الجمهورية الخامسة

محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 2720 - 2009 / 7 / 27 - 05:33
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

لا أنكر أني لم أكن أول من أطلق أسم الجمهورية الخامسة على حالة العراق السياسية الحالية ، حيث سبقني إليها كاتبين عراقيين حسب علمي ، هما عامر موسى الربيعي بمقاله الموسوم جمهوريتنا الخامسة المنشور على موقع عراق الكلمة بتأريخ 24 . 06 . 2007 ، والكاتب عادل حبه بمقاله الموسوم ، أية اتفاقية يريدها العراقيون مع الولايات المتحدة ؟ ، المنشور على موقع الحوار المتمدن العدد 2433 بتأريخ 13 . 10 . 2008 .
ولكني لم أطلع على المقالين إلا بعد عزمي على الكتابة حول ملامح جمهورية العراق بعهدها الحالي ، فكان أن استعرت مصطلح الجمهورية الخامسة من الساسة والمفكرين الفرنسيين ، حيث نرى أن كل فترة من فترات جمهورية العراق لها خصائصها ومميزاتها ، كذا وجود تباين كبير بين ملامح كل مرحلة مرت بها جمهورية العراق منذ إسقاط الملكية عام 1958 ميلادي ولحد يومنا هذا .
يمكن تقسيم تأريخ العراق الحديث بعد الحرب العالمية الأولى لمرحلتين رئيسيتين هما :
1. النظام الملكي : والذي تأسس في 23 . 08 . 1921 بمناداة الملك فيصل الأول ملكا على العراق .
2. النظام الجمهوري : والذي بدأ بسقوط الملكية ومقتل الملك فيصل الثاني يوم 14 . 07 . 1958 ، وتنصيب عبد الكريم قاسم قائدا لها .
طبعا يمكن كذلك تقسيم الفترة الملكية العراقية إلى قسمين رئيسيين أيضا ، ولكنه خارج إطار مبحثنا الحالي ، وربما تكون هناك عودة له لاحقا .
النظام الجمهوري في العراق بدأ يوم 14 . 07 . 1958 بقيام مجموعة من ضباط الجيش العراقي بقيادة الزعيم ( العميد الركن ) عبد الكريم قاسم والعقيد الركن عبد السلام عارف آمر اللواء عشرين ، قاموا بالاستيلاء على مبنى الإذاعة والتلفزيون ، والتحرك نحو قصر الرحاب حيث يقيم الملك وأفراد أسرته ، وتم ما تم بعد ذلك بذلك اليوم ، وبدأ عهد جديد ، دعي بالنظام الجمهوري ، والذي تميزت كل مرحلة من مراحله ، بل وتحت أي سلطة أو رئاسة من رئاساته ، بسمات تختلف جذريا أحيانا عن سابقاتها ، وأحيانا تشترك معها .
دعوني أولا أعطي ملامح عامة لكل جمهورية من الجمهوريات الخمس ، ومتى بدأت ، ثم بعدها نعرج على ملامح كل جمهورية .
يمكن تقسيم جمهوريات العراق إلى التالي :
1. الجمهورية الأولى : تبدأ في 14 . 07 . 1958 بسقوط الملكية وقيام أول جمهورية عراقية بقيادة الزعيم (كما كان يسمى حينها ومعناه العميد ) عبد الكريم قاسم ، وتنتهي في 08 . 02 . 1963 بسقوط الزعيم وقتله بيومها وتسلم عبد السلام عارف و حزب البعث للحكم .
2. الجمهورية الثانية : تبدأ في 08 . 02 . 1963 بسقوط عبد الكريم قاسم وتولي عبد السلام عارف والبعث للحكم ، وتنتهي في 18 . 11 . 1963 باستفراد عبد السلام عارف للحكم لوحده .
3. الجمهورية الثالثة : تبدأ في 18 . 11 . 1963 بحكم عبد السلام عارف ، وبعده تولي أخوه عبد الرحمن عارف ، وتنتهي في 17 . 07 . 1968 بتولي البعث للحكم .
4. الجمهورية الرابعة : تبدأ في 17 . 07 . 1968 بتولي حزب البعث للحكم وبرئاسة أحمد حسن البكر وبعده صدام حسين ، وتنتهي بسقوط بغداد في 09 . 04 . 2003 على يد قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .
5. الجمهورية الخامسة : تبدأ بسقوط حكم البعث وصدام حسين وسقوط بغداد في 09 . 04 . 2003 ، ومستمرة لحد كتابة هذه السلسلة .
طبعا كما قلنا فأن لكل جمهورية ملامحها المختلفة عن الأخرى ، وسمات خاصة بها ، أدت لتمييزها عن سابقتها ولاحقتها ، فكما نرى أن عبد السلام عارف وجد داخل جمهوريتين ، الثانية والثالثة ، بل وحتى أنه كان الرجل الثاني في الجمهورية الأولى ، وقارئ بيان الثورة الأول أو الانقلاب على الحكم الملكي يوم 14 تموز عام 1958 ، ولكن ما يهمنا بمبحثنا هذا هو خصائص كل جمهورية ، وليس مسميات قادتها أو زعامتها .
كما جاء بعنوان مقالنا فإن حديثنا سيكون عن الجمهورية الخامسة التي يعيشها العراقيون يومنا هذا ، من أهم المميزات السياسية لهذه الفترة وبعجالة هي :
1. وجود تنظيمات حزبية عديدة .
2. وجود تمثيل برلماني .
3. وجود رئاسة للوزراء تعتبر هي أهم مفردات السلطة التنفيذية .
4. وجود رئاسة للجمهورية بصورة شكلية ورمزية .
5. محاولة الفصل بين السلطات الثلاث ، التشريعية والتنفيذية والقضائية ، بالرغم من عدم النجاح بالفصل الكامل بينها .
6. وجود تكتل حزبي طائفي .
7. وجود تكتلات دينية طائفية .
8. محاولة تقديم العراق كقوة سلام بدل صورة بلد خالق للأزمات والمشاكل .
9. تشرذم وتطاحن سياسي دموي بين مختلف القوى السياسية .
10. وجود قوي للقاعدة وقوى التكفير الإسلامي .
11. تحالف حزب البعث مع قوى إسلامية تختلف في المشروع السياسي من أجل هدف إسقاط النظام القائم .
12. انقسام حزب البعث العراقي إلى جناحين ، جناح عزة الدوري نائب صدام السابق ، وجناح يونس الأحمد .
13. ظهور الأحزاب السياسية الكردية بقوة على الساحة .
14. الاعتراف الكامل بالنظام الفدرالي ، واعتبار إقليم كردستان العراق كوحدة فيدرالية .
15. مطالبة الأكراد بمدينة كركوك لإدخالها ضمن إقليم كردستان ، كذا مناطق واسعة من محافظتي نينوى و ديالى .
16. ظهور مطالب قومية و أثنية وثقافية لقوميات و مكونات عديدة كالتركمان .
17. ظهور برلمان خاص بمنطقة إقليم كردستان .
18. نشوء قوانين داخل إقليم كردستان تتضارب بأحيان كثيرة مع قوانين الحكومة المركزية في بغداد .
19. حدوث تفجيرات وعبوات ناسفة في اغلب مناطق العراق ، حتى في بعض القرى الصغيرة .
20. ظهور ما يسمى بالصحوات ، والتي هي ميليشيا مدنية من أهالي المناطق تهدف لحماية تلك المناطق .
21. توقيع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة .


أما من الناحية الاجتماعية والاقتصادية فهناك ميزات لهذه الجمهورية الخامسة ، وهي :
1. تقسيم المجتمع العراقي إلى فئات وطوائف ، فهناك الشيعة والسنة ، الكرد والعرب ، وغيرها كثير .
2. نزوح أعداد رهيبة تقدر بالملايين داخل العراق وبين مدنه ، بل وحتى بين أحيائه ، بسبب التمييز الطائفي من الكل وضد الكل .
3. نزوح أعداد كبيرة من العراقيين لخارج الوطن بسبب التمييز الطائفي والقتل على الهوية وقلة فرص العمل وعدم توفر الأمان العام والفقر .
4. وجود مستويات عالية جدا للبطالة وصلت إلى حدود 70 بالمائة ، وبعض التقارير تتحدث عن نسب أعلى .
5. طغيان الفساد الإداري على كافة مفردات ودوائر الدولة ، بل وحتى اتهام وزراء بضلوعهم بملفات فساد مالي وإداري كبير .
6. مستويات عالية للجريمة بكل أنواعها .
7. مستويات عالية لجرائم الشرف وغسل العار .
8. تدني حقوق المرأة .
9. تدني الحقوق العامة .
10. تدني مستوى التعليم الأساسي والعالي .
11. وجود تزوير عالي بكثير من الأوراق الثبوتية .
12. تزوير عالي بالشهادات الجامعية والنتائج .
13. تنامي سريع لثروات البعض .
14. انحدار رهيب لمستويات معيشة الأكثرية .
15. اضمحلال بل ربما اندثار للطبقة الوسطى .
16. عزوف الشباب عن الزواج ، ووجود نسب عالية للعوانس .
17. ضعف الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء ومجاري .
18. عدم توفر الأمان العام .
19. اضمحلال دور النقابات والتجمعات وقلة دورها وضعف فعاليته .
20. خروج مطبوعات كثيرة ، يومية وأسبوعية وشهرية ، تعد بالمئات .
21. ظهور قنوات فضائية عديدة ، منها الطائفية والدينية والحزبية ، أو ذات المنحى العام .
22. صعوبة خروج النساء للشوارع العامة دون وجود غطاء الرأس ( الحجاب ) ، حتى أنه فرض على غير المسلمات .
23. حدوث حالات اختطاف من أجل المال ، أو على الهوية ، أو لتحقيق أغراض سياسية ، أو لتوجيه رسالة سياسية ما .
24. حدوث حالات اختلاس مالي كبير جدا ، وهروب المختلس تحت أنظار الحكومة والبرلمان ، بل وتحت حماية وغطاء بعض القوى السياسية .

هذه أهم الملامح التي خصت بها هذه الجمهورية نفسها ، وهناك الكثير مما لم يذكر ، ويحتاج لمقالات أخرى للمرور عليه والتمحيص به .

#محمد_الحداد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات