإخفاق التي لحقت بمختلف الأحزاب الاشتراكية الأوروبية خلال السنوات القليلة الماضية‏.‏
فقدت الأحزاب الاشتراكية الأوروبية شيئا فشيئا المكانة التي كانت قد حققتها منذ نهاية التسعينات حيث شهدت هذه أعوام فوز الحزب الديمقراطي الاشتراكي في المانيا بعد اربع سنوات من وصول الاشتراكيين الفرنسيين للحكم والعمال بزعامة توني بلير في انجلترا عام‏1997‏ حتي اصبحت الأحزاب الاشتراكية تشارك في حكم إحدي عشرة دولة من مجموع خمس عشرة دولة من الدول الأعضاء في المجموعة الأوروبية‏.‏

غير ان هذه السيطرة لم تستطع الصمود طويلا أمام متغيرات المناخ الدولي وما يعتريه من غيوم العولمة حتي اخذ نفوذ الأحزاب الاشتراكية في التقلص شيئا فشيئا فلم تعد تسيطر سوي علي حكم اربع دول من دول المجموعة الاوروبية وهي المانيا وبريطانيا والسويد واليونان‏..‏
وقد صاحب هذا التراجع من جانب الأحزاب الاشتراكية

تقدم واضح من جانب الأحزاب الشعبية التي يطلق عليها اسم اليمين المتشدد حيث استطاعت هذه الأحزاب التي تقوم علي أساس مبادئ عنصرية عرقية متطرفة توسيع شعبيتها في معظم الدوله الأوروبية خاصة في حالة عدم مشاركتها في الحكم ضمن تحالف مع اليمين الوسط‏.‏
علي آية حال‏,‏ فان تقدم اليمين المتشدد بهذا الشكل الواضح يمكن ارجاعه الي اسباب تتعلق بنفسية الناخبين الاوروبيين الذين عادة ما يتخذون جانب المعارضة علي حساب الحزب الحكام ولما كانت الاحزاب الاشتراكية هي التي تسيطر علي الحكم خلال الاعوام الاخيرة السابقة فقد كان من المتوقع ان يقوم الناخبون بإلقاء اللوم عليها في كل ما يواجه من متاعب ومشاكل سواء اقتصادية او اجتماعية من هنا كان قرارهم باستبعادها من الحكم وإعطاء الفرصة لأحزاب أخري قد تستطيع ان تقدم شيئا جديدا‏.‏

وفي أوروبا الشرقية‏,‏ فان ورثة حركة التضامن ببولندا واليمين في المجر قد اظهروا هذه الرغبة في التغيير علي حساب الشيوعيين السابقين الذين تحولوا الي الاشتراكية بعد انهيار سور برلين وزوال الكتلة الشرقية‏.‏ وعلي الجانب الآخر‏,‏ فان الفوز الذي حققه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير يمثل استثناء وخروج علي هذه القاعدة‏,‏ كما انه قد يكون راجعا بالدرجة الأولي الي ان بريطانيا قد ملت من حكم المحافظين الذي امتد لسنوات طويلة بالاضافة الي ايديولوجية الطريق الثالث التي استطاع بلير من خلالها تجديد حزب العمل البريطاني بعدما كان يعاني من الترهل والعجز مما جعله يفشل في تحقيق الفوز لسنوات طويلة علي حزب المحافظين ربما كانت هذه الرغبة في التغيير او النجاح البليري في تسويق بضاعته السياسية هي السبب في إعادة انتخابه مرة أخري مما جعل البعض يصفونه ب‏ ‏الظاهرة‏ ‏ التي تستحق الدراسة والمحاكاة من جانب الأحزاب الاشتراكية الأوروبية الأخري إذا كانت تريد الاستمرار علي ساحة الحياة السياسية والتأقلم مع متطلبات العصر الجديد الذي تسيطر عليه العولمة باعتبارها التطور والامتداد الطبيعي للرأسمالية المسيطرة‏.‏ آما بالنسبة للنمسا فان الوضع يختلف فمشاركة الاشتراكيين للمحافظين خلال عقود كان بمثابة الورقة الرابحة التي لعب عليها الليبراليون بزعامة هايدر والذي كان القطب المعارض الوحيد في مواجهة هذا التحالف القابع علي رأس السلطة منذ سنوات طويلة اما في فرنسا فان خمسة أعوام من الزواج بين اليمين واليسار فيما يعرف‏-‏ بالتعايش‏-‏ من خلال رئيس يميني جاك شيراك ورئيس وزراء اشتراكي ليونيل جوسبان بالإضافة الي خصوصية الناخب الفرنسي باعتباره يميل الي هذا النوع من التعايش علاوة علي تشتت اصوات الناخبين بين مرشحي الأحزاب الشيوعية وتخاذل حليف سياسي‏-‏ حزب الخضر‏-‏ عن دعم مرشح الاشتراكيين كل هذه الأسباب وغيرها التي تتعلق بأسلوب جوسبان في إدارة حملته الانتخابية والتي أسسها فيما يبدو علي حكم بدهي استخلصه من اعتقادات شخصية بان نجاحه في الدور الأول أمر مؤكد وما حملته الانتخابية الا تحصيل حاصل ويبدو ان هذا ما أدركه الناخب الفرنسي وأصابه بحالة فتور وتحد لهذا المرشح الذي لم يعيره أي اهتمام بل تصور ان الأعوام الخمس التي أمضاه في الحكم كانت كافية لكي يبرهن علي نجاح برنامجه وهو بالطبع ما اعتبره الفرنسيون نوعا من التكبر والكبرياء وكان تصويتهم لصالح اليمين المتطرف نوع من ردة الفعل العنيفة تجاهل من تجاهلهم واعتقد سلفا تأييدهم له

وعلي الجانب الآخر وبعيدا عن الظروف الخاصة بكل دولة من الدول الأوروبية التي شهدت انهيار الحكم الاشتراكي بها فان المناخ العالمي كان له دورا أساسيا في هذا التراجع‏.‏

فالاشتراكيون باعتبارهم ورثة كبار مفكري الحركة العمالية في القرن التاسع عشر وجدوا أنفسهم من جديد علي ساحة المسرح السياسي العالمي بعد انهيار الشيوعية ولكن بدلا من ان يدعم انهيار سور برلين وتفكك الكتلة الشرقية الاحزاب الاشتراكية بمبادئها التي تجمع ما بين العدالة الاجتماعية والحرية فقد فتح هذا الانهيار الباب أمام موجة جديدة من الرأسمالية العالمية‏.‏ لقد كانت الموجة الجديدة عارمة أطاحت بالأيديولوجية الاشتراكية الديمقراطية وبالطبقات الاجتماعية التي تمثلها هذه الأيدلوجية والتي تمثلها علي الساحة السياسية‏.‏ فالأحزاب الاشتراكية الديمقراطية وقعت بين فكي الرحي فهي مطالبة من جهة بتلبية احتياجات ضحايا العولمة الذين يطالبون بمزيد من الحماية من جانب الدولة في الوقت الذي يطالبها فيه دعاة التحرر والليبرالية الاقتصادية والمالية الذين يرفضون ان يروا جهودهم مقيدة باعباء جمركية وضريبية وبيروقراطية والتي لا يمكن للأحزاب الاشتراكية الديمقراطية رفضها او أدانتها خوفا من ان تجد نفسها من جديد عائدة الي صفوف المعارض‏.‏ إذن فهذا التأرجح ما بين احتياجات أولئك وهؤلاء وعجزالاحزاب الاشتراكية عن تبني استراتيجية واضحة وثابتة ومقنعة فلم تعد قادرة علي إرضاء طموح مؤيدي العولمة في الوقت الذي فشلت فيه في حماية الطبقات العاملة من عواقب النظام العالمي الجديد ما يترتب عليه من أضرار بل انها لم تحاول عندما كانت في موقع القوة بالاتحاد الأوروبي من ان تضع استراتيجية ثابتة للتحكم في العولمة وان كان الطريق الثالث او حزب العمال البريطاني الجديد يمثل استثناء في المأساة الأيديولوجية التي تعاني منها الآن معظم الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا‏.‏
الأهرام


#عزة_سامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عزة سامي - بعد ازدهار لم يدم طويلا تراجع الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا